mena-gmtdmp

لمناسبة اليوم الوطني السعودي د. هناء الشبلي: الفن مرآة تعكس ثقافة وهوية الشعوب

د. هناء الشبلي - تصوير يزيد السمراني
د. هناء الشبلي - تصوير يزيد السمراني

سنُصدر للعالم جماليات طبعنا وأصالتنا وزخارفنا ومفرداتنا وأزيائنا..."، هذا ما أكدته د. هناء بنت راشد الشبلي، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت"، في حوار خاص معها بمناسبة اليوم الوطني السعودي، تعمقنا فيه بالدور الذي يلعبه الفن السعودي في الحفاظ على الهوية الوطنية، وتكوين جسور ثقافية مع العالم لإبراز غنى وتنوع المشهد المحلي.. وفي سياق الحديث عن التحولات الوطنية الكبرى استعرضنا معها مسيرتها الحافلة في خدمة الحركة الفنية في المملكة، التي توجت مؤخراً بترأسها لمجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت"؛ لتبدأ رحلة جديدة من المهام والتحديات والأحلام، بتطلعات لـ"قادم أجمل" كما تحب أن تقول دوماً.

حوار: عبير بو حمدان
تصوير: يزيد السمراني

 

الفن قوة دافعة للتغيير الاجتماعي والثقافي

 

د. هناء الشبلي مع إحدى لوحاتها - تصوير يزيد السمراني

 

"المرسوم الملكي الذي وجه بأن تتزين كل الجهات الحكومية والخاصة بلوحات سعودية كان نصرة للفن السعودي"


في محطات مختلفة من حياتكِ، كنتِ دوماً من الرائدات.. في الدراسة كنتِ ضمن الدفعة الأولى التي تخرجت من تخصص التربية الفنية في جامعة الملك سعود، وكنتِ من أوائل السعوديات الحاصلات على دكتوراه بالفن الرقمي، ومن أوائل الإداريات في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت"، والقائمة تطول.. كيف تشعرين اليوم وأنت تنظرين لكل هذه المحطات؟

عندما أنظر إلى المحطات المختلفة في حياتي، أشعر بمزيج من الفخر والامتنان. كل مرحلة من حياتي كانت مغامرة جميلة فيها تحديات كثيرة، وكل مرحلة تتضمن خطوات، منها الصحيحة التي أتعلم وأنمو، أو غير الصحيحة التي توجهني لأنضج، تخرجي في جامعة الملك سعود في تخصص التربية الفنية لم يكن مجرد إنجاز أكاديمي، بل كان بداية لمغامرة فنية مدهشة، والدراسات العليا كانت الانطلاقة للعمل والعطاء، وهذا بفضل الله ثم بفضل والدي رحمه الله ووالدتي أطال الله بعمرها، ولا ننسى دور حكومتنا الرشيدة التي وفرت لنا كل الإمكانيات لكي نتعلم ونُعلم.
كوني من أوائل السعوديات الحاصلات على دكتوراه في الفن الرقمي، شعرت بمسؤولية كبيرة لتعزيز هذا المجال في بلدي. التحديات التي واجهتها جعلتني أكثر عزيمة على تحقيق أحلامي، وفتحت لي أبواب الإبداع. إنني أرى كل إنجاز كحجر أساس لما أطمح لتحقيقه مستقبلاً، وأؤمن أن الفن يمكن أن يكون قوة دافعة للتغيير الاجتماعي والثقافي، فالدول المتقدمة تستخدم الفنون والثقافة كقوة ناعمة لتغيير رأي مجتمعات تجاه أي قضية أو تجاه أي دولة، وهذه القوة الناعمة تنافس في أثرها القوة العسكرية.

كيف ساهمت التحولات الوطنية في تعزيز كل هذا الحضور للفن السعودي وخصوصاً الفنانات؟

عملية تمكين المرأة كانت من حسن حظي، وحسن حظ المرأة السعودية، نحن كنا موجودات لكن الصورة تلمعت قليلاً وظهرنا، لطالما كنا نقدم مشاريع ونشارك في المعارض الدولية والداخلية، الفضل بعد الله عز وجل لحكومتنا الرشيدة، ودعم خادم الحرمين الشريفين، أطال الله بعمره، للمواطن السعودي والمرأة السعودية، وكذلك رؤية 2030 التي رعاها ولي العهد، أمير الشباب ومهندس الرؤية، ولعل أهم قرار بالنسبة لنا كان صدور المرسوم الملكي الذي يوجه بأن تتزين كل الجهات الحكومية والفنادق والجهات الخاصة بلوحات سعودية، لفنانين سعوديين، هذا القرار كان نُصرة للفن السعودي، وهذا الدعم مكّننا من أن نتطلع لمشاريع استثمارية، فالدولة تدعم أيضاً الاستثمار في الفن.

