هل تساءلتِ يوماً عن الوجهة المثالية التي تجمع بين السحر الطبيعي، الثراء التاريخي والفن المعماري الآسر في رحلة واحدة؟ وهل يمكن لبلدٍ واحد أن يضم كل هذه اللوحات المتنوعة في مدنه وقراه؟ إذا كانت إسبانيا على قائمة رحلاتك المحتملة لعام 2025، فاستعدي لاكتشاف عالم تتنوع فيه المشاهد كأنها من قصص مختلفة، تبدأ من عند طليطلة العتيقة التي تجمع بين حضارات الأندلس واليهودية والمسيحية في تناغمٍ فريد. فهل ترغبين في التمشّي على رمال ذهبية تحت شمس البحر الأبيض المتوسط، كما في ملقا؟ أم تفضلين نزهة عبر أزقة المدينة القديمة في سرقسطة حيث تتلاقى آثار الرومان مع فنون الموديخار؟ وربما تبحثين عن تجربة تذوّق راقية بين أزقة سان سيباستيان النابضة، أو تنشدين لحظات تأمل على دراجة هوائية في قلب فالنسيا الحديثة والمليئة بالحياة؟ وماذا عن لحظة سكون وسط أجواء قوطية في بالما، حيث تلامسين جمال مايوركا في قلبها النابض؟
طليطلة

من اللحظة التي تلمح فيها طليطلة القديمة أو توليدو باللغة الإسبانية من نقطة مراقبة عبر نهر التاجو، تأسر الأنظار على الفور. كانت يوماً ما عاصمة إسبانيا وتُعرف اليوم باسم مدينة الثقافات الثلاث نظراً لإرثها الغني كمكان تعايشت فيه الثقافات المختلفة. وعند دخول المدينة القديمة المتشابكة الأزقة، تنكشف أمامكِ أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، حيث تتنوع المعالم المعمارية بين كاتدرائية مزخرفة بجذور قوطية وعدد من الكُنس المشيدة على الطراز المدجن، الموديخار، وحتى حمام روماني أثري تم اكتشافه مؤخراً. ويمكنكِ أيضًا اكتشاف أعمال الفنان الكبير من عصر النهضة الإسبانية إل غريكو وهو رسام ونحات يوناني عاش في طليطلة، في الكنائس المحلية والمعارض مثل متحف إل غريكو.
سان سيباستيان

من قطع بينتشوس الصغيرة إلى قوائم التذوق في مطاعم حاصلة على نجوم ميشلان، يُعد تناول الطعام في هذه المدينة الباسكية النابضة بالحياة فناً خالصاً. تُعتبر أيضاً من أكثر المدن الساحلية جمالاً في إسبانيا من حيث الموقع الحضري. تحيط بها رأسيتان مكسوّتان بالغابات الخضراء، كما تغري المدينة الزائرين بمياهها الأطلسية الهادئة ورمالها بلون العسل، بينما يتجه راكبو الأمواج إلى زورريولا المجاورة لصيد الأمواج. وتستحضر مباني الحقبة البهية مثل قصر ميرامار ومبنى البلدية، ماضي سان سيباستيان كملاذ صيفي للملوك. هُنا؛ يمكنكِ المشي على طول مسار منحدر تحيط به الخضرة باتجاه مجموعة من القرى الصغيرة على مصب نهر باسايا، حيث ستكتشفين خلجاناً مخفية تتلألأ بسحرها الخاص.
فالنسيا
فالنسيا؛ مدينة تنبض بالطابع الإسباني الأصيل وتتركّز حول المدينة القديمة وثلاث ساحات تمتد من ساحة أيونتامينتو الواسعة إلى ساحة دي لا فيرغن الجذابة والتي تجاور حي إل كارمن الشهير. وإلى جانب روسافا في الجنوب، يُعد حي كارمن، مكاناً مفضلاً للسكان المحليين لتناول الطعام واستكشاف المحلات المتنوعة. أما خارج قلب المدينة، فيُعد حي إل كابانيال بداية الواجهة الشاطئية لفالنسيا وتمتد نزهة ممتعة لمسافة تقارب الميلين حتى باتاكونا، حيث تتجلى أفضل شواطئ المدينة ومطاعم تشيرينغيتو الشاطئية. ورغم أن سهولة التجوّل مشياً تُعد من أبرز مزايا فالنسيا، فإن ركوب الدراجة في منتزه تورّيا الممتد على خمسة أميال يُعد نشاطاً محبباً للزائرين. وتنتهي الرحلة عند مدينة الفنون والعلوم، الرمز الحديث لفالنسيا والتي تحتضن مباني مستقبلية وحدائق واسعة وأكبر حوض أسماك في أوروبا.
ملقا

