نمر يومياً بعشرات ومئات المواقف والسلوكيات والفرص ولكننا لا نلقي لها بالاً، لأنّها ليست ضمن دائرة اهتمامنا أو تركيزنا، ولكن بمجرد التركيز والانتباه للتفاصيل الدقيقة ستجد أنك أصبحت مثل المغناطيس الذي يلتقط الفرص ويرى الأشياء بوضوح وينتبه لها، ولعلّ الاختلاف بين رائد الأعمال وغيره من الموظفين في القدرة على التقاط الفرص وتحقيق الأهداف منها وتحويلها إلى أرباح.
عبر السطور القادمة تطرقنا إلى نظرية شهيرة تُعرف بنظرية السيارة الحمراء وكيف يُمكن تطبيقها في عالم المال والأعمال نقلاً عن مجلة عالمية وخبير مختص.
أصول النظرية وتاريخها

بداية أشارت مجلة "هافارد بزنس ريفيو" إلى أنّ نظرية السيارة الحمراء هي نظرية تشير إلى آلية إدراك الفرص المحيطة؛ وملخصها أنّ إدراك الأفراد للفرص المحيطة بهم يتأثر بما يختارون التركيز عليه من أهداف، وعليه يشعر الفرد كما لو أن الفرص زادت من حوله بعد أن ركّز على هدف معين ولكن في الحقيقة كانت الفرص موجودة في السابق ولكنه لم يلاحظها لأنه لم یكن یُفكر بهذا الهدف، فعلى سبيل المثال؛ إذا كان أحد ما ينوي شراء سيارة حمراء ستصبح السيارات الحمراء تلفت نظره أكثر من قبل.
وذكرت المجلة العالمية أن جذور هذه النظرية تعود إلى مفهوم " الذات العاكسة " أو " Looking Glass Self" الذي اقترحه عالم الاجتماع "تشارلز كولي" في عام 1902م، ومفاده أنّ الهوية الشخصية تتشكل وفقاً لما يعتقد الفرد أن الآخرين ينظرون إليه، كذلك واستخدمت المدربة والمستشارة في مجال القيادة "لورا جودريتش" مصطلح رؤية السيارات الحمراء في كتابها "رؤية السيارات الحمراء: قيادة نفسك وفريقك ومؤسستك إلى مستقبل إيجابي" Seeing Red Cars: Driving Yourself, Your Team, and Your Organization to a Positive Future) والذي نشرته في عام 2011م.
كيف يمكن تطبيقها في مجال ريادة الأعمال؟

وأشارت المجلة الشهيرة إلى خمس نِقَاط جوهرية مساهمة في تطبيق هذه النظرية، وهي:
- التركيز على الهدف المراد تحقيقه وإمداد العقل بالكلمات المفتاحية التي تساعد على ذلك، على سبيل المثال؛ يريد رائد أعمال الحصول على صفقة تجارية معينة، فعليه في هذه الحالة أنّ يبرمج ذهنه على ملاحظة الفرص والصفقات المهمة والتي تتيح له التقدم عليها وتحقيق أهدافه الربحية، كذلك الأشخاص ذوي المناصب الهامة في الشركات الكبرى فلعلّ علاقة جيدة توجهه إلى كبرى الصفقات المالية.
- بناء تصور ذهني يركز على النتيجة المراد تحقيقها من الحصول على الفرص؛ على سبيل المثال؛ يسعى شخص في قسم المبيعات إلى تحسين علاقاته مع العملاء وخلق علاقة أكثر انفتاحاً ومتانة، وعليه يتصور شكل علاقته بهم وكيف سيشعر وآلية التفكير التي سيتبعها معهم لتحقيق ما يهدف إليه.
- المثابرة في التركيز على الأهداف المرجوة.
- توسيع الوعي بالفرص؛ بحيث يتم رصد تلك التي قد لا تبدو بوضوح على أنها فرصة حقيقية، والابتعاد عن محاولة التحكم في تلك التي يصعب التحكم بها أو التي لا تكون ذات أهمية، على سبيل المثال يريد أحد الأفراد شراء أريكة جديدة للمكتب لكن لديه تصور للأريكة التي يريد شراءها، وخلال جولته لزيارة عدد من متاجر المفروشات التي لم تكن موفقة في إيجاد الأريكة؛ ثم لمح نجاراً يبدو أن لديه القدرة على صنع الأريكة التي يريدها، في هذه الحالة قد تكون فرصته في الحصول على ما يريد لدى النجار ولا داعي لإضاعة الوقت في متاجر أخرى.
- التأثير على ديناميكيات الفريق، تُبنى ثقافة الفريق على المواقف والتصورات المشتركة، فعندما يبدأ شخص ما في التركيز على ما هو خاطئ – المواعيد النهائية الضيقة، والأهداف غير الواضحة – يمكن أن تنتشر هذه السلبية في جميع أنحاء الفريق.على الجانب الآخر، عندما تخصص الفرق مساحة للتركيز على ما هو ناجح، حتى المكاسب الصغيرة يتم الاحتفال بها. وهذا يبني الروح المعنوية والزخم.
اطلعوا أيضاً على نظرية إدارة القرود لتفويض المهام.
كيف يمكن أن تساعدك نظرية السيارة الحمراء في تطوير مهاراتك وأرباحك؟

د. محمد صالح، استشاري في مجال الإدارة والتسويق، شاركنا برأيه حول قدرة هذه النظرية على تطوير المهارات وجلب الأرباح، حيث ذكر أربع نِقَاط مهمة في هذا السياق وهي:
- صقل رؤيتك: تحديد "سيارتك الحمراء" ما يعني تحديد المهارات التي تريد تعلمها، والنقاط القوية التي تريد بناؤها، أو التحديات التي تريد التغلب عليها، فذلك يمنحك هدفاً واضحاً للتركيز عليه.
- زيادة الوعي: بمجرد تحديد هدفك، ستبدأ في ملاحظة المواقف التي يمكنك فيها التدرب، أو تلقي ردود الفعل، أو التعلم من الآخرين. ستصبح الفرص التي ربما مرّت من دون أن يلاحظها أحد من قبل واضحةً فجأة.
- تحفيز العمل: تعمل "السيارة الحمراء" كتذكير دائم بتقدمك وتلهمك لاتخاذ إجراء نحو أهدافك. تصبح قوة دافعة في رحلة تطويرك.
- بناء الثقة: الاعتراف بجهودك وتقديرها، حتى لو كانت صغيرة، يضيف إلى شعورك بالإنجاز ويعزز التزامك بالسعي لتطوير مهاراتك.
تعرفوا أيضاً على كيف يعوق الخوف آلاف الأفكار الريادية.