هل تساءلت يوماً لماذا تضحك باحتراف في الاجتماع، بينما بداخلك تنهار؟ ولماذا تقول: الفكرة رائعة وأنت تعلم أنها بلا جدوى؟ لماذا تُشارك في النقاش وأنت لا تُريد حتى الوجود؟ قد تظن أنك تجامل، أو تُجيد التواصل، أو تحافظ على مهنيتك، لكنك في الحقيقة، تُمارس نوعاً ناعماً من التمثيل. ليس تمثيلاً بهدف التزييف، بل لحماية نفسك من سوء الفهم، أو من النظام، أو من الكلفة العاطفية لقول الحقيقة؛ فهل ما نفعله يومياً في العمل هو احتراف تواصل؟ أم مهارة دفاع؟ يكشف لك الخبير في مجال العلاقات العامة، الدكتور عيسى محمد أربعة مواقف يومية قد تمثل فيها حتى وأنت تصدق أنك لا تفعل.
عندما نُظهر الحماس ونحن نشعر بالاستنزاف
تُفتح الكاميرا أو يُفتح باب المكتب، فنبتسم فوراً، نُشيد بالفكرة، نُبدي الحماس للمشروع الجديد، لكن داخلنا، مرهق، متعب، بالكاد نحتمل جملة واحدة إضافية. لماذا نفعل ذلك؟ لأن التعب لا يُرحَّب به في ثقافة الإنجاز، ولأن الحماس يُكافأ بينما يُساء فهم الصمت. نُجيد الأداء حتى عندما لا نملك طاقة العرض. نُمثل الحماس؛ لا لأننا نكذب، بل لأن قول: أنا لست بخير اليوم، قد يكلفنا الكثير من الصورة والمكان.
لماذا نُضطر لتمثيل الحماس أحياناً؟
- لأن التعب في بيئة العمل يُقرأ بوصفه ضعفاً لا إنسانية.
- لأن الحماس الظاهري هو العملة الأسرع للتقدير.
- ولأن الصمت يُساء فهمه في بيئات لا تُجيد الاستماع.
فكر وتأمل: 4 مواقف يومية تبدو عاديةً.. لكنها تكشف صراعاً داخلياً لم تحسمه بعد
عندما نُظهر الاهتمام في مواضيع لا تهمنا أصلاً
نجلس في اجتماع طويل، يُناقَش فيه مشروع لا علاقة له بطموحاتنا، أو فكرة نعرف أنها لن تُنفذ، ومع ذلك نُبدي التفاعل. نهز رؤوسنا، نُعلق، نُشارك، مع أن عقولنا في مكان آخر تماماً. نفعل ذلك ليس بدافع النفاق، بل لأن عدم التفاعل قد يُفسَّر بوصفه تهرباً أو عدم انتماء. نُخفي لا مبالاتنا لأن الانفصال العاطفي عن تفاصيل العمل لا يُسمح له بالظهور حتى لو كان حقيقياً تماماً.
ما الذي يدفعنا لإظهار الاهتمام المزيف؟
- لأن التفاعل يُستخدم بوصفه مؤشراً على الالتزام.
- لأن الاعتراف بعدم الاهتمام قد يُفقدنا الثقة أو النفوذ.
- لأن دورنا يتطلب حضوراً حتى في المساحات التي لا تمثلنا.
عندما نُخفي انزعاجنا ونرد بابتسامة مصقولة
تأتيك ملاحظة غير منصفة، أو تُقاطَع أكثر من مرة، أو تُنتقَد أمام الآخرين دون داعٍ؛ فالغضب يرتفع في داخلك، لكنك لا تُظهره. تبتسم، ترد بلباقة، وتُبقي ملامحك تحت السيطرة. هذا ليس ضعفاً، بل رد فعل مهني متعلم. نختار التمثيل هنا لحماية أنفسنا من تبعات لحظة صدق قد تُفهم على أنها عدوانية أو عدم احترافية. الابتسامة المبالغ فيها أحياناً هي نوع من الدفاع الصامت.
لماذا نُخفي الانزعاج ولا نُظهره كما هو؟
- لأن التعبير عن الغضب في العمل يُقرأ بوصفه فقداناً للسيطرة.
- لأن الرد الطبيعي قد يُحوَّر ضدنا لاحقاً.
- لأننا نتعلم أن الحفاظ على الصورة أهم من تفريغ المشاعر.
عندما نُظهر الحياد ونحن نشعر بالاختناق
يُتخذ قرار لا نوافق عليه، أو نشهد ظلماً صامتاً، أو تُقال جملة جارحة عن زميل، فنصمت. نُظهر الحياد، ونُجيد الوقوف في المنتصف، وكأن لا شيء حدث. لكن في داخلنا، الغضب، أو التوتر، أو الإحباط، يتكدس. نخشى أن نعترض، أو نُظهر موقفاً، فيُحسب علينا لاحقاً؛ فنختار تمثيل الحياد لا لأننا لا نشعر، بل لأننا نعرف أن الرأي في بعض الأماكن يُحتسب ضدك أكثر مما يُسمع منك.
لماذا نلجأ للحياد المزيف في لحظات الغضب؟
- لأن التعبير عن الرأي قد يعرضنا للمواجهة أو العزل.
- لأن الوقوف مع الحق أحياناً مكلف أكثر من السكوت.
- لأننا نُربَّى على أن المهني هو من يبتلع الموقف بهدوء.
لا تغامر بخسارتك: 5 أخطاء في مظهرك تسرق من هيبتك في أول 10 ثوانٍ بالمكتب