في ظل السعي الدؤوب نحو رفع الوعي بأهمية التعليم ودوره في بناء مجتمعات متقدمة، يتعالى الخطاب الذي يُسلّط الضوء على أهمية محو الأمية في تمكين الناس من اتخاذ قرارات مستنيرة، وكسر الحواجز، وتعزيز الاستدامة والسلام، فمحو الأمية حق أساسي من حقوق الإنسان للجميع، وهو ما أقرته الأمم المتحدة منذ عقود؛ كونه يفتح الباب أمام التمتع بحقوق الإنسان الأخرى، وحريات أوسع، تفرضها المواطنة العالمية وفق هذا السياق يحتفل العالم اليوم 8 أغسطس بـاليوم العالمي لمحو الأمية.
محو الأمية حق من حقوق الإنسان
بحسب الموقع الرسمي لليونسكو unesco.org، هناك علاقة وثيقة بين الأمية والفقر، يتمتع من يجيدون القراءة والكتابة بميزة هائلة على من لا يجيدونها في الدراسة والتدريب، هذا يعني أن المتعلمين عموماً يكسبون دخلاً أكبر، بل ويتمتعون بصحة أفضل، حيث يشكل محو الأمية أساساً هاماً لاكتساب الناس معارف ومهارات وقيماً ومواقف وسلوكيات أوسع نطاقاً، لتعزيز ثقافة سلام دائم قائمة على احترام المساواة وعدم التمييز، وسيادة القانون، والتضامن، والعدالة، والتنوع، والتسامح، وبناء علاقات منسجمة مع الذات والآخرين وكوكب الأرض، وقد أُنشئ اليوم العالمي لمحو الأمية (ILD)، الذي يُحتفل به سنوياً في 8 سبتمبر، من قِبل اليونسكو عام 1967 لتذكير العالم بأن محو الأمية حق من حقوق الإنسان وأساس للكرامة، وتُقام الاحتفالات السنوية لتذكير كل من صانعي السياسات والممارسين والجمهور بالأهمية الحاسمة لمحو الأمية في بناء مجتمع أكثر معرفة وعدلاً وسلاماً واستدامة.
يهدف اليوم العالمي لمحو الأمية (ILD)، إلى زيادة الوعي بتاريخ وأهمية محو الأمية، كما يُشيد بالمساهمات والآثار التي أحدثها في المجتمع ودوره في تحسين القضايا العالمية، مثل تعزيز السلام والوئام.
إحصاءات وأرقام مهمة حول الأمية
على الرغم من انخفاض مستويات الأمية بشكل ملحوظ خلال الخمسين عاماً الماضية، إلا أنها لا تزال قضيةً مهمة، بلغت نسبة الأمية حول العالم 43% عام 1980، بينما قدّر تقريرٌ صدر عام 2024 انخفاضها إلى 9% فقط، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك نحو 739 مليون شابٍّ وبالغٍ حول العالم يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية، وفي بعض المناطق، مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، لا تزال المعدلات أعلى من 30%.
دراسة أخرى أجرتها الأمم المتحدة أظهرت أن:
- ما يقرب من 83% من النساء والفتيات قادرات على القراءة والكتابة. ومع ذلك، فإن ثلثي الأميين في العالم من الإناث، وتعود هذه المشكلة إلى عوامل مثل نقص فرص التعليم للفتيات أو تقاليد بعض الدول التي تسمح بزواج الفتيات في سن مبكرة، وتعمل العديد من المنظمات على تمكين النساء والفتيات من خلال تعليمهن مهارات القراءة والكتابة.
- أظهرت الدراسة كذلك أن 90% من الرجال والفتيان، على الصعيد العالمي، قادرون على القراءة والكتابة، ومع ذلك، في العديد من الدول الغربية، تُظهر الفتيات عموماً مستوى أفضل في معرفة القراءة والكتابة من الفتيان، ويشير الخبراء إلى أن هذا يعود إلى أساليب تعليمية لا تناسب الفتيان دائماً.
شعار 2025: تعزيز محو الأمية في العصر الرقمي
بحسب اليونسكو، يُحتفل هذا العام بـاليوم العالمي لمحو الأمية 2025 تحت شعار "تعزيز محو الأمية في العصر الرقمي"، وقد وقع الاختيار تحديداً على هذا الشعار لتأثير الرقمنة وفعلها المؤثر في حياة الكثيرين، فقد غيّرت الرقمنة أساليب التعلم والعيش والعمل والتواصل الاجتماعي، إيجابياً وسلبياً، وفقاً لكيفية تفاعلنا معها، وبينما يُمكن للأدوات الرقمية أن تُساعد في توسيع فرص التعلم للفئات المهمشة، فإن هذا التحول الرقمي قد يُهدد بخلق تهميش مزدوج واستبعاد ليس فقط لمن تعلم القراءة والكتابة التقليدية، ولكن أيضاً من لم يلحقوا التعليم التقليدي الأساسي.
