الصداقة.. رابطة تحقق رفاه الإنسان

تتعدّد الصفات الإيجابية المُتعلقة بالصداقة، الرابطة الإنسانية النبيلة في حياة الإنسان، التي يوليها علم النفس أهمية، كما الاجتماع والسياسة، في إطار الصداقة بين الشعوب. لكن، ربما يصعب حصر علاقة الصداقة أو تأطيرها؛ فهل الصديق هو من يشابهنا في القيم والأطباع والاهتمامات أم هو نقيضنا؟ هل هو من نشاطره اللحظات الحلوة حصراً أم نجرؤ على تعرية الذات أمامه؟ هل هو من نفس جيلنا أو يتقدمنا علماً وخبرة أو يصغرنا؟ هل هو من النوع الاجتماعي عينه أو من غير الممكن أن تستقيم الصداقة بين امرأة ورجل، من دون أن يكون الإعجاب ثالثهما؟

أشرفت على الملف وشاركت فيه | نسرين حمود Nisrine Hammoud
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine وماغي شمّا Maguy Chamma
تصوير | محمد رحمة Mohamad Rahme
دبي - تصوير | عبد الله رمال Abdulla Rammal
الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad
الرياض | أمامة إبراهيم Omama Ibrahim
تصوير | محمد المانع Mohammed Almana



«كن صديقي» تُغني السيدة ماجدة الرومي من كلمات الشاعرة الكويتية د. سعاد الصباح، كلمات بسيطة، لكن عميقة في معانيها، تسأل فيها لماذا لا يمكن للرجل الشرقي أن يُصادق المرأة؟ الصداقة بين الرجل والمرأة، علاقة بالغة الصعوبة في بعض المجتمعات، وفي أخرى قد تتحول إلى رباط أبدي أو قد تنتهي الصداقة بالتزام أحد طرفيها بعلاقة عاطفية. لكن، ماذا عن الصداقة بين المرأة والمرأة والرجل والرجل؟ ماذا عن الصداقة بين من يمتهنون الأعمال عينها أو الزملاء؟
في تاريخ الأدب، كُتب كلام كثير في علاقة الأديبين الأميركيين الصديقين «اللدودين» آرنست همنغواي، صاحب رائعة «الشيخ والبحر»، وإف. سكوت فيتزجيرالد، مؤلف «غاتسبي العظيم» الشهيرة، كما نُشرت الرسائل بينهما. في إحداها، يقول همنغواي لصديقه عن «غاتسبي العظيم»: «أحببتها ولم أحبها (...). غششت كثيراً في هذه الرواية. ولست بحاجة لفعل ذلك (...)، الرواية أفضل بكثير مما أقول، لكنها ليست أفضل ما يمكنك فعله...». في هذه الكلمات، إشارة إلى أن الصديق الذي يُنافس في الكار عينه أو حتى إن لم يكن كذلك، قد لا يُسمع صديقه المديح والإطراء، على الدوام. أضيفي إلى ذلك، الصداقة بين الرجلين مرت بعقبات وأبعدتهما عن بعضهما البعض.
الجدير بالذكر أن العالم يحتفي بيوم الصداقة في 30 يوليو من كل عام، علماً أن المناسبة تقوم على إدراك جدوى الصداقة وأهميتها بوصفها إحدى المشاعر النبيلة والقيمة في حياة البشر في أنحاء العالم.