تقدم ملقا مزيجاً رائعاً من المعالم الثقافية اللافتة، إلى جانب امتدادات طويلة من الشواطئ ذات الرمال الذهبية مثل مالاغويتا وكاليتا. وتُعد القصبة وهو مجمع قصر يرجع إلى الحقبة الإسلامية وقلعة جبل الفارو من أبرز معالم مدينة ملقا وكلاهما يقع على تلال تطل على المدينة، مما يمنح الزائرين إطلالات بانورامية رائعة على ملقا، إضافة إلى فرصة للتعرف إلى تاريخها. داخل المدينة، يُعتبر المركز التاريخي نقطة الانطلاق المثالية للاستكشاف، فهو يجمع بين الشوارع العريضة والأزقة الضيقة التي تحتضن المقاهي الصغيرة وعدداً من المعالم التاريخية، بما في ذلك منزل الطفولة الخاص بـ بيكاسو ومتحف مخصص لأعماله. ويُعد شارع لاريوس القلب النابض لهذا المركز، حيث تتفرع منه شوارع تضم العديد من الكنائس والقصور والأديرة ذات الأهمية التاريخية.
سرقسطة

لا تزال هذه المدينة الشمالية غير مكتشفة من قِبل كثير من زوّار إسبانيا، لكنها تستحق أن تكون على قائمة الأماكن التي يجب زيارتها، سواء أكنتِ زائرة مخضرمة للبلاد أو في أول رحلة لكِ. تقع سرقسطة على ضفاف نهر إيبرو وهي مدينة ساحرة مثل أي مدينة أخرى في إسبانيا وتُعد صور كنيسة البيلار وهي موقع حج مهم للعديد من الإسبان من الصور الخالدة التي تجسد عظمة العمارة الدينية في البلاد. وكحال مثيلاتها من المدن الإسبانية، تحتضن سرقسطة مدينة قديمة أشبه بالمتاهة، تكشف لك عن طبقات من تاريخها في كل زاوية. ابدئي زيارتك من متحف سرقسطة في ساحة بلازا دي لوس سيتيوس إذا كنتِ ترغبين في معرفة المزيد، قبل أن تنغمسي في شبكة من العمارة المدجنة، الموديخار، والأطلال الرومانية بما في ذلك بقايا متحف منتدى قيصر أوغوستا الأثري، إلى جانب مقاهي السهر التقليدية. ويُعتبر حي إل توبو الوجهة المثلى لأفضل المطاعم. تُعرف المدينة بأنها كانت موطناً سابقاً للفنان الشهير فرانسيسكو غويا، أحد أعظم الفنانين في تاريخ إسبانيا وتنتشر العديد من أعماله من النقوش إلى الجداريات في أنحاء المدينة، خاصة في متحف غويا - مجموعة إيبركاخا.
بالما
ربما تكون مايوركا الجزيرة الأشهر في إسبانيا، حيث تُجسد جمال جزر البليار بكل وفرة، وتُعد مدينة بالما القلب النابض لها. تحتضن المدينة مجموعةً من المعالم المعمارية القوطية والطراز الحديث آرت نوفو، أبرزها كاتدرائية لا سو الضخمة والقصر الملكي ألوموداينا المهيب، إلى جانب مركز تاريخي للمشاة يُضفي طابعاً خاصاً على المدينة ويضم العديد من المطاعم التي تنشط في المساء. إضافة إلى التنزه في شوارع المدينة القديمة الشهيرة مثل كايي أبونتادوريس وفيا فيري وباسيج ديل بورن، تشمل المعالم الشهيرة الأخرى متحف إيس بالوارد للفن الحديث ومؤسسة ميرو وهي معرض شقيق لمتحفه في برشلونة. كما تُعد أسواق الطعام في سانتا كاتالينا وأوليفار وجهات مفضلة للسكان المحليين والسائحين على حد سواء ولا ينبغي تفويت نزهة على طول مرسى باسيج مارتيـمو أيضاً. ومن عوامل الجذب الإضافية في بالما سهولة القيام برحلات اليوم الواحد، حيث يمكن الوصول إلى المناطق الساحلية والبلدات القريبة خلال 30 دقيقة بالسيارة. وتشمل الوجهات الأكثر شهرة بلدات الموانئ مثل بولينسا وأندراتش، أو الشواطئ مثل كالا مايور، وبالمانوفا، وكالا كومتيـسا.