mena-gmtdmp

التحفيز العقلي للأطفال: كيف تدعمين نمو الدماغ وصحته باللعب وأشياء أخرى؟

التحفيز العقلي للأطفال
صورة أمّ تلعب مع طفلها

السنوات الأولى من حياة الطفل بالغة الأهمية لصحته ونموه لاحقاً. ومن أهم أسباب ذلك سرعة نمو الدماغ، بدءاً من مرحلة ما قبل الولادة وحتى مرحلة الطفولة المبكرة. ورغم استمرار نمو الدماغ وتغيره حتى مرحلة البلوغ، إلا أن السنوات الثماني الأولى تُشكل أساساً للتعلم والصحة والنجاح في الحياة مستقبلاً، فما هي نصائح الأطباء والاختصاصيين، لدعم نمو الدماغ وصحته؟
إن الرعاية المُغذّية والمُستجيبة لجسد الطفل وعقله هي أساس دعم النمو العقلي السليم. فالتجارب الإيجابية والسلبية قد تُشكّل نمو الطفل، وقد تُخلّف آثاراً تدوم مدى الحياة. ولرعاية جسد طفلك وعقله، تحتاجين إلى الدعم والموارد المُناسبة. فالرعاية المُناسبة للأطفال، بدءاً من قبل الولادة وطوال مرحلة الطفولة، تضمن نمو دماغ الطفل بشكل سليم وتحقيقه لكامل إمكاناته.

أهمية تجارب الطفولة المبكرة لنمو الدماغ

أهمية تجارب الطفولة المبكرة لنمو الدماغ

عندما نتحدث عن صحة الدماغ، فإننا نشير إلى قدرات دماغ الطفل على العمل بأقصى طاقته في مجالات متعددة، وتشمل هذه المجالات الصحة الإدراكية، والوظائف الحركية، والصحة النفسية، ويتجلى ذلك في قدرتهم على تعلم أشياء جديدة، وحفظ المعلومات، وتحقيق مراحل النمو، وتنظيم عواطفهم وسلوكياتهم، وإظهار الفضول والاهتمام ببيئتهم، وتكوين علاقات اجتماعية، والقدرة على التكيف.
يولد الأطفال مستعدين للتعلم، ويكتسبون مهارات عديدة على مر السنين. ويعتمدون على والديهم وأفراد أسرهم ومقدمي الرعاية الآخرين كمعلمين أولين لتطوير المهارات المناسبة؛ ليصبحوا مستقلين ويعيشوا حياة صحية وناجحة. ويتأثر نمو الدماغ بشكل كبير بتجارب الطفل مع الآخرين ومع العالم. لذا، فإن رعاية العقل أمر بالغ الأهمية لنموه. ينمو الأطفال ويتعلمون بشكل أفضل في بيئة آمنة حيث يكونون محميين من الإهمال والتوتر الشديد أو المزمن. مع الكثير من الفرص للعب والاستكشاف.
عندما يكون الأطفال معرضين للخطر، فإن متابعة نمو الأطفال والتأكد من وصولهم إلى مراحل النمو المختلفة، يمكن أن يساعد في ضمان اكتشاف أي مشاكل في وقت مبكر وحصول الأطفال على التدخل الذي قد يحتاجون إليه.

كيف أحقق بداية صحية للدماغ؟

لكي يتعلم الطفل وينمو بشكل سليم، يجب أن يكون دماغه سليماً ومحمياً من الأمراض والمخاطر الأخرى. ويمكن البدء بتعزيز نمو دماغ سليم حتى قبل الحمل. على سبيل المثال، يُعزز اتباع نظام غذائي صحي للحوامل وتناول العناصر الغذائية المناسبة، مثل حمض الفوليك، حملاً صحياً وجهازاً عصبياً سليماً لدى الجنين. كما أن التطعيمات تحمي النساء الحوامل من العدوى التي قد تُلحق الضرر بدماغ الجنين.
خلال فترة الحمل، قد يتأثر الدماغ بأنواع عديدة من المخاطر، مثل الأمراض المعدية مثل فيروس تضخم الخلايا أو فيروس زيكا، أو التعرض للسموم، بما في ذلك التدخين، أو عندما تتعرض الأمهات الحوامل للتوتر أو الصدمة أو مشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب. يمكن أن تساعد الرعاية الصحية المنتظمة أثناء الحمل في الوقاية من المضاعفات، بما في ذلك الولادة المبكرة، والتي قد تؤثر على دماغ الطفل. يمكن لفحص حديثي الولادة الكشف عن الحالات التي قد تشكل خطراً على دماغ الطفل.

