في كل مكتب، هناك من يبدو غارقاً في المهام، يتحرك بسرعة، يكتب باستمرار، ويحضر كل الاجتماعات. وهناك من يعمل بهدوء، لا يصرخ، لا يركض، لكنه يُنجز. الموظف المشغول لا يعني دائماً موظفاً فعّالاً، والهدوء لا يعني كسلاً. في الواقع، أكثر من نصف الإنتاجية يضيع في الانشغال غير المجدي. يحاول الخبير الاقتصادي ومدير أعمال حرة، محمد الصقر أن يكشف الفروق الجوهرية بين من يعمل بإتقان، ومن يعمل للظهور.
المنتج يخطط قبل أن يبدأ
الموظف المنتج لا يستسلم لعشوائية اليوم، بل يسبق المهام بخطّة واضحة. يعرف بالضبط ماذا يريد أن يُنجز، ولماذا يختار هذه المهمة من دون غيرها. تخطيطه يمنحه تركيزاً عالياً، ويقلّل من الوقت الضائع في التردّد أو التشتت. بينما الموظف المشغول يبدأ فوراً، يفتح كل المهام دفعة واحدة، ويتنقل بينها بلا ترتيب، ما يجعله متوتراً أغلب الوقت وغير قادر على لمس نهاية أي مشروع. الفرق هنا يشبه من يدخل المتاهة بخريطة، ومن يدخلها وهو يركض عشوائياً.
تفقد الإجابات: كيف تكسب عادات روتينية وتحافظ عليها في العمل؟
المنتج ينتقي المهام المهمة
يعرف الموظف المنتج أن كل مهمة تحمل قيمة مختلفة، لذلك لا يقبل إلا ما يخدم الهدف الأكبر. يقيّم كل طلب يُعرض عليه، ويرفض المهام التي تستهلكه بلا مردود. بهذا، يبني لنفسه سمعة الموظف الذي يُنجز فعلياً، لا من يُشغل نفسه فقط. أما الموظف المشغول، فيسعى لإرضاء الجميع، فيحمل مهام من كل جهة، ثم يغرق في التفاصيل الهامشية. ورغم المجهود الكبير، يشعر دائماً بأنه لا يُنجز ما يكفي، لأن طاقته توزّعت في كل اتجاه بلا تركيز.
المنتج يُنجز أكثر مما يتحدث
لا يحتاج الموظف المنتج إلى تبرير عمله، لأن النتائج تتحدث عنه. يُقدّم المهام كاملة، دقيقة، وفي وقتها، من دون حاجة للشرح الطويل أو الحديث عن المجهود. أما الموظف المشغول، فيمضي وقتاً أطول في الحديث عن العمل مما يمضيه في تنفيذه. يُحب أن يبدو منشغلاً طوال الوقت، وكأن الحركة الدائمة هي الدليل على الجهد. لكن في نهاية اليوم، تجد أن الضجيج كان أكبر من المحصلة الفعلية.
المنتج يلتقط أنفاسه ليفكّر
يعرف الموظف المنتج أن العمل المتواصل بلا استراحة يُدمّر التركيز. لذلك، يمنح نفسه لحظات قصيرة لإعادة الشحن، والتفكير، ومراجعة ما فعله. هذه الراحة ليست ترفاً، بل أداة إنتاج. أما الموظف المشغول، فيرى التوقف ضعفاً، ويخاف من أن يُتهم بالكسل إن هدأ قليلاً. يمضي اليوم في حالة طوارئ، يركض بلا توقف، ثم ينهار في النهاية من دون أن يُنجز ما يُرضيه فعلاً.
المنتج يُظهر نتائج تقاس فعلاً
الفرق الأوضح يظهر عند قياس العمل. الموظف المنتج يملك دليلاً على كل مهمة: رقم تحقّق، تقرير اكتمل، هدف اقترب. أما الموظف المشغول، فيملك فقط قائمة طويلة من الأمور التي بدأ بها، لكن القليل مما أنهاه. الشركات لا تُكافئ من يبدو مرهقاً، بل من يحمل أثراً حقيقياً. والنتائج القابلة للقياس هي لغة التقدير الوحيدة في عالم لا يرى ما يحدث في الكواليس.
هل تعلم: ما هي أكثر 6 مهن يبحث عنها الناس على الإنترنت.. ولماذا لا يعملون بها؟