قبل اتخاذ أي قرار في الحياة، من الطبيعي أن يقع الشباب في حيرة بين حكمة العقل ورغبة القلب؛ لأن أي موقف يحمل بداخلنا إحساسًا داخليًا يوجهنا، بينما يقف العقل بين القواعد و الأصول.
يعد سؤال: أفكر بقلبي أم عقلي؟، من أصعب الأسئلة التي يواجهها الشباب، فهو مزيج معقد بين المشاعر و الأفكار، غير أنه يمكن أن تكون الدراسات ساهمت في فك هذا التشابك، بهدف أن تهدي الشباب السبيل الأفضل للقرار السليم دون حيرة أو قلق.
إعداد: إيمان محمد
هل العاطفة أقوى من العقل لدى الشباب؟
تشير مجلة Psychology Today في تحليلها لسلوك اتخاذ القرار إلى أن المشاعر تُسجل في الذاكرة بقوة أكبر من التفكير العقلاني. بالتالي عندما يواجه الشاب أو الفتاة موقفًا مؤثرًا مثلًا، من الطبيعي أن يتبع ذلك مجموعة من المشاعر مثل الخوف، القلق، الإحباط، وربما الاندفاع، في هذه الحالة يتم تفعيل مناطق في الدماغ مرتبطة بالذاكرة والانفعال، بالتالي يكون القرار الأول عاطفيًا، لكنه ليس بالضرورة هو القرار الصحيح، لذلك عند اتخاذ قرار مهم يجب ألا يندفع الشباب باتجاه القرار الأول الذي يخطر على البال، لأنه في هذه الحالة أغلب ما يعود للذاكرة مرتبط بلحظة شعور حاد لا لحظة تفكير عميق.
هل القرار العاطفي خطأ دائمًا؟
على الرغم من أن الخبراء ينصحون بضرورة التفكير العميق قبل اتخاذ أي قرار، إلا أن العاطفة لا تخطئ دائمًا، بينما يشير impulsivity إلى أن المشاعر قد تكون أكثر شجاعة، ومن خلالها يقدم الشاب على:
- الاعتراف بمشاعره.
- تغيير مساره.
- خوض مغامرة جديدة.
- أو مواجهة واقع لا يعجبه.
صحيح أن العاطفة قد تعطي الإنسان دفعة للأمام، وتمنحه شجاعة القرار، لكن المشكلة الأساسية تكمن في أنها تتأثر بتقلبات اللحظة، وقد تدفع صاحبها إلى قرار يُفاجئه لاحقًا بأنه لم يُفكر في الصورة الكاملة.

متى يسيطر العقل على القرارات؟
تقرير Harvard Gazette يوضح أن القرارات العقلانية تعتمد على الفص الجبهي وهو المنطقة المسؤولة عن تقييم المخاطر وربط المعلومات وتحليل النتائج المستقبلية.
هذه المنطقة تعمل كـ”مدير تنفيذي” داخل الدماغ، يطلب الوقت، ويطلب المزيد من البيانات، ويرفض الاندفاع غير المبرر.
لماذا يميل الشباب للقرارات العاطفية؟
أشار الخبراء أن الشباب في أغلب الحالات يميلون إلى القرارات العاطفية لأن العقل بالنسبة لهم قد يبدو أقل إثارة، وذلك للأسباب التالية:
- لأن العقل يعمل بهدوء.
- لا يخلق مشهدًا عاطفيًا.
- ولا يترك ذكرى قوية.
لذلك ينظر الشباب على القرارات العقلانية على أنها شيء "بارد” لا يثير سعادتهم، على الرغم من أنها قد تكون السبب وراء النجاح في الحياة.
ورغم ذلك، لا ينصح الخبراء بالإفراط في التفكير العقلاني لأنه قد يضع الشاب في مأزق التحول إلى شخصية حسابية، و التخطيط المفرط، وهذا الاتجاه يؤثر على المشاعر في المستقبل.
متى يخطئ القلب؟
صحيح يقول الخبراء أن الإفراط في العقل شيء غير مُستحب، لكنهم يحذرون من أن القلب قد يخطئ في الحالات التالية:
التأثر باللحظة
قرار مبني على مزاج سيئ أو لحظة غضب أو إحساس بالفقد، قد يكون قرارًا مؤقتًا بنتائج دائمة.
تضخيم التفاصيل
العاطفة قد تكبر موقفًا بسيطًا، وتُصغر موقفًا مهمًا، حسب ما يشعر به صاحبها وقت القرار.
تجاهل الحقائق
قد يرى الشاب "ما يريد أن يراه" لا ما هو موجود فعلًا، فجميعًا نرى الواقع بأعيننا وليس بحقيقة الأمر.
ربط القرار بالشخص لا بالظرف
مثل القرارات العاطفية في العلاقات، التي تعتمد على حنين أو خوف وليس على معطيات حقيقية.

متى يخطئ العقل؟
العقل أيضًا يخطئ في حالات، حددها الخبراء كالتالي:
التحليل المفرط
التفكير الزائد يجعل القرار مستحيلاً. يطلق عليه الخبراء “شلل التحليل” الذي يوقف التقدم.
الخوف من الفشل
العقل يحب الأمان، وإذا زاد ذلك، قد يمنع صاحبه من خوض تجارب ضرورية لتطور حياته.
حسابات غير إنسانية
أحيانًا يكون القرار العقلاني بعيدًا عن القلب لدرجة يفقد فيها الشخص معنى التجربة.
اللافت، أن العقل و القلب ليسا نقيضًا لبعضهما البعض، بينما ثمة تكامل بينهما ما يصنع القرار الصحيح، ويوضح علم الأعصاب فالجهاز الحوفي مسؤول عن تنظيم الانفعالات، لكنه أيضًا يؤثر في منطقة اتخاذ القرار العقلاني، أي أن القلب والعقل يعملان معًا، وليس بالتتابع. ولهذا السبب، القرارات الأكثر توازنًا تأتي من مزج الاثنين، لا إلغاء أحدهما.
كيف يتخذ الشباب قرارًا متوازنًا؟
في النهاية اتخاذ القرارات السليمة المتوازنة، النابعة من القلب و العقل يمكن من خلال اتباع النصائح التالية:
اعرف السبب الذي يحركك
في لحظة اتخاذ القرار يجب أن تنتبه جيدًا للمحرك الرئيسي، فهل أنت في لحظة خوف أو غضب أم أن مشاعرك في حالة ثبات، تحديد المشاعر أول خطوة لفهم مصدر القرار.
انتظر يومًا
العلم يؤكد أن العاطفة تهدأ بعد يوم كامل، وسيتضح إن كان القرار هو رغبة حقيقية أو اندفاعًا لحظيًا.
دوّن أسباب للقرار
من أفضل الطرق للتأكد من صحة القرارت هو تدوين الأسباب على ورقة بشكل واضح، ثم قم بقراءتها بعد يوم، للتأكد من أنه قرار ليس انفعاليا.
اقرأوا أيضًا كيف تعرف إن كنت شخصية حساسة أو عقلانية؟





