تعمل عارضات الأتيليه أو ما يعرف بـ Cabin Mannequin في الكواليس مباشرة مع المصمم داخل الاستديو الخاص به، ومنهن يستوحي المصمم مجموعته التي يقرر تنفيذها. هن عارضات يختارهن المصمم بنفسه لأنه يجد فيهن مصدر الإلهام الذي يفتش عنه، ولكن ماذا نعرف عن عملهن؟ وعلى أي أساس يتم اختيارهن وما حدود التأثير الذي يتركنه على مخيلة المصمم؟ الجواب في هذا المقال...

عارضة الأتيليه أو العارضة الأولى هي مهنة قديمة تسمّى بالفرنسية Mannequin Cabine، وهي العارضة التي تجرّب التصميم الأولي الذي نفذه المصمم ليتبين شكله النهائي، عندما ترتديه النساء. أما لفظة «كابين» فترمز الى الاستديو المخصص للعارضات اللواتي يعملن مباشرة في الكواليس مع المصمم، لإتمام مجموعة قبل أن تخرج الى النور على منصات العروض. ويضم الاستديو باقة مختارة من العارضات اللواتي يتم توظيفن بمعاش شهري ودائم، ويتعاملن حصرياً مع الدار. ففي الخمسينيات، ميز الراحل كريستيان ديور Christian Dior بين نوعين من العارضات: العارضات الناجحات اللواتي يشاركن في العروض الخاصة التي تنظّمها الدار في صالوناتها والعارضات الملهمات، اللواتي يجرّبن الأزياء منذ لحظات تنفيذها والتجارب الأولية للقياس، حتى اكتمال الزي بصورته النهائية. ويفضّل بعض المصممين العارضة الخشبية لقياس الملابس المصمّمة عليها خاصة في التجارب الأولية. الاستديو الخاص بالتصميم عالم مستقلّ بحد ذاته فله أجواؤه وديكوره وطقوسه التي تعزز مصادر الإلهام الخاص بالمصمم، وتندرج العارضات المختارات ضمن مصادر الإلهام المرتبطة بالإبداع الفكري، والمخيلة الخصبة المرتبطة بهذا العالم الفني.


عارضة الأتيليه من مصدر إلهام الى صداقة وطيدة

إن تنفيذ مجموعة كوتور عملية صعبة ومعقدة تبدأ برسم نموذجي غايته الموازنة ما بين القماش والقوام ثم يلتقي المصمم بمسؤولي أقسام الأتوليه الخاص به، ليعطيهم رسومه، ويبدأ العمل على قماش قطني ويتم تجربة الزي على العارضة الخاصة أما المصمم. تمر التجارب بثلاث أو 4 اختبارات قياس قبل أن يعطي المصمم موافقته ليتم اختيار القماش واللون والزخرفات لتأتي بعدها مرحلة القص، فإذا كان القماش مطرزاً بكثافة يتم رسم الموديل بقلم أو قطعة بمقص ورقي. أحياناً يتم اختصار هذه المرحلة واعتماد عارضة خاصة وقص القماش عليها مباشرة فالعارضة الخاصة في استديو التصميم هي حقيقة المصمم فهو لا يستطيع التقرير من دونها. وقبل ايام من العرض يختار المصمم الأكسسوارات المناسبة للزي مباشرة على العارضةـ لترمز العارضة الى حجر أساس في كل عملية تصميم وفأل خير للمصمم يستعيدها مع كل تصميم عله يلقى النجاح المستمد من تلك العارضة التي باتت طلسم حظ أو تعويذة خير للنجاح.
ما رأيك بالاطلاع على كوكو شانيل المرأة التي أعادت تعريف الأناقة



ما يحق لها وما لا يحق.. أسرار نكشفها لأول مرة

تستطيع عارضة الأتيليه أن تبدي رأيها بما تجرب ارتداءه وهو أمر يعول عليه المصمم لتحسين الطابع العملي للزي الذي يصممه. وتزداد ساعات عملها قبل أسابيع الموضة تحديداً، نظراً للتعديلات التي يجريها المصمم حتى اللحظات الأخيرة على الزي. وهناك العديد من المصنّفات الوظيقية للعارضة الخاصة فهناك العارضات الجونيور، العارضات النساء والرجال. فالمعامل توظف العديد من العارضات بمختلف المقاييس وهن يختلفن عن عارضات الاستديو إذ يطلق عليهن اسم «عارضات الإنتاج» « Mannequin production.


