تخيل أن يومك بدأ بشكل مثالي، حتى قرر أحد الزملاء أن يقاطعك خمس مرات خلال عرضك التقديمي، ووجدت نفسك فجأة في دوامة من الاجتماعات المتوترة، والردود الغامضة، والطابور الطويل على آلة القهوة. هل هو يوم سيئ؟ أم مجرد اختبار جديد لقدرتك على الحفاظ على هدوئك وأناقتك؟ توضح لك الباحثة في مجال علم النفس الإكلينيكي، سوزان هنداوي مفاتيح التعامل الذكية والتي تجعلك تخرج من كل موقف بأسلوب احترافي يثير الإعجاب، لا التوتر.
زميلك يسرق فكرتك في الاجتماع، هل تصمت أم تستعيد حقك؟
- الفكرة لك.. والتصفيق له؟
أن ترى فكرتك تُقدم أمام الجميع دون أن يُنسب الفضل لك قد يكون من أكثر المواقف استفزازاً في المكتب. في لحظتها، قد تميل للمواجهة المباشرة، لكن التصرف الذكي أكثر تأثيراً. استخدم عبارات محايدة ولبقة مثل: أحببت طرحك، وهي بالفعل امتداد للنقطة التي عملت عليها الأسبوع الماضي، ثم أضف إضافة قوية للفكرة تُبرز بصمت أنك صاحب الأصل. بهذه الطريقة، لا تُحرج الطرف الآخر، وتسترد مساحتك دون تصعيد. الأهم أن تبني لنفسك حضوراً طويل المدى، لا لحظة انتصار عابر. اجعل حضورك وابتكارك معروفاً بالأداء، لا بالصوت العالي.
شاركنا رأيك: 4 ألوان.. أيّها يُشبه بيئة عملك؟ اكتشف السر الخفي خلف الجدران
مديرك يوبخك أمام الفريق، كيف تحمي صورتك؟
- النقد العلني.. والكرامة الصامتة
التوبيخ العلني يصدمك ويعريك أمام زملائك، ويضعك في موقف دفاعي صعب. لا تستدرج للانفعال، بل ركّز على التحكم بتعابير وجهك، نبرة صوتك، ولغة جسدك. اصغِ للنقد بهدوء دون مقاطعة، ثم اطلب جلسة منفصلة لتوضيح موقفك. حين توصل اعتراضك لاحقاً بأسلوب ناضج ومهني، تثبت أن كرامتك لا تعني تحدياً، بل احتراماً لذاتك ومكانتك. في المكاتب، الهدوء وقت العاصفة ليس ضعفاً، بل قوة تترك أثراً طويلاً. فصوتك يمكن أن يُسمع حتى وأنت صامت، إذا اخترت التوقيت الذكي للحديث.
زميل لا يكف عن المقاطعة، هل تُفرط في الصبر؟
- الحوار ليس معركة.. لكن لك الحق أن تُكمل جملك
حين يقاطعك أحدهم مراراً، يسرق منك المساحة والاحترام معاً. الصبر مطلوب، لكن الاستسلام ليس خياراً. فالحل في ضبط نبرة الصوت: هادئة، لكن ثابتة، مع استخدام عبارات مثل: اسمح لي أن أكمل فقط هذه الفكرة، أو دعني أنهي، وسأستمع لك بكل تركيز. كرر ذلك بلطف في كل مرة، حتى تفرض إيقاعاً جديداً للحوار. ثق أن من لا يحترمك في البداية، قد يُجبر على ذلك بأسلوبك الذكي لاحقاً. التكرار المؤدب يفرض قواعد جديدة، دون أن ترفع صوتك.
المهمة الموكلة إليك مستحيلة في وقتها، هل ترفض؟
- بين كلمة "لا" و"دعنا نعيد النظر"
أحياناً يُطلب منك إنجاز عمل كبير في وقت غير منطقي، وتشعر أن الأمر فخ للفشل. رفضك الصريح قد يُفهم كتهرب، لكن الحل في إعادة تعريف الطلب. قل بثقة: لضمان الجودة، ما رأيك أن نمدّد الوقت أو نعيد توزيع المهام؟ قدّم اقتراحاً عملياً، لا اعتراضاً فقط. بهذه الطريقة، تظهر أنك حريص على النتيجة وعلى الفريق. عندما تقدم نفسك كشخص واقعي ومنطقي، لا فقط كموظف مُنهك، تحصد احتراماً أقوى من مجرد قبول الأوامر أو رفضها.
فريقك مختلف الرأي تماماً عنك، هل تفرض وجهة نظرك؟
- الأقوى ليس من يقنع، بل من يُقنع ويُنصت
قيادة فريق ليس اختباراً للسلطة، بل للفطنة. حين تواجه رفضاً أو اختلافاً جماعياً، لا تتمسك برأيك كالسيف. اسألهم: ما الذي ترونه الأفضل؟ وافتح باب النقاش. استمع فعلاً، لا فقط مجاملة، ثم ضع اقتراحاً وسطاً يجمع بين وجهات النظر. عندما يشعر الفريق أن رأيهم مسموع، يضاعف ذلك ولاءهم وتنفيذهم للفكرة حتى لو لم تكن فكرتهم. القيادة الأنيقة لا تُقاس بمن فاز في الجدال، بل بمن ربح العقول دون أن يخسر الاحترام.
