ثروات معدنية ضخمة، قدرات بشرية عالية، تكنولوجيا متطورة، ورؤية. مزيج مثالي جعل من قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية، واحداً من أكثر القطاعات الواعدة والجاذبة للعمل والاستثمار، وأحد أبرز محركات الاقتصاد الوطني.
وضمن خطط رؤية السعودية 2030، وُضعت مستهدفات عالية لهذا القطاع؛ لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، وتعزيز دَور المملكة كإحدى أكبر الدول المنتجة والمصدّرة للمعادن على مستوى العالم.
وكونه قطاعاً ديناميكياً مليئاً بالفرص، وجدت المرأة السعودية فيه بيئة جاذبة للابتكار والنموّ، وباتت اليوم تتقلد مناصب عديدة وتقوم بمهام محورية، كانت إلى زمن قريب محصورة بالرجال.
في هذا السياق، استضفنا رنا الزمعي، التي تشغل مناصب قيادية عديدة، أبرزها: رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين بوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، المدير الأعلى للاتصال المؤسّسي والمعرفة في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، رئيسة تحرير مجلة "أرضنا" الحكومية العلمية، وأيضاً نائبة رئيس جمعية الأزياء السعودية.
تصوير: مشاعل الشريف
رؤية قائد ملهم

في حوارنا الخاص معها، تحدثت رنا الزمعي عما تمثله الرؤية بالنسبة لها، وقالت: "كسعودية، الرؤية بالنسبة لي هي حُلم تحقق، رؤية قائد ملهم تحققت على يد شعب طموح ومخلص، وفي أرض خصبة قابلة للتطوير أكثر وأكثر. الرؤية أرتنا الطريق والإمكانيات، وأن نتخيل ما يمكن استكشافه من إمكانيات في المستقبل".
التنوُّع والشمول في بيئات الأعمال
وأشارت الزمعي إلى أن: "أحد عناصر النجاح التي أظهرتها الرؤية من خلال الأرقام المحققة، هو وجود السعوديات في مناصب قيادية نافذة في مختلف القطاعات، والتنوُّع والشمول الذي نراه اليوم في بيئات الأعمال وفي الظهور الدولي، وكذلك في القطاعات التي لم نعتد قيادة المرأة فيها، كوجودنا اليوم في قطاع التعدين، وهذا من أبرز الاختلافات الجميلة التي جعلتنا في مدة قصيرة جداً، في مصاف الدول الأخرى؛ بل وأكثر من ذلك بتنا بيئة جاذبة للآخرين ليأتوا ويتعلموا منا".
وأكدت رئيسة لجنة تمكين المرأة في التعدين بوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، أن: "وجود المرأة في التعدين لا يختلف عن وجودها في باقي القطاع". وأضافت: "في السابق كانت هناك تحديات، وكانت المرأة موجودة في مواقع معيّنة إدارية لا تشتمل المهام الفنية والتقنية، أما اليوم فبات هناك وعي لأهمية التنوُّع والشمول، وضرورة تطبيقه في بيئات العمل، سواء في شركات التعدين، أو بيئة التعدين العالمية أو المحلية. ويشهد على هذا الأمر، "مؤتمر التعدين" الذي تستضيف فيه المملكة خبراء ومختصين وقياديين عالميين، وشهدت النسخةُ الأخيرة من هذا المؤتمر، مشاركةً بارزة جداً للمرأة، وكانت هناك فعاليات عديدة تحت سقفه، استضافت أكثر من خمس رئيسات لجان تمكين المرأة في العالم، وسيدات من 60 دولة من مختلف أنحاء العالم".
المرأة في التعدين