ما الصداقة؟

سيليا خاطر

«الصداقة علاقة ثنائية تقوم على سلسلة من التفاعلات بين شخصين معروفين لبعضهما البعض»، بحسب سيليا خاطر، معالجة نفسية عيادية لبنانية. تُقلّب خاطر في كتب علم النفس، وتنقل «أن الصداقة تنطوي على علاقة متبادلة أو عاطفية، ليست واجبة، بل يختار شخصان تكوين صداقة مع بعضهما البعض تتميّز بالرفقة والانخراط معاً في أنشطة مشتركة. هذه العلاقة ذات الحدود الواسعة تُساهم في النمو النفسي والصحة النفسية والرفاهية من الطفولة المبكرة حتى أعوام البلوغ الأكبر»، لافتة إلى أن «علماء النفس والسلوك خصصوا القليل من الاهتمام للصداقة قبل أواخر ستينيات القرن الماضي».
وتزيد أنه «في فروع علم النفس، وخصوصاً الاجتماعي والتنموي، تُعدّ الصداقة علاقة مهمة طوال حياة المرء، علماً أن هناك أنواعاً متعدّدة من الأصدقاء، فالصداقة من أهم العلاقات التي يمكن أن ينسجها الإنسان مع من حوله؛ ذلك لأن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى التواصل مع أشخاص يشاركونه اهتماماته، كما يهتمون به ويفهمونه ويستمعون له ويقفون إلى جانبه في المصاعب...».
وتوضح أن «ثمة العديد من الصفات التي تجعل من شخص ما صديقاً جيداً، ومع أن تعريف الصديق الحقيقي يختلف من شخص إلى آخر، لكن تبقى الصداقة في كل الأحوال واحدة من العلاقات الثمينة التي يحاول كل الناس الاحتفاظ بها في حياتهم طويلاً، وذلك لإيجابياتها».
تقول المعالجة عن الصداقة، أيضاً، إنها «علاقة إنسانية تتمتّع بالمودة والاحترام والألفة والثقة بين شخصين أو مجموعة أشخاص، وهي قائمة في كل الثقافات، وتقوم بدور مهمّ في التنمية البشرية الصحية، والتكيّف مع مصاعب الحياة عبر الزمن؛ حيث يبدأ الإنسان بمحاولة تكوين الصداقات مع الآخرين في كل مرحلة من مراحل التطور المبكرة والمتوسّطة؛ بهدف تعزيز أهمية مهارات التفاعل الاجتماعي، والقدرة على الانخراط بارتياح مع الأقران والتعبير عن النفس بثقة».

 

لصداقة تعمر طويلاً

د. عبير خياط


لمن أراد الحفاظ على علاقته بصديقه، لا بد له من التقيد ببعض الأمور، بحسب د. عبير خياط:

  • التواصل معه متى سنحت له الفرصة، وتحديداً في تلك الأوقات التي يكون فيها بحاجة ماسة إليك.
  • عدم التدخل في أموره الخاصة، واحترام تحفظه على بعض من جوانب حياته.
  • جعل الثقة الأساس التي تستند إليها العلاقة.
  • الإخلاص له وإشعاره بأهمية وجوده في حياتك.
  • حل أي مشكلة أو خلاف طارئ، بالتأني والحنكة والعقلانية.
  • تجنب ذكر عيوب الصديق.
  • إسداء النصيحة له، من دون تجريح.


أنواعها

تلفت المعالجة إلى أن الصداقة بحاجة إلى التنمية، على الدوام، بخلاف ذلك هي ستذبل وتموت، علماً أن تنمية الصداقة تتطلب بذل مجهود يومي من كل فرد في الرابطة، مهما اختلف نوعها. وتُعدّد أنواعاً للصداقة الإيجابية، منها: صداقة المرح والضحك؛ أي مجالسة من يفرحنا، وصداقة الأمان للحماية والمساندة عند مواجهة ظروف وتجارب صعبة، فلا نستطيع متابعة الحياة من دون هذا الصديق. وهناك الصداقة الرومانسية والحب في حياتنا، التي تنعكس إيجاباً على الحياة العاطفية، فهذه الأخيرة لا تستقيم من دون صداقة. أضيفي إلى ذلك، صداقة الثقافة والتعلّم مفيدة ودافعة إلى القيام بأعمال جديدة في الحياة، ومُشجعة على تقديم الأحسن، وكذلك صداقة الدعم والمساندة وتلبية الحاجة اليومية أو الحياتية، بسرعة كبيرة.
يمكنك الاطلاع على معايير اختيار الصديقة الوفية

حضور الصديق في الحياة ضروري

يقول الإمام الشافعي، في قصيدة «إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً»: «سلام على الدنيا إن لم يكن فيها صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفاً». حضور الصديق في الحياة ضروري متى ما أحسنا انتقاءه وأتقنا التعامل معه. لذا، تغوص د. عبير خياط، اختصاصية في علم النفس في السعودية، في رابطة الصداقة، مُعرّفة إياها بحسب علم النفس، قائلة إنها «علاقة وثيقة بين شخصين أو أكثر تنطوي على المودة والثقة والدعم المتبادلين». وتضيف: «قد تكون الصداقة طويلة المدى نسبيّاً، وفيها تلبية حاجات الآخرين ومصالحهم وتحقيق رغباتهم الخاصة. وهي قد تتطور أحياناً من خلال الخبرات المشتركة التي يتعلم فيها أطراف الصداقة أن ارتباطهم ببعضهم البعض فيه إرضاء لهم. إنها رابطة اجتماعية ضرورية لرفاهية الإنسان وتنميته».

