سيدة الأعمال بدرية فيصل: أعمل على تطوير الصورة العامة للرياضة العربية

سيدة الأعمال بدرية فيصل: أعمل على تطوير الصورة العامة للرياضة العربية
سيدة الأعمال بدرية فيصل: أعمل على تطوير الصورة العامة للرياضة العربية

جدول أعمال مليء بالاجتماعات والفعاليات الرياضية، ترأسه سيدة أعمال إماراتية، في سيرتها ملامح من قوة كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وهي التي قادتها إلى مسيرتها المهنية الحالية في مجال التسويق الرياضي، وفي مكتبها الذي يتزين بصور اللاعبين العرب في الملاعب العالمية، والكؤوس، التقينا بدرية فيصل، في تمام الساعة الثامنة صباحاً، وقت بدئها لعملها الصباحي، لتسليط الضوء على عملها الذي يغير الصورة الذهنية للرياضيين بطريقة احترافية، ويدعمهم حتى يصلوا إلى العالمية.



حوار | لينا الحوراني Lina Alhorani

أزياء | بليتش bleachdubai Bleach@

مجوهرات | قافلة Gafla Gafla@

تصوير | ألدو ستيفانو Aldo Stephano Aldo Stephano@


 

سيدة الأعمال بدرية فيصل

صحيح أنني قد أزعج اللاعب بعنادي كما يصفونني، لكنني في النهاية أصل إلى ما أحتاج إليه


لم يكن هناك حيز للشغف بكرة القدم في طفولة بدرية، كانت شابة تهوى كرة السلة أيام المدرسة والجامعة، تتابع مباريات الدوري الأميركي بانتظام، وتحفظ أسماء لاعبيه، لكنها كانت تعشق السيارات، وحلبات السباق، وتتذكر أول موضوع تعبير كتبته في المدرسة كان عن (موتورسايكل هارلي ديفيدسن) تتابع قائلة: «لم تكن مسيرتي مفاجئة، لذلك قررت دراسة الماجستير في تصميم السيارات، بإيطاليا، هناك كنت أتابع المباريات، في ملعب سان سيرو، وأذكر أنني خرجت أنا وزملائي في كورس اللغة الإيطالية في رحلة لنشاهد الملعب فقط، وكانت هناك مباراة تجري على أرضه، يومها التقيت باللاعب أندريه شيفتشينكوغ، الذي غيّر حياتي».

أسعى إلى التمايز

بعد عودتها إلى دبي، أصبحت بدرية الوحيدة في الإمارات والخليج العربي التي درست تصميم السيارات، فتولت دور مستشار المشاريع الإبداعية في مكتب الرئيس التنفيذي في الجائزة الكبرى للفورمولا 1 في أبوظبي، وعن هذا تقول: «واجهت الكثير من التساؤلات، حول دخول امرأة في هذا المجال الذكوري؛ أي مجال السيارات، لم ينظروا إلي بجدية، وقد توقعت ذلك كله، من هنا وقع على عاتقي مهمة تغيير أفكار الناس، الذين لم يتوقعوا إمكانية قدراتي، لكنني أثبت ذلك، ودخلت سباقاً تفوقت فيه على مجموعة كبيرة من المشاركين؛ ما أثار حفيظتهم، لكنني كنت متعودة، وواثقة من نفسي، لا أحب النظر إلي على أنني امرأة، بل كائن متفوق، فليس هناك فرق بين امرأة ورجل في مجال إدارة الرياضة، فأنا أخدم في مجال الرياضة في دول الخليج، وهذا هو المهم، ليس مهماً إذا كنت ألبس عباية أو كندورة... أنا لا أريد أن أتميز عن الرجل، بل أسعى إلى التمايز.. وإذا حققت الرقم 1 هذا شيء لا يزعج لا رجلاً ولا امرأة».

