قصة الطفل الأنصاري وسيَّارة المالكي وبيت الأمير الوليد

14 صور

بين ليلة وضُحاها، أصبح الطِّفل يوسف الأنصاري ذو الـ15عاماً يتيماً، فقد أبويه وعائلته في حادث تسبب فيه آخرون، لفظاعة الحادث وما نتج عنه، اهتمَّت وسائل الإعلام بما جرى تلك الليلة، وكما يقال ربَّ ضارة نافعة، فقد جاء تسليط الضوء على هذه الحادثة خيراً للطِّفل اليتيم، حيث نبَّه له أصحاب القلوب الرحيمة، وعلى رأسهم الأمير الوليد بن طلال، والنَّجم فايز المالكي الذي يسمِّيه الطِّفل يوسف بـ«أبو اليتامى»؛ ليسارعوا لتضميد جراحه وكفكفة دمعه.

«سيِّدتي نت» زارت الطِّفل يوسف، حيث يقيم في منزل عمِّه عبدالجبار الأنصاري بعد أن تحسَّنت حالته الصحيَّة والنفسيَّة، وتحدَّث لأوَّل مرَّة عمَّا جرى له ولعائلته، حيث كان في حديثه الكثير من الألم والشَّوق لهم، كما حمل حديثه الكثير من الأمل تجاه المستقبل.
في البداية دارت دفة الحديث بيننا وبين عمه عبدالجبار، وسألناه عن تفاصيل ما جرى مع الطِّفل يوسف الأنصاري، وكيف فقد والديه جراء الحادث الأليم، فقص علينا التفاصيل التي نشرناها في مجلة "سيدتي" العدد 1704، ثم التقينا الطفل يوسف والذي لا تزال هناك مسحة من الحزن تخيِّم على وجهه.

* توجَّهت له سائلاً عن ليلة الحادث، وما الذي يذكره منها؟
ردّ بصوت متحشرج فيه لمسة حزن قائلاً: كانت كل العائلة في السيارة وقت الحادث، حيث رأينا سيارة الماء «الصهريج» القادمة أمامنا، رأيت الحادث، لكنني فقدت الوعي لحظة حدوثه، ولا أدري ما الذي جرى بعد ذلك إلى أن استيقظت، ووجدت نفسي في المستشفى على السرير الأبيض.
* ألا تذكر لحظة ما جرى أثناء حصول الحادث؟
لا أذكر ما جرى تماماً؛ لأنني كنت فاقداً للوعي.

لم أصدِّق ما جرى
* هل شاهدت سيَّارة العائلة بعد الحادث؟
(بدا عليه حزن عميق)، لم أصدِّق ما جرى معنا.. (يتوقف عن الحديث).. نعم رأيتها، كان منظرها مرعباً، وينبئ عن وفاة كلّ من كانوا فيها، الحقيقة أكثر جانب في السيارة بدا عليه الضَّرر من الحادث هو الجانب الذي كنت أجلس فيه، ومع ذلك نجوت، وماتت بقية العائلة، وعندما رأيتها بهذه الحالة تذكَّرت كثيراً من الأشياء واللحظات الجميلة التي جمعتني مع عائلتي في سيارتنا، تذكَّرت الرحلات والسفر، وأشياء كثيرة لا تنسى أبداً.

* عندما وصلك الخبر اليقين بوفاة العائلة، كيف كان شعورك؟
(الدمعة في عينيه)، وصلني خبر وفاة العائلة من الأخصائيَّة النفسيَّة، وهي من أوصلت لي هذه المعلومة، شعور لا يوصف، حزن شديد عليهم، لم أصدِّق أنَّ الجميع قد ماتوا، كنت أعتقد أنَّ والدي هو من توفى فقط كونه كان في الواجهة، ولكن الحمد لله على كلِّ حال فهذا حال الدنيا.

* حدِّثني عن قصَّة مجيء الفنَّان فايز المالكي لزيارتك وحديثه معك؟
كما قال عمي كانت الزيارة مفاجئة وجميلة، وقد تحدَّث معي بلطف وحنان وحب، ونصحني بأن أستغفر لهم، وأدعو لهم بالرحمة والمغفرة والجنة، ودعاني لأن أتطلَّع لمستقبلي ودراستي، وطبعاً الحديث كان فيه شيء من الممازحة والضَّحك، وكان قصده التخفيف من مصيبتي، وقبل ذهابه قال هل تودُّ طلب شيء ما مني، فقلت له ممازحاً: سيارة «البنتلي»، وكنت قد قرأت قصَّتها معه على «تويتر»، وقد حوَّل الفنَّان فايز المزح إلى حقيقة، فقال: هي لك، وبالفعل قام بالتواصل مع شركة بنتلي، وطلب منهم تسجيلها باسمي، ثمَّ جرى عليها مزاد، وقام بشرائها الأمير الوليد بن طلال بمليون ريال.

* كيف كان شعورك وهو يتحدَّث معك؟
هو شخص طيب جداً، ومحب لكلِّ من حوله، كنت أشعر تجاهه بشعور الأخوة، وكأنني أتحدَّث مع شقيقي الأكبر، وهو يوجِّه لي النصائح بشكل مستمر، ويتصل بي دائماً، ويطمئن على حالتي وصحَّتي ونفسيَّتي، ويردد دائماً نصيحته قائلاً: اهتم بدراستك.

سأكمل تعليمي
* ما هي خططك المقبلة؟
حالياً سألتحق بالصف الأول الثانوي، وسأكمل بقيَّة المرحلة في المجال العلميّ، أفكِّر كثيراً بمستقبلي الدراسيّ، وسأجتهد لأتخصص في دراسة الطِّب.

* بعد فقدانك لشقيقاتك، كيف تصف لمن هم في مثل سنِّك نعمة وجود الشَّقيقات والأشقَّاء؟
(يصمت قليلاً ويتطلَّع في زوايا الغرفة)، ثم يقول: الأشقاء والشَّقيقات نعمة كبيرة، كنَّا نحب بعضنا لدرجة كبيرة، نلعب وندرس سوياً، وكانت شقيقتي الكبرى تعوِّضني دائماً عن الشقيق الكبير، فهي تساعدني في دراستي، وفي كلِّ شيء، لاشيء يعوض فقدان الأهل أبداً، بعد الحادث شاهدتهم مراراً في منامي، وكنت أراهم في المنام وهم على هيئة ركاب طائرة ينزلون من الطَّائرة في المطار، وكنت في استقبالهم، وكانوا يقولون لي: لماذا أنت خائف؟! نحن موجودون وبخير، وكانوا يطمئنونني على حالتهم.

* ما هي الرِّسالة التي توجِّهها لمن هم في سنِّك تجاه والديهم؟
(حزن واضح في نظرات عينيه تتبعها تنهيدة)، أقول لهم: لن تشعروا بنعمة وجود الوالدين إلا بعد فقدانكم لهما، برُّوا أهلكم، والداي -رحمهما الله- كانا يوفِّران لي كلّ طلباتي، وكان حنانهما كبيراً تجاهي، ولاشيء يعادل ضمَّة وقبلة الوالدين للابن، ولا شيء يعادل تقبيل الابن لرأس أو يد والديه؛ لينال رضاهما، يكفي أن تدخل المنزل أو تستيقظ صباحاً لتجدهما أمامك، فمجرَّد السَّكن والتواجد معهما هو طمأنينة وراحة نفسيَّة لا يعادلها شيء في الكون، فلا تغضبوهما، ولا تعصوا أوامرهما، وكونوا طيبين معهما؛ لتنالوا رضاهما وحبّهما، وهذا طريقكم لرضا الله عز وجل.