أنا «أبو العريف».. والباقي يسمع!

19 صور

أمثال شعبية:
جابوا للمجنون ميت عقل على عقله، ما عجبوا إلا عقله.
«الصيت عالي والبطن خالي»
«أبو طبيع ما يجوز عن طبعه»
«من كثرة هذره قل قدره»


في السعودية: يعرفون الفتاوى الدينية
انتشر في الآونة الأخيرة منْ يدّعون المعرفة بكل شيء؛ رغم أنهم لا يعلمون عما يدّعون معرفته سوى رؤوس أقلام، حيثُ يخوضون في علم النفس، وذلك بالفلسفة فقط؛ لأنهم تصفّحوا كتيّباً عن قوة العقل الباطن، على سبيل المثال، فأصبحوا فلاسفة زمانهم، لدرجة أن الشاعر صالح الوشمي عندما سمع «أبو العريف»، اعتقد بأن د.طارق الحبيب كان أحد تلاميذه، يتابع قائلاً: «منهم من يدخلون بنوايا الآخرين ويتقولونها؟ والنوايا لا يعلمها إلا الله، وتنطبق عليهم مقولة «احصد هوا وغمر ماش»، وهذه الشخصيات في مجتمعاتنا بنسبة 20 إلى 25%».
هو يدعي الإلمام بالسياسة والدين أكثر من غيرهما، وقد يقدم الفتاوى بطريقة تبهرك، هنا قد يعطي رأيه في أمور تمس خصوصيات زوجية وأموراً صحية، فيتحول من «أبو العريف» إلى كارثة، إضافة إلى تقييم الأشخاص، يستدرك خالد خضير مساعد مدير تسويق ومبيعات: «لديّ قريب يقوم باقتصاص الأخبار والمعلومات من الصحف، ويصورها، ويأتي؛ ليفتح الموضوع، ويتركهم يتناقشون ويعترض، وإذا اشتد النقاش أخرج ما لديه من قصاصات الصور والصحف؛ كي يثبت لغيره أنهم فاشلون بالأخبار، وهذا النوع من أنواع «أبو العريف» يأتي بمصادر رسمية؛ لأن من الطبيعي أن يختلف الناس على أي رأي، لكن أن يأتي بمصادر؛ كي يخبر غيره بأنه هو الأفضل بالمعلومات، وعدم مجادلته وأن الحق له، هذا هو الحجر على آراء الغير».


في الإمارات.. يزورون العالم بعقولهم
أدمغة كالكمبيوتر، الأمر ليست له علاقة، بل هو مجرد حفظ وتسجيل، تتذكر لمى عبدالمجيد، موظفة، وهي تضحك، خالتها فهي ما إن تسمع معلومة علمية أو مصطلحاً سياسياً؛ حتى تقوم بترديده والنقاش مع الآخرين والتحدث به بكل ثقة، وتضيف لمى: «سألتني مرة عن الإشتراكية فشرحت لها ماذا تعني، وبعد أقل من ساعة جاءت جارتها، فأخذت خالتي تعيد ما قلته أمامها مستعرضةً نفسها بأنها تعرف كل شيء، كما أنها مرة سمعت في الراديو تقريراً عن ثقب الأوزون؛ فإذا بها تصرخ في وجهي احذري من ثقب الأوزون، فهو سبب مشاكل الأرض كلها».
(أنا التي أعرف وأنت ش دراك).. عبارة ترددها زميلة منى أحمد (موظفة، والتي طلبت منها أن تغير طريقة تعاملها مع الزبائن؛ لأنها مهذبة زيادة على اللزوم على حد قولها، تتابع منى: «تصادف أن تصرف الزبون معي بخشونة فأخذت تقول (شفتي النتيجة أنت لا تفهمين شيئاً، وأنا أحاول أن أفهمك لكن بدون فائدة).

