السخرية تحت غطاء المزاح.. والنتائج السلبية!

10 صور

تتعدد الشخصيات المختلفة في المجلس الواحد أو العمل، وتدور الحوارات في البداية بلون وردي، ليتحول الحديث فيما بعد إلى تراشق بالعبارات الجارحة والنقد السلبي؛ لأن كل شخص يعبر عن رأيه دون مراعاة مشاعر الآخرين، وإذا لم يستطع ذلك مباشرة، مرر ما يريده من نقد أو سخرية عن طريق المزاح؛ ما يؤدي إلى فتور أو قطع للعلاقات، وذلك بعكس النقد الإيجابي البناء، وكما قال ألبرت هوبارد: «كي تتجنب النقد، لا تفعل أي شيء، ولا تقل أي شيء، وكن لا شيء».

لمعرفة آراء الناس حول تحقيقنا، وجهنا عدداً من الاستفسارات لبعض الأشخاص، وهي: هل تعرضت لتعليق سلبي؟ وكيف تصرفت؟ وهل تتقبله إذا كان عن طريق المزاح؟ وإذا أردت توجيه نقد في مجلس عام أو في العمل، كيف تتصرف؟

النقد البناء
قالت المصرفية سناء الحجار: "النقد البناء وسيلة للتعرف إلى وجهة نظر أخرى لأمور قد نكون غير منتبهين لها، ولكن بالتأكيد لا يكون في مجلس عام؛ حتى وإن كان على سبيل المزاح، وأعتبره نقصاً في أدب الحديث والمجالس وخارج عن اللياقة واللباقة".


طريقة إيجابية
أما مدير تقنية المعلومات بالإنابة، طلال سامي العلي؛ فقال: «نعم، تعرضت لتعليق سلبي، ونظرت للتعليق بطريقة إيجابية حتى أعدل من نفسي، وطبعاً أتقبل أي تعليق سلبي عن طريق المزاح، وأستطيع أن أوجه النقد لأي شخص بطريقة غير مباشرة، بدون أن ينتبه الموجودون في المجلس».

وقال عادل معتوق زمزمي، مدير استثمارات: "إذا كان التعليق السلبي سليماً، سأتقبل النقد وأسمع للآخر، ولو كان لي رأي آخر سأوضح وجهة نظري، أما من باب المزاح؛ فأنا دائماً أتقبل إذا كان من شخص قريب، لكن إذا كان من غريب وتمادى؛ فلا أسمح بذلك وأوقفه، وبالنسبة لي، إذا أردت توجيه نقد لأي شخص؛ فيكون دائماً موزوناً؛ حتى لا أكون قد تجاوزت حدودي".


الصبر والدبلوماسية
تقول الفنانة التشكيلية زكية أحمد: "بما أنني فنانة تشكيلية وأسافر كثيراً، ألتقي عدة أجناس من البشر، وحتماً أواجه نقداً موجهاً لأعمالي الفنية أو لي شخصياً، ولا أحد يحب أن ينتقد سلبياً، ونحتاج إلى الثناء لتعزيز ثقتنا وتقديرنا لأنفسنا، بالمقابل يجب أن نكون دائماً على أهبة الاستعداد ونرد بعد تأنٍ؛ فالمسألة تحتاج أحياناً إلى صبر ودبلوماسية؛ لأن ما ستقوله سيحسب عليك سلباً أو إيجاباً، ونحن كفنانين تشكيليين، نمثل وطننا في محافل دولية؛ لذا يجب أن نرد بما قل ودل؛ أما عن المزاح؛ فالكثير من الناس يخلطون السم بالعسل؛ فيأتي نقدهم بطريقة مزحة أو نكتة".

يقول الإعلامي عبدالرحمن المصباحي: "يتعرض الإنسان لتعليقات المحيطين به، أما تصرفي فيختلف بحسب الشخص الذي وجه التعليق لي؛ فالصديق أقبل منه، والغريب الذي لا أعرفه لا أقبل منه، وتقبلي للنقد بالمزاح يتوقف على نوع المزاح؛ فهناك من يهدف من المزاح للابتعاد عن إحراجك، وهناك من يحرجك في مزاحه، وهنا لا أقبل، وأوجه النقد بصورة عامة دون النظر إلى الشخص الذي أقصد توجيه الرسالة إليه".


