10 نصائح نبويَّة للتَّفاوض الإيجابي

10 نصائح نبويَّة للتَّفاوض الإيجابي

التَّفاوض هو درب من دروب الفن، قليلون هم من يمتلكون مهاراته ومقوِّماته، فهو يحتاج إلى الفراسة وسرعة البديهة وحسن الكلام والمنطق والإقناع والتَّلاعب بالكلمات، بما يتناسب مع الموقف، والكثيرون منا قد يقعون في مواقف صعبة، وبالرغم من أنَّ لديهم دوافع قويَّة، إلا أنَّهم قد يخسرون المعركة؛ إذا لم يمتلكوا إحدى مهارات التَّفاوض، والتي قد تجعل الطَّرف الآخر هو المنتصر؛ نظرًا لقدرته على التَّفاوض بطريقة تضمن انتصاره وحقوقه.
وهنا ترشدك «سيِّدتي» إلى كيفيَّة تعلُّم التَّفاوض الإيجابي؛ من خلال نصائح الأخصائيَّة النفسيَّة والاجتماعيَّة «مها الصويغ».
إذا أردنا تعلُّم التَّفاوض الإيجابي، فليكن قدوتنا الأول هو الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي أثبت في عدَّة مواقف مدى براعته في التَّفاوض، ونذكر هنا صلح الحديبية، حيث أثبت الرَّسول الكريم قدرة عالية على التَّفاوض مع أهل قريش، وتمكَّن بذكائه من حلِّ الكثير من المشكلات أثناء كتابة التَّفاوض بينهم، لافتة إلى أنَّ مهارات التَّفاوض، التي استخدمها النَّبي، صلى الله عليه وسلم، يمكننا الاستفادة منها، وتتمثَّل فيما يلي:
- الصَّبر والاستماع للطَّرف الآخر: انتظر النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن تأتي قريش برسولها، ولم يبادر، وهو أمر جيِّد في التَّفاوض أن تستمع للطَّرف الآخر أوَّلا.
- الفراسة وفهم منطق الآخرين: عامل النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- رسل قريش بعقليَّتهم، وهو أمر جيِّد أن تعامل الآخر بمنطقه لكي تغلبه.
- الفعل أقوى من الكلام: يجب استعمال الحكمة لكسب التَّفاوض دون التحدُّث، كما حدث مع الحُلَيس بن عَلقَمة، والذي كان يعظِّم شعائر البيت، فعندما رأى الذَّبائح، التي يستعد المسلمون لذَبْحها لوجه الله تعالى، رجع إلى قومه.
- عدم النَّبش فيما مضى: تجنَّب النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- الحديث أو التَّذكير بما فعلته قريش به هو وأصحابه فيما مضى، ولعلَّ ذلك لكي لا تحدث نتائج سلبيَّة في المفاوضات.
- البدء بالمفاوضة: بعدما استمع النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- للطَّرف الآخر، وكوَّن فكرة عما يفكِّر فيه، قام بإرسال مفاوضه ليؤكِّد على نيَّته الحسنة.
- إبداء حسن النيَّة: عندما أرسلت قريش خمسين رجلا لمشاغبة أصحاب النَّبي واستفزازهم، تمَّ الإمساك بهم جميعًا، ثمَّ تمَّ تسليمهم لقريش بدون أن يصاب أحدهم بسوء، وهو فعل يبدي حسن النيَّة.
- تقبُّل النَّصيحة من الشُّركاء: عندما رفض عمر بن الخطاب طلب النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- للذَّهاب للمفاوضة، ورشَّح عثمان بن عفان؛ لما يرى فيه من شأن له عند قريش، وافق النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وكان له في ذلك رأي صائب.
- الولاء للجميع: بعدما ذهب عثمان بن عفان إلى قريش، وأدلى بالشُّروط، حاولت قريش رشوة عثمان بن عفان والسَّماح له منفردًا بالطَّواف بالبيت، لكنَّه رفض، ورجع إلى قومه مؤكدًا على موقفه.
- انتهاز الفرص: عندما أتى سُهَيلِ بن عمرٍو لِيَكتب شروط الصُّلح، وافق النَّبي على ذلك؛ نظرًا لما يتمتَّع به سهيل من هدوء وحكمة، فالفرصة قد لا تأتي مرَّة أخرى، ولكنَّه أيضًا أدلى بشروطه هو الآخر.
- التَّنازل لا يضرُّ أحيانًا: قبول التَّنازل عما ليس في ضرر قد يكون في مصلحة التَّفاوض، فعندما اعترض سهيل بن عمرو على عبارة «بسم الله الرَّحمن الرَّحيم»، أبدلها بـ«اكتب باسمك اللهم»، وعندما رفض كتابة لفظ رسول الله، أبدلها باسمه واسم ابيه، وبذلك كان الرِّبح أكثر من أنَّه تنازل وأعاد الصِّياغة بما يراه مناسبًا.
وهنا نرى أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ضرب لنا في مفاوضته أحد أروع النَّماذج، التي يمكن أن نحتذي به فيها، ونتعلَّم منه المفاوضة دون اللجوء لإهانة أنفسنا أو إهانة الآخرين، وفي نفس الوقت كسب نقطة من شأنها أن تكون في الصَّالح العام مستقبلا، وذلك هو ما حدث، وبسبب تلك المعاهدة، كان فتح مكَّة العام التَّالي لها.