فجوة غياب الصداقة بين الأهل والأبناء

دائماً وأبداً وفي كل زمان ومكان نجد ما يسمى "صراع الأجيال" داخل الأسر بين عالم الكبار وعالم النشء، مما يعيق الطرفين للالتقاء في نقطة مشتركة تتوجها الصداقة الحقيقية؛ نظراً لاختلاف أفكار وطباع وقيم كل جيل عن الآخر، الأمر الذي تنتج عنه مشكلة دائمة بين الآباء والأبناء نتيجة اختفاء جوهر الأسرة والتربية المتمثل في الصداقة العائلية التي يجب أن تتوفر بين الآباء والأبناء، وتكون مبنية على علاقة يسر، ويأتي ذلك من خلال اعتماد لغة الصداقة والتقارب بالدرجة الأولى بين الطرفين.


• غياب الصداقة الأسرية يزيد الفجوة بين الأبناء والأهل
تقول الأخصائية الاجتماعية في الدراسات والتطوير رفاه الحريز: "لابد أن تعمم ثقافة الصّداقة في البيوت بين الأهل وأولادهم، ومما لاشك فيه أن تربية الأبناء مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأبوين، لذا يجب عليهما أن يقوما بإنشاء جسور مع أبنائهما للتقارب والتناغم فيما بينهم، وأن يحاولا استيعابهم، وأفضل طرق التربية الناجحة التي يجب أن يتبعها الأهل في التّعامل مع أبنائهم تكون عن طريق إنشاء صداقة قوية بينهم لخلق جو من الثقة والألفة والتفاهم بين الطرفين، فعند اختفاء الصداقة وغيابها تصبح العلاقة بين الأبناء والآباء علاقة متوترة ومتأزمة لعدم وجود رابط ود أو تفاهم أو حوار".


• السبب في غياب الصداقة
ترجع أسباب غياب الصداقة في الأغلب إلى الأهل وتقصيرهم في الاهتمام واحتواء الأبناء، مما يؤدي إلى التأثير السلبي، وبالتالي حدوث خلاف وشقاق مستمر لكون لغة الحوار مفقودة، الأمر الذي تنتج عنه فجوة كبيرة تؤثر في الحياة الزوجية، وبالتالي تؤثر في الأبناء وعلاقتهم مع بعضهم البعض، فلا يشعرون بالأمان، ويزيد البعد فيما بينهم، وأحد الأسباب الكبرى لغياب الصداقة هو فقدان الحوار وعدم تقبل الآباء المصارحة مع الأبناء، وتختلف الصداقة هنا من طبقة إلى أخرى، فبعض الآباء لا يرون أبناءهم إلا نادراً؛ بسبب الانشغال في العمل والسفر، أو قد تكون الظروف الحياتية التي تجعل فرص الالتقاء بالأهل والأبناء ضئيلة جداً، بالإضافة إلى اختلاف الأجيال وثقافة المجتمع، كذلك فقدان ثقافة الحوار سواء في البيت أو المدرسة التي تعتبر رافداً في ذلك.


• الآثار السلبية الناتجة عن عدم وجود تقارب وصداقة بين الأهل والأبناء
تقول الأخصائية رفاه: "لغياب الصداقة سلبيات شديدة وعواقب وخيمة تعود آثارها على الطرفين، فقد تؤدي إلى انعزال الأبناء وفقدانهم الأمان ولجوئهم إلى مغريات الحياة بدون توجيه وإرشاد تربوي، وشعورهم بعدم اكتراث الأهل للأمور التي يواجهونها، فيعتاد الأبناء على مجتمعهم الخاص، والذي سيرفضون مشاركة أحد به مستقبلاً، بالتالي سينتج تشتت وضعف في الترابط الأسري".
• تقوية علاقة الصداقة بين الأبناء والأهل
في أجواء الانفتاح الكبير الذي يعيشه الجيل الحالي؛ بسبب تطور التكنولوجيا والاتصالات التي تمكنه من التواصل مع العالم أجمع، يجب أن يضع الوالدان الروابط الأساسية لبناء قاعدة تربوية صامدة تبنى على الصداقة، وذلك لأهميتها في التعامل معهم بصورة ودية مليئة بالثقة والمحبة والدبلوماسية التي تجعلهم يفتحون قلوبهم وعقولهم لهم، ويشاركونهم جميع تفاصيل حياتهم بصراحة تامّة، لذا يجب على الوالدين إتاحة الوقت للمناقشة والمساعدة والاستماع لهم ومنحهم الثقة، وإعطاء الأبناء مساحة للتحرك معاً والمشاركة بعيداً عن النصائح والأوامر والعنف والتهديد الذي يدمر العلاقة بين الأبناء والأهل.