على إيقاع نبض الشباب وأحلامهم الرنانة، انطلقت أعمال النسخة الثانية من أسبوع الرياض للموسيقى، الذي تنظّمه هيئة الموسيقى تحت شعار: "الموسيقى تجمعنا". تقدم النسخة الجديدة برنامجاً شاملاً يتضمن: عروضاً موسيقية، ومعارض وأمسيات تكريمية، وتجارِب تفاعلية، وسلسلة من الحوارات والفعاليات المتخصصة في قطاع الموسيقى، في مواقع متعددة في مدينة الرياض من حي "جاكس" في الدرعية إلى "المسار الرياضي" وحي السفارات. ويشمل ذلك: "المنتدى الدولي لإدارة الأعمال الموسيقية IMMF"، و"قمّة صنّاع الموسيقىMMS "، و"مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى XP Music Futures" وتجمع TAKYAH وبرنامج FRINGE وغير ذلك.

أولى محطات النسخة الثانية من "أسبوع الرياض للموسيقى" كانت مع مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى XP MUSIC FUTURES الذي يجسّد أحد أبرز أوجه الشراكة المستمرة والمتجددة بين هيئة الموسيقى وميدل بيست MDLBeast إحدى أبرز شركات الترفيه الموسيقي في المملكة والمنطقة. وذلك من ضمن شراكات رئيسية بارزة للحدث هذا العام مع جهات متخصصة في صناعة الموسيقى والمحتوى والإعلام والفنون المختلفة، من ضمنها: شراكة مع المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG).
مؤتمر إكس بي: ثلاثة أيام من المحتوى التثقيفي والترفيهي المكثّف

يسجّل مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى XP MUSIC FUTURES الذي تنظّمه ميدل بيست سنوياً، نسخته الخامسة هذا العام، وتأتي هذه النسخة ضمن فعاليات أسبوع الموسيقى، كتأكيد على عمق الشراكة الإستراتيجية، والتي تجسّدت في العديد من المحطات البارزة خلال السنوات الماضية.
هذا وانطلقت فعاليات المؤتمر في حي جاكس في الدرعية في الرياض، على أن تستمر لثلاثة أيام متتالية؛ مقدمةً عدداً من ورش العمل المتخصصة، والحوارات المتعلقة بمواضيع الموسيقى، بالإضافة إلى النشاطات الليلية الموسيقية التي يحييها عددٌ من النجوم العرب والعالميين. هذا وقد أتاح الحدث المجال للفنانين والفنانات المحليين، أن يُثروا الحدث بأصواتهم الرنانة وموسيقاهم المميزة في مساحات مفتوحة وأجواء شبابية ملهمة.

وتَبرز خلال المؤتمر إنجازات العديد من المبادرات التابعة لهيئة الموسيقى، منها: المركز السعودي للموسيقى Saudi Music Hub، الذي يعَد الأول من نوعه في السعودية. ويأتي هذا المركز ضمن مبادرة "إنشاء أكاديميات الموسيقى الرئيسية"، إحدى المبادرات الإستراتيجية لهيئة الموسيقى، المواكبة لمستهدفات رؤية 2030. وتهدف هيئة الموسيقى من إنشاء المركز السعودي للموسيقى، إلى إثراء المشهد الموسيقي في المملكة، وتزويده بالبرامج التعليمية والتدريبية عالية المستوى، وذلك لتنمية المواهب السعودية المتخصصة في علوم الموسيقى وفنونها، وتوفير خيارات تعليمية متكاملة، تشمل: المناهج العلمية المتقدمة، ومرافق التدريب، ومتاجر الموسيقى؛ إضافةً إلى: أستوديوهات التسجيل، وملتقيات للتواصل، وتبادُل الخبرات.
القيمة الأطول عمراً هي بخلق بصمة خاصة

