الأطفال دائماً في حركة دائمة. ومع كل هذا الضجيج، قد يحتاجون لبعض الوقت للاسترخاء واستعادة نشاطهم. إذا كنت تبحثين عن طريقة لمساعدة طفلك على الاسترخاء، فقد يكون التأمل هو الحل الأمثل. فكيف يمكنك البدء إذا لم يكن لديكِ مدرب يوغا؟ يوضح الأطباء والاختصاصيون فوائد التأمل للأطفال ويشاركون نصائح حول كيفية تشجيع طفلك على البدء بالتأمل.
هل التأمل أمر جيد للأطفال؟

على الرغم من إجراء العديد من الأبحاث لدراسة آثار التأمل، إلا أن معظمها شمل البالغين. وفي هذه الحالات، تظهر الدراسات أن التأمل يمكن أن يُساعد في تخفيف القلق والاكتئاب والأرق عند الأطفال، كما يُمكنه تحسين المزاج والتركيز.
ورغم قلة الأبحاث حول تأثير التأمل على الأطفال، إلا أن النتائج كانت إيجابية للغاية. ففي إحدى التجارب، أدى تدريب اليقظة الذهنية في المدارس إلى تحسين الأداء النفسي وخفض أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لدى مجموعة من 300 طالب في المرحلة الإعدادية. وأظهرت تجربة أخرى أن جلسات التأمل المنتظمة يمكن أن تساعد في خفض ضغط دم الطفل ومعدل ضربات قلبه.
وبرأي الاختصاصيين أنه عندما نستخدم أجهزة إلكترونية مصممة لجذب انتباهنا، ثم تُحوّل انتباهنا بسرعة بين أشياء متعددة، قد يصعب علينا الحفاظ على هدوئنا وراحتنا. وقد يكون هذا أصعب على الأطفال. يمكن أن يكون التأمل مفيداً لأنه يُمكّننا من تعليم أطفالنا نظاماً يُمكّنهم من التحرّك بشكل أكثر منهجيةً ودقةً في أفكارهم، وفي العالم من حولهم.
كما أن التأمل يساعد الأطفال على أن يكونوا أقل تفاعلاً مع مشاعرهم والأشياء التي تدور من حولهم. فتقل ردود أفعالهم وتصبح ملاحظتهم أكثر. هذا مهم، لأنه عندما يتحكم الأطفال بشكل أفضل في مشاعرهم، يمكنهم التركيز أكثر في المدرسة والانتباه أثناء المحادثات بدلاً من التشتت الشديد بما يدور في داخلهم.
في أي سن يجب أن يبدأ الأطفال بالتأمل؟

يمكن للأطفال الاستفادة من التأمل في أي عمر. مع ذلك، من المهم تعديل أسلوب التأمل بما يتناسب مع أعمارهم. على سبيل المثال، إذا كنت تواجهين صعوبة في اجتياز جلسة تأمل جالسة لمدة خمس دقائق، فلا تتوقعي أن ينجزها طفلك بسهولة.
تُدرّس العديد من دور الحضانة اليوم أطفالاً حديثي الولادة لممارسة اليوغا، أو قد يُخصص للأطفال وقت للموسيقى يشاهدون فيه شخصاً يعزف على آلة موسيقية. حيث إن التركيز على أنشطة كهذه يُتيح فوائد تأملية.
كيف تقومين بتعليم التأمل (إذا كنت لا تتأملين)؟
أهم شيء لا تجلسي متربعة في غرفة مضاءة بالشموع وعيناك مغمضتان، بينما تُعزف موسيقى الفلوت الهادئة بانتظام، هل يعني هذا أنه لا يمكنك التأمل أو تعليم أطفالك كيفية التأمل؟ كلّا، على الإطلاق. إليك أمر واحد يجب تذكره عند البدء: لا توجد طريقة محددة للتأمل، ويمكن أن يكون مجرد نشاط يجذب انتباه طفلك. المهم هو التأكد من أنه يُهدئهم ويسمح لهم بالتركيز. فالتأمل أشبه بجملة مفتوحة، فهناك أشكال مختلفة كثيرة. ومع الأطفال، نحتاج حقاً إلى أن نكون منفتحين أيضاً. هذا لا يعني بالضرورة الانخراط في أشكال التأمل الصارمة كالجلوس ساكناً أو التركيز على التنفس. في البداية، قد يكون مجرد وقت هادئ أو المشي يومياً. هذه طرق لتزويد الأطفال بالمفاهيم الأساسية للتأمل أثناء نموهم.
إذا كنتِ بحاجة إلى بعض الإلهام، يقترح عليك الاختصاصيون الاطلاع على بعض تطبيقات التأمل أو حتى يوتيوب. هناك العديد من هذه المنافذ توفر تأملات أو قصصاً للأطفال تناسب احتياجات طفلك للاسترخاء والراحة.
ليست للكبار فقط.. 6 فوائد لممارسة الأطفال لليوجا
ما المدة التي يجب أن يقضيها طفلك في التأمل؟