جمعية "جسفت" والارتقاء بالفن التشكيلي في السعودية

د. هناء الشبلي - تصوير يزيد السمراني


كرئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت"، ما هي أهم الأهداف التي وضعتموها للارتقاء بالحركة التشكيلية السعودية منذ توليكِ رئاسة الجمعية؟

كرئيسة للجمعية، أؤمن بأهمية الفن كوسيلة للتعبير عن الهوية والثقافة. لقد وضعنا كمجلس إدارة مع فريق العمل الإداري مجموعة من الأهداف الرئيسية، التي تهدف إلى تعزيز الحركة التشكيلية في السعودية، وإعادة صياغة المشهد الفني في السعودية، وجعله أكثر تنوعاً وشمولاً، وتعزيز مكانة الفنان السعودي في الساحة الفنية العالمية. ومن أبرز هذه الأهداف:

  • تعزيز المشهد الفني المحلي:

نهدف إلى خلق بيئة فنية ديناميكية من خلال توفير منصات متعددة للفنانين كالمعارض والفعاليات الفنية الدورية؛ لتسليط الضوء على التنوع الفني والإبداع الذي يميز المشهد السعودي.

  • توفير التدريب والتطوير:

ندرك أن التعليم والتدريب هما أساس نجاح أي فنان. لذلك، نحن ملتزمون بتقديم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة، تساعد الفنانين على تطوير مهاراتهم وتعزيز جودة أعمالهم واكتشاف أساليب جديدة في التعبير الفني وتقنيات جديدة.

  • التعاون مع المؤسسات والجهات الحكومية لنشر رسالة ورؤية الجمعية:

نؤمن بأهمية إدماج الفن في المجتمع؛ لتعزيز الثقافة الفنية بين أفراد الأسرة. لذلك، نسعى إلى بناء شراكات متنوعة لتقديم برامج تعليمية فنية مبتكرة، بهدف تحفيز التفكير الإبداعي والتشجيع على التعبير من خلال الفن، بما يشكل استثماراً في مستقبل الأجيال القادمة.

  • تعزيز الفنون الرقمية:

مع تطور التكنولوجيا، أصبح للفنون الرقمية دور متزايد في المشهد الفني. نحن نركز على دعم الفنون الرقمية كجزء من الهوية الثقافية الحديثة، من خلال تنظيم مسابقات ومعارض تبرز هذا الاتجاه.

التحديات فرص للتعلم والنمو

د. هناء الشبلي مع إحدى لوحاتها - تصوير يزيد السمراني


ما هي أبرز التحديات التي واجهتِها كرئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت"؟

كرئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية "جسفت" في أول دورة لها بعد المواءمة مع المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، واجهت العديد من التحديات أثناء العمل على التكيف مع الأنظمة لتحقيق درجة عالية في معايير الحوكمة، هذه التحديات كانت تتطلب جهداً جماعياً وتعاوناً وثيقاً مع أعضاء المجلس والهيئة الإدارية لتحقيق الأهداف المرجوة. من أبرز هذه التحديات:

  • فهم متطلبات الحوكمة التي أقرها المركز الوطني: تطلب ذلك من جميع أعضاء المجلس التعرف إلى الأنظمة والسياسات الجديدة، واستيعاب كيفية تطبيقها بشكل فعّال. كان علينا تنظيم ورش عمل لتعزيز الفهم الجماعي لهذه المتطلبات وتطبيقها لتحقيق المعايير بدرجة عالية.
  • تغيير الثقافة التنظيمية: تحقيق معايير الحوكمة يتطلب تغييراً في الثقافة التنظيمية. فكان من الضروري تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة داخل الجمعية، وإنشاء آليات لرصد الأداء وتقييم الأعضاء والموظفين بشكل دوري، هذا الأمر كان يتطلب تطوير أدوات قياس فعالة وتوفير بيانات دقيقة، مما كان تحدياً في حد ذاته، كما كان علينا العمل على بناء الثقة وتعزيز التواصل الفعّال بين أعضاء المجلس؛ لتسهيل هذا التطور والتغيير الإداري.
  • تطوير السياسات والإجراءات: إن تطبيق معايير الحوكمة يتطلب تطوير سياسات وإجراءات جديدة تتماشى مع الأنظمة. وكان علينا مراجعة كافة السياسات الحالية وتعديلها أو استبدالها لضمان توافقها مع المعايير. وكانت هذه العملية تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين مع الاستعانة بمختصين في الحوكمة.
  • تحقيق التواصل الفعّال مع المعنيين: تواصلنا مع المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي كان ضرورياً لضمان التوافق مع الأنظمة. كان علينا بناء علاقات قوية وتبادل المعلومات بشكل مستمر مع المسؤولين في المركز. هذا الأمر تطلب منا أن نكون منفتحين ومستعدين لتقبل الملاحظات وتعديل استراتيجياتنا بناءً على التوجيهات.
  • تحديات التمويل: مع تطبيق معايير الحوكمة، قد تؤثر التغييرات على بعض جوانب التمويل المالي، فكان علينا التأكد من أن جميع الأنشطة والمشاريع تتماشى مع السياسات الجديدة، مما قد يتطلب إعادة تقييم بعض المبادرات. هذا الأمر يتطلب منا التفكير بشكل استراتيجي حول كيفية تحقيق الاستدامة المالية في ظل المتغيرات الجديدة.

