mena-gmtdmp

الحب عبْر الإنترنت: قصة نجاح أم خطر عاطفي؟

الحب عبْر الإنترنت
الحب عبْر الإنترنت

في زمنٍ أصبحت فيه الحياة تُعاش عبْر الشاشات، بات من الطبيعي أن نرى علاقات عاطفية تنشأ عبْر الإنترنت، لاسيّما بين الشباب؛ حيث تتلاقى القلوب من خلف الهواتف، رغم أنها لم تلتقِ في الواقع، لكنها تشاركت الرسائل والمشاعر والاهتمام.
لكن هذا النوع من العلاقات يضع الشباب أمام سؤال مصيري: هل هو حب حقيقي يمكن أن ينتهي بزواج ناجح؟ أم أنه مجرد وهم عاطفي يُهدد القلب ويؤخر الاستقرار؟
وللحديث باستفاضة عن هذا الأمر، التقت «سيدتي» مع مريم بواطنة، مدربة في التشافي العاطفي وجذور العلاقات الأسرية والزوجية.

إعداد: إيمان محمد

كيف يبدأ الحب على العالم الافتراضي؟

تقول كوتش مريم: "قد يبدو غريباً أن يشعر الإنسان بالحب تجاه شخص لم يلتقِه، لكن في الحقيقة، الحب لا يحتاج دائماً إلى لقاءٍ جسدي؛ بل إنه قد يبدأ بكلمة، باهتمام، برسالة تُصادف الفراغ العاطفي في اللحظة المناسبة". وأضافت: "القلوب تحتاج لمن يُنصت، ولمن يُشعرها بأنها مرئية ومفهومة، وهذا ما يُتقنه الكثيرون عبْر الإنترنت".

القلوب تحتاج لمن يُشعرها بأنها مرئية ومفهومة وهذا ما يُتقنه الكثيرون عبْر الإنترنت


لكنها حذرت قائلة: " الخطر يكمن في أن هذه العلاقات لا تقوم في الغالب على معرفة حقيقية؛ بل على الصورة التي نرسمها للطرف الآخر. نملأ الفراغات بما نتمناه، لا بما هو موجود فعلاً. فنقع في حب النسخة التي تخيلناها، لا الإنسان الحقيقي".

هل ينجح الحب عبْر الإنترنت؟

ترى كوتش مريم أن علاقات الحب بين الشباب والبنات عبْر الإنترنت قد تنجح ولكن بشروط. وقالت: "لا يمكننا إنكار وجود قصص ناجحة بدأت من خلال الإنترنت وانتهت بزواج سعيد".
وحددت من جانبها عدة شروط يجب أن تتوفر في العلاقة ليُكتب لها النجاح، مثل:

  • صدق النوايا والوضوح منذ البداية.
  • وجود خطة واقعية للقاء والارتباط.
  • تحوُّل العلاقة من العالم الافتراضي إلى الواقعي في فترة معقولة.

المدة المناسبة للعلاقة عبْر الإنترنت

وشددت كوتش مريم على عامل المدة الزمنية، وقالت: "من خلال سنوات من الاستماع لمئات القصص والاستشارات، أصبحتُ على قناعة راسخة، بأن أيّة علاقة لا يبادر فيها الرجل بخطوة رسمية خلال 3 إلى 6 أشهر كحد أقصى، هي علاقة محكوم عليها بالتلاشي".

أخطاء تتكرر في علاقات الحب عبْر الإنترنت

ووفقاً لخبراتها في مجال العلاقات، قالت كوتش مريم: "للأسف، معظم هذه العلاقات لا تسير بهذا الاتجاه. بل كثيرٌ منها يُبنى على فراغ داخلي، وكلام معسول، وتبادُل وعود فارغة. كم من فتاة تعرّضت للخداع، ظنت أنها وجدت حب حياتها، ثم تفاجأت باختفاء الطرف الآخر فجأة، أو تلاعبه العاطفي، أو حتى ابتزازه لها مادياً أو نفسياً."
وحذّرت كوتش مريم من بعض الأخطاء المتكررة التي قد يقع فيها الشاب أو البنت من دون نيّة سيئة، مثل:

  • فتيات يدفعن أموالاً لشباب لم يرينهم.
  • علاقات مع أشخاص مجهولين بأسماء مستعارة لا يُعرف عنهم شيء.
  • وعود بالزواج استمرت سنوات، وانتهت بلا شيء.

