سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد: الاستثمار المتنوع يحقق الأمان والاستمرارية

سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد: الاستثمار المتنوع يحقق الأمان والاستمرارية
سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد: الاستثمار المتنوع يحقق الأمان والاستمرارية (تصوير | Bony)

آمال بنت يوسف المؤيد، من الشخصيات النسائية البارزة في مجال المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية على مستوى المنطقة العربية، التي أدت دوراً أساسياً في قيادة المساعي التجارية لشركة يوسف خليل المؤيد وأولاده، وهي واحدة من أقدم الشركات العائلية في البحرين الذي يناهز عمرها 100 عام، ولديها أنشطة في أكثر من مجال. والمؤيد أيضاً المديرة التنفيذية لمجموعة أشرف، وعضوة لجنة سيدات الأعمال بغرفة تجارة وصناعة البحرين، وقادت مجموعة أشرف منذ عام 1996، من خلال تطوير الأعمال لمحلات أشرف، التي تأسست في عام 1913، قبل أن تتحول ملكيتها إلى مجموعة يوسف خليل المؤيد في مطلع التسعينيات. واليوم تقدم المجموعة نحو 300 علامة تجارية عالمية مع أكثر من 8000 موظف. في هذا اللقاء مع «سيدتي»، تحدّثنا آمال المؤيد عن مسيرتها المهنية وحياتها الشخصية وقناعاتها، وتأثّرها بوالدها، الذي عمل على تغيير الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع الضيافة، وتجارة التجزئة والمساحات التجارية.

أكمل التمكين صورة المرأة البحرينية المشرقة في التنمية، وهي قادرة على القيام بدور مهم وريادي في شتى المجالات


قال البحار بوياي كرايسلر «أنا هو... ما أنا عليه الآن»، هلّا أخبرتنا لمحة عن مسيرة نجاحاتك لتصبح آمال المؤيد كما هي عليه اليوم؟

ما أنا عليه اليوم... ما هو إلا نتاج بذرة نمت في كنف والدَين حنونين طموحين، فقد نشأت وترعرعت في عائلة معظم أفرادها تجّار، بدءاً بجدي فأبي، ومن ثم تسلل هذا الجين إلى الأبناء فالأحفاد وهكذا. أما عن نفسي، فمنذ أن كنت في السابعة من عمري كان المجال التجاري يثير فضولي، فتعلمت منه الكثير، وأنجزت دراستي ومن ثم بدأت بعملي الحر منذ عام 1978، من خلال فتح عدد من البوتيكات برأس مال بسيط كنت قد جمعته بنفسي، وأول بوتيك لي كان «فوك»، ثم انتقلت إلى فندق الخليج، ومن ثم يتيم سنتر ومودا مول، واعتمدت على نفسي في تصميم ديكور المحلات وتنسيقها. وفي عام 1996، توفي والدي، وقتها التمس أخي فاروق ضلوعي في المجال التجاري وإدارة المشاريع التجارية، فطلب مني استلام إدارة شركة «أشرف» التي أصبحت تحت مظلة شركة يوسف خليل المؤيد وأولاده عام 1994.

ممن تلقيت الدعم والتشجيع؟ ومن قدوتك بالحياة؟

والدي ووالدتي اللذان لم يترددا يوماً في تقديم الدعم لي وتشجيعي على الاستقلالية، انطلاقاً من المبدأ الذي كان يؤمن به أبي، وهو على غرار المثل الصيني الشهير: «لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد». أما عن قدوتي في الحياة، فقد كان أبي مدرسة جامعة للمعرفة والخبرات، تعلمت منه الكثير، ووجدت في والدتي قدوة في عمل الخير والبساطة والتواضع. أما عن زوجي فأرى فيه المرونة وراحة البال، وعدم التعلق بالماديات والقلق حيال الحاضر أو المستقبل، بل التسليم بكل شيء للخالق، والعمل بشفافية تامة.
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع رائدة الأعمال لطيفة بن حيدر: نهدف إلى التوعية بأهمية الصحة النفسية


العزم والإصرار

سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد (تصوير | Bony)


ما الفاصل في ذكرياتك؟

ما زلت أستحضر الفترة الزمنية التي تسلمت فيها مسؤولية إدارة أشرف، فقد كان تحدياً أكبر من حجمي وقتها، لكنني قررت خوض هذه التجربة بكل عزم وإصرار، قرأت الكتب، انخرطت في دورات عديدة في مجالات مختلفة، بدءاً بالموارد البشرية، وإدارة المشاريع، إلى كيفية هيكلة أقسام الشركة، إضافة إلى مهارات التعامل مع الموظفين والعملاء، وهو أحد أسرار استمرارية أشرف حتى هذا اليوم في تحقيق نجاحاته عاماً تلو عام.
فاصل آخر مررت به في فترة من حياتي، كنت منهكة فيه لكثرة الضغوطات نتيجة المسؤوليات المتراكمة، لا سيما بعد فترة من دخولي المجال التجاري، وهو مجال بعيد كل البعد عن اهتماماتي آنذاك، التي كانت تتمحور حول الزراعة والتصميم الداخلي والأزياء؛ إذ شعرت لوهلة بأنني في دوامة ليس لها نهاية، عندها لجأت إلى رياضة التأمل بالخالق والطبيعة، وحصلت على الهدوء والسكينة اللذين كنت افتقدهما في ذلك الوقت العصيب.