إشاعة في المكتب تطالك شخصياً، هل ترد؟
- الصمت الذكي أم الدفاع الفوري؟
الإشاعات تنمو في صمتك أحياناً، لكنها تتضخم إذا رددت بانفعال. لذا، كن هادئاً ولكن حاضراً. حاول أن تحدد مصدر الكلام، وابدأ من هناك: مواجهة مباشرة، لكن راقية، مع توضيح أن ما يُقال غير دقيق. ثم، وجّه رسالة غير مباشرة للجميع، في اجتماع أو عبر بريد مهني، تُبرز فيه قيمك وسلوكك دون الإشارة لما قيل. من المهم أن يرى الزملاء أنك صلب رغم الطعن، مهذب رغم الظلم. هذه الطريقة تُخرس الكلام لا بالعنف، بل بقوة الثقة والمهنية.
يتم تجاهلك في القرارات، هل تصمت؟
- الظل لا يليق بك.. فلتُشعل الضوء
التهميش في بيئة العمل قد يُشعرك بأنك غير مرئي، لكنه أحياناً نتيجة لصمتك الطويل. لا تنتظر أن يُطلب رأيك، بل قدّمه بوضوح في الاجتماعات، أو عبر تقارير مكتوبة تثبت حضورك. تطوع لأدوار إضافية أو مبادرات جديدة تُظهرك كمساهم لا كمتفرج. ابحث عن الفرص الصغيرة لتثبت أنك عنصر لا يمكن تجاهله. لا تُكثر الشكوى، بل أكثر من الظهور الاحترافي، فالمشهد لا يحتفي بمن ينتظر الكاميرا، بل بمن يصنعها.
تُتهم بخطأ لم ترتكبه، كيف تتصرف؟
- لا تتسرع بالدفاع.. اصنع لحظة إنصاف
أن تتحمل نتيجة خطأ غيرك مؤلم ومحبط، لكن رد الفعل المتسرع قد يربك موقفك أكثر. خذ وقتك لجمع الأدلة، الرسائل، التواريخ، وكل ما يثبت براءتك بهدوء. ثم اطلب اجتماعاً مهنياً مع الشخص المعني أو مديرك، وقدم توضيحك بلغة محترفة، دون لوم مباشر أو انفعال. عندما تركز على الحقيقة لا على الهجوم، تكسب مصداقيتك أمام الجميع. لا تجعل الخطأ فرصة لتفقد أعصابك، بل لتحوّل الموقف إلى درس في النزاهة والهدوء.
4 أساليب ذكية لتنجو من المواقف الصعبة:

- اقطع الصوت، واصغِ للنوايا
في كثير من المواقف المتوترة، الكلمات مجرد دخان. لا تركز على "ماذا قيل"، بل اسأل نفسك: "لماذا قيل؟". خلف كل نقد مفاجئ، أو مقاطعة مزعجة، نية دفينة، خوف؟ تنافس؟ قلق؟ عندما تفهم النوايا، لا تفقد أعصابك، بل تكشف نقطة ضعف الآخر، وتبني استجابتك بهدوء العارف.
- ارفع مرآتك، لا درعك
بدلاً من أن ترد بعنف على الهجوم، استخدم الأسلوب العاكس: كرر ما قيل بنبرتك، أعد صياغته بنزاهة، ثم أضف وجهة نظرك بهدوء. بهذه الطريقة، تُظهر أنك فهمت، أنك حاضر، وأنك لست خصماً بل محاوراً. أسلوب يربك الطرف الآخر لأنه لا يجد ما يهاجمه، فقط مرآة يرى فيها نفسه.
- احترف فن "التأخير المتعمد"
في لحظات الغضب أو الظلم، لا ترد فوراً. خذ وقتك، حتى لو لدقائق، ثم عد برسالة، كلمة، أو ردّ محسوب. الوقت ليس ضعفاً، بل سلاح تبني فيه كلماتك بهدوء، وتوجهها كضربة مركّزة لا عشوائية. كثيرون يسقطون في اللحظة، والناجون هم مَن يختارون لحظتهم.
- ارسم معركتك كما ترسم عرضك التقديمي
كل موقف صعب فرصة لتثبت مهارتك، ليس بالصراخ أو الانفعال، بل بتقديم نفسك كحلّ، لا كجزء من المشكلة. فكّر: لو كنت تعرض نفسك كمنتج، كيف ترد على الاعتراض؟ كيف تبرز قيمتك؟ تعلّم أن تنظر للمواقف الصعبة كمسرح، لا كمجزرة. وابدأ في التمثيل الراقي.
هل تصدق: 5 زملاء عمل يعيشون في رأسك.. هل تعلم أنهم يدمرون يومك؟