وتنصح لكلّ بنت وشاب: "اجعلوا تقوى الله هي بوصلتكم في كلّ خطوة. واجعلوا نيتكم من التعارُف الارتباط، ورضا الله، لا رضا الشهوة أو الفراغ. فمن صدقَ مع الله يسّرَ دربه وأنار له الطريق". وأكدت: "المشكلة ليست في الحب بل في غياب الوعي. الحب في حد ذاته ليس خطأ؛ بل حاجة إنسانية فطرية، لكن الخطأ هو الدخول في علاقة من دون وعي، من دون حدود، من دون نيّة واضحة للزواج".

مريم بواطنة كوتش في التشافي العاطفي وجذور العلاقات الأسرية والزوجية

نصائح لاختيار الحب الحقيقي

حددت كوتش مريم مجموعة من العلامات التي تشير إلى أن الشاب أو البنت في حب حقيقي، سواء أكانت العلاقة بدأت من الإنترنت أو الواقع.

عدم التسليم الأعمى

أن تُحبي لا يعني أن تُسلّمي قلبكِ لأيّ شخص يقول لكِ "أحبك". تبدأ الكوتش بتوضيح أن الحب لا يبرر الثقة المطلقة في وعود تُقال من دون أفعال؛ خاصة في علاقات الإنترنت. فالثقة لا تُبنى على الرسائل أو كلمات الغزل العابر.

الحب الحقيقي لا يؤخر خطواتك

"الحب الحقيقي لا يكسركِ، لا يستهلككِ، لا يؤجل مستقبلكِ لسنوات في انتظار سراب". تشير إلى أن العلاقات الصحية لا تُشعرك بالقلق أو الانتظار المجهول؛ بل تمنحكِ طمأنينة ودعماً يحترم طموحاتكِ وحياتك.

القلب ليس ساحة للتجارِب

"لا تجعلي من قلبكِ ساحة تجارِب لأشخاص لم يقرروا بعدُ مَن هم أو ماذا يريدون". تحذّر الكوتش من الدخول في علاقات غير واضحة قد تُؤخركِ نفسياً وعاطفياً؛ بل وتستهلك طاقتكِ وتفقدكِ ثقتكِ بذاتك.

الاستعانة بمختص

يمكن الاستعانة بمَن يوسّع رؤيتكِ قبل أيّة علاقة جديدة، شخص مختص يساعدكِ على فهم الموقف ونوايا الطرف الآخر. وتشجع الكوتش النساء على اللجوء للمختصين النفسيين أو مدربي العلاقات قبل الانجراف في علاقات قد تُكرر نفس الجراح القديمة.

التشافي قبل أيّة بداية جديدة

"إذا كنتِ خرجتِ من علاقة سابقة مجروحةً أو مكسورة؛ فأنتِ بحاجة للتشافي أولاً؛ لإعادة التأهيل النفسي والعاطفي. الشفاء النفسي شرط أساسي قبل الدخول في علاقة جديدة؛ حتى لا تتحول الوجوه وتتكرر نفس الأخطاء.

توجيه أسئلة تساعدكِ على التقييم قبل الاستمرار

وتشمل هذه الأسئلة التالي:

  • كيف أميّز بين الحب الحقيقي والوهم؟
  • هل هذه العلاقة تستحق أن أستمر فيها؟
  • كيف أضع حدوداً تحفظ كرامتي وقلبي؟
  • كيف أتشافى من علاقة سابقة وأبدأ من جديد؟

اقرأي أيضاً عبارات صادقة تشكر بها أصدقاءك وطرق أخرى للتعبير عن الامتنان