أسست أول موسوعة رقمية أدبية.. رائدة الأعمال نجلاء المطوع: رحلة العمل الابتكاري طويلة والعالم الرقمي تملؤه التحديات

رائدة الأعمال نجلاء المطوع
رائدة الأعمال نجلاء المطوع

على الرغم من كونها ليست كاتبة أو أديبة، فإن ذلك لم يمنع سيدة الأعمال الإماراتية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نجلاء أحمد عبد الله المطوع، من تأسيس أول موسوعة رقمية أدبية، لسرد القصص والقصائد والحكم والأمثال المرتبطة بتاريخ وتراث الشعوب العربية، وشعوب العالم، تجمع العديد من الكتاب والمؤلفين ومحبي القراءة في تطبيق «حكايا أون لاين». كُرِّمت في احتفالية أبوظبي للإعلام، برعاية جامعة نيويورك وشركة تمكين، بمناسبة يوم المرأة الإماراتية لعام 2022، وفازت بجوائز عدة لمشاريع تقنية مبتكرة، آخرها مشروع «حكايا أون لاين»، ضمن مسابقة بعنوان «ابتكر للمجتمع»، ولطالما كان العمل المجتمعي هاجسها... حول مشروعها التقني، ومن تستهدف وأصدقاؤها وطموحاتها... في الحوار الشائق الآتي.



حوار | عواطف الثنيان Awatif Althunayan
 

رائدة الأعمال نجلاء المطوع


سنبدأ مما وصلت إليه، اليوم، نجلاء المطوع؟ وما البصمة التي تريدين أن تتركيها؟


نجلاء أحمد عبد الله المطوع، هي أم قبل كل شيء، لدي أربعة أبناء في سن الشباب (ثلاثة شبان وشابة واحدة ما زالوا على مقاعد الدراسة)، من إمارة رأس الخيمة التاريخية بدولة الإمارات العربية المتحدة، أنتمي إلى عائلة اشتهر أفرادها قديماً بعلوم الدين والقضاء، كما أن جدّتيّ الاثنتين من طرف والدي ووالدتي ترجع جذورهما إلى المملكة العربية السعودية، حاصلة على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الإمارات، ودرجة الماجستير في الإدارة التنفيذية من جامعة كرانفيلد بالمملكة المتحدة، تخصص قيادة وتخطيط استراتيجي.

عملت بمنصب مدير تطوير الأعمال في قسم التسويق - المكتب الرئيس لمؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، كما شغلت سابقاً عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة (2007-2013)، ضمن أول مجموعة من النساء يتقلدن هذا المنصب في تاريخ غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة. أشغل حالياً أدواراً متعددة، منها مدير تطوير الأعمال والعلاقات الاستراتيجية في شركة عالمية اسمها (تاتا للخدمات الاستشارية) لأكثر من 8 سنوات، وهي إحدى أكبر خمس شركات عالمية متخصصة في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، وعضو مجلس إدارة في مجلس سيدات أعمال الإمارات لأكثر من 14 سنة.


ما الذي يجعلك تريدين أن تصبحي رائدة أعمال؟


على الرغم من أن إدارة الأعمال هي تخصصي الأكاديمي والمهني، فإن حافز المال والثروة لم يكن دافعي الرئيس.. نشأت في ظل عائلة كبيرة تؤمن بأن كمال دور الفرد في الحياة يكمن في تقديم أعمال تحقق الصالح العام للمجتمع، وكان هذا هاجسي منذ العشرينيات من عمري.


قال المؤلف الأمريكي، ديل كارنيجي، «دع الآخرين يشعرون بأن الفكرة فكرتهم». برأيك، كيف يمكن خلق أثر وكسب ثقة المجتمع للإيمان بفكرتك حتى تتحقق على أرض الوقع؟


نعم، بالفعل، على الرغم من أنني أسهمت في تعبئة بعض من المحتويات الموجودة على المنصة في مستهل انطلاقتي هذا العام، فإنني أسعى في منصة «حكايا أون لاين» إلى الابتعاد عن ممارسات الكتابة على المنصة، وتركيز جهودنا على استمرارية تطوير أدوات متقدمة للقراءة والكتابة، وجعلها جذابة للشباب قدر الإمكان، وسهلة وفي غاية المرونة في يد المؤلف والكاتب. لذا، بنيت المنصة في الأساس لتكون ميدان الإبداع لروادها ومستخدميها.


