الفيلم الإسباني "فيريديانا" إشكالية سيريالية للمخرج الشهير "بونويل"

مشهد من الفيلم الإسباني
من لقطات الفيلم الإسباني
من مشاهد الفيلم الإسباني
مشهد من الفيلم
مشهد آخر من الفيلم
بوستر الفيلم
6 صور
كعادتها دوماً، تحرص مؤسسة عبد الحميد شومان، على تقديم العديد من المهرجانات والأعمال السينمائية العالمية، التي تحمل ثقلاً فنياً كبيراً في علم الفن السابع.

وتابعت المؤسسة رياديتها في هذا المجال بعرضها الفيلم الإسباني "فيريديانا"، للمخرج السريالي الشهير "بونويل"، الذي صُنف كواحد من أهم الأعمال السينمائية بمنتصف القرن الماضي، وأحد أكثرها إشكالية من حيث الموضوع والفكرة المطروحة.

الراهبة الجميلة "فيريديانا"..

يحكي الفيلم قصة الحسناء الجميلة فيريديانا التي تنذر نفسها لدخول سلك الرهبنة وهي تتمسك بمفاهيم غاية في التزمت. وفي الدير، وقبل إجراءات ترسمها راهبة، تأتيها دعوة لزيارة قريبها الوحيد الباقي على قيد الحياة والذي يعيش في قصر فخم مع مزارع وراعية للمنزل وابنتها الصغيرة بعد أن توفيت زوجته ليلة زفافها، ما يؤثر بعمق في نفسيته ومسلكه، فتقرر أن ترفض الدعوة إلا أن رئيسة الدير تقنعها بقبولها.

في قصر قريبها هذا تصطدم بنمط مختلف من الحياة يتناقض مع تفكيرها، في حين أن رب القصر يرى فيها صورة زوجته المتوفاة ويطلب منها الزواج لكنها ترفض فيضع لها مخدرا في شراب وعندما تغيب عن الوعي يفكر في اغتصابها لكنه يتردد، وعندما تصحو يخبرها كاذبا أنه اغتصبها فتقرر أن تغادر في الحال متوترة، لكنها قبل أن تصل الى الدير يأتي بعض المسؤولين ليبلغوها بانتحار قريبها وأنها أصبحت وريثته فتعود للقصر ولكن فجأة يظهر ابن غير شرعي لقريبها يطالب بنصيبه في الميراث.

وانسجاما مع مفاهيمها الطوباوية تقرر فيريديانا أن تدعو الفقراء والمشردين الذين يعيشون حول القصر لدخوله والتمتع بالأكل والنوم فيه ما يسبب لها العديد من الاشكالات وحتى محاولة اغتصابها من قبل أحد الذين دعتهم للعيش في بيتها، لكن الابن غير الشرعي ينقذها.

بعد هذه التجربة تصحو فيريديانا من الوهم الذي كانت تعيش فيه وبمشهد بالغ الدلالة نجدها في نهاية الفيلم تجلس الى طاولة مع ابن قريبها وعشيقته لتلعب الورق.

الفيلم نوع من الكوميديا السوداء وفيه سخرية مرة من السلطة السياسية والدينية على الرغم من موافقتها على عرض الفيلم بشرط تبديل النهاية التي رفضتها الرقابة والتي كانت في الأصل تصور فيريديانا وهي تدخل مع ابن قريبها الى غرفة وتغلق الباب خلفها ببطء وهدوء.

أثار هذا الفيلم الذي يدعو إلى وعي الواقع وعدم الوقوع في شرك المفاهيم الطوباوية التي تعتقد بإمكانية حل المشاكل الاجتماعية والتناقضات الطبقية بواسطة المشاعر الطيبة وحدها غضبا شديدا في وجه بونويل: اجتماعيا وسياسيا من جانب كل الذين ما كانوا يرون مبررا أن تتحول فيريديانا مهما قسى عليها المجتمع من رمز للطهارة والنقاء الى فتاة واقعية تتعامل مع الحياة كما هي في حقيقتها.

وصور "بونويل" هذا العمل أخرجه في إسبانيا، وذلك بعد عودته لبلده التي كان قد غادرها هاربا من ديكتاتورية الجنرال فرانكو قبل عشرين سنة. حيث عاش بونويل معظم تلك الفترة في المكسيك، وأخرج عدداً من الأفلام لفتت أنظار النقاد في العديد من دول العالم، ما جعل وزارة الثقافة الاسبانية تغض الطرف عن عودته، بالرغم من أنه لم يتنازل عن مفاهيمه ومبادئه الفكرية.

ويُعد هذا الفيلم أول عمل يخرجه في بلده الأصلي بعد العودة، وقد فاز بجائزة "السعفة الذهبية" في مهرجان كان سنة 1961.