روابط قوية مع العارضات

عند تصميم زي راق، تغدو الحاجة الى عارضة خاصة متواجدة لتحسين التصميم مطلباً ملحاً. بخلاف غابرييل شانيل Gabrielle Chanel ، التي كانت تنفذ تصاميمها على عارضات تماثيل يستحيل على المصمم إيف سان لوران Yves Saint Laurent العمل من دون تصميم زي على عارضة حية فالروح تبث الحياة في التصميم بالنسبة له، وإذا لم يستعن بعارضة حية يستعيد صوراً من الذاكرة لترجمة إبداعاته على ورق. في العام 1955 عندما بدأ العمل لدى كريستيان ديور في سن الثامنة عشر، التقى سان لوران العارضة فيكتوار دوترولو Victoire Doutreleau نجمة الدار آنذاك، وسرعان ما غدت عارضته المفضلة رغم افتقارها للمقاييس المناسبة للعروض فهي لم تكن طويلة القامة ولا نحيلة، ولكنّ طريقتها في المشي وإبراز الزي لفتت انتباه المصمم الشاب. وربما يدين المصمم بتلك الفترة لأنه أدرك أهمية التعامل مع عارضة حية خاصة. التحقت فكتوار بالمصمم الشاب الذي اطلق داراً باسمه وتبعتها العارضة الصهباء دانييل لوكيه دو سان جيرمان .وتتالت الوجوه لدى المصمم من بيتي كاترو Betty Catroux ، الى لولو دو لا فاليز التي تعد من أقرب الصديقات إلى إيف سان لوران. وُلدت في إنجلترا عام 1948، وهي ابنة أرستقراطي فرنسي وسيدة أنجلو-إيرلندية. وعند لقائهما الأول في عام 1968، أُعجب إيف سان لوران على الفور بهذه الشابة المتألقة ذات الشخصية المشرقة. ليستقر في النهاية على نعومي كامبل Naomi Campbell العارضة التي كانت تبلغ من العمر 17 عاماً عندما بدات بالعمل لديه كعارضة خاصة،وكان أول عرض لها مع دار إيف سان لوران للأزياء الراقية لموسم خريف وشتاء 1987. كما ظهرت على غلاف مجلة «فوغ» الفرنسية في عدد أغسطس 1988، بفضل دعم إيف سان لوران وتشجيعه الذي فتح لها أبواب العالمية. لتصبح نعومي لاحقا ملهمة المصمم عز الدين علايا الذي عملت معه، وكانا متقاربين بفضل القواسم المشتركة التي تجمع ما بينهما وتتلخص بالمشقات والتحديات الخاصة بجذور كل منهما.
يمكنك أيضًا الاطلاع على موضة النقشات في مجموعات ما قبل خريف 2025.. كيف ننسقها بطريقة عصرية؟



Silent Muses

منذ بدايات صناعة الأزياء، شكّلت عارضات الأتوليه لرابط الخفي بين خيال المصمم والتنفيذ الواقعي.كنّ الملهمات الصامتات اللاتي تُبنى على أجسادهنّ القصّات وتُختبر التفاصيل.ورغم وجودهنّ خلف الكواليس، إلا أن بصمتهنّ رافقت أبرز لحظات الموضة عبر التاريخ.
العارضة بتينا غرازياني Bettina Graziani

بتينا غرازياني هي عارضة فرنسية في فترة الأربعينيات والخمسينيات اشتهرت بعملها كعارضة خاصة للمصمم جاك فاث Jacques Fath ، الذي اشتهر بتصاميم الكوتور في المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية. ورفضت العمل مع كريستيان ديور لتلتحق بعدها للعمل مع أوبير دو جيفنشي Hubert De Givenchy، وعملت كمصممة كنزات وغدت شاعرة وكاتبة في تلك الحقبة. كان لوجودها في حياة جيفنشي تأثيراُ كبيراُ فاسمى مجموعته الأولى في العام 1954 تيمناً بها، وأطلق على تصميم بلوزة شهيرة نفذها اسم Bettina Blouse، وهي البلوزة الشهيرة التي كانت سبباً في إطلاق عطر جيفنشي المعروف باسم Amarige، واستوحيت انحناءات القارورة من هذا التصميم.

العارضة آلا إلتشون Alla Ilchun

كانت ألا إلتشون عارضة أزياء من أصول صينية- كازاخية- روسية، عاشت في فرنسا وحققت شهرة واسعة في عالم الموضة. كانت ملهمة كريستيان ديور، الذي وصفها بأنها جالبة للحظ وتُعد أول امرأة آسيوية بارزة تتألق على منصات الأزياء الأوروبية.

العارضة باربارا غولين Barbara Goalen

باربرا غولين عارضة بريطانية في حقبة الاربعينيات بدأت كعارضة خاصة لدور مثل بالمان وكريستيان ديور بعد وفاة زوجها وهي أم لطفلين. ولكنها لم تخض غمار الموضة بسبب الحاجة ولكن لإثبات نفسها ولتسليط الضوء عليها في عالم الشهرة والأضواء. غدت فتاة غلاف لأرقى مجلات الموضة وجسدت طابع نيولوك الذي ابتكره كريستيان ديور وتم تصوير جلسات احترافية لها على يد مصوري موضة بارعين ومنهم نورمان باركنسون Norman Parkinson وأنطوني ديني Anthony Denney.
العارضة كابوسين Capucine

كابوسين عارضة فرنسية وممثلة اشتهرت بدورها الأبرز في فيلم Pink Panther. بدأت حياتها كعارضة خاصة لدار جيرمان لوكونت Germaine LeComte الفرنسية قبل أن تلتحق بدار جيفنشي في الخمسينيات، للعمل مع المصمم مباشرة. ربطتها صداقة بأودري هيبورن التي باتت ملهمة للمصمم بدورها وانتقلت كابوسين للتعامل مع مصممين آخرين مثل ديور وبالمان. وعتها قال أوبير دو جيفنشي أنها لطالما الهمته وهي صديقة عزيزة وبأنه سيستمر بإلباسها كلما رغبت، وقد ظهرت الممثلة كابوسين في العام 1990 بزي من جيفنشي خلال تصويرها الغلاف الأخير لمجلة «فوغ» لها قبل وفاتها.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط





