أميرة التركستاني، إحدى الشابات السعوديات، سعيدة بالتغيير الاجتماعي والفكري المتنامي في السعودية بقرار سياسي، ومن أوائل من استغلت هبوب رياح التغيير في الدولة السعودية؛ فأخذت فرصتها التي طال انتظارها لها منذ سنوات؛ للحصول على حقها في القيادة، بعد أن خففت الحكومة السعودية قيودها الاجتماعية على المرأة السعودية؛ لتتساوى بالحقوق مع باقي نساء العالم، وخاصةً حقها في القيادة بأي وقت تشاء، وبأي مكان تريده.
السعودية أميرة التركستاني، شحنت دراجتها الهوائية من أمريكا إلى السعودية؛ لتقودها في شوارع جدة.
وقبل عودتها إلى وطنها المملكة العربية السعودية، تعرضت السعودية الشابة أميرة التركستاني عند مغادرتها مدينة بوسطن الأميركية عام 2015، بعد تخرجها في الجامعة، للسخرية من قِبل أصدقائها؛ لأنها قامت بشحن دراجتها الهوائية إلى السعودية.
وقالت التركستاني «30 عامًا»: «سألني كل أصدقائي عن مصير الدراجة قائلين لي: ماذا ستفعلين بها في مدينة جدة؟ هل ستعلقينها على الجدار مثلاً؟
وفي ذلك الوقت، لم يكن ركوب النساء دراجات هوائية في الشارع أمرًا واردًا في المملكة العربية السعودية المحافظة بشدة، حين كانت جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بدوريات في الأماكن العامة؛ لفرض الملابس المحتشمة، وحظر الموسيقى، والتأكد من إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة، ومنع اختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم.
لكن الوضع سرعان ما تغيّر؛ فبعد ثلاث سنوات فقط، كانت التركستاني تركب الدراجة بانتظام على شاطئ جدة، على ساحل البحر الأحمر وحدها، أو مع زوجها وأبنائها.
وترتدي عباءة أثناء ركوبها الدراجة، غير أنها بدلاً من ارتداء عباءة سوداء؛ فإنها تفضل ارتداء عباءة من مجموعة عباءات ألوانها فاتحة، صممتها بنفسها وزيّنتها بأربطة وعلامات رياضية.
وأكدت التركستاني قائلة: جدة تختلف تمام الاختلاف عن جدة قبل خمس أو ست سنوات، وأضافت: لقد تراجع التشديد على زيّ بعينه، وأصبح هناك الكثير من الأماكن التي يمكن الذهاب إليها، بالإضافة إلى أن فرص العمل صارت متاحة للمرأة مثل الرجل.
وباتت السعودية تتغير كل يوم، بعد أن كانت لعقود ملتصقة بالماضي على نحو بدا أنه لا يمكن التراجع عنه، وخفف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عامًا القيود الاجتماعية، وقلّص نفوذ جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورعى حفلات موسيقية عامة، وأنهى حظرًا استمر قرابة 40 عامًا على دور السينما العامة.
وأعلنت الحكومة أيضًا خططًا للسماح للنساء بقيادة السيارات؛ اعتبارًا من الصيف المقبل، وأبدت التركستاني تشوّقًا لأن تنطلق على الطريق؛ قائلة: «ليس الأمر أنني أرغب في قيادة السيارة فقط لأنني أريد أن أقود السيارة، إنها ضرورة.
والتركستاني أم لطفلين، وتعمل في تعليم تصميم الرسوم التوضيحية بالكلية الدولية في جدة، ولطلاب على نفقاتهم الخاصة، وتحقق ذاتها وتكسب دخلاً إضافيًا قليلاً من بيع العباءات، التي تقوم بصنعها في البيت.
وتعد المرأة الثلاثينية، التي تجيد الإنكليزية والعربية والتركية بطلاقة، وتدرّبت كراقصة باليه، واحدة من جيل صغير من السعوديات اللائي يغتنمن فرصًا جديدة، على الرغم من نظام القوامة الذي لايزال يقتضي حصول النساء على موافقة أحد أقاربهن الذكور على قرارات رئيسية معينة، مثل: السفر إلى الخارج.
وتمارس هذه المرأة رياضة اليوغا في وقت فراغها، وتتدرب في قاعة رياضية، لكنها تدرك أن جميع النساء في المملكة، التي يبلغ عدد سكانها 32 مليون نسمة، لا تتاح لهن الفرص نفسها؛ فالعادات القبلية والأقارب الذكور المهيمنون، واستمرار النظام المحافظ، كلها أمور تحول دون حصول الكثير من السعوديات على حقوقهن الأساسية.
وشددت التركستاني على أن «هناك بوادر للتحول من مثل هذه الأوضاع، لكن هذا لا يمنع وجودها، وطبعًا، أنا أتحدث عن مكان معين وهو جدة، ولا أعلم حال بقية الأماكن الأخرى بالمملكة».
وقد أثارت صورة السعودية الشابة أميرة التركستاني المنشورة في الصحافة العربية، مع مقابلة قصيرة معها، الإعجاب والاهتمام من العرب والسعوديين في السوشيال ميديا؛ لقدرتها على استغلال الحق الذي أتيح لها بقيادة دراجتها في شوارع جدة بأمان، دون خوف من أذى أو انتقاد من أحد، كمقدمة لقيادتها سيارتها الخاصة في الصيف القادم، الذي ينتظره بشوق ملايين السعوديات في كافة مدن المملكة.
ولن نستغرب بعد انتشار صورة أميرة التركستاني ودراجتها الهوائية، أن نرى الشابات الصغيرات -غير المسموح لهن بقيادة السيارة لعدم بلوغهن السن القانوني المسموح به للقيادة- يملأن شوارع جدة في الأشهر المقبلة.