إذا دعوت طفلك إلى غرفة المعيشة، فجلس وطلبت منه أن يأخذ أنفاساً عميقة وهو يستمع إلى أصوات الطبيعة. بعد دقيقة واحدة، سيصبح أكثر توتراً. هذا مؤشر على أن جلسات التأمل قد تحتاج إلى أن تكون أقصر أو أكثر ملاءمة للأطفال. وإذا طلبت من طفلك الجلوس لمدة خمس دقائق ليتنفس ببطء، ثم أكملها لمدة 30 ثانية، فقد يكون ذلك عبئاً عليه. الآن، إذا طلبت منه التركيز لمدة خمس دقائق، ثم شعر ببعض التوتر بعد 90 ثانية، ساعديه على استعادة تركيزه وامنحيه فرصة للراحة. إذا كان قادراً على ذلك لمدة 90 ثانية أخرى، فاستمري. يمكنك تكرار ذلك عدة مرات، ثم التوقف عند اقترابك من خمس دقائق، وهذا جيد.
في حين أن طول فترة التأمل يعتمد كلياً على مدى اهتمام طفلك، فإليك بعض أوقات التأمل المقترحة من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال :
- أطفال ما قبل المدرسة - بضع دقائق يومياً.
- أطفال المدارس الابتدائية - من ثلاث إلى عشر دقائق مرتين يومياً.
- المراهقون - من خمس إلى 45 دقيقة يومياً أو أكثر حسب التفضيل.
متى يحين وقت التوقف عن التأمل؟
اكتساب عادة جديدة ليس بالأمر السهل، لكن طفلك قادر على ذلك. إذا لاحظتَ أن هذه العادة لا تدوم إلا لفترة قصيرة، أو أصبح سريع الانفعال أو منزعجاً، أو ذعر عندما تطلبين منه التركيز على تنفسه، فاعلمي أن طفلك يشعر بتوتر أكبر من التأمل. إذا كانت محاولة التأمل مزعجة باستمرار، فتحدثي إلى اختصاصي الأطفال كي يعطي لطفلك حل البدائل.
أنواع التأمل للأطفال

يمكن أن يتخذ التأمل للأطفال أشكالاً متعددة. حيث يمكنك تجربة أنشطة تعتمد على الحركة مثل اليوغا أو السباحة أو المشي. يتطلب "التأمل" القائم على الحركة الكثير من التفكير والتركيز عند الأطفال لأنهم يجب أن ينتبهوا لما يفعلونه. مع ذلك، لا تندرج الرياضات الجماعية ضمن هذه الفئة لأنها قد تصبح فوضوية بعض الشيء.
إذا كنتِ ترغبين في تجربة شيء يتطلب حركة أقل وتركيزاً أكبر، يمكنكما قراءة كتاب معاً. لا تتعجلي في قراءة القصة (حتى لو كانت المرة المليون التي تقرئينها لطفلك). خذي وقتك، واطرحي أسئلة حول الكتاب، ودعي طفلك يصف الصور. تمهلي في القراءة ودعي طفلك يستوعبها. وتشمل الأشكال الأخرى للتأمل ما يلي:
- تعليم طفلك كيفية العزف على آلة موسيقية أو لعبة لوحية.
- اذهبي في نزهة واطلبي من طفلك أن يصف ما يراه (أشجار، أزهار، حيوانات، وما إلى ذلك).
- الذهاب إلى متجر الحيوانات الأليفة أو حديقة الحيوانات والتحدث عما تفعله الحيوانات.
- اطلبي من طفلك أن يأخذ بعض الأنفاس العميقة قبل النوم لمساعدته على الاسترخاء.
- شجعي طفلك على التركيز على نشاط حركي أكثر، وليس لافتاً للنظر.
- اطلبي منه العزف على آلة بسيطة كالطبل. قد يكون النشاط متكرراً نسبياً، ولكنه ممتع. أي شيء يُبعد ذهنه عن المشتتات والأجهزة الإلكترونية لفترة طويلة سيكون له فوائد تأملية.
كيف يمكن للعائلة التي تتأمل معاً أن تُكوّن روابط أقوى؟
قد تكون تقنيات التأمل للأطفال أبسط قليلاً من تقنيات البالغين، لكن العائلة بأكملها تستفيد منها. ومن خلال التأمل معاً، يمكن لعائلتكم أن يصبح أفرادها أقرب إلى بعضهم بكثير.
تقنيات التأمل البسيطة للأطفال ستعود بالنفع على الوالدين دائماً. إذا وجدتم شيئاً يمكنهم القيام به، وطبقتموه أيضاً، فستستفيدون جميعاً كثيراً من هذا الوقت العائلي. مع أنكم قد تتمكنون من التعامل مع شيء أكثر تعقيداً وتنظيماً، إلا أنكم ستستفيدون أيضاً من هذه الأنشطة البسيطة التي يمارسها طفلكم. إن جعل التأمل نشاطاً عائلياً يومياً، ربما يكون مفيداً جداً لجميع أفراد العائلة.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص