إبراهيم عباس: "الرقمنة" سبب رئيسي لانحسار مبيعات الكتب

انحسار مبيعات الكتب
إبراهيم عباس
إبراهيم عباس
3 صور
في السيارة.. في القطار.. في الطيارة.. في المقهى.. حتى قبل النوم عادة القراءة تلازم أغلبنا لنحلق بعوالم مختلفة ونغادر الأنا التي تسكننا لنتنقل بين صفحات الكتب ونتجسد العبارات، ونحاور الأحرف، ونملي أدمغتنا وعقولنا ونغذيها بتجارب تلك الرحلات التي نخوضها مع الكلمات والمعلومات، لكننا في هذا العصر سادت هذه المشاهد "الرقمنة"، فأصبحنا نرى الأجهزة اللوحية أو الهواتف المحمولة، بدلاً عن الكتب الورقية التي هُجرت في محلات الكتب وأرففها بالمتاجر، وكأن مصير تلك الأوراق أصبح على المحك، بالمقابل هناك الأرقام والمَبالغ المهولة التي تتصدر عناوين وسائل الإعلام بأن مبيعات الكتب في ازدياد وتطور مستمر، وتصبح معارض الكتب الدولية بالمملكة وخارجها أرضاً خصبة لكثير من هواة الأقلام؛ ليصدروا مؤلفاتهم، ليحلموا أن تكون تلك المؤلفات مصدر دخل قوي لهم.
قد يبدو هذا تعميماً يخفي شيئاً من الحقيقة، فماذا يقول لنا صاحب الرواية الشهيرة "حوجن"، والشريك المؤسس لرابطة الخيال العلمي العربي "يتخيلون"، وكبير المبدعين في مجموعة فوكس الإعلانية الروائي إبراهيم عباس عنها؟!

الرقمنة
في حديث خاص لـ"سيدتي" شدّد عباس على أن تأليف الكتب ليس مهنة مربحة، إلا في أضيق الحدود، وأكد أن هناك انطباعاً ورؤية باتت نمطية بأن الرواية السعودية تُباع بأرقام فلكية، وقال: "صحيح أن سوق الرواية السعودية أنشط من ذي قبل، لكنه كان مختفياً نوعاً ما في السابق، ففي مجتمعنا الشخص يصرف في المقاهى ثلاثة أضعاف ما يصرفه على شراء الروايات"، وأردف: "سوق الكتب في أزمة، فعدد الكتاب والروائيين في ازدياد، ومبيعات الكتب الورقية وحتى الإلكترونية في اضمحلال وانحسار، والسبب هو "الرقمنة" التي سهلت نشر الكِتابات والأقلام، ووصولها لأكبر عدد من الجمهور من خلال مواقع الإنترنت والمدونات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي دون الاعتماد على دور النشر، حتى كتب المراجع الخاصة بالبحوث، وإيجاد المعلومات يمكننا بكل سهولة إيجادها عن طريق موقع البحث Google"، فـ"الرقمنة" ساهمت كثيراً في إنجاز الكُتاب لمحتوياتهم ومضامينهم ونشرها في نُطق ضيقة، وطباعتها بعدد محدود مما ساهم في زيادة عدد الأقلام، والخيارات المتاحة، مما ضيق نطاق الربح الذي ستجنيه دور النشر والناشرين.
ولا ننسى أن "الرقمنة" فتحت مجالاً كبيراً للكتب والروايات المسروقة، فأصبح من السهل جداً الحصول على أي كتاب من خلال مواقع الإنترنت وتحميلها مجاناً، كما أضافت عدداً لانهائياً من الخيارات، فالكاتب المحظوظ هو الذي يجد من يذهب ويتعنّى لدفع مبلغ من المال؛ لشراء كتابه في وسط عالم "الرقمنة"، فالكسب في ظل هذا الزخم يعتبر إعجازاً".
الكاتب هو الحلقة الأضعف مادياً في مبيعات الكتب
أضاف عبّاس أن الناشرين أيضاً أحد أسباب تقهقر مبيعات الكتب، فالمنافسة بينهم قوية، فدور النشر لا يهمها الكاتب بل يهمها المعادلة الربحية في النهاية، فما تفعله هو أن تضمن حقها أولاً وقبل كل شيء، فالموزع يأخذ 50% من سعر الكتاب، علاوة على ما يأخذه الناشر، فماذا يتبقى للكاتب؟ 10%، وإن زادت للكاتب المشهور25%؟!
الفلسفة البيزنطية
بنوع من الاستياء صرّح إبراهيم عباس بأن جُمل "كتب ذات عمق في الطرح" و"مضمون فارغ أو مثير" ما هي إلا فلسفة بيزنطية، فعالم الكتابة كأي عالم مُعرّض للطرح والطلب، ولا يحق لأي أحد أن يتهم أي كاتب بأن مادته المطروحة فارغة أو سيئة، وقال: "المادة إن لم توجّه لك فهي موجهة لغيرك، وبرأيي أن زيادة الطلب على الكتاب السعودي ساهم في زيادة العرض الجيد وغير الجيد، لكن معدل الجيد بات أفضل من السابق، بسبب زيادة وعي ذائقة القارئ؛ لتتصاعد التنافسية مما يؤدي لنضوج المحتوى العربي بشكل كبير".