mena-gmtdmp

"سيدتي" في فيللا مصمّمة الديكور ريمة داردن

عندما دخلت "سيدتي" فيللا مصمّمة الديكور ريمة داردن، فاجأتنا قطع أثاث تحكي كلّ منها قصة شعب بلغات مختلفة وموسيقى ومعان لم تتوقّف عند زمن معيّن. إحساس بالتشتّت انتابنا، ولكن ما هي إلا لحظات قليلة حتى استجمعت العيون تلك القطع...قطع تعكس نور الشمس بشكل لم يبد صاخباً، تتواءم مع اللونين البرونزي والذهبي للبعض الآخر. وفي هذه الزيارة، كان لـ "سيدتي" لقاء مع المصمّمة، التي كشفت لنا حبها وعشقها لخيارات تنتمي إلى كلّ العصور.

 

يبدو مدخل البيت بسيطاً تتلاءم كنباته الحديد وقناديله المتمركزة على طرفي الباب الخشبي، مع حرّ صيف دبي. ورغم أن الفسحة الأمامية لم تكن واسعة، إلا أن "الأكسسوارات" التي وجدت لها صاحبة المنزل زوايا هادئة، تمنح المكان راحة أكثر.

وفي اتجاه اليمين عند المدخل المؤدّي نحو غرفة الجلوس، يلتصق على الجدار بشكل طولي، باب قديم ابتاعته صاحبة المنزل من "إندونيسيا"، تقابله خزانة خشبية لها باب حصن يذكّر بصهيل خيول المعارك، ولعلّ ما يهدّئ من حاله يكمن في لمسات المصمّمة من شموع كبيرة في قوالب كريستالية ضخمة. وقبل أن نخمّن مصدر الخزانة، حسمت ريمة الأمر، وقالت: "إنها من الصين!".

 

ابحثوا عن الإلهام

رغم أن ريمة داردن  صاحبة شركة "أيروني هوم" المتخصّصة في الأثاث المنزلي و"أكسسوارات" الديكور الداخلي العصرية، إلا أنّه تكثر في مكان سكنها أغراض آسيوية. ولدى السؤال عن مصدر أفكارها، تجيب داردن قائلةً: "أؤمن حقاً أن تصميم الديكور الداخلي للمنازل مثل الأزياء، أيّ يتطوّر باستمرار، ولإيجاد الوحي عليك أن تبحث عنه بدلاً من أن تستمدّ الإلهام من شخص ما...لا يمكن ببساطة أخذ الإلهام من مصمّم ما أو خبير في ديكور المنازل، بل عليك أن تنظر إلى حياتك اليومية وتاريخك وما تحبّه وما تكرهه...". وتضيف: "على سبيل المثال، حين أكون على وشك البدء بمشروع جديد، أتصفّح كتب الهندسة المعمارية والصور من جميع أنحاء العالم، بحثاً عن القليل من الإلهام. وفي مشروعي الأخير، رأيت بالصدفة زخرفة فرنسية مدهشة للغاية وتسلّلت فكرة الفخامة الباريسية هذه إلى عملي".

 

"فيتنام" حاضرة

تشابه ألوان غرفة الجلوس تلك التي تعوّد الساكن على روتين معيّن، وتشمل كلاً من الرمادي والبني والبيج، وتعطي الانطباع الذي تشيعه الغرف الفندقية، إلا أن ريمة اعترضت على هذا الحكم في أماكن تطلّ عليها شمس دبي الساطعة، بالقول: "أحب الاستماع إلى آراء الآخرين، ولكنّي أؤمن في النهاية أنّه يجدر بكلّ منا اتباع حدسه لإيجاد منزل جميل. ورغم أنّي أطلب آراء الآخرين، ولكن حين يتعلّق الأمر بتصميم ديكور مساحة خاصة يجب أن يكون الجهد فردياً".

هنا، يلفتنا منظر كبير لمزارعي فيتنام يتصدّر واجهة الغرفة، بينما طراز الكنبات يعود إلى الطابع الدمشقي القديم، كما خمّنا، هنا ابتسمت ريمة وقالت: "والدي من أصل دمشقي".

