كان الإبداع، ولا يزال، السبب الجوهري وراء التطور البشري منذ الأزل وحتى الآن، حيث ازدادت سرعة التطور، ومقدار الإنجازات دائماً بحجم الإبداع في هذا العصر أو ذاك.
ولم يقتصر الإبداع على جنس أو لون أو مكان إلا بمقدار اختلاف البيئة المحيطة، ومقدار الحرية والرعاية التي يلقاها؛ إذ نجد أن الرجل والمرأة كانا جنباً إلى جنب في المشاركة في بناء الحضارات الإنسانية على مر التاريخ.


مفهوم الإبداع
على الرغم من التعريفات الكثيرة للإبداع إلا أنها تتفق على أنه أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة، أو تجميع وإعادة تركيب أنماط المعرفة في أشكال فريدة، وهو حالة عقلية بشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في التميز والتفرد، بحيث تشكل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني، والإبداع لا ينفصل عن الإلهام.
تتحلى الشخصية المبدعة بسمات أهمها: الذكاء، والثقة بالنفس، والقدرة على تنفيذ الأفكار الخلاقة وتحقيق الأهداف، وبدرجة من التأهيل والثقافة، وإمكانية استنباط الأمور فلا ترى الظواهر على علاتها، بل تقوم بتحليلها وتثير التساؤلات والتشكيك بشكل مستمر، ولديها علاقات اجتماعية واسعة تستفيد من آراء الآخرين، وتركز على العمل الفردي لإظهار قدراتها وقابليتها بدرجة ما من الأنانية.

وحين يجد المرء في نفسه القدرات والصفات المشار إليها، فعليه العمل على تطويرها، وإنجاز الأفكار التي يتفتق عنها ذهنه المتفرد.


كوني أكثر إبداعاً
في هذا السياق ينصحك «مارك ليسر» مؤلف كتاب «اعرف نفسك، انس نفسك»، بهذه الخطوات الملهمة الست؛ لتكوني أكثر إبداعاً وإسهاماً في النتاج الإنساني:

1 ـ ابدئي بالتفكير أو كتابة ثلاثة أشياء تجدين نفسك منجذبة نحو الاهتمام بها، فالإبداع يمكن أن يظهر نفسه في الكثير من الطرق الصغيرة، لذلك لابد أن تلاحظي وتعترفي بالإبداع الخاص بك.

2 ـ تعرفي إلى صوتك الداخلي: إذ لابد من إيجاد الناقد الداخلي، وهو جزء من الحالة البشرية الذي يحفظنا ويبقينا آمنين، لذلك لا بد من الاسترخاء أثناء محاكمته، والاستماع إلى انتقاداته اللعوب أحياناً، وحتى حين تكون تلك الانتقادات قاسية؛ لأنك بذلك ستتأكدين من أن لديك القدرة على أن تكوني خلاقة عبر التعديل والتحسين.

3 ـ الانتباه للتفاصيل: قبل الدخول في ممارسة الإبداع، يمكنك أن تبدئي في الشعور بالمزيد من تفاصيل الحياة اليومية، ودفع نفسك للاهتمام بها، كما لو أنك ترينها للمرة الأولى، فهذه الأنواع من التفاصيل والتجارب يمكن أن تفتح الأبواب لرؤية العالم بشكل مختلف.

4 ـ طرح الأسئلة الساذجة: على الرغم من أنك قد ترغبين في أن تكون تساؤلاتك جيدة وذكية، إلا أنك في طريق الإبداع تحتاجين بدلاً من ذلك إلى طرح الأسئلة التي قد تبدو واضحة، أو حتى غبية وغريبة عن مشاعرك ودوافعك، دعي نفسك تتساءل عن كيفية عمل الأشياء، ولماذا أنت والآخرين تتحدثون وتتصرفون بالطريقة التي تفعلونها، واسمحي لنفسك بأن تكون تلك الأسئلة محرجة وحتى غبية، فهذا باب آخر للإبداع.

5 ـ ممارسة الرياضة الذهنية: وحتى أحلام اليقظة، ولا يعني ذلك اجترار الماضي، ولا القلق بشأن المستقبل، بل تمرين الذهن على ممارسات الابتكار والتفكير الممنهج ببساطة وقوة، من دون أن يعني ذلك أن مراجعة الماضي والإعداد للمستقبل ليسا مهمين أيضاً، فالممارسة الذهنية مراراً وتكراراً إشعار لك بأن عقلك يتجول في أكثر من شأن، وبهذه الطريقة تبني قدرتك على الوجود والإبداع، ويساعدك بوعي للتركيز على شيء واحد، في المحصلة يمكن أن يكون عملية إبداعية.

6 ـ احتضان المفارقة: يبدو أن كل شيء تقريباً في تركيبة الإنسان يحكمه التناقض، فكري ما هي بعض المفارقات الخاصة بك؟ وبدلاً من تجاهلها أو دفعها بعيداً، حاولي الاعتراف بها والبناء عليها، وناضلي من أجل التغيير وقبول ما هو قائم حالياً.