طرق لدعم صحة دماغ الأطفال

إن دعم صحة الدماغ خلال هذه الفترة يُمكن أن يُؤثّر تأثيراً طويل الأمد على مستقبل الطفل واستمرار نموه. وعلى الرغم من أن هذه الفترة حساسة للغاية في نمو الدماغ، إلا أن الدماغ يبقى مرناً (بلاستيكياً) حتى مرحلة المراهقة، وهي أيضاً فترة تتسم بقدرة عالية على التكيف. لذا، يستمر نمو الدماغ، ولكن توفير أساس متين في مرحلة مبكرة يُمكن أن يُساعد في إعداد الأطفال للنجاح مدى الحياة، ولكي يظل دماغ الطفل سليماً، فإنه يحتاج إلى العناصر الأساسية الصحيحة: التغذية الجيدة، والكمية المناسبة من النوم للطفل، وبيئة مستقرة وآمنة ومحبة؛ حيث يمكنهم التعلم والاستكشاف، إليكِ هذه الطرق بالتفصيل:

1. قومي بتغذية طفلك بشكل سليم

قومي بتغذية طفلك بشكل سليم


خلال مراحل النمو المبكرة، يُعدّ اتباع نظام غذائي متوازن أمراً بالغ الأهمية. فهناك أهمية لاتباع نظام غذائي غني بالدهون الصحية (مثل أوميغا 3) والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، ما يُساعد على التركيز والذاكرة والتعلم. كما يُمكن للحد من تناول السكر والأطعمة المُصنّعة أن يُساعد على توفير طاقة طويلة الأمد للأطفال، وإفساح المجال للأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية. من هذا المنطلق يتوجب عليكِ ما يلي:

  • احرضي على تناول طفلك لوجبة إفطار غنية بالألياف ومنخفضة السكر.
  • قدمي الاختيارات المتاحة عند الجوع على أن تكون صحية قدر الإمكان (مثل: تقديم الخضروات والفواكه بطرق شهية مختلفة).
  • قومي بحساب الاحتياج اليومي من السعرات وتدريب الطلبة على متابعة القيمة الغذائية للمأكولات.
  • قسمي الوجبات اليومية إلى خمس وجبات صغيرة متفرقة، وشجعي طفلك على تناول وجباته في مواعيد ثابتة.

كيف أجعل طفلي يأكل جيداً؟ وهل يمكن إجباره؟

2. وفّري لطفلك النوم الجيد

يلعب النوم دوراً مهماً في تنمية عقل الإنسان، بالإضافة إلى تأثيره المباشر في السعادة؛ حيث تظهر الأبحاث أن النوم يؤثر في اليقظة، والانتباه، والأداء المعرفي، والمزاج، والمرونة، واكتساب المفردات، والتعلم، والذاكرة. وتنظيم العواطف، والنمو. وبالذات النوم المُبكِّر والمُريح، فهو ضروريّ لتعزيز نُمُوّ الطفل وتطوُّره البَدَنيّ؛ إذ تُفرَز هرمونات النُّمُوّ أثناء النوم، كما يُساعد النوم الجيِّد على تنمية عضلات الطفل وتقويتها، وهو يُعزِّز وظائف جهاز المناعة لدى الطفل، ويجعله أكثر قدرة على مقاومة الأمراض. وعليه يجب أن تكون ساعات النوم كالآتي:
من عمر سنة إلى سنتين: 11-14 ساعة تقريباً، وعند عمر السنة ونصف السنة تصبح القيلولة للطفل لمرة واحدة باليوم لمدة ساعة إلى 3 ساعات. من عمر 3 إلى 5 سنوات: 11-13 ساعة تقريباً باليوم. من عمر 6 إلى 12 سنة: 9-11 ساعة تقريباً باليوم. من عمر 13 إلى 19 سنة: 9-10 ساعات تقريباً باليوم.

3. شجعي طفلك على ممارسة الرياضة

شجعي طفلك على ممارسة الرياضة


يُعزز النشاط البدني تدفق الدم إلى الدماغ، ويُحسّن المزاج، وتُشير بعض الدراسات إلى أنه يُقوّي الذاكرة. حيث يعد اللعب النشط مفيداً للغاية للأطفال الصغار. ينبغي على الأطفال بعمر ست سنوات فما فوق ممارسة نشاط يتراوح بين المتوسط والقوي لمدة 60 دقيقة على الأقل في معظم أيام الأسبوع. وإليكِ السن المناسبة لكل رياضة للأطفال؛ حيث يمكن تقسيم الأطفال إلى ثلاث مرحل كما يلي:

المرحلة الأولى

وتضم الأطفال من عمر عامين وحتى خمسة أعوام، حيث يمكن للطفل ممارسة بعض الحركات الرئيسية دون الالتزام بالقواعد، ومن الرياضات المناسبة لهذا العمر:

  • تسلق السلالم.
  • اللعب بالكرة.
  • التأرجح والتزحلق.
  • الجري.
  • السباحة.

