الذكرى 46 لاستشهاد «عرّاب الأدب الفلسطيني» غسان كنفاني

رواية: رجال في الشمس
كنفاني مع زوجته الدينماركية آن
غسان
خبر استشهاد كنفاني في الصحف
غسان في مكتبه
غسان كنفاني مع أبنائه، فايز وليلى
المجلدات الأربعة لأعماله الكاملة
كنفاني عرّاب الأدب الفلسطيني
صورة نادرة لكنفاني
الأديب والمفكر الفلسطيني، غسان كنفاني
11 صور

قاصٌ سابق لعصره، وروائي جعل من أصغر تفاصيل وأحداث رواياته عالمًا كاملاً من الأدب، رسام مختلف حمل بلده فلسطين أينما حلّ لونه وارتحل، إلى جانب كونه مفكرًا وكاتبًا في الكثير من الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية، ومناضلاً ترك بصمته في طريق تحرير البلاد، وشهيد، كل ذلك ولم يُكمل القاص والروائي والرسام والمفكر والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني من العمر عامه الـ 36، قبل أن تسرق روحه الخفيفة سيارة مُفخخة، حين كان برفقة ابنة أخته «لميس» في العاصمة اللبنانية بيروت، على يد عدد من عملاء الاحتلال الإسرائيلي.

وفي الـ 8 من شهر تموز/يوليو للعام الجاري 2018، يحيي العالم الذكرى الـ 46 لاستشهاد كنفاني، الذي استشهد في مثل هذا اليوم من العام 1972؛ ليترك خلفه إرثًا حضاريًا وفكريًا وثقافيًا، سيسجله التاريخ الفلسطيني والعربي مهما مرت الأعوام، وأدبًا وفنًا، كان المُلهم الأول، ليس فقط للكتاب والفنانين الفلسطينيين؛ بل للعرب والعالم أجمع.

ولد الأديب والمفكر غسان كنفاني، في مدينة عكا شمال فلسطين بـ 8 من شهر نيسان/أبريل للعام 1936، وعاش هناك حتى عمر الثانية عشرة، قبل أن يُجبر على اللجوء إلى لبنان في عام النكبة 1948 برفقة عائلته؛ لينتقل بعدها إلى العاصمة السورية دمشق للدراسة فيها، ومنها إلى الكويت للعمل، التي كانت في ذلك الوقت وجهة العديد من الكُتّاب والفنانين من مختلف الدول العربية، وكان خلال هذه الفترة عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ ليعود خلال العام 1960 إلى بيروت، التي لم يكن يُدرك أن مصيره المحتوم سيكون فيها بعد سنوات قليلة من هذه العودة.

على الرغم من أن غسان كنفاني، لم يكمل من العمر سوى 36 عامًا، إلا أنه كان غزيرًا في إنتاجه الأدبي والفكري، كما كان غزيرًا في قراءاته للكتب وللحالة الأدبية والسياسية على حد سواء؛ ففي الفترة الزمنية القصيرة التي عاشها كنفاني، تمكن من إنجاز وتأليف 18 كتابًا بمواضيع مختلفة؛ إضافة إلى مئات المقالات والدراسات البحثية في الثقافة والسياسة، وعلى وجه الخصوص في كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.

عقب اغتيال واستشهاد هذا الأديب والمفكر والفنان الفلسطيني، تمت إعادة نشر جميع نتاجه؛ حيث جُمعت أعماله الروائية والقصصية والمسرحية في أربعة مجلدات «الأعمال الكاملة»، وتمت ترجمتها إلى أكثر من 17 لغة مختلفة، ونُشرت في أكثر من 20 بلدًا حول العالم، بالإضافة إلى إخراج الكثير منها إلى أعمال مسرحية وبرامج إذاعية وتليفزيونية، إلى جانب تحويل عملين روائيين منها إلى فيلمين سينمائيين، وحتى هذه اللحظة، لايزال إنتاج الكنفاني يحظى بانتشار وإعجاب كبير، ولايزال مادة دسمة لأي عمل فني أو أدبي أو دراسة نقدية.

كنفاني مؤثرًا في عالم الصحافة..
بعد عودته الأخيرة إلى بيروت بعام واحد، وعلى وجه التحديد خلال العام 1961، عمل غسان كنفاني في مجلة «الحرية»، حتى أصبح المسئول عن القسم الثقافي في المجلة، وبعد أعوام قليلة تسلم رئاسة تحرير جريدة «المحرر» اللبنانية، وأصدر فيها «ملحق فلسطين»، قبل أن ينتقل للعمل في جريدة «الأنوار»، وفي بداية تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلال العام 1967، أسس مجلة ناطقة باسم الحركة، وحملت اسم «مجلة الهدف»، التي ترأس تحريرها في ذلك الوقت، حتى أصبح الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ لمكانته وحنكته الإعلامية وثقافته الواسعة.

إرثه الأدبي والفكري..
كان غسان كنفاني علامة فارقة في عالم الأدب والفكر عمومًا، وكتب كثيرًا، إلى الحد الذي يفوق منطق حياته الشخصية القصيرة، إلا أن حالة عبقرية ونابغة مثل كنفاني، ربما يعد ما كتبه وأصدره قليلاً، ولو أنه عاش بضعة أعوام أخرى، لكان أنجز ما هو أكثر وأهم وأوسع إبداعًا.
ولغسان كنفاني في مجال القصة، عدد من المجموعات القصصية، هي: «عالم ليس لنا»، «موت سرير رقم 12»، «أرض البرتقال الحزين»، «القميص المسروق وقصص أخرى»، و«الشيء الآخر»، التي صدرت بعد استشهاده في بيروت بالعام 1980، أما في الرواية؛ فله «ما تبقى لكم»، «رجال في الشمس»، التي صُنع منها فيلم «المخدوعين»، ورواية «أم سعد»، و«عائد إلى حيفا»، التي تم إخراجها مسرحيًا، على يد عدد من المخرجين العرب والعالميين المبدعين، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الروائية غير المكتملة، وهي: «العاشق»، «الأعمى، والأطرش»، والتي تم نشرها في مجلد أعماله الكاملة، وللأطفال كتب الكنفاني رواية «القنديل الصغير»، التي كانت مرجعًا مهمًا لتوجيه الطفل الفلسطيني والعربي نحو طريق الحرية والتنوير.

أما مسرحيًا؛ فكتب غسان كنفاني ثلاثة أعمال مسرحية مهمة للغاية، تم إخراجها إلى الخشبة، وهي كل من: «القبعة والنبي»، «جسر إلى الأبد»، ومسرحية «الباب»، التي أشاد بثلاثتها، العديد من النقاد المختصين، والذين رأوا أنها تنافس أهم الأعمال المسرحية العالمية، ولكن بنكهة عربية فلسطينية.

وفيما يخص الأبحاث والدراسات الأدبية؛ ففي رصيد كنفاني، كتاب «أدب المقاومة في فلسطين المستقلة»، وكتاب «الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968»، وكتاب «في الأدب الصهيوني»، بالإضافة إلى عدد من المقالات التي نشرها تحت اسم مستعار، وهو «فارس فارس» في «ملحق فلسطين»، في صحيفة «الأنوار» اللبنانية، ومجلة «الصياد»، بالإضافة إلى مقالات قصيرة في جريدة «المحرر»، تحت عنوان «بإيجاز».