إدارة سمعة اللاعبين

انتقلت الشابة الرائدة للعمل في مجلس دبي الرياضي؛ حيث انتهى بها الأمر لتصبح أول شخص يصبح رئيس السياحة الرياضية، تستدرك: «حماستي وعشقي للرياضة طوال عمري جعلاني أتحرك بطاقة إيجابية أكثر، ووجدت الملاعب مكاناً فضائياً لا يمل منه أبداً، في وقت لم تكن الرياضة عميقة التأسيس، فأحببت أن أكون جزءاً من تشكيل وتطور الرياضة في الإمارات، في وقت لم يكن هناك فيه أي خليجي متخصص في تسويق الكرة، فقررت الالتفات لدعم الكرة العربية، التي لم أكن أتابعها مسبقاً، من خلال انضمامي إلى رابطة دوري المحترفين في منصب مدير إدارة التسويق. في هذا المكان، اكتشفت شغفي بتطوير الشكل العام للكرة العربية؛ المهمة التي أصبحت محور مسيرتي في كل خطواتي التالية. بعد إتمام رحلتي مع مسابقات الكرة الإماراتية، عملت في التسويق الرياضي للنادي الأهلي، مديرة تجارية له لأقل من عام». على الرغم من أنها اكتسبت خبرة أحدثت فرقاً في حياتها، كما تقول، لكنها عندما شعرت بأنها غير قادرة على إجراء التغيير الحقيقي الذي كانت تتمنى القيام به في الوظيفة، ومع ثقتها بنفسها بصفتها مطورة قادرة على تشكيل فريق عمل، وقدرتها على طرح الأفكار الرياضية، تركت الوظيفة، والتفتت إلى العمل في تقديم فن الاستشارات، وهي تبدي استغرابها لعدم وجود شركات عربية معنية بـ(إدارة سمعة) اللاعبين أسوة باللاعبين في الدول الغربية، فقررت إنشاء شركة تبرز قوة اللاعبين العرب ومهاراتهم، وتعرّف المجال الكروي بشخصياتهم وبقيمتهم خارج الملعب، وتضع معايير تضمن استمرارية نجومية اللاعب حتى بعد الاعتزال، عبر الاعتناء بمظهره، وأسلوب حياته، ومساعدته على التعبير عن نفسه، وقد أطلقت عليها اسم Ghost Concept للتسويق الرياضي.

تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع مديرة مجلس سيدات أعمال الشارقة مريم بن الشيخ: كلّما تغيّر العالم ازدادت التحديات

مهمتي بعد الاعتزال

بدرية مع لاعبي الأهلي المصري أثناء توجيههم لحملة Adidas Kit


على الرغم من ثقة بدرية بنفسها على خوض هذا المجال، لكن الأمر؛ أي التسويق الرياضي، يتطلب منها في البداية التعرف إلى ثقافة البلد الذي ينتمي إليه اللاعب، ودراسة ميول الناس، ما يحبون وما لا ينجذبون إليه، بهدف مساعدة الرياضيين على تطوير نجوميتهم الشخصية والرقمية؛ إذ تقول: «عملت مع اللاعب عمر السومة، وقد كان كابتن منتخب سوريا، والهداف التاريخي للدوري السعودي، أكثر لاعب عنده متابعون في دول الخليج، وكذلك مع اللاعب علي صالح، مهاجم نادي الوصل الإماراتي منذ أن كان عمره 18 سنة، وصنعنا تطويراً شاسعاً في نجوميتهما، على الرغم من الفرق الكبير بين نقطة بدايتهما مع جوست كونسبت، ولم يكن أيامها معروفاً، استمررت في التسويق له لمدة 18 سنة، حتى صار من اللاعبين المرغوبين لدى الأندية، لتميز صورته الكروية».

في مهنة التسويق، تضع بدرية برنامجاً خاصاً لكل لاعب، يتماشى مع ظروف حياته، حسب خلفيته وحاجاته، تستدرك: «بداية أجلس مع اللاعب ما لا يقل عن 3 ساعات مسجلة، لأتعرف إليه تماماً، آخذ منه كل المعلومات عنه، حتى درجة الألوان التي يحبها، والتي لا يمكنه ارتداؤها أبداً، وقيمه اهتماماته، كما يحق لي أن أتدخل في حياته الشخصية، حتى أتمكن من أن أوصل إلى الجمهور صورة للاعب لم يرها من قبل. اللاعبون الأجانب دائماً يتكلمون عن قصصهم الخاصة، لكنهم عندنا لا يتطرقون إلى الحياة الشخصية والأهل، نحن نحاول أن نتكلم عن الأشياء التي يرتاح اللاعب في الكلام عنها، بعضهم يمتنع عن الحديث عن والديه، فننشر ما يناسبه، كما أنني أخضعهم لكورسات وتعلم لغات، وأواكبهم بعد مرحلة الاعتزال التي قد تكون تكملة لمسيرة اللاعب الكروية، بعضهم لا يرغب خلال هذه المرحلة في شيء اسمه كرة، وبعضهم يفضل الاستمرار مدرباً، أعمل معهم لتعدي هذه الخطوة وتمكينهم، وقد أعرفهم إلى أناس يفيدونهم في علاقاتهم المستقبلي». تكشف ضيفتنا أن التنمر على اللاعبين على مواقع السوشيال ميديا أمر عادي، يحصل في كل مكان حول العالم، وقد تكون تعليقات الجمهور جارحة أحياناً، على اللاعبين العرب، لكن هذا كله يتغير، عندما يدخل المتنمر نفسه على صفحة لاعب أجنبي ويكتب كلاماً لطيفاً، وهي تسعى إلى تغيير هذه العقلية، حتى صار لاعبونا أكثر جرأة في البوح عن اهتماماتهم وحياتهم الشخصية.