هل توافقين على مقولة «الثروة تفضل الجريء»؟ كيف؟

نعم بالطبع، فعامل التردد والخوف من المجهول كفيل في أن يثنيك عن التقدم خطوة إلى الأمام، فكم من فكرة رائعة مبتكرة أو مشروع فريد من نوعه لم يُبصر النور بعد بسبب غياب عامل الجرأة لدى صاحبه، وهنا أنا لا أعني في قولي التهور؛ إذ هناك شعرة تفصل بين هذا وذاك، وهي التسلح بالمعرفة والدراية التامة بكافة جوانب الفكرة أو المشروع، ورسم خطة بأهداف واضحة، ثم القيام بخطوة جريئة من دون النظر إلى الخلف، وبهذا تبدأ بصناعة ثروتك المعرفية ثم المادية.

عامل التردد والخوف من المجهول كفيل في أن يثنيك عن التقدم خطوة إلى الأمام


التنوع يمنح الأمان

ما أهمية التنوع لسيدات الأعمال «لا تضع البيض في سلة واحدة»، وما الدوافع له؟ وما النشاط التجاري الأقرب إلى قلبك؟

بالنسبة إلي، الاستثمار المتنوع يمنح المستثمر هامشاً كبيراً من الأمان في حال هبوط جزء من المحفظة، كما تفضل كثيرات من سيدات الأعمال وضع أموالهن في مجموعة واسعة من الأصول طلباً للتنويع والأمان، نحن في عالم متسارع، ونمر بظروف اقتصادية لا نحسد عليها، لذلك يتحتم علينا متابعة توجه السوق، وفهم متطلباته، ومواكبة ذوق الجمهور المستهدف، والتكيف مع الظروف المحيطة؛ حتى نتمكن من الاستمرار وتحقيق النجاح.
أما عن النشاط التجاري الأقرب إلى قلبي، فيمكنني القول إنني منغمسة في مجال الأزياء، وكل ما يتعلق بمقتنيات المنزل.


تمكين المرأة البحرينية


حدثينا عن واقع المرأة البحرينية في مملكة البحرين؟ وهل حظيت بما تستحقه من اهتمام ورعاية؟

تعد المرأة البحرينية عنصراً رئيسياً في عملية التنمية بالبحرين، وتمتد مساهماتها إلى جميع نواحي الحياة العامة السياسة والتنمية الاجتماعية والأعمال وغيرها، فمنذ تأسيس المجلس الأعلى للمرأة في 22 أغسطس 2001 برئاسة الأميرة سبيكة آل خليفة، عمل المجلس على تمكين المرأة البحرينية وإشراكها في جميع برامج التنمية، وانطلاقاً من مبدأ تكافؤ الفرص، يساعد المجلس الأعلى للمرأة على تعزيز القدرة التنافسية بين المرأة البحرينية وتأمين التعلم مدى الحياة، وتعزيز التشريعات والسياسات التي تهدف إلى توفير فرص لتحسين حياتها.
لقد أثبتت المرأة البحرينية بأنها قادرة على القيام بدور مهم وريادي في شتى المجالات؛ إذ شهد تشكيل مجلس النواب 2022-2026 تحقيق نتائج غير مسبوقة للمرأة البحرينية، بعد وصول 8 سيدات إلى المجلس النيابي؛ أي ما يعادل 20% من مجموع مقاعد المجلس، وهو الرقم الأعلى منذ بدء الانتخابات النيابية عام 2002.
كما حصلت المرأة البحرينية على العديد من المكتسبات والحقوق، وهو ما ظهر في وجود 4 وزيرات بالحكومة، كما اعتلت رئاسة مجلس النواب في سابقة هي الأولى، وصعدت على منصة القضاء، لكننا ما زلنا نترقب أن تسن تشريعات مستحدثة تخدم قضية الزوجة البحرينية من أجنبي بهدف منح أبنائها كافة حقوقهم بوصفهم مواطنين، وكذلك منح المرأة حقها بطلب الطلاق من دون مماطلة وتدخلات تعرقل العملية وتجعل منها كابوساً طويلاً على مدى سنين.
نفترح تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع سيدة الأعمال والشاعرة شفيقة الجزار: صنعت لنفسي بصمة في عالم الكتابة


ريادة الأعمال الاجتماعية

 

سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد (تصوير | Bony)


أنت من دعاة ريادة الأعمال الاجتماعية لسنوات عديدة حتى الآن، برأيك لماذا تنظري إليها بعين الاهتمام؟ ما أهم تلك الأعمال الاجتماعية؟ وانعكاسها على أسرتك؟