يُعدّ محو الأمية مفتاحاً لجعل هذه التحولات شاملةً وذات صلة وذات معنى، فإلى جانب القراءة والكتابة على الورق، يُمكّن محو الأمية في العصر الرقمي الناس من الوصول إلى المحتوى الرقمي وفهمه وتقييمه وإنشائه والتواصل معه والتفاعل معه بأمان ومناسبة. كما يُعدّ محو الأمية عنصراً أساسياً في تعزيز التفكير النقدي، وتمييز المعلومات الموثوقة، والتعامل مع بيئات المعلومات المعقدة.
(على الرغم من فوائد العصر الرقمي التي نلاحقها بطول الحياة تُثير الرقمنة العديد من المخاوف الأخرى، بما في ذلك قضايا الخصوصية، والمراقبة الرقمية، والتحيزات المُعززة، والأخلاقيات، وخطر الاستهلاك السلبي، والآثار البيئية).
يمكنك من السياق التالي التعرف إلى: اليابان بدأت استخدام الكتب المدرسية الرقمية في 2024
أنشطة وبرامج الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية
خلال الاحتفال بـاليوم العالمي لمحو الأمية يتم الاحتفاء بالتقدم المُحرز في مجال محو الأمية على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية، كما سيكون اليوم فرصةً للتأمل النقدي في معنى محو الأمية، وكيفية تصميم برامج وسياسات تعليم وتعلم محو الأمية وإدارتها ومراقبتها في هذا العصر الرقمي، بالإضافة إلى ذلك، سيُسلّط الاحتفال الضوء على السياسات والتدخلات الفعّالة التي تُعزز سياقات محو الأمية كصالح عام وحق من حقوق الإنسان، وكرافعةٍ للتمكين والتحول لبناء مجتمعات أكثر شمولاً وعدلاً واستدامة حيث تُقام أنشطة ومبادرات مختلفة في مختلف أنحاء العالم لإبراز أهمية هذا اليوم للبشرية ومنها:
- يُعقد مؤتمر عالمي في 8 سبتمبر بمقر اليونسكو، باريس- فرنسا.
- سيُقام احتفال عالمي يومي 9 و10 سبتمبر 2025 في ياوندي، الكاميرون. وسيشمل:
- مؤتمراً عالمياً.
- حفل توزيع جوائز اليونسكو الدولية لمحو الأمية.
- الاجتماع السنوي للتحالف العالمي لمحو الأمية في إطار التعلم مدى الحياة (GAL).
- اجتماعات البحث العملي لقياس محو الأمية والتعليم البديل (RAMAED).
-
في المملكة المتحدة
- عادةً ما تُنظم جامعات مرموقة، مثل جامعة أكسفورد وجامعة كامبريدج، ورش عمل وندوات تُركز على تحديات محو الأمية ومناقشات في البلدان النامية.
- كما تُقدم هذه الجامعات مبادرات قرائية لتشجيع القراءة من خلال برامج توعية تُشجع الأطفال وكبار السن.
- تُقدم الجامعات كذلك محاضرات عامة يُلقيها مُعلمون ومؤلفون وخبراء بارزون، يناقشون فيها حساسية وأهمية هذه المواضيع في عالمنا اليوم.
-
في أستراليا
- تُنظم جامعات مرموقة، مثل جامعة سيدني وجامعة ملبورن وجامعة كوينزلاند، ورش عمل تُركز على محو الأمية الرقمية، وتعلم اللغات، والكتابة.
- كما تعمل هذه الجامعات على مبادرات خاصة لمجتمعات السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس، مُعززةً الموارد التعليمية ذات الصلة ثقافياً.
-
في كندا
- عادةً ما تتعاون جامعات مرموقة، مثل جامعة تورنتو وجامعة ماكجيل، مع المنظمات غير الحكومية والمكتبات المحلية من خلال العديد من المبادرات والبرامج.
- كما تُنظّم العديد من ورش العمل للوافدين الجدد إلى كندا، كالمهاجرين واللاجئين، لمساعدتهم على تعلّم اللغة والنظام التعليمي الكندي.
-
في الولايات المتحدة الأمريكية
- تسعى جامعات مرموقة، مثل جامعة هارفارد وجامعة ستانفورد وجامعة نيويورك، إلى التعاون مع المدارس المحلية لتنظيم برامج القراءة والتبرع بالكتب، بل وتقديم الدروس الخصوصية.
- وتُجري هذه الجامعات أبحاثاً حول معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، والتحديات التي تواجهها، وسبل تحسينها في المجتمعات المهمشة.
- وتُقام فعاليات مجتمعية مثل معارض الكتب، ورواية القصص، والمناقشات، ولقاءات مع المؤلفين، بهدف تعزيز تفاعل الجمهور مع الجامعة.
قد ترغبين في التعرف إلى احتفالات سابقة بمحو الأمية حيث كانت الدعوة لتحويل مساحات تعلم القراءة والكتابة