في الكويت.. قد يهدمون بيوت الآخرين
أصبح أبو العريف ثالث الاثنين، وأم العريف رابعة الثلاثة يفهمون في كل شيء، والويل كل الويل لمن لا يقتنع بكلامهم وينفذ نصائحهم.
حتى أن صالح الدويخ صحفي ومعد، يعلل انحدار الفن في الخليج بالاعتماد على شخصية أبو العريف، الذي يفهم في الإضاءة والتأليف والإنتاج والتسويق والحملات الإعلامية ونوعية الأدوار التي تصلح لهذه الفنانة، ولا تناسب ذاك الفنان، يتابع: «تجار الإنتاج يتمسكون بهذه النوعية؛ لأنها توفر لهم أجور المحترفين والمتخصصين بكل المجالات؛ لأن أبو العريف يقنع المنتجين بآرائه الصحيحة، ويقوم بتوفير عمالة بأجرة متدنية، وهو ما يهم المنتج قبل كل شيء».
وذكر الدويخ أن أحد هؤلاء ورط أكثر من منتج، وتسبب لهم بخسارة مادية كبيرة، بعدما أصر على أن رأيه هو الصحيح، وأبرم اتفاقات مع مؤلفين لإنتاج مسلسلات لأكثر من جهة!
وتحديداً الديوانية والعمل، هما المكانان اللذان تجد فيهما شخصيات لديها الإجابة عن كل شيء، برأي عبداللطيف راضي، موظف، وذكر راضي أن أحدهم أخذ يتحدث عن إحصائية انتخابية في إحدى دوائر مجلس الأمة، وأصر على ذكر أرقام معينة وحاول إقناع الحضور، يتابع عبداللطيف: «عندما أبلغته أنني من قام بإعداد تلك الإحصائية، وسألته عن تخصصه اكتشفت أنه لايزال يدرس في تعليم الكبار».


في فلسطين.. أعرَف منك و«غصب عنّك» و«عيني عينك»
يتكلمون في السياسة وفي الأدب وفي الأسعار؛ وحتى في أمور الحمل والولادة والرضاعة، فقد كان نضال عسقول، مدير قناة محلية، في سيارة أجرة؛ وإذا برجل يبدو بسيطاً يتحدث أن أزمة الوقود سيتم حلها خلال يومين في غزة، وأكد في حديثه أنه على علاقة بمسؤول كبير في قناة تلفزيونية محلية، هنا ضحك نضال، وقال له: «أنا مدير القناة»! هنا أكد أبو العريف أن مدير القناة لم يكن موجوداً عند إذاعة الخبر!
بمجرد أن يصل جارة ريم سعيد، «ربة بيت» خبر عن مرض طفل أو شاب أو صبية في الحي تركض لبيته وتبدأ في وصف العلاجات والتشخيص والتهويل من المرض، وتذكر حكاية فلان أصابته نفس الأعراض واكتشف الأطباء أنه مصاب بمرض معين شخصته هي بنفسها وبدون تحاليل، تعلّق نضال: «من يستمع لوصفاتها يصاب بتدهور في حالته».
الأناقة والموضة والماكياج وقصات الشعر والخلطات، هي ادعاءات النساء برأي منى عزام، موظفة، حتى إن زميلتها تدعي أنها قدمت مشورة لفنانة شهيرة لطريقة تصفيف شعرها، تعلّق «قد تقسم أن فنانة أخرى قد أجرت عملية شفط والثانية حقنت بوتكس، وأنها بمجرد رؤيتها على الشاشة تكتشف ذلك».


موجود في حيّنا
في مهنة نورة الشهيل، استشارية مجال الوعي والإرادة، من السعودية هناك إمكانية الادعاء بالمعرفة الشاملة، الأمر الذي يعتبر ضعفاً، برأيها، ومن أوتي الحكمة يقول بكل شجاعة: «لا أعلم»، وتتابع: «أعتقد أن «أبو العريف» يختفي في وقتنا الحالي بسبب التكنولوجيا، فالكل يسأل الآن، والعالم مستعد للإجابة من خلال مواقع البحث الإلكترونية، وأكثر ما يظهر في بلدنا ومجتمعنا أن الكثير من الناس، يفتون في كل الأمور بناء على ضرب الأمثال والتجارب دون الإلمام بالأمر بالشكل المدروس الصحيح».
بالنسبة للناس في الإمارات، قد يدعي أحدهم حسب قول المحامية سارة نجيب، (المتخصصة بشؤون الأسرة والمجتمع)، معرفته وخبرته بأحدث موديلات السيارات والأجهزة الذكية وأسعار العقارات، والدول التي يفضلها الناس للسفر، تتابع: «قد تدعي النساء معرفتهن وخبرتهن بأرقى ماركات الملابس والمجوهرات، وبعضهن يدعين معرفتهن بأسرار وخفايا الشخصيات المهمة، كنوع من الاستعراض أمام الآخرين».