"الرؤية انعكست على المرأة في كلّ القطاعات" وَفق ما قالته لنا رنا الزمعي؛ مؤكدة: "المرأة السعودية أثبتت وجودها في كلّ القطاعات. قبل الرؤية كان وجودها محصوراً في قطاعات محددة كالتعليم والطب وغيرها، لكن بعد الرؤية، هي موجودة في مختلف القطاعات ونفتخر بها، وبات تدرُّج النساء للمناصب أسهل، وصار هناك وعي لضرورة وجودهن في مجالس الإدارة واللجان العليا".
وعن المرأة في قطاع التعدين، قالت: "هناك وعي أنتج تنوُّعاً كبيراً في بيئات الأعمال في قطاعات التعدين والقطاعات المتفرعة لها، سواء الجيولوجيا، شركات الأسمنت، قطاع الشركات الهندسية التعليمية، وأدى لنسبة توظيف عالية للمرأة. واليوم نحن نتطلع لتوظيف المرأة في التعدين ليس كإدارية فقط؛ بل كتقنية وفنية ومستثمرة ورائدة أعمال".
وتابعت: "الكثير قادم تحت مظلة رؤيتنا الطموحة، لكن ما حققناه حتى اليوم نفتخر به جداً، ونفتخر بكلّ سيدة في هذا القطاع، سواء مهندسات التعدين أو الجيولوجيات أو غير ذلك".
انعكاس الرؤية على التعليم
نقطة مهمة أشارت لها رنا الزمعي في حديثها معنا، وهي أن: "انعكاسات الرؤية شملت أيضاً جهات التعليم، وفتحت الكثير من التخصصات التي كانت مقتصرة على الشباب". موضحة: "هناك مثلاً جامعة المؤسس الملك عبدالعزيز، التي افتتحت العام الماضي أول دفعة في كلية علوم الأرض للبنات؛ ليكنّ جنباً إلى جنب مع زملائهن الشباب في تخصص الجيولوجيا. لذا، إن شاء الله بعد ثلاث سنوات من الآن، سنرى أول دفعة جيولوجيات من جامعة الملك عبدالعزيز وغيرها من الجامعات السعودية، وقد تشرفنا باستضافتهن معنا في مؤتمر التعدين في تنظيم كلّ فعاليات المرأة في التعدين؛ ليختبرن عن قرب عمل هذا القطاع ومستقبلهن فيه".
وأضافت: "كل الشابات اللواتي يدرسن هذه التخصصات، يشعرن بالفخر والحماس؛ كونه مجالاً واعداً. واليوم تقرير الرؤية الذي صدر مؤخراً، يؤكد أن هذا القطاع هو الأول عالمياً من ناحية جذب المستثمرين، وكثيرون في المملكة رجالاً ونساء، يريدون أن يكونوا جزءاً من هذا القطاع".
حوار ملهم آخر قد ترغبون بالاطلاع عليه هنا د. سمية السليمان عن هيئة فنون العمارة والتصميم: "مبادرات كثيرة وإنجازات كبيرة تحقق مستهدفات رؤية 2030"
لمسات المرأة السعودية في كلّ مكان

.
وبحكم منصبها كنائب رئيس جمعية الأزياء السعودية، تحدّثنا مع ضيفتنا أيضاً حول وجود المرأة في قطاع الأزياء في المملكة في ظل كلّ ما شهده هذا القطاع من تحولات كبرى، وعن ذلك قالت لنا: "كجمعية الأزياء، الرؤية مكنتنا من أن نخصص أكثر هذا القطاع وأن نعطي له مجالاً أكبر بمقاييس عالية، وأن نضع له آمالاً ومشاريع وبرامج عديدة، بعضها تم إطلاقه فعلاً وبعضها الآخر ستطلقها الجمعية مستقبلاً".
ونوّهت رنا الزمعي بدَور المرأة في هذا القطاع؛ قائلة: "ساعدت في إبراز التراث والمرأة السعودية في لمساتها المميزة، ونحن فخورون بالأسماء التي ظهرت في أسبوع الأزياء في الرياض، وأسبوع الموضة السعودي، وأسابيع الموضة العالمية في ميلانو وباريس وغيرها".
إنجازات وتطلعات

وكان لا بد لنا أن نُبحر قليلاً فيما حققته الزمعي من نجاحات شخصية في قطاعات مختلفة، وسألناها عن انعكاس الرؤية على مسيرتها؛ فأجابت: "على الصعيد الشخصي، في ظل الرؤية، تحقق الكثير والحمد لله، سواء بوجودي كرئيسة لجنة المرأة في التعدين، أو ترؤسي للاتصال المؤسسي والمعرفة في هيئة استشارية خبيرة كهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وكذلك ترؤسي لتحرير مجلة "أرضنا" الحكومية العلمية المختصة بالجيولوجيا والتعدين. وأرى أن كلّ هذه المناقب والإمكانيات، هي طرق تستطيع أن توصّل بها المرأة عطاءها وقيمة وجودها في هذا القطاع".
وتابعت حديثها بالقول: "كلّ يوم أتعلم المزيد من زملائي في الجيولوجيا والتعدين، وأتمنى أن أضيف الكثير من التفاصيل في القطاعات التي أعمل فيها، وأن أفتح مع زميلاتي الطريق، وأن نؤسس بيئة سهلة للسيدات اللواتي يأتين من بعدنا".
وعن تطلعاتها للقطاعات التي تعمل فيها، قالت: "في قطاع الأزياء أطمح للاستمرارية، ولا ننكر أبداً وجود بعض السيدات المميزات في هذا القطاع منذ زمن، لكن اليوم البرامج متاحة أكثر والإمكانيات كرائدات أعمال ومصممات للأزياء أو المجوهرات أو غيرها باتت أكبر، لكن أوصيهن أن يُبرزن تراثنا، التراث السعودي والثقافة السعودية في كلّ ما يقدمنه، وهو ما ميز بعض الأسماء التي برزت مؤخراً على المستوى المحلي وكذلك العالم".
وأضافت: "أما بالنسبة للتعدين؛ فأقول للشباب والشابات إن الطريق اليوم مفتوح أمامكم، كلّ الجهات وقطاعات الأعمال هيأت البيئات المناسبة، وقد ترون أنه تحدٍّ كبير؛ كونه لايزال هناك بعض الأمور المجهولة، أو أنه تنقصكم المعلومات حوله، لكن قريباً ستكون كلها متاحة، إن شاء الله".
عن انعكاسات الرؤية اقرأي أيضاً: المرأة السعودية في رؤية 2030 قيادة وتمكين