ما الذي يفضله أبناء العصر: قراءة كتاب أم مشاهدة فيلم؟

هلا قوتة
لينا قاري
منى المصري
رواية ساق البامبو
كتاب وفيلم
مالك الشريف
علي الشهري
8 صور

دائماً ما نشكو من تدني نسب القراءة في الوطن العربي، ولكننا في المقابل نجد أن نسب المشاهدات في الوسائل المرئية عالية جداً، مع أن كليهما يعد إنتاجاً فكرياً.


وأقرب مثال على ذلك، رواية ساق البامبو لكاتبها سعود السنعوسي، فإن كنت قد قرأت الرواية مسبقاً، قبل إنتاج المسلسل هذا العام، فمن المحتمل أنك تفاجأت بأن أولئك الذين لم يقرؤوا الرواية - على الرغم من إصرارك عليهم - أصبحوا يعرفون تفاصيلها، وكأنهم قرؤوها مثلك تماماً!!


قيل لأرسطو: «كيف تحكم على إنسان؟ فأجاب: أسأله كم كتاباً يقرأ وماذا يقرأ؟».. لو أعدنا سؤال أرسطو اليوم، فلربما أضاف على جوابه: «وكم فيلماً شاهد، ومن يتابع على تويتر، وما هي القنوات التي قام بعمل «سبسكرايب» لها في يوتيوب؟ من يدري؟


فإن كان الفيلم، على سبيل المثال، عبارة عن قصة وسيناريو مكتوب أصلاً، هل يمكننا القول ببساطة إن مشاهدته تعادل قراءة كتاب؟! والسؤال الأهم من هذا كله: هل نستطيع أخيراً تبرئة المواطن العربي الذي قلما يقرأ، من التهمة الموجهة له؟


بين صفحات الكتاب وعالم التلفاز


يفضّل الطالب علي الشهري، 23 سنة، مشاهدة الأفلام على قراءة الكتب، فهي على حد قوله تسهّل عليه الخيال، كما أن المؤثرات برأيه تجعل القصة أجمل، وكذلك الممثلين الذين يستطيعون إيضاح المشاعر بطرق محترفة تزيد من جمالية القصة.


في حين ترى منى المصري، طالبة دكتوراه ومدربة تطوير موارد بشرية ومستشارة في العلاقات الدولية، 30 سنة، أن الكتاب حاجة ملحّة وضرورية، وتقول: «يمكنني قراءة أي كتاب ولو كان موضوعه خارج دائرة اهتمامي، بينما في الأفلام أكون انتقائية جداً، فأحب ارتياد السينما في أوقات معينة ومزاج معين، لكن الكتاب معي دائماً».


أما مالك الشريف، طالب جامعي، 21 سنة، فيقول: «أشاهد الأفلام أكثر؛ لأن الفيلم ينتهي في وقت معين بعكس الكتاب، ويمكنني من مشاهدة الأحداث من دون الحاجة إلى التخيل»، حيث وافقته في ذلك هلا قوتة، طالبة الإعلام، 21 سنة، فهي أيضاً تفضّل المشاهدة؛ لأن القراءة تقيدها وتشعرها بالملل.


لكن نجد من يحب استخدام مخيلته ويهتم بالتفاصيل الصغيرة، ليكون من جمهور الكتاب، كالخريجة لينا قاري، 22 سنة، فهي تندمج أكثر مع الكتاب وشخصياته، وتعتبر أن ذلك ينمّي قدراتها الخيالية، ويغني مفرداتها اللغوية.


وهناك من له رأي آخر، مثل فاطمة محمد، ربة منزل، 45 سنة؛ إذ تقول: «لا أقرأ كثيراً؛ لأن فتوراً طويلاً جداً يصيبني عقب قراءة أي كتاب، ولكني متابعة جيدة للتلفزيون، فقد أخذت خبرات كثيرة في الحياة من المسلسلات والأفلام؛ لأنها تعطيك نتائج التجارب الحياتية وخلاصتها».


ساق البامبو


تقول غزل داود، خريجة، 23 سنة: «شعرت بالصدمة في البداية بعد مشاهدة أولى الحلقات، كأي قارئ رسم صورة سابقة في ذهنه عن شخصيات، ليشعر بإحباط غريب لاحقاً؛ لأنها ليست نفس الصورة، ولكنني أحببت تحول القصة إلى مسلسل خليجي، تتحدث فيه الشخصيات بالكويتية، بعد أن كانت تتحدث بالفصحى في الكتاب، ما ساعدني على رؤية القصة بشكل واقعي.

رأي مختص


حول هذا الأمر، التقت «سيدتي» الأستاذة المساعدة بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، د. حسناء منصور، التي قالت: «فعلاً يجب أن نبتعد عن اتهام الأجيال الجديدة بالسطحية لمجرد أنهم يفضلون شكلاً إعلامياً على آخر، فالقراءة نوع من أنواع الاطلاع والمشاهدة نوع آخر. وليس موضوعياً أن نعدّ القراء مثقفين، ونعتبر المشاهدين غير ذلك! فالمشكلة لا تكمن في شكل تلقي المعلومة، ولكن في المحتوى ومصداقية المصدر. وقد سبقنا الغرب من هذه الناحية؛ فأصبحت الكتب تنتج بعدة أشكال، مرة في شكل ورقي وآخر سمعي، وثالث مرئي وللجمهور حق الاختيار».


وتضيف: «لا أعتقد أنه يمكننا أن نعادل بين المشاهدة والقراءة، فبعض المسلسلات يغلب عليها الطابع الدرامي الذي يعلي من الحبكة على حساب الحقائق التاريخية. وبعضها يطرح قضية مهمة ويعالجها إلى درجة أن يكون مرجعاً يمكن الاستشهاد به في الرسائل العلمية كالماجستير والدكتوراه، مثل الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية التي تعتمد على مصادر موثوقة».


موضحة أنه لتحقيق الاستفادة من المادة المرئية؛ لابد من التعامل معها كما الكتاب، وذلك بكتابة أهم الجمل التي يتم سماعها، وهذا يتطلب تركيزاً عالياً.


والجدير بالذكر أن قدرة الإنسان علمياً على تذكر الصورة المرئية أكبر بكثير من المقروءة، وهذا يفسر المشاهدات العالية جداً للوسائل المرئية؛ لأنها الأكثر تأثيراً وبأقل مجهود.


لكن مهما تعددت الآراء، فإنه لا يمكننا حصر المعرفة في وعاء واحد؛ لأنها أكبر من ذلك بكثير، وفي عصرنا الحالي، ملكنا جميع الوسائل؛ لننهل منها ما شئنا وما استطعنا، ولنا الاختيار.