عندما يقفُ عشرةُ أشخاصٍ أمامَ قطعةٍ فنيَّةٍ معيَّنةٍ، تتحرَّك في كلٍّ منهم فكرةٌ مختلفةٌ تماماً عن التي تدورُ في عقلِ جاره. هذه هي القوَّةُ السحريَّةُ للفنِّ التي يُسلِّط معرضُ «الأبدُ هو الآن» الضوءَ عليها، ومن خلالها تُنتَجُ عشراتُ الأعمالِ الفنيَّةِ المتنوِّعةِ والفريدة، أي من السؤالِ الواحدِ نفسه الذي يُقدَّم لجميع الفنَّانين: انظر إلى الأهراماتِ، واستلهم قطعةً فنيَّةً معاصرةً، تُعبِّر عمَّا فهمته، وتعكسُ كيف يستمرُّ الماضي إلى الأبد، وكيف نراه في الحاضر، ويُرشدنا نحو المستقبل.
إعداد: ندى محسن
تصوير | ندى محسن Nada Mohsen - أحمد أبو العز Ahmed Abu el Ezz
تحوُّلُ معرضِ فنٍّ معاصرٍ إلى منطقةِ ذات شعبيَّةٍ عاليةٍ. تحكي لنا نادين عبدالغفار، مُؤسِّسة Art D’Égypte عن البداياتِ، وكيف حذَّرها الكثيرون من فكرةِ تنظيمِ المعرض، إذ إن الفنَّ المعاصرَ، في رأيهم، ليس عنصراً جاذباً، ولا يسهلُ فهمه من العامَّةِ، لكنْ، ومع كلِّ تلك التحذيرات، انطلقت نادين نحو تحقيقِ فكرتها، وحصدت نصفَ مليون زائرٍ في النسخةِ الأولى فقط. وفي النسخةِ الخامسةِ وحدها، استطاعت أن تجمعَ ثلاثةَ فنَّانين من الصفِّ الأوَّلِ من مشاهيرِ الفنِّ المعاصرِ حول العالم.
أبواب القاهرة
جمع الفنَّانُ البرتغالي ألكسندر فارتو Alexandre Farto، الشهيرُ بـ «فيلس» Vhils، أبواباً قديمةً ومستعملةً من أنحاءِ القاهرة، ثم أضافَ إليها لمستَه الفنيَّةَ الفريدةَ التي أسهمت في شهرته عالمياً. ويرمزُ كلُّ بابٍ مُستَخدمٍ لحقبةٍ زمنيَّةٍ، عاشتَها القاهرة، وتصفُ هذه الأبوابُ طبقاتِ الذاكرةِ الكامنةَ في تفاصيلِ الحياةِ اليوميَّةِ التي تشهدُ عليها في البيوتِ الذي تحرسها.
رياح تعزف لحناً شافياً
تصفُ آن فيراري Anne Ferrari طبيعةَ عملها، مبينةً أنه يتمحورُ حول إظهارِ الأشياءِ غير المرئيَّةِ أمامَ إدراك مَن يتلقَّى فنَّها. وفي عملها، تتفاعلُ «آن» مع الرياح، إذ جمعت 21 قطعةً من آلةِ الفلوت الموسيقيَّةِ مصنوعةً من الألمنيوم اللامع، لتعكسَ صورَ الزوَّار، وصورةَ الأهراماتِ في عددٍ لا نهائي من النسخ، بالتالي تكسرُ الحاجزَ، وتتماهى مع الفنِّ، والتاريخِ، وقوَّةِ الرياحِ الطبيعيَّة.
ما رأيك بالاطلاع على أسبوع القاهرة للصورة.. مهرجان ينبض بالحياة لتوثيق الهوية السمعية والبصرية العربية "فيديو"
زهور اللوتس من حديد العلا
يُحدِّثنا كذلك الفنَّانُ اللبناني المعاصرُ نديم كرم عن وردِ اللوتس، إذ شكَّل ثلاثةً منها باستخدامِ بقايا أعماله القديمة، لافتاً إلى أن اللوتس من أشهرِ الزهورِ المصريَّة، ويُشكِّل كلُّ مجسَّمٍ من الثلاثةِ مرحلةً من مراحلِ هذه العمليَّة. واعتمدَ كرم في تكوينِ هذه المجسَّماتِ على حديدٍ من أعمالِ دمارٍ في بيروت، وبقايا الحرب، أمَّا طريقةُ التشكيلِ نفسها، فكانت من أجزاءٍ من مشروعاتٍ سابقةٍ، تم تنفيذها على أرضِ العُلا في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّة. وتدمجُ هذه الأعمالُ الفنيَّةُ ثلاثَ مدنٍ عربيَّة معاً في مشهدٍ واحدٍ فريدٍ من نوعه.
طوطم أبيض من النور
من بقايا مصنعٍ للسيراميك في القاهرة، حوَّلَ الفنَّانُ الفرنسي كينج هوندكبينكو King Houndekpinkou فشلَ عمليَّةِ شحنِ عمله الفنِّي من فرنسا إلى مصر إلى فرصةٍ للمغامرةِ، والعملِ مع هو متاحٌ أمامَه من خاماتٍ، إذ انفجرَ المجسَّمُ الأوَّلُ لـ «طوطم النور» الذي صنعَه في فرنسا، وهو في طريقه إلى مصر! وأعادَ كينج تجميعَ الطوطم مرَّةً أخرى من بقايا قطعِ السيراميك المهملةِ في المصنع، وأنتجَ أحدَ أكبر أعماله الفنيَّةِ حجماً.
يمكنك أيضًا الاطلاع على أسبوع القاهرة للتصميم ينطلق تحت عنوان «صمّم .. حتى أراك»
الجنة الثالثة
رمزُ الجنَّةِ الثالثة، هو علامةٌ من ابتكارِ المصمِّمِ العالمي ميكيلانجيلو بيستوليتو Michelangelo Pistoletto، ويشيرُ فيه إلى العالمِ الثالثِ الذي ينتجُ عن تماهي العالمِ الطبيعي الذي خلقه الله مع العالمِ المادي الصناعي الذي ابتكره وطوَّره الإنسان. ويحملُ هذا الرمزُ شكلاً، أعيد تصميمُه من علامةِ اللانهاية، وجرى إعدادُه من بقايا رخامٍ، تمَّ جمعه من محاجرَ وورشِ عملٍ مختلفةٍ في مناطقَ عدة حول العالم.
اللاشيء
هو عملٌ فنِّي، يُعبِّر عن لحظةِ الصفر التي ينتهي فيها العالمُ كما عرفناه، ويبدأ عالمٌ جديدٌ، تحكمه قواعدُ مختلفةٌ. إطارُه الأبيض، يُشبه في شكله «الشنة»، وهي جسمٌ دائري، يُحيط بأسماءِ الملوك في الهيروغليفيَّة، وكلَّما اقتربت من المجسَّم، وجدت أشكالاً لأشخاصٍ وأدواتٍ، تُمثِّل حالةَ التغييرِ والتطوُّرِ التي يرمزُ لها فريقُ Recycled Group.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