وقد تقود جلسات مريحة من متاجر متفرّقة في العالم إلى تلك الكنبة فاتحة اللون المكسوّة بقماش "الدامسكو" وتلك الأدراج الخشبية البيضاء المعتّقة التي أوحت لنا بأنها إرث قديم، لكن ريمة ابتاعتها من متاجر "الأنتيك"، معيدة أجواء الديكور فوقها إلى ثلج أوروبا، فلم يبد لنا أن خيال المصمّمة توقّف عند حقب ثقافية أو عرقية أو تاريخية أو فنيّة معيّنة.

 وعمّا يلهمها، تقول: "أحب ثقافة جزيرة "بالي" الجمالية البسيطة، وكيف يستخدمون الألوان ومساحات العيش في الهواء الطلق، كما تأخذني الرسوم التي يتمّ تشكيلها في الهندسة المعمارية العربية، ففيها أنماط هندسية هي الأكثر زخرفة في العالم، كما أنّي من المذهولين بعصر النهضة وعصر ملك الشمس (لويس الرابع عشر)...وأميل أيضاً إلى عصر الانطباعية والجمال المنعكس في زنابق الماء للرسام الفرنسي هنري ماتيس، وأحب الصور الفوتوغرافية لآني ليبوفيتس...لا أعتقد حقاً أن هناك شيئاً واحداً يلهمني، وأنا أبحث دائماً عن مصدر إلهام جديد".

 

خصوصية...

في الجهة الثانية للغرفة، ثمّة خزانة بيضاء هادئة للكتب وضعت عليها أشياء العائلة الخاصّة، ومنها صورة الابن، بينما تتوسّطها الطاولة الزجاجية بكلّ بساطة وإلى جانبها كرسيّان أبيضان، عرفنا أنهما صينيا الطابع أيضاً.

وهنا، استفسرنا من المصمّمة عن الدور الذي تلعبه العاطفة في تصميم ديكور مساحة ما، فاستهلّت إجابتها بقول للشاعر الألماني الشهير كريستيان فريدريش هيبل: "لم يتمّ إنجاز أيّ شيء رائع في العالم بدون عاطفة"، مستدركةً: "تنطبق هذه الفكرة حتى على تصميم الديكور. فإذا لم يكن لديك عاطفة حقيقية وحبّ لما تريد تصميمه، سيبدو المنتج في النهاية عادياً وغير مميّز".

 

التاريخ

وتختلف اختيارات الألوان في غرفة الضيوف، وتميل إلى الذهبي والبرونزي، فيما تذكّر الخزائن الخشبية بإمبراطورية الصين. وتبدو لوحتان على الجانبين، تحكي إحداهما قصة فيتنامية والأخرى إندونيسية، بينما تعيدنا الكنبة الذهبية اللون بقماشها "الدامسكو" إلى بيوتات دمشق القديمة، في حين ابتعدت المصمّمة كثيراً في اختيار الكنبتين الأخريين اللتين أخذتانا إلى التصاميم الفرنسية، قائلةً: "بهذا التناغم، نحصل على طراز مودرن كلاسيكي". 

وفي الزاوية، تشيع الطاولات الصينية البرونزية طابعاً حميمياً بخصوصية صورها وتناغمها مع الستارة الذهبية.

وتمنح اللمسات الأنثوية والحرية العشوائية ترتيباً خاصّاً للمكان تحرص على حضوره المصمّمة، فهي تمزج بين المنتجات وتاريخها ومصدرها حتى تصل إلى ما يخطر ببالها أو ببال من يقصدها لترتّب له منزله! وتعلّق قائلة: "إذا كانت المنتجات كلّها مبتاعة من صالة العرض عينها، فسيبدو المنزل كصالة عرض، وليس هذا ما نحاول إيجاده".

ومن خبرتها في خيارات المرأة الإماراتية ومعرفتها بذوقها في انتقاء الديكور، تؤمن المصمّمة ريمة أن للجميع الحق في أن يكون له أسلوبه الشخصي، رغم أنها لا تؤيّد دائماً قرارتهنّ أو خياراتهنّ، ولكنها ترى الجمال في فنهم التاريخي: "أسلوبي يتّسم بالأناقة البسيطة، ويتناقض هذا أحياناً مع ما يحبّه الآخرون. فأنا أحبّ الخطوط الواضحة وقطع الأثاث المنجزة على نحو متقن".

تلك البساطة التي تحدّثت عنها ريمة وجدناها في كل ركن من الحديقة وكل صخرة وفي الدرج الذي يؤدّي إلى المسبح...بساطة أنيقة وطبيعية في ظلّ درجة حرارة تصل إلى الخمسين!