في العصر الرقمي الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، خاصة لدى جيل زد، وهو الجيل الذي وُلد ونشأ في بيئة تقنية متطورة، يتميز هذا الجيل بعلاقته الوثيقة مع المنصات الرقمية مثل إنستغرام، تيك توك، سناب شات وغيرها، والتي لم تقتصر على كونها وسائل ترفيهية، بل تحولت إلى أدوات تؤثر بشكل عميق في تشكيل آرائهم، قيمهم، وسلوكياتهم، ومع هذا التحول، برزت تساؤلات جوهرية حول الكيفية التي أعادت بها هذه الوسائل صياغة طريقة تفكير هذا الجيل، من حيث سرعة اتخاذ القرار، وطريقة التفاعل مع القضايا المجتمعية، ومفهوم الهوية الذاتية، وحتى طرق التعلم والتواصل. لفهم هذه التأثيرات ونحلل أبعادها المختلفة، سعياً لفهم أعمق لعلاقة جيل زد بعالم التواصل الرقمي، التقت "سيدتي" مع فريال حلاوي أستاذة محاضرة ومستشارة في تطوير الذات لتشرح كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على طريقة تفكير جيل زد.
تأثير وسائل التواصل على جيل زد
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على جيل زد يتجلى في عدة جوانب، منها:
- تغيير القيم والمعتقدات: وسائل التواصل تسهم في إعادة تشكيل القيم لدى الشباب، حيث يتعرضون لمحتوى يعكس ثقافات ومعتقدات مختلفة، مما قد يؤدي إلى تبني قيم جديدة تختلف عن تلك التي نشأوا عليها.
- تأثير على الهوية الشخصية: يؤدي الاستخدام المكثف لوسائل التواصل إلى خلق هويات رقمية قد تختلف عن الهوية الحقيقية للفرد، مما يسبب صراعاً داخلياً وتأثيراً على الصحة النفسية.
- تأثير على العلاقات الأسرية: رغم أن وسائل التواصل تسهل التواصل بين أفراد الأسرة، إلا أنها قد تؤدي إلى ضعف الروابط العاطفية والاجتماعية بسبب الإفراط في استخدامها.
- تأثير على الطموحات المهنية: تروج وسائل التواصل لفكرة "المال السهل" من خلال نماذج مثل المؤثرين والمدونين، مما قد يؤثر على طموحات الشباب المهنية ويدفعهم للابتعاد عن المهن التقليدية التي تتطلب جهداً وتدريباً.
يمكنك متابعة كيف يستخدم الشباب العربي الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية؟
من المهم توعية الجيل الجديد بمخاطر الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتشجيعهم على الاستخدام الواعي والمتوازن لها، مع تعزيز القيم والمعتقدات الإيجابية التي تسهم في بناء مجتمع متماسك ومتنوع.
التأثيرات الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي:
- سهولة الوصول إلى المعلومات: أصبحت المعلومات متاحة بسهولة، مما يسهل الحصول على المعرفة والاستشارات، مثل الاستشارات الطبية عبر الإنترنت.
- التواصل مع الآخرين: توفر وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتواصل مع الأصدقاء والتعرف إلى ثقافات جديدة، خاصةً للأشخاص الذين يواجهون صعوبات في الحركة أو العزلة.
التأثيرات السلبية على القيم والعلاقات الأسرية:

- المقارنة الاجتماعية: تعرض وسائل التواصل الاجتماعي صوراً مثالية وغير واقعية للحياة، مما يدفع الأفراد، خاصةً الشباب، إلى مقارنة حياتهم بهذه الصور، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الرضا والإحباط.
- تغيير القيم والمعتقدات: تروج بعض المحتويات على وسائل التواصل الاجتماعي لقيم ومعتقدات تختلف عن القيم التقليدية، مما قد يؤثر على نظرة الجيل الجديد لهذه القضايا.
- ضعف الروابط الأسرية: الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي يقلل من التفاعل الحقيقي بين أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى ضعف الحوار الأسري والانفصال العاطفي.
- تأثيرات على الهوية والسلوك: يعرض بعض الأفراد أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي بهوية مثالية قد لا تعكس واقعهم الحقيقي، مما يسبب صراعاً داخلياً ويؤثر على الصحة النفسية.
- الفردانية والأنانية: تشجع وسائل التواصل الاجتماعي على التركيز على الذات والسعي وراء المال السهل والشهرة، مما قد يؤدي إلى تراجع الاهتمام بالمهن التقليدية وتغيير في طريقة التفكير والسلوك.
- تباعد الأجيال: الاختلاف في القيم والمعتقدات بين الأجيال قد يؤدي إلى صراع بين الأهل والأبناء، مما يزيد من الفجوة بينهما.
ما رأيك الاطلاع على الفرق بين ما يريده الشباب فعلاً وما يظن أنه يريده!
أما النقطة الأخيرة التي تتطرق إليها فريال حلاوي فهي تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على طريقة تفكير الجيل الجديد، لقد أصبح العديد من الشباب أكثر ميلاً إلى الأنانية، يركّزون على مصلحتهم الفردية، ويبحثون عن المال السريع دون جهد يُذكر، لم يعُد لديهم الحافز للسعي وراء المهن التقليدية التي كانت تحظى بالتقدير سابقاً، كالهندسة، الطب، أو المحاماة، بل باتوا يفضّلون الاتجاه نحو مجالات مثل التدوين (البلوغينغ)، أو الظهور كـ"فاشينيستا"، أو أي مهنة مشابهة تعتمد على الشهرة السريعة. إننا، للأسف، أمام تحوّل في نمط التفكير يسير نحو انحدار خطير.