صحيح أن الجيل زد يتميز بطبيعة خاصة، لكن ثمة فروق جندرية تجعل البنات تختلف في كثير من الجوانب رغم اتفاقهما في مناحٍ أخرى، ويبدو من الدراسات أن بنات الجيل زد يتمتعن بالقوة والاستقلالية ربما أكثر من الأولاد.
جيل زد، الذي وُلد بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، يُعد أول جيل ينشأ بالكامل في عصر الإنترنت والهواتف الذكية والعولمة السريعة، وهذا كان له تأثير واضح في شخصيتهم، فهم يتمتعون بكثير من الوعي الرقمي والانفتاح على العالم، إلا أن الدراسات الحديثة تكشف عن فجوات لافتة بين القيم الاجتماعية ومدى الاستقلالية بين البنات والأولاد.
إعداد: إيمان محمد
الفرق بين البنات والأولاد من الجيل زد
بحسب دراسات فإن هناك فجوة بين الجنسين لدى جيل زد تُعد الأوسع مقارنة بالأجيال السابقة، خصوصاً فيما يتعلق بمفاهيم المساواة بين الجنسين، والهوية النسوية، ورؤية الأدوار الاجتماعية. وفيما يلي أبرز الفروق.
الحقوق الاجتماعية
بحسب تقرير Forbes، فإن الفتيات من جيل زد أكثر ميلاً لتعريف أنفسهن كـ "فيمينست" أو نسويات، إذ بلغت النسبة حوالي 53%، مقارنة بـ 32% فقط بين الشبان. هذا الفرق الكبير يعكس أن الفتيات يرين في النسوية وسيلة طبيعية للتعبير عن طموحاتهن وحماية حقوقهن في عالم سريع التغير، بينما يبدو الأولاد أكثر تحفظاً في هذا الشأن.
ويشير هذا التقرير إلى أن هذه النسبة لا تعكس مجرد رغبة البنات من الجيل زد في أن يتميزن بالنسوية، بينما هن أكثر وعياً بالحقوق الاجتماعية و المساواة بشكل عام، وهذا ينعكس على شكل المجتمع وعلى بيئات العمل كذلك.

القلق و العصبية
تُظهر بيانات مؤسسة Solsten أن القلق والعصبية ارتفعا بشكل غير مسبوق في جيل زد مقارنة بالأجيال السابقة، مع فجوة أوسع بين الجنسين. فالفتيات سجلن 64 في القلق و61 في العصبية، مقابل 53 و50 لدى الشبان – بفارق 11 نقطة.
هذا الاختلاف أوسع مما كان عليه لدى الأجيال السابقة، حيث كان الفارق 6 نقاط فقط. وهذا يعكس كم الضغوط الاجتماعية التي تعاني منها البنات، ويشير هذا المؤشر كذلك إلى ارتفاع الحساسية العاطفية لدى البنات و التي ترتبط أيضاً بارتفاع في الإبداع، لذلك نرى مبدعات كًثر في جيل زد، ولكن هذا يعكس علاقة معقدة بين الضعف النفسي والقدرات الإيجابية.
الملل والإبداع
الفرق هنا صارخ. الفتيات سجلن 56 في الملل مقابل 39 للشبان، وفارق 11 نقطة في الإبداع (30 مقابل 19). ويمكن تفسير هذه الأرقام بأن البنات من جيل زد يشعرن بملل أكثر من الأولاد، وهذا يجعلهن أكثر رغبة في التغيير ومن ثمّ التمرد، وهذا يوضح علاقة الإبداع بالملل، فهن لا يقبلن الوضع الراهن، لذلك يميلن للإبداع الذي يغذي توجههن نحو الأيديولوجيات التقدمية والإصلاح الاجتماعي.
اقرأوا أيضاً: لماذا يتمرد الجيل زد على العادات والتقاليد القديمة؟
القيم الاجتماعية و الأسرة
بحسب الأرقام المثبتة بحثياً، فهناك فجوة كبيرة من البنات والأولاد فيما يخص القيم الاجتماعية. البنات أكثر ارتباطاً بالقيم الاجتماعية مقارنة بالأولاد. أيضاً البنات أكثر ارتباطاً بمفهوم الأسرة وهذا ينعكس على الشعور بالمسؤولية المجتمعية سواء الفردية تجاه الأسرة أو المسؤولية والرغبة في التأثير بشكل عام، وهنا قد نلاحظ أن البنات أكثر اندماجاً في العمل الخيري و التطوعي.

الانضباط والمسؤولية
تفوق الشبان على الفتيات في سمتي ضبط النفس (47 مقابل 39) والمسؤولية (47 مقابل 40). هذه الفجوة أوسع من الأجيال السابقة، ليس بسبب تحسن لدى الأولاد، بل لانخفاض المعدلات عند البنات. ويُفسر ذلك بانشغال البنات أكثر بالتغيير والإبداع، على حساب الالتزام بالأنماط التقليدية للانضباط.
تكشف هذه السمات النفسية عن أسباب الفجوة الأيديولوجية بين الجنسين في جيل زد. ويمكن تلخص ذلك في التالي:
- البنات: أكثر ميلاً للقلق والحساسية، ويتميزن بالإبداع والإيثار، ما يدفعهن غالباً إلى تبني قيم تقدمية تقوم على العدالة الاجتماعية والتعاطف والعمل الجماعي.
- الأولاد: أكثر ميلاً للجرأة والانضباط، ما يجعلهم أقرب إلى القيم المحافظة المرتبطة بالحرية الفردية والمسؤولية.
ورغم أن هذه الفروق ليست جديدة، فإنها أكثر وضوحاً في جيل زد بفعل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عاشها. هذه الفجوة قد تنعكس في العمل والعلاقات الاجتماعية، وقد تزيد من حالات الاستقطاب، لكنها تتيح أيضاً فرصة للتكامل لبناء المجتمع.