اللياقة الاجتماعية

في دراسة لجامعة «هارفرد» بهدف اكتشاف الأمور التي تجعل الإنسان سعيداً في حياته، يتبين في عينة مؤلفة من 720 شخصاً، أنه ليس المال والأعمال الجيدة وممارسة الرياضة وغيرها ما يحقق السعادة، بل «اللياقة الاجتماعية» Social Fitness، التي تعني الصداقة الإيجابية والسليمة.

ثقافات

تؤكد د. خياط أن «الصداقة تختلف بين الثقافات، لنواحي التعريف وكيفية التكوين وما يستتبعها. ففي بعض الثقافات تكون الصداقة أكثر رسمية، مثلاً، وتستند إلى الوضع الاجتماعي، بينما في البعض الآخر، تعتمد على المصالح المشتركة. إضافة إلى ذلك، يُركّز بعض الثقافات بشكل أكبر على الولاء والثقة في الصداقات، بينما يعطي البعض الآخر الأولوية للفردية والاستقلالية».
وتزيد أن «الصداقة يمكن أن تصبح جادة في أوقات مختلفة لأناس مختلفين، بالاعتماد على مقدار الوقت المنقضي معاً، ومدى انفتاح الأطراف على بعضهم البعض، وثقتهم ببعضهم البعض. وقد يصبح بعض الأشخاص أصدقاء جادين بعد بضعة أسابيع، بينما قد يستغرق الأمر لدى البعض الآخر شهوراً أو حتى سنوات لتطوير علاقة عميقة».

تأثيرات في الشخصية

تبين د. خياط أن «للصداقة نفوذاً على الشخصية؛ إذ يمكن للأصدقاء التأثير في مواقف ومعتقدات وسلوكيات بعضهم البعض، كما تقديم الدعم العاطفي خلال الأوقات الصعبة. إضافة إلى ذلك، قد تساعد العلاقة المذكورة أطرافها على تطوير مهارات اجتماعية مهمة، مثل: التواصل والتعاطف وحل النزاعات، كما يمكن أن تكون مصدراً رائعاً لتخفيف التوتر، فقضاء الوقت مع الأصدقاء والانخراط في أنشطة ممتعة معهم قد يساهم في تقليل مستويات التوتر، وتعزيز مشاعر السعادة والاسترخاء. ومعلوم أن «السيطرة» على التوتر تعكس تحسناً في وظيفة المناعة والنوم، وتقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. كما وجود أصدقاء داعمين يستمعون ويقدمون التشجيع يُعين المرء على الشعور بثقة أكبر، ويمدّ بقدرة أفضل على التعامل مع المواقف العصيبة، كما يُقلّل الشعور بالوحدة والاكتئاب، فالصداقة القوية تُشعر بالسعادة والتواصل والاطمئنان؛ ما يؤدي إلى حياة أكثر صحة ورضا. وفي صفوف الأصدقاء المثقفين، الذين يتمتعون بوعي كبير وتفكير عميق، تتجسد إيجابيات الرابطة في مستقبل بعضهم البعض؛ إذ قد يساعد هؤلاء الأصدقاء بعضهم البعض على التعلم والنمو من خلال مشاركة المعرفة، وتحدي الأفكار فيما بينهم، وأيضاً المشاركة في مناقشات تحث على التفكير، فضلاً عن تطوير مهارات التفكير النقدي المفيدة في عديد من مجالات الحياة. بشكل عام، فإن وجود أصدقاء يقدرون النمو الفكري قد يساهم في تحقيق أهداف الأفراد، ووصولهم إلى إمكاناتهم الكاملة.
إقرئي المزيد عن كيفية الابتعاد عن صديق السوء والتخلص من الازعاج


عداوة الكار

محمد خير الجراح

المُمثل محمد خير الجراح: الصداقة في الوسط الفني قليلة للغاية قياساً بالمعارف

 