الانتقادات المحبطة
أما خالد بن مطر العنزي، موظف حكومي؛ فيقول: "محيط العمل تكثر فيه الانتقادات السلبية، إما من باب التقليل من قيمة الشخص المنتقد وتهميشه، مما سبب تسريباً للموظف الكفء من المنظمة، والتصرف السليم هو عدم الوقوف عند هذا الانتقاد؛ بل الاستمرار في العمل بدون الالتفات لهذه الانتقادات، أما المزاح بالانتقاد فهو غير مقبول قطعياً في العمل".


التعميم مرفوض
وتقول ندى حامد، مديرة مشاريع في القطاع الخاص: «تعرضت للنقد السلبي، وليس كل ما يقال عن طريق المزاح يقبل، وإذا أردت توجيه نقد سلبي في العمل أو المجلس؛ لن أوجه انتقاداً لشخص بناء على شخصيته؛ بل على تصرف غير مقبول».


فن الإتيكيت
توجهنا باستفساراتنا للمختصين؛ لمعرفة الحدود أو الطريقة المثلى للتعليق على أمر سلبي، وهل كل ما يقال عن طريق المزاح يعد مقبولاً؟ وما هو الحل الأمثل للتعامل في تلك المواقف؟
أجابت الخبيرة في فن الإتيكيت، أميرة ناصر الصايغ قائلة: "فن الإتيكيت هو القدرة على الإحساس بمشاعر الآخرين وأفكارهم، والتصرف بلباقة، ومن أهم قواعد السلوك الراقي، أن تعرف جيداً كيفية تجنب إيذاء مشاعر الآخرين، والابتعاد عن كل ما يبعث على إثارة الحزن أو الضيق أو القلق في نفوسهم، ومن فنون الذوق وآداب الحديث في المجالس، أن نضع في اعتبارنا ثلاث قواعد يجب مراعاتها، وهي: عمر الإنسان- شكله وتكوينه أو مظهره- هويته (جنسيته أو ديانته)، ويجب استخدام الألفاظ الدافئة التي تدل على لطفنا ولباقتنا؛ فاللباقة في الحديث من أهم القواعد في التعامل مع الآخرين؛ ومن الحكمة في النقاش إذا تطرق لجوانب سلبية وانتقادات، البدء بعدم الاسترسال في الحديث، ثم تغيير موضوع النقاش إلى موضوع آخر بذكاء".


الرأي الاجتماعي
تقول الدكتورة فوزية باشطح، عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الملك عبدالعزيز، "أنا أجد ضرورة استحضار معيار (الاحترام) الذي يعتبر حقاً مفروضاً لكل فرد تجاه الآخر حتى ولو لم يكن بينهما أي ود أو استلطاف، وفكرة حقوق الإنسان تتمحور حول حق كل المخلوقات البشرية أن تكون لها حقوق معينة في كل مكان وزمان في كل دوائر الحياة المختلفة وبكل أنواع العلاقات بين الإنسان وزميله الإنسان"، وتكمل "جميعنا نعلم بأن كل إنسان لديه قوة أكثر من غيره، مع أخذ الظروف بعين الاعتبار إن كانت قوة جسدية أو قوة من أسباب أخرى، مثل: مكانة اجتماعية، المال، الموهبة، ولا يمكن أن يحافظ على حقوق الإنسان إلا الإنسان نفسه؛ لذا تصبح عملية التربية على احترام النفس ضماناً لاحترام حق الآخر، مسئولية مجتمعية".


الرأي النفسي
تقول الدكتورة أروى حسني عرب، دكتوراه في علم النفس العلاجي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز، "تعدد الشخصيات في المجالس والحياة اليومية أمر شائع؛ فكل فرد منا يتواجد وسط هذه المنظومة الاجتماعية المتنوعة في العمل، وفي كثير من الأوقات نشاهد أو نسمع عن أشخاص يقذفون كلاماً غير لبق أو لائق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتصبغ هذه الألفاظ انتقاد جارح أو استهزاء، وتؤثر هذه الكلمات بالتأكيد على الطرف الآخر، بحزن، او غضب، وقد تنتج عنها ردة فعل عنيفة؛ مما يؤدي لحدوث مشاجرات ومشاحنات بين الطرفين".