المرحلة الثانية

تشمل هذه المرحلة الأطفال من عمر 6 وحتى 9 سنوات، حيث تزداد القدرات الذهنية عند الأطفال في هذه المرحلة. لهذا يمكن ممارسة ألعاب القوى للأطفال من 6 سنوات إلى 12 سنة، ومن أهم الألعاب التي تناسب هذه المرحلة ما يلي:

  • كرة القدم.
  • الجمباز.
  • السباحة.
  • الفروسية.
  • التنس الأرضي.
  • الجودو.
  • التايكوندو.

المرحلة الثالثة

يوجد في هذه المرحلة الأطفال من عمر 10 إلى 12 سنة، حيث يتميز الأطفال في هذه المرحلة بتطور قدراتهم البصرية والبدنية. وتكون الرياضات الجماعية هي أفضل رياضة تناسب هذا العمر، كما يلي:

  • كرة السلة.
  • الكرة الطائرة.
  • الهوكي.

4. ادعمي طفلك عاطفياً واجتماعياً

بالنسبة للأطفال الرضع، ركّزي على رعاية متجاوبة وبناء علاقات آمنة. هذا يُساعد على تطوير التنظيم العاطفي. أما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً والمراهقين، تُعلّمهم العلاقات الإيجابية مع أقرانهم والبالغين الموثوق بهم المهارات الاجتماعية، وتشمل معرفة الطفل ومواقفه وقدرته على التعرف إلى عواطفه وأفعاله والتحكم فيها. وتتعلق هذه أيضاً بقدرة الطفل على تحديد أهداف إيجابية وتحقيقها، والشعور بالتعاطف مع الآخرين وإظهاره، وإقامة علاقات إيجابية والحفاظ عليها، واتخاذ قرارات مسؤولة، والقدرة على التكيّف، وإدارة التوتر، ويكون ذلك باتباع الطرق الآتية:

  • تمرين الطفل على اللعب الجماعي
  • تعزيز مهارة الاستماع عند الطفل والتحدث
  • تشجيع التعاطف والمشاركة
  • تنظيم الأنشطة التي تعتمد على التفاعل الاجتماعي
  • تعزيز الثقة بالنفس
  • دعم اللغة العربية في تطوير المهارات الاجتماعية
  • التفاعل مع الأقران في بيئة تعليمية منظمة

5. قومي بتحفيز التفكير لدى طفلك

قومي بتحفيز التفكير لدى طفلك


بالنسبة للأطفال الرضع، لا بد من التحدث معهم والغناء واللعب مع الطفل لتحفيز الروابط العصبية عنده. أما بالنسبة للأطفال الصغار، فإن القراءة بانتظام، ولعب ألعاب الطاولة والألغاز، وتشجيع اللعب المفتوح والإبداعي، كلها عوامل تُعزز حل المشكلات والتفكير النقدي. أما بالنسبة للمراهقين، فيمكن للآباء تشجيعهم على ممارسة هوايات ممتعة وتجارب جديدة، بالإضافة إلى واجبات مدرسية مُلهمة للحفاظ على نشاط أدمغة أطفالهم. فالتواصل الاجتماعي عند الطفل أساسي هنا أيضاً!
دعي طفلك يشاركك أي عمل تقومين به، أعلم أن هذا مرهق ويضيع عليك الكثير من الوقت لكنه فعال جداً في تنمية مهارات التفكير عند الطفل، فعند إسناد المهام إليه وجعله مسؤولاً عن إنجاز عمل معين، يجعل هذا الطفل يبدأ بالتفكير ماذا عليّ أن أفعل؟ هل أبدأ بالقيام بهذا أم ذاك؟! هل هذا سينجح أم لا؟! وهكذا كل مرة إلى أن يعتاد على التفكير وترتيب الخطوات قبل القيام بأي شيء، وبهذا أنت تثيرين لديه حب الاستطلاع، نعلم أنه بطبيعته يحب الاستكشاف والاستطلاع، لكن قومِي أنتِ بتعزيز هذه المهارة؛ فمثلاً قولي له: "هل تعلم ماذا يوجد في هذه السماء؟ تعال لنتعرف إلى النجوم وأشكالها عن قرب، ونعرف ماذا يوجد أيضاً معها".

6. اجعلي بيئة طفلك سعيدة وهادئة

يحدث الإجهاد السام عند حدوث تنشيط مفرط أو مطول لأنظمة الاستجابة للإجهاد في الدماغ والجسم. يمكن أن يُعيق هذا الإجهاد نمو الدماغ السليم في أي عمر. كما أن التجارب السلبية، مثل الإجهاد المزمن، أو الإهمال، أو سوء التغذية، يمكن أن تؤثر سلباً على نمو الدماغ.
هنا نؤكد على أهمية التفاعلات القائمة على المحبة واللعب الحر والاستكشاف لتقوية الروابط العصبية في أدمغة أطفالنا. فالعلاقات الداعمة مع بالغين مهتمين يمكن أن تساعد في تخفيف حدة التوتر لدى الطفل، مما يعزز مرونته ونموه الصحي.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.