تجربتي مع التهاب القولون التقرحي لم تكن سهلة ولكنني حققت انتصاراً

يعد التهاب القولون التقرحي مرضاً مزمناً؛ أي قد يتعايش معه المريض طوال حياته، ويحدث كما يبدو من الاسم؛ عندما يتعرض القولون لحالة حادة من الالتهاب. يعاني معظم المصابين بالمرض من فترات ظهور بارز للأعراض، ثم اختفاء تام، و​تشمل العلامات والأعراض: الإسهال، والبراز الدموي، وتقلصات في البطن، وفقدان الوزن.
للتعرف أكثر إلى مرض التهاب القولون التقرحي، التقت "سيّدتي" الشابة مريم، وهي في منتصف الثلاثينيات من العمر، أصيبت قبل سنوات بهذا المرض، فروت تجربتها في السطور الآتية.

إعداد: إيمان محمد

تجربة مريم مع التهاب القولون التقرحي

"كنت في السابعة عشرة من عمري، حين فوجئت بأول عارض من التهاب القولون التقرحي، الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً في ذلك الوقت، حيث داهمني ألم لا يُحتمل في بطني".. هكذا بدأت مريم الحديث عن تجربتها مع المرض، وقالت: "سبق هذا الألم بأسابيع أن فوجئت برؤية دم في المرحاض".
الأعراض كانت مفاجئة ومخيفة، لذلك ذهبت مريم على التوّ للطبيب، والذي رجّح في البداية وجود شق شرجي، لكن والدتها أصرت على إجراء مزيد من الفحوص للتأكد.
وقالت مريم: "بعد ستة أشهر، وفي سن الثامنة عشرة، جاء أول تشخيص إصابتي بالتهاب القولون التقرحي، وكانت المرة الأولى التي أعرف فيها عن هذا المرض، كما أن قلقي تضاعف عندما علمت من الطبيب أنه مرض مزمن".

ما هو التهاب القولون التقرحي؟

التهاب القولون التقرحي هو مرض التهابي مزمن، وفقاً لتعريف Crohn's colitis foundation، يصيب بطانة الأمعاء الغليظة والمستقيم، ويسبب تقرحات سطحية تُفرِز مخاطاً وصديداً.
والسبب وراء هذا المرض هو تداخل عوامل مناعية وجينية وبيئية وخلل في الميكروبيوم. في الحالة الطبيعية يهدأ الالتهاب بعد زوال العدوى، لكن عند المصابين يواصل الجهاز المناعي إرسال خلايا بيضاء إلى بطانة الأمعاء، فينشأ "التهاب مزمن".

أعراض التهاب القولون التقرحي

بالعودة إلى تجربة مريم، التي روت لنا الأعراض التي عانت منها على مدار سنوات، قائلة: "عشت عامين من تقلبات حادّة، هدوء لبضعة أسابيع يعقبه نزيف، قروح فموية، حمى، آلام مفاصل وبطن، وفقدان وزن. سقطت يوماً في حمام جدتي من شدة الإنهاك، فنقلني أبي إلى المستشفى. أظهر المنظار أن الالتهاب تجاوز المستقيم وأصاب القولون".
وبحسب الأطباء، فإن أعراض التهاب القولون التقرحي تشمل التالي:

• آلام وتشنجات في البطن.
• إسهال مع دم أو صديد.
• إرهاق شديد.
• أنيميا.
• فقدان وزن وشهية.
• نزف مستقيمي.
• تقرحات جلدية.
• آلام مفاصل.

خطة علاج التهاب القولون التقرحي بحسب تجربة مريم

قالت مريم: "بدأت بتناول دواء وصفه لي الطبيب، كانت آثاره الجانبية صعبة في البداية، ثم تأقلم جسدي، فعشت خمس سنوات معظمها في هدوء، واستكملت دراستي في حالة أفضل، وتمكنت كذلك من خوض تجربة السفر التي كنت خائفة منها؛ قلقاً من أن يداهمني الألم، ولكني اكتشفت أن المرض لا يلغي الشغف متى خططنا جيداً".
لكن تجربة مريم مع المرض لم تنتهِ هنا، بينما عقب سنوات الهدوء عاود المرض الظهور، وقالت: "مع أول وظيفة، ظهرت أعراض جديدة وإرهاق شديد. تبين هنا أن الدواء لم يعد مناسباً، وخفض الأطباء الجرعة بلا جدوى. ارتكبت خطأ، أوقفت العلاج من تلقاء نفسي؛ بعدما قرأت قصصاً عن السيطرة على المرض بالحمية وإدارة التوتر وحدهما". وأضافت: "بدا الأمر جيداً في الأسابيع الأولى، حتى أصبت بعدوى في المسالك البولية، تناولت على إثرها المضاد الحيوي، وظلت هذه الانتكاسة لمدة عام كامل، شعرت خلالها أنني عدت للنقطة صفر".
ورغم الفترة العصيبة التي مرت بها مريم، إلا أنها قالت: "بعد فترة، بدأ المرض يستجيب مرة أخرى؛ من خلال خطة علاجية أخرى تماشت مع تطور الأعراض".
بحسب ما ورد في Medlineplus، لا وجود لعلاج شافٍ حتى الآن، لكن الأدوية تقلل الالتهاب وتحقق للمريض فترات هدوء طويلة، وهناك مجموعة من الأدوية للانتكاسات، معززات المناعة، والعلاجات البيولوجية والمعدِّلة للمناعة. لكن العلاج لن يحقق فعالية من دون نمط حياة صحي؛ يشمل تغذية مناسبة، دعماً نفسياً، متابعة منتظمة.
اقرئي أيضاً: متى يكون التهاب المسالك البولية خطيراً؟.. إليك طرق الوقاية والعلاج

من هم الأكثر عرضة لالتهاب القولون التقرحي؟

هذا المرض المزمن قد يظهر في أي عمر، لكنه يبدأ غالباً بين سن الـ 15 و30 عاماً. لا فروق بين الجنسين من حيث معدلات الإصابة، مع زيادة طفيفة لدى الرجال الأكبر سناً. يزداد الخطر مع وجود قريب من الدرجة الأولى مصاباً.

التهاب القولون التقرحي: متى يجب مراجعة الطبيب؟

كما سبق وأشرنا، فإن الأعراض في البداية قد لا تبدو واضحة، ولكنها مفاجئة، لكن ينصح الأطباء بضرورة الحصول على استشارة حال التعرض لدوار شديد، إسهال دموي غزير، حمى مع ألم في البطن، فقدان وزن سريع، أو علامات جفاف. فيما الأعراض العصبية أو آلام الصدر تستلزم الطوارئ.

الحياة اليومية والوقاية من المضاعفات

التهاب القولون التقرحي مرض مزمن، ما يعني أن المريض قد يعاني منه طيلة حياته، ومن ثَمَّ فهدف العلاج هو السيطرة على المرض، أكثر من الشفاء التام، وفي هذا الصدد أشار الأطباء إلى إمكانية التقليل من المخاطر، وذلك من خلال:

• الالتزام بالدواء.
• المتابعة بالمنظار وفق المدة التي يحددها طبيبك.
• تجنّب الاستخدام المطول للكورتيزون من دون إشراف.
• اتباع نظام غذائي مناسب للمريض.

ختمت مريم الحديث عن تجربتها قائلة: "المرض لا يلغي الحياة. تجربتي تقول إن المعرفة والتخطيط والدعم المهني والعائلي؛ تجعل التهاب القولون التقرحي قابلاً للإدارة. تمسكوا بالعلاج، واطلبوا المساندة، ولا تتخلوا عن أحلامكم".

* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.