في لقاء «سيدتي» مع محمد خير الجراح، ممثل سوري مُقيم في دبي، للخوض في الصداقة في الوسط الفني، وعمّا إذا كانت قائمة بالفعل أم لا، يمكن لهذه الرابطة أن تسود في إطار تحكمه «عداوة الكار»؟ يؤكد الفنان الذي أبدع بأداء الأدوار الكوميدية، لا سيما شخصية أبو بدر في مسلسل «باب الحارة»، أن «الصداقة حاجة إنسانية على الصعيدين النفسي والاجتماعي لأي فرد، بعيداً من المصلحة المادية، علماً أن بُعد المسافات في عالمنا المعاصر لا يؤثر في العلاقة بين الأصدقاء، خصوصاً مع توافر وسائل التواصل ومئات التطبيقات المنوعة...».
ويُتابع قائلاً إن «الصداقة مفهوم إنساني عميق وحاجة للبشر، فمن المهم أن يكون للفرد صديق يُمثّل له السند، ويستمع له من دون أحكام وردود أفعال سلبية، فالأفكار والثقافة والمشاعر والاتجاه الفكري والفني وطريقة المعيشة ومستوى التحضر؛ كلها عوامل مسؤولة عن بناء علاقات مشتركة بين الناس لتكوّن صداقات بعيدة من أي مصلحة وتُحقّق عطاء ومن دون انتظار مقابل».
ويضيف أن »الصداقة الحقيقية موجودة، ولديّ أصدقاء كثر في حياتي، من بينهم طبيب ومهندس وأستاذ جامعي ووزير سابق وسفير سابق راحل، إضافة إلى بعض المهنيين»، مشيراً إلى رفيق عمره عبد الهادي الذي توفّى باكراً وكان حالة استثنائية، فحتى لو انقطع عنه فترات طويلة لا عتب ولا زعل بينهما، بل على العكس كانا إلى جانب بعضهما في الأوقات والظروف الصعبة.
وعن الصداقة في الوسط الفني، يرى الفنان أنها «صعبة ونادرة في أي وسط مهني مشترك، وليس في الوسط الفني حصراً، ففي أي وسط مهني، هناك زمالة، وربما قد تتكون صداقة بسبب اشتراك مصالح العمل، لتتضارب بعدها الأخيرة، فتتفكك هذه العلاقة وتعود إلى منحاها الطبيعي». ويضيف أن «ما تقدم لا يلغي وجود المودة بين الزملاء في الوسط الفني، لكن لا يمكن تكوين علاقات كاملة». وبحسب الممثل، الصداقة في الوسط الفني قليلة للغاية قياساً بالمعارف.

الصداقة بين الشعوب

د. كريمة الوزاني

تُركّز د. كريمة الوزاني، باحثة مغربية في علم الاجتماع، الحديث عن الصداقة بين الشعوب، فتقول إنه «في عالم اليوم، تتعدد التحديات والأزمات، التي من شأنها القضاء على الشعوب في تفرقتها. في المقابل، يصح التغلب عليها من خلال الالتحام والتضامن بين هذه الشعوب، وقد لمسنا ذلك خلال جائحة كورونا». وتوسّع الكلام عن الصداقة بين الشعوب، فتقول إنها «تحيل إلى بناء مشروع مشترك، قوامه ميثاق وعقد اجتماعي/إنساني مُتشبّع بالقيم الإنسانية الكونية، ويطمح إلى مواجهة الأزمات التي قد تُهدّد الإنسانية في وجودها، مع طموح إلى السلام والعيش المشترك في جو يسوده الإخاء والتضحية والالتزام بالمصلحة العامة، وهي ضمانات أساسية للعدالة الكونية...».
وتزيد إن «التحول الذي يعرفه عالمنا، في ظل العولمة، قد ساهم ويُساهم في فتح الحدود لربط علاقات اقتصادية وثقافية وسياسية، وكذلك إنسانية، نتقاسم من خلالها مع الآخر لحظاته المفرحة والمحزنة متجاوزة الحدود الجغرافية، فلم تعد اللغة أو الجنس أو الإثنية فواصل تعترض علاقات الشعوب، بل أضحت المجتمعات نفسها متجاوزة للحدود الجغرافية والثقافية، فاتحة المجال للتجسير الحسي الانفعالي؛ ما يساهم في ظهور مجتمع جديد، مجتمع شبكي ومنه صداقات عابرة للحدود».
لكن، توضح الباحثة أن «هذا التصور المثالي للصداقة قد لا يتحقق بقدر كبير؛ ذلك أن أكبر عائق يحول دون صداقة الشعوب والدول هو عائق المصلحة والحسابات والتمثلات تجاه المصلحة، فكلما توافقت المصالح عُزف الوتر على الصداقة والأخوة والمودة، وكلما غابت المصلحة تعود معزوفة التوترات والتعارضات، بل خلق التبريرات من أجل اللاتوافق واللاانسجام أو اللااتحاد، وفي المجمل اللاصداقة، أو لنقل بشكل مباشر تظهر العداوة وتشنج أسباب الاختلاف إلى درجة التناقض والتعارض، ولعل هذا الأمر هو مدخل للصراعات في العالم ولتواري الصداقة أمام قوة المصلحة، فلا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة، بل هناك مصالح دائمة، ولعل هذا الأمر قد تجاوز المفهمات والقيم، وشرعن للصراعات والتوترات في أنحاء كثيرة من العالم».

مصالح

تخلص الوزاني إلى أن «أي تعريف للصداقات، ربما يسقط في المثالية، ويبتعد كثيراً عن الواقعية؛ لأن المجتمع الكوني اليوم لا يهمه إلا المصالح، بوصفها عنواناً للمطامح، ولعل النظام الدولي اليوم لا يؤمن إلا بالسيطرة والهيمنة، انطلاقاً من ثنائية القوة والمصلحة».

تجربة شخصية

نادية أبرام


ترى نادية أبرام، إعلامية مغربية، جالت طويلاً بين دول العالم، في إطار عملها مسؤولة عن مكاتب «وكالة المغرب العربي للأنباء»، أن الصداقة بين الشعوب ركيزة أساسية في التواصل الإنساني والتعارف وفهم الآخر، مهما كان الاختلاف الثقافي والبعد الجغرافي، فأساس الصداقة بين الشعوب التعاون، وتقبل الآخر، وتبادل الخبرات، وتداول قيم مشتركة تحت عنوان الانتصار للإنسان داخل كل منّا.
تقول الإعلامية عن الصداقة بين الشعوب، إنها مفهوم إنساني مُتعدّد الأبعاد، وقد حث عليه الإسلام منذ إشراقاته الأولى من خلال الآية الكريمة «وخلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
وعن تجربتها الشخصية، تقول إنها أُتيحت لها إمكانية العمل لسنوات في لبنان وألمانيا وقطر، وأقامت في هذه البلدان، مع التنقل لزيارة بلدان أخرى عربية وأجنبية نسجت فيها علاقات طيبة وتلقائية.
وتشير إلى أن الصداقة وسيلة للاقتراب من الآخرين، وفهمهم، ودحض الصور النمطية التي ينقلها الإعلام أحياناً. لذا، لا بد من خلق جسور من التواصل عبر الصداقات، خصوصاً أن مغالطات كثيرة تعتري نظرتنا إلى شعوب أخرى، حتى لو كانت من الثقافة العربية والإسلامية نفسها. كما تُمكّن الصداقة من اكتشاف مدى القرب الثقافي والاجتماعي بين الناس الذين يلتقون بالفعل في القيم وبعض أنماط الحياة. في المقابل، يخلق التباعد أحياناً نظرة ضيقة ويحصرها في أمور سلبية. لكن، بفضل الصداقة مع الشعوب، تتوسع المعارف والخبرات.
وتقول: «قد تكون هناك ثمة سلبيات للصداقة في غياب النضج والشعور بالنقص، خصوصاً أمام دول أجنبية حققت تطوراً كبيراً في العلم والصناعات أو ما شابه، وهذا ما يحدث أحياناً لبعض شبابنا الذي قد ينبر إلى حد الاستلاب والتبعية. لذا، يجب أن تُبنى الصداقة على الأخذ والعطاء الإنساني الواسع، من دون أن ينطلق الشخص من فرضية الإحساس بالدونية أو التخلف أو أمور أخرى سلبية، حتى فيما بين الشعوب العربية، فالصداقة بين الشعوب تعني الانفتاح على الآخرين، والاعتزار بالهوية والتاريخ في الوقت نفسه، بخلاف نقمة عدد من الشباب على ثقافته والتشبه بثقافات بعينها، وهذا خطأ فادح يفقد حتى الاحترام من ثقافة الآخرين».

يمكنك الاطلاع أيضاً على نصائح عند اختيار الأصدقاء.. لا بد من مراعاتها