اهتمامي بريادة الأعمال الاجتماعية هو في الأساس استكمال لمسيرة والدتي التي كرّست جزءاً كبيراً من حياتها في هذا المجال تحديداً، وفي الأعمال والمشاريع الخيرية عامة، ورسالة إن صح التعبير نتناقلها جيلاً بعد جيل. كانت لي بصمة في تأسيس جمعيات عدة تُعنى بالأعمال الاجتماعية، منها «جمعية حفظ النعمة» 2017، وهي جمعية تطوعية غير ربحية، تختص بجمع وتعليب فائض الطعام من الفنادق والمطاعم والأسواق الاستهلاكية والمناسبات الخاصة المختلفة بحسب المقاييس والمعايير الصحية المعتمدة، ومن ثم إعادة توزيعه على العوائل المحتاجة والعمالة الوافدة والمعوزين.
وقد ساعدت هذه المبادرة على خفض كمية الهدر الغذائي بشكل كبير، وبالتالي انخفاض النفايات الغذائية، التي تؤثر تأثيراً سلبياً في البيئة.
وفي عام 2019، شغلت منصب عضو مجلس إدارة مركز البحرين لإنقاذ الحيوانات، ويعد هذا المركز موطناً لأكبر مأوى للحيوانات في مملكة البحرين، لقد ساعدنا مئات الحيوانات في العثور على منزل محب للأبد عام 1999، وهو أمر ممكن فقط من خلال دعم المتطوعين والجهات المانحة لدينا.
كما قمت في عام 2021، بتأسيس جمعية المستقبل لذوي الإعاقة، وهي جمعية بحرينية غير ربحية رائدة في تقديم الدعم المالي للفئات المحتاجة للتأهيل النفسي والطبي، ودعم الأطفال والكبار من ذوي الاحتياجات الخاصة، للحصول على التأهيل الطبي والنفسي اللازم، إضافة إلى دعم الحالات الطبية التي تحتاج إلى أطراف صناعية أو أجهزة مساعدة أو برامج إعادة تأهيل.

أسعى إلى تأسيس مزرعتي الخاصة لتكون مركزاً يستمتع الأطفال من ذوي الهمم بقضاء وقتهم فيه


حماية المرأة

حدثينا عن تأسيسك (دورك.. مشاركتك.. انضمامك) لبرنامج «شمسها» للدفاع عن أزمات العنف ضد النساء وما أهميتها؟

دعوني أبدأ حديثي ببيت شعر للشاعر حافظ إبراهيم نُقش في عقولنا منذ الصغر «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق».. ماذا لو كانت تلك الأم معنفة، ومسلوبة الإدارة والحقوق؟ عن أي مجتمع وشعب سنتحدث؟ من هذا المنطلق كنت أبحث دائماً عن كل ما يحقق ذات المرأة، ويدعم نشاطاتها، عن مساحة الحرية التي سُلبت منها، لذا عندما وجدت الفرصة لدعم هذه القضية لم أتوان للحظة عن المبادرة لأكون جزءاً من هذا التحرك؛ بهدف تمكين المرأة، وتعزيز ثقتها بنفسها وإمكاناتها لتقوم بدورها في المجتمع.
ففي عام 2016، انضممت إلى عضوية المجلس الاستشاري لمركز «شمسها»، الذي يسعى إلى تمكين المرأة وحمايتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ حيث يتبع حلولاً فعالة ذات تأثير عالٍ ومطبقة دولياً، تساعد النساء والمجتمعات المتضررة من التمييز أو العنف الأسري أو سوء المعاملة، على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، إضافة إلى التمكين الاقتصادي والتدريب والتطوير المستمر.
وتبلغ أهمية الخدمات المقدمة من قبل هذا المركز في التثقيف المجتمعي والتواصل في إطار السعي نحو تقليص معدلات انتشار العنف ضد المرأة، وتقليل شعور الوصمة لدى الضحايا، من خلال المشاركة في الفعاليات المجتمعية والحملات التي يتم إطلاقها عبر شبكة الإنترنت، وقنوات التواصل الاجتماعي، وورش العمل التي يتم تنظيمها في المدارس والشركات والمؤسسات الطبية.

مزرعة لذوي الهمم

طموحاتك المستقبلية؟

«مزرعتي الخاصة»! لربما تكون فكرة غير متوقعة لدى الكثيرين ممن يعرفون سيدة الأعمال آمال، هذه الفكرة ما هي إلا حلم أطمح إلى تحقيقه، وبدأت بتنفيذه على أرض الواقع، لكنني بحاجة إلى تفرغ تام لإتمامه. لدي شغف، بل هوس في المجال الزراعي، ولقد قمت بعمل الكثير من التجارب الزراعية واستنبات أصناف زراعية غير مسبوقة في حديقة منزلي نالت إعجاب الكثيرين.
كما أود استقطاب أنواع متعددة من الحيوانات الأليفة، على أن تكون هذه المزرعة مركزاً يستمتع الأطفال من ذوي الهمم بقضاء وقتهم فيه، من خلال ممارسة أنشطة ترفيهية متنوعة تنمي مهاراتهم، كقطف المحاصيل الزراعية، والتفاعل مع الحيوانات وإطعامها.
نفترح عليك متابعة هذا اللقاء مع سيدة الأعمال بدرية فيصل: أعمل على تطوير الصورة العامة للرياضة العربية