حزم المحتوى الشهرية

بدرية التي عدّت مسيرتها التسويقية كالتبني، عبر الإشراف المباشر على حياة اللاعب، تحاول توظيف الشبان الإماراتيين لتعليمهم كيفية امتلاك الخبرة في التسويق الرياضي، وستكون سعيدة، حتى لو تفوقوا عليها في المنصب، تعلّق: «أنا لست في سباق مع الرجل، بل في مهمة تطوير الكرة الإماراتية تسويقياً.. كما أنني لم أتواصل مع أي لاعب عالمي؛ لأن هدفي تطوير اللاعب العربي على الأرض العربية، وليس الذي يلعب في أندية غربية».

الرئيسة التنفيذية لشركة Ghost Concept هي أول من قام بتصوير فيديوهات حملات القمصان الموسمية للأندية، والتسويق عنها في المنطقة العربية، لكنها مؤخراً توقفت عن توقيع عقود مع اللاعبين، والتفتت إلى الأندية والاتحادات بمجملها، لتطوير الصورة العامة للكرة العربية، وهي تجد أنها مع اللاعب لا يمكنها أن توفر المزيد من وقتها، وبالتالي كمية تأثير عملها في الرياضة بشكل عام له حد، ونشره ليس بالسرعة، لذلك قررت إصدار مفاجأة معلوماتية في نهاية 2023 تفيد كل اللاعبين، حتى الذين لا يمكنهم التوقيع معها، لتتمكن من مساعدتهم بالطريقة المثالية، تستطرد بقولها: «نحن نركز الآن على حزم المحتوى الشهرية التي نقدمها لجميع اللاعبين والرياضيين في المنطقة، ونقوم بتدريبهم على كيفية النشر على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها».

«ماما» بدرية

تحدثت رائدة الأعمال عن اللاعبين الذي دائماً ما يمتنون لطريقة تسويقها، ويمدحونها في حساباتهم الشخصية، حتى أن بعضهم دأبوا على تسميتها «ماما» بدرية، كما أنها تعودت أن تسافر لتزور أهاليهم أيضاً، تتابع: «صحيح أنني قد أزعج اللاعب بعنادي كما يصفونني، لكنني في النهاية أصل إلى ما أحتاج إليه؛ لأنه دائماً في مصلحتهم، فكما قال عنها عمر سومة على إنستغرام لايف: «بدرية هي صاحبة الشركة التي سلّمت لها إدارة السوشيال ميديا الخاصة بي والإعلانات، وأنا بصراحة عاجز عن الشك، هذه الفتاة، ما شاء الله عليها، الله يوفقها يا رب، ساعدتني كثيراً على إظهار شخصيتي الثانية (غير الكروية) للجماهير، وتطوير السوشيال ميديا التي تخصني، أحياناً تجنني قليلاً من الطلبات، لكن أكتشف أنه كله لمصلحتي».