بعد كل تلك التحديات، كيف ترون المستقبل؟

يمكنني أن أقول إن التحديات التي واجهتنا كانت فرصاً للتعلم والنمو. من خلال العمل الجماعي كفريق عمل مع التواصل الفعّال بالجهات المشرفة على الجمعية مثل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي الذي يشرف عليها إدارياً ومالياً، وكذلك وزارة الثقافة التي تشرف عليها فنياً، تمكنّا بدعمهم المادي والمعنوي من التكيف مع المتطلبات الجديدة وتحقيق معايير الحوكمة، التي تعزز من دور الجمعية في خدمة أعضائها وتحقيق أهدافها تجاه المجتمع وتعزيز الحركة الفنية السعودية.
وبإذن الله سيكون القادم أجمل وهو - شعاري دائماً - حيث أتطلع من هذا المكان أن أؤدي واجبي على أكمل وجه بما يرضي الله، ثم بما يتناسب مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وألا يتعرض الفنان التشكيلي وخاصة الشباب إلى ما تعرضت له من تحديات في بداية حياتي الفنية أعاقت تقدمي في وقتها، وأن تكون الجمعية هي الواحة التي يلجأ لها أعضاؤها؛ ليبدعوا ويرتقوا.

الفن مرآة عاكسة لثقافة وهوية الشعوب

من لوحات د. هناء الشبلي المملكة قلب وقبلة العالم - الصورة من د. هناء الشبلي

 

من لوحات د. هناء الشبلي - الصورة من د. هناء الشبلي


اليوم وكون هذا الحوار يتزامن مع اليوم الوطني السعودي، برأيكِ، ما الدور الذي يمكن للفن أن يلعبه لخدمة الهوية السعودية؟

الفن هو مرآة تعكس ثقافة وهوية الشعوب. ويُعتبر الفن وسيلة فعالة للتعبير عن القيم الوطنية والتاريخ. وفي سياق اليوم الوطني السعودي تحرص الجمعية على تفعيل هذه المناسبات الوطنية وتجسيد مشاعر الفخر والانتماء، وتعزيز الوعي بتاريخنا وتراثنا.
من خلال الأعمال الفنية، يمكن للفنانين تسليط الضوء على القضايا الوطنية، مثل الهوية والتراث ونقله بصورة فنية معاصرة للعالم، والفن يُمكن أن يكون أيضاً أداة للتواصل بين الأجيال؛ حيث يمكن أن يُنقل هذا التراث الثقافي للأجيال القادمة.
ولتعزيز هذا الدور، يجب على الفنانين أن يدركوا أهمية تناول الموضوعات الوطنية في أعمالهم. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة معارض وفعاليات فنية تركز على القضايا الوطنية، مما يعزز من فهمهم وإبداعهم في هذا السياق.
وأنا كفنانة تشكيلية سعودية أحرص على المشاركة الشخصية برسم لوحة تعبر عن هذه المناسبات الوطنية مستلهمة من رموز السعودية، وتكون لوحة مميزة تتناسب مع أهمية هذه المناسبة العزيزة على قلبي وتمثلني كمواطنة سعودية.

تعقيباً على الشعار والهوية الجديدة لمناسبة اليوم الوطني، عزنا بطبعنا، د. هناء الشبلي تقول: عزنا بـ ...؟؟؟

عزنا بتراثنا، بتقاليدنا، بمبادئنا التي نفتخر فيها، بإسلامنا، بالجماليات التي نملكها، المملكة متنوعة جغرافياً وثقافياً، وكل المناطق تملك من الجماليات سواء في العمارة، أو الزخارف، أو الأزياء، أو العادات ما يمكّن الفنان من التعبير بطريقة جميلة، وينقلها للخارج بأسلوب معاصر. ونحن في الجمعية لدينا لجنة تحكيم للأعمال التي تتوافق مع الشروط والضوابط في أي محفل، فنكون كالمظلة التي تحمي الفنان وتحمي أعماله.. ونحن نفتخر أننا سعوديون..

من أعمال د. هناء الشبلي

من لوحات د. هناء الشبلي - الصورة من د. هناء الشبلي
د. هناء الشبلي مع إحدى لوحاتها - الصورة من د. هناء الشبلي
من لوحات د. هناء الشبلي - تصوير يزيد السمراني

 

من لوحات د. هناء الشبلي - الصورة من د. هناء الشبلي

 

 

من لوحات د. هناء الشبلي لوحة باسم ربيع الشمال - الصورة من د. هناء الشبلي

 

 

من لوحات د. هناء الشبلي - الصورة من د. هناء الشبلي

 

 

من لوحات د. هناء الشبلي لوحة تحمل عنوان انتظار - - الصورة من د. هناء الشبلي

 

 

توقيع د. هناء الشبلي على إحدى لوحاتها - تصوير يزيد السمراني


اقرأوا أيضاً: أسرار الجمال السعودي: عادات وتقاليد جمالية متوارثة عبر الأجيال لمناسبة اليوم الوطني