ما رأيك بمقولة «هدف التسويق هو جعل الزبائن يعرفونك ويحبونك ويثقون بك»؟


برأيي، إن أبلغ أهداف التسويق في مشروعي تكمن في النجاح في استقطاب رواد الأدب، وضمان استدامة استخدامهم للمنصة، وهذه النتيجة التي نسعى إلى الحصول عليها، ولن نصل ونحافظ عليها إلا إذا واصلنا تحقيق منافع وقيم مضافة واضحة وقوية لمستخدمينا.


لماذا تتغير الأسواق من دون خط نهاية مع التكنولوجيا، واحتدام المنافسة، والأزمات الاقتصادية؟


لأن عالمنا تغير، وأصبح يبدو عبر شبكة الإنترنت العالمية وكأنه عالم واحد بلا حدود، وبقدر ما يفتحه هذا العالم الجديد لنا من فرص لتقديم حلول نافعة للعالم قاطبةً؛ تشتد المنافسة وتقوى أمامك بلا رحمة؛ لأنها عابرة للقارات؛ حيث تذوب الفواصل المكانية والزمانية.


ما رأيك بمقولة «لم يعد هنالك شيء اسمه سر المهنة». وكيف يمكن تلبية حاجات الناس وصنع أسواق جديدة؟


نعم، هذه من التحديات التي يواجهها رائد العمل خاصة في العوالم الرقمية؛ حيث تفاصيل تقديم الخدمات وتصميمات التطبيق تبدو واضحة للعيان أمام الجميع، وقابلة للتقليد؛ ما يدفعنا إلى مواصلة تطوير وتحسين الأدوات على المنصة باستمرار؛ لضمان مواصلة استعمالها من قبل مستخدميها، هذا فضلاً عن مواصلة التعريف بها، وبمزاياها وخدماتها عبر أنشطة التسويق الرقمي.


يتوقع رواد الأعمال الجدد أشياء كبيرة جداً في بداية مشاريعهم، وعندما تأتي النتائج بعكس ذلك يشعرون بالإحباط والفشل، بماذا تنصحينهم؟


مجال الأعمال متنوع جداً، ويصعب تقديم نصيحة واحدة تلائم الجميع، ففي مجال العمل الابتكاري يبدو العمل كرحلة طويلة تمر عبر مراحل ومحطات مرتبطة برؤية لرائد العمل بعيدة المدى، وكل مرحلة لها أهداف تكتيكية منفصلة عن المرحلة التي تليها لا بد من تحقيقها.. وبشكل عام، يعتمد نجاح رائد العمل بدايةً إما على وجود فكرة عظيمة تخدم قطاعاً كبيراً أو مخصصاً من المجتمع، أو السوق، أو وجود فرصة كبيرة لا بد من اقتناصها، ثم بعد ذلك تأتي العناصر الأخرى، من إعداد الدراسات، والحصول على التمويل، أو اختيار الشركاء المستثمرين وفريق العمل المناسبين، والتحفيز المستمر لفرق العمل على الإبداع، إضافة إلى أنشطة التسويق والمنافسة والبيع أو التوزيع حسب إطار عمل المشروع.

تابعي المزيد: في يوم المرأة الإماراتية الكاتبة أسماء المطوّع: أتصور أديبات المستقبل أكثر انفتاحاً


دعم المشاريع النسائية

 

رائدة الأعمال نجلاء المطوع



ما تقييمك لسيدات الأعمال في الدول العربية عامة، ودولة الإمارات خاصة؟


بالنسبة إلى تقييمي بخصوص مشاريع سيدات الأعمال الخليجيات، فما زالت الأغلبية منهن عالقات منذ فترة طويلة في المشاريع التقليدية صغيرة الحجم والمكررة، خاصة الأزياء والمجوهرات ومجالات الأغذية، فبعد هذه السنوات الطويلة من عمل سيدات الأعمال في هذه المجالات التقليدية، لم أشاهد أو أسمع عمن استطعن تحويله إلى صناعات أغذية موجودة على أرفف المحلات العالمية، أو علامات مشهورة تباع عبر متاجر التجزئة العالمية، مثل: بلومينج ديلز، وجاليريا لافاييت وغيرهما من المتاجر العالمية، ولا أستطيع لوم سيدات الأعمال الخليجيات بشكل كلي؛ لأن هذا يرجع أيضاً إلى تحديات نجدها في مجتمعاتنا المحافظة، التي تحد من تواصل سيدات الأعمال بعالم المستثمرين، فتطوير الأعمال يعتمد بشكل رئيس وقبل أي شيء على توافر التمويل المناسب. وهنا، تبرز أمامنا تحديات أخرى، تتمثل في ثقة المستثمرين بمشاريع سيدات الأعمال، الذين برأيي ستكون لديهم مسؤولية أكبر من التمويل تتمثل في رفع كفاءة عمل هؤلاء السيدات لمواجهة المنافسة العالمية، وهذا التغيير المنشود في فكر المستثمرين يحتاج إلى دعم الحكومات، وفي توعيتهم للقيام بواجبهم الوطني، في تخصيص جزء من استثماراتهم لدعم مشاريع أعمال السيدات، خاصةً اللواتي استطعن تحقيق نجاح في مجتمعاتهن المحلية.