عندما بدأت سيدة الأعمال المؤثرة بالعمل لصالح الأندية، عملت في التسويق والدعاية لأطقم التسويق، للاعبين في النادي، وبعد سنتين انطلقت للعمل على أفلام وثائقية للفيفا، تضم النجوم العرب: الكابتن علي حجي من عُمان، ولاعبي مصر، ومنتخب نادي بيراميدز، ومنتخب السيدات، تستطرد قائلة: «بعدها قررت تماماً التركيز على الأندية لمساعدة الجهات والماركات الرياضية، على كيفية الالتفات إلى جماهيرهم، من خلال خبرتي وفريقي، بالثقافة العربية، مثلاً أن يكون نادياً صغيراً أو اتحاداً غير معروف، أبتكر له محتوى مبدعاً على شكل فيديوهات، أو تصميم ملابس لها القدرة على تغيير وتمييز شكل النادي، هذا تركيزي الآن بعيدا عن اللاعبين».

سيعحبك متابعة اللقاء رائدة الأعمال سارة الشروقي: أقول لكل أم ابدئي من لا شيء، لكن تعرّفي إلى قدراتك أولاً

عباياتي عنواني

سيدة الأعمال بدرية فيصل

 

أطلقت بدرية ماركة أزياء نسائية تسمى Bleach، التي لها علاقة بالرياضة، كما تقول، فقد كان عملها في رابطة دوري المحترفين يتطلب وجودها في الملاعب، لكن طول العباية مثل لها عائقاً في الحركة، خاصة أثناء صعود المدرجات، فقررت تصميم العباية القصيرة قليلاً من الأمام حتى تساعد من يرتديها على الحركة بسهولة، تتابع قائلة: «هي أسلوب حياة، تأسَّست للتعبير عن الأدوار العديدة للمرأة المعاصرة، ودمج الحدود بين المحافظ والمعاصر والعملي. بعبارة أخرى، العباية تقدَّم بشكل عصري، وبخامات يابانية، ومن يعرف أنني مصممة سيارات يرى هذه الملامح في أزيائي، فبعد قدومي من إيطاليا، لم أشأ ارتداء العبايات التقليدية، ذات حبات الكريستال، لم تكن تناسب شخصيتي، فقمت بتطوير ماركة أزيائي لمدة ثلاث سنوات، قبل أن أعلن عنها، ببساطة لقد علمت نفسي بنفسي».

أفكارهم لا تناسب منطقتنا العربية

تقرأ يومياً ضيفة لقائنا كتباً عالمية عن تطوير وتسويق الرياضة، وهي مشاركة ضمن مجموعة تنشر عن أخبار الملاعب، وتضم محترفين كرويين، سواء كانوا مصورين أم مصممين، وغيرهم من المشاهير في مجال الكرة من جميع أنحاء العالم، تتابع من تجدهم قدوتها، وتتبنى من أفكارهم ما يناسب منطقتنا العربية مع بعض التغيير. لذلك تقدم نصائحها لكل عربي ينوي دخول مجال التسويق الرياضي بقولها: «ضع هدفاً لشغفك، ولا تضيع وقتك مع أشخاص لا يفهمونك أو يفهمون عملك، وأهم شيء أن تتفهم الثقافة المحلية ذات الصلة بمجال عملك، فأنت أجدر بمعرفتها من الشركات القادمة من الخارج، وفي نهاية المطاف عليك تعليم فريقك كل ما تعرفه، حتى يمكن الوثوق بهم لحماية مشروعك الذي بدأت به؛ حيث تتمكن من التوسع في مدن أو بلدان أخرى».

أنا وزوجي

لدى مصممة السيارات والأزياء الكثير من الأفكار، وهي تخطط لافتتاح مكتب في مصر وآخر في السعودية، لوضع بصمة على رياضة الكرة العربية، وترغب في تعليم غيرها ليكمل مسيرتها في السنوات القادمة، وهي متزوجة، من رجل تعده أروع رجل في العالم، وهو لاعب كرة سلة، بلجيكي يوناني، لكنها اعترضت على فكرة أن روعة هذا الرجل، هي التي فسحت المجال لها لتحقق ما تريده، وتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، تعلّق: «لم أصل إلى ما أنا عليه بسببه، فقد بدأت مسيرتي قبل أن يكون في حياتي، وكنت سأحقق ما حققته بطريقة أو بأخرى... ولكن وجوده هو حالة إيجابية جميلة في حياتي، وهو يعطيني دعماً يجعلني أعمل أكثر لثقته في تمكني من صنع التغيير المؤثر في الرأي العام في الرياضة العربية».

نفترح عليك متابعة رائدة الأعمال لطيفة بن حيدر: نهدف إلى التوعية بأهمية الصحة النفسية