mena-gmtdmp

الإدارة بين المدارس القديمة والحديثة.. فروقات وتقاطعات

الإدارة بين المدارس القديمة والحديثة -  الصورة من freepik  تصوير johnstocker
الإدارة بين المدارس القديمة والحديثة - الصورة من freepik تصوير johnstocker

مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكبرى، تطور مفهوم القيادة جذرياً، وباتت إدارة المؤسسات تتأرجح بين مدرستين مختلفتين، لكل منهما فلسفتها وأدواتها. وعلى الرغم من الفروقات الجوهرية؛ فإن هناك نقاط تلاقٍ تجعل إقصاء إحداها أمراً مستحيلاً، ما يوجِب تبني نمطٍ هجين يدمج أفضل ما في المدرستين.
​في هذا المقال، نناقش مع أيمن بن حجر، المختص بالتسويق والدعم الإداري، الفروقات بين الإدارة التقليدية والحديثة، وكيف تطور دور القائد عبر الزمن، لنصل إلى السؤال الأهم: أي نمط إداري هو الكفيل بتحقيق النتائج الأفضل؟

 

التحول الجوهري في فلسفة العمل

أيمن بن حجر - مختص بالتسويق والدعم الإداري


ببساطة، ما الذي يميز مدارس الإدارة القديمة عن الحديثة؟ وكيف تغيرت نظرتنا لما نعتبره "نجاحاً" في العمل؟

الإدارة القديمة كانت تعتمد على فكرة بسيطة، وهي عمليات التحكم في الأداء والتنفيذ، بمعنى أن المدير يراقب والموظف ينفذ التوجيهات، وهنا الهدف إنجاز العمل بأقل تكلفة وأقل أخطاء. أما الإدارة الحديثة ففكرتها الأساسية مختلفة؛ حيث تعتمد على أن العمل يتم إذا كان الهدف مفهوماً ويتم تنفيذه بمرونة، بمعنى أن الفريق يعرف ما الهدف ثم يختار كيف يحققه، ولا يهم أن يكون لدى المدير كل التفاصيل. والأهداف لا تتعلق بالإنجاز فقط وإنما تشمل جوانب أخرى مثل التطوير، والابتكار، ورضا العميل، واستمرار المنشأة، والاستدامة.

 

محركات التغيير

هل التكنولوجيا هي السبب في التغيير؟ - الصورة من freepik


هل التكنولوجيا هي السبب الوحيد في هذا التغيير؟ وكيف تحول شكل الشركة من "المدير في الأعلى والكل ينفذ" إلى فرق العمل المرنة والمفتوحة؟

التكنولوجيا لعبت دوراً كبيراً في التغير؛ فأدوات مثل البريد، والاجتماعات عن بُعد، وأنظمة إدارة المشاريع، والبيانات، والذكاء الاصطناعي كلها جعلت العمل يتم بشكل أسرع وأوضح. إلا أنها لم تكن الأسباب الوحيدة؛ فمع تغير رأي العميل السريع ووجود المقارنة والتنافسية العالية وتغير طبيعة الخدمات، كل هذا أدى إلى تغير الشكل الإداري للمؤسسات وطريقة عملها؛ حيث إن تأخر القرارات وبطء تنفيذها يسبب الخسارة وعدم القدرة على المواكبة.

 

الشكل الجديد للقيادة

كيف اختلف دور "المدير" اليوم عن السابق؟ وكيف تغيرت نظرته للموظف من مجرد "شخص يؤدي وظيفة" إلى "مبدع وشريك"؟

قديماً كان المدير دوره مثل المراقب؛ يتأكد من وجود فرق العمل ويضمن التنفيذ. اليوم دور المدير الناجح أصبح مختلفاً؛ حيث إنه يوضح الاتجاه بدلاً من أن يعطي الأوامر، ويدعم الفريق بدلاً من أن يراقب، ويزيل العوائق، ويسعى لتسهيل الأعمال، ويوجد بيئة محفزة، وأهمها أن يتحول فريق العمل إلى شركاء نجاح.
وفي سياق متصل نسألكم: هل تعرفون: ما نظرية السيارة الحمراء في الإدارة؟

 

هل يمكن الاستغناء عن القديم تماماً؟؟

بين انضباط القديم ومرونة الحديث - الصورة من freepik تصوير creativeart


على الرغم من كل التطور، هل هناك مبادئ قديمة لا تزال ضرورية ولا يمكننا النجاح من دونها؟ وهل "النموذج الهجين" الذي يجمع بين انضباط القديم ومرونة الحديث هو الأفضل؟

أعتقد أن إلغاء القديم بشكل كامل سيؤدي إلى الفوضى؛ فالحوكمة مطلوبة مع وجود المرونة، والانضباط مهم مع تحديد الالتزامات وجودة التنفيذ؛ لذلك أجد وجود نموذج هجين يجمع بين المدرسة القديمة والحديثة، بحيث نكون مرنين في التفكير وطريقة التنفيذ، يسهم في إيجاد حل وسط يمكن الاستفادة منه بشكل فعَّال.

 

المرونة لمواجهة تحديات المستقبل

مع السرعة الكبيرة التي نعيشها اليوم، ما أكبر التحديات التي تواجه الإدارة؟ وهل قد نعود يوماً ما لبعض الأساليب القديمة لحل مشاكل المستقبل؟

الإدارة اليوم تواجه تحديات كبيرة بسبب سرعة الحياة، أبرزها:

  • كيف يتم جعل الناس يعملون بسرعة من دون احتراق نفسي؟
  • كيف تتم إدارة فرق عمل عن بُعد وحضوري من دون ظلم أو سوء فهم؟
  • كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي من دون أن تنتج عنه قرارات "عمياء"؟
  • كيف تتم المحافظة على المواهب في زمن يمكن لكل شخص فيه تغيير وظيفته بسهولة؟

 

خلاصة القول:

النجاح اليوم يعتمد على من يتكيف أسرع ويقدم قيمة أعلى - الصورة من freepik تصوير rawpixel.com


نختتم حوارنا مع أيمن بن حجر، المختص بالتسويق والدعم الإداري، بخلاصة مفادها أن الإدارة القديمة كانت ممتازة لعصر ثابت وبطيء، أما الإدارة الحديثة فتناسب عصراً سريعاً ومتغيراً. والذكي اليوم، وفق تأكيده، هو الذي يعرف:

  • متى يحتاج انضباط "القديم"؟
  • ومتى يحتاج مرونة "الحديث"؟

لأن النجاح ما عاد يعتمد على "من يتحكم أكثر"، بل النجاح اليوم يعتمد على "من يتكيف أسرع ويقدم قيمة أعلى".
اقرؤوا أيضاً: لرائد الأعمال: كيف تتقن إدارة أكثر من شركة في آنٍ واحد؟