 

بعض سيدات الأعمال الخليجيات مازلن عالقات في مشاريع تقليدية ومكررة، وأنصحهن بابتكار مشاريع مستدامة

 


لست كاتبة


ما دور علاقاتك في نجاحك، ، وما العقبات التي واجهتها؟


ربما قد تكون هذه أكبر عقبة واجهتني، كوني جديدة في عالم الأدب والثقافة ولست بكاتبة، وما زال أمامي الكثير من العمل لإيصال فكرتي إليهم والحصول على تأييدهم.

تابعي المزيد: في يوم المرأة الإماراتية .. رئيسات تنفيذيات..قصص نجاح وتمكين


أول موسوعة رقمية


حدثينا عن تطبيق منصة «حكايا أون لاين»، كيف تبلورت فكرته، وما أهميته، وما الهدف منه؟


«حكايا أون لاين» هي أول منصة لسرد القصص والقصائد والحكم والأمثال، وتجمع العديد من الكتاب والمؤلفين ومحبي القراءة في مكان واحد. وتتضمن المنصة أول موسوعة رقمية أدبية حية يساهم مستخدموها أنفسهم في تسجيل وتوثيق وإحياء ذكرى أروع القصص والقصائد والأشعار والحكم والأمثال المرتبطة بتاريخ وتراث شعوبنا العربية وشعوب العالم بأسره. وتشمل الفئات القصصية المتنوعة على المنصة: (التاريخية) للقصص التاريخية، و(التراث) للقصص التراثية والشعبية المحلية، و(حدثت) للقصص الواقعية، و(السيرة الذاتية) للسيرة الذاتية، و(الحكايات الخرافية) للأساطير الشعبية، وسنطلق العديد من الفئات في المستقبل بإذن الله. عرف أدبنا العربي عالمياً من خلال قصص كتاب «ألف ليلة وليلة»، وجسّد العالم الغربي بعض قصص هذا الكتاب عبر أفلامه ومسرحياته، فهو يعد من أهم الكتب التراثية التي مثلت جزءاً من الموروث الثقافي والشعبي العربي، وتخللت حكايات ألف ليلة وليلة أشعار وحكم وأمثال؛ حيث امتزج فيها الواقع بالأسطورة، ليحكي قصصاً من التاريخ والعادات وأخبار الملوك وعامة الناس، واللصوص والجن، فضلاً عن قصص جاءت على ألسنة الحيوانات. وهذا ما نود إحياءه أيضاً عبر مستخدمي ورواد منصة «حكايا أون لاين».


كيف كان التجاوب مع التطبيق، وما ردود الفعل؟


حصلت على إشادة طيبة من بعض المؤسسات الثقافية لدينا، وحفزتنا على مواصلة تحقيق أهدافنا، فما زلت في بداية الطريق، وما تم إطلاقه هو المرحلة الأولى فقط من خدمات المنصة على الأبل ستور، ونعمل حالياً على إطلاق النسخة الثانية العام القادم بإذن الله، لتشمل أجهزة الأندرويد، التي ستحوي المراكز التجارية الرقمية الموجهة إلى خدمة رواد الأدب.


ما الإنجازات التي تفخرين بها؟


أكبر إنجاز لي هم أبنائي الذين أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم لفهم أدوارهم الحقيقية في هذه الحياة، وأكبر إنجاز آخر هو إخراج المنصة إلى النور هذا العام، لتخطو أولى خطواتها تجاه تحقيق الفوائد الكبرى بنهضة أدبنا العربي، ونهضة رواده، والتواصل عبر فكرنا الأدبي مع الآخرين.


نجاح المنصة


ما طموحاتك المستقبلية؟


تحقيق الرؤية المنشودة من منصة «حكايا أون لاين»، ونجاح روادها في تحقيق ذاتهم وطموحاتهم، وهذا أبلغ طموحاتي. وكذلك النهوض بالأدب العربي إقليمياً وعالمياً في العالم الرقمي، من خلال تشجيع ممارسات القراءة والكتابات الأدبية بين الشباب، ودعم رواد الأدب والهواة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، أطمح إلى تشجيع تبادل ثقافاتنا الأدبية مع المجتمعات الأخرى.

تابعي المزيد: كاتبات شابات: كيف سيفهم الناس كتاباتنا وماذا سيقولون؟