تميّزت حوارات المؤتمر بمحتوًى ثريّ يواكب كافة اهتمامات المهتمين بالقطاع الموسيقي والفني بشكل عام، وبالأخص من الجيل الجديد. ومن الجلسات التي لاقت تفاعلاً واسعاً ضمن برنامج اليوم الأول للمؤتمر، جلسةٌ استضافت الفنانة الفلسطينية- الأردنية زين، التي تحدّثت فيها عن تعلُّق الجيل الشاب من الفنانين بتراث مجتمعاتهم، ودمجهم له مع الاتجاهات المعاصرة لفنهم، بطريقة تُقدم الثقافة العربية بحقيقتها الجميلة، وتغيّر الصورة النمطية غير الواقعية عن هذه الثقافة.
وكشفت زين، خلال الجلسة، عن الفلسفة العميقة التي تحكم عملية الإنتاج الفني لأعمالها؛ مسلطةً الضوء على الأهمية القصوى للقصة، والمعنى في كلّ عنصر من عناصر العمل؛ بدءاً من الصوت، وصولاً إلى الأزياء والمؤثرات البصرية. كما أوضحت الرابط المفاهيمي والبصري الذي يجمع أغنيتيها: "أصلي أنا"، و"كلّه لينا".
وشددت زين على أن السؤال الجوهري في كلّ مراحل الإنتاج، هو: "لماذا نفعل هذا؟". مشيرةً إلى أن أيّ عنصر (سواء أكان صوتياً أو بصرياً) لا يخدم القصة أو المفهوم، يجب استبعاده. وأكّدت على أن السعي وراء الاتجاهات الرائجة، أمرٌ مقبول، لكن القيمة الأطول عمراً تكمن في "خلق بصمة خاصة" تميّز الفنان.

وتطرّقت إلى أن العملية الإبداعية تبدأ بتصميم الديكور والأزياء والقصة المصوّرة؛ لتحديد: كيف يتدفق السرد البصري؛ مستحضرة مثالاً من أغنية "أصلي أنا"؛ حيث تم اختيار المجوهرات الفضية العتيقة والثقيلة التي ترتديها النساء في التراث؛ لتمثيل العمق التاريخي.
وعن الرابط بين أغنيتي: "أصلي أنا"، و"كلّه لينا"، قالت زين: "أردتُ أن تكون (أصلي أنا) أول أغنية في الألبوم؛ لأنني أردتُ أن يعرف الناس الألبوم بالضبط ومَن يستمعون إليه، كأنها نوعٌ من تصريح بأن هذه أنا وهذه هويتي، ثم تبدأ الحكاية بعدها".
وأوضحت: أن الأغنية صيغت كردّ على محاولات "التقليل من ثقافتنا" والروايات الغربية التي تنظر للمنطقة وشعوبها على أنها "غير متعلمة أو غير متحضرة". وكتعبير صريح عن الفخر بهويتها، وقد بينت ذلك من خلال انطلاقة الأغنية بمقطع شعر باللهجة العامية مأخوذ من رسالة كتبها جدها.
أما أغنية "كلّه لينا"؛ فقالت زين إنها تشكّل مساحة تمكّنها من استعارة القوة والصلابة من مجتمعها والأشخاص المحيطين بها. وخلصت إلى أن "كلّه لينا" تمثل التمكين القادم من الخارج، بينما "أصلي أنا" تمثل التمكين من الداخل؛ مشكّلة بذلك ثنائية متكاملة؛ حيث تتصل "كلّه لينا" بـ "أصلي أنا" صوتياً من دون توقُّف؛ لتشكل حلقة متواصلة. أما بصرياً؛ فقد ربطتْ الأغنيتين بـ صورة جَدها. وعن ذلك قالت: "تبدأ (أصلي أنا) بلقطة وأنا أمسك بصورة جَدي وأتحدث إليه، في حين فيها تختتم (كلّه لينا) بنفس الإطار في موقع مختلف".
وختمت بالقول: "أشعر بالامتنان لهم؛ لأنه لولاهم لما كنتُ أنا اليوم، ولما تمتعت بهذه القوة وهذه الصلابة اللتين تعلمتهما منهم".
الموسيقى والذكاء الاصطناعي

اتسعت دائرة النقاشات في مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى (XP Music Futures)؛ لتشمل مواضيع جدلية بارزة خلال العصر الحالي، ومنها الذكاء الاصطناعي، ووجهاه: الإيجابي والسلبي.
وقد أقيمت جلسة حوارية مخصصة حول هذا الموضوع استضافت نخبة من الخبراء، منهم: المؤلف الموسيقي فراس أبو فخر، نائب رئيس Universal Music MENA، وذلك لمناقشة دور الذكاء الاصطناعي في مجال الموسيقى.
وتطرّق أبوفخر إلى كيفية استخدام الموسيقيين للذكاء الاصطناعي في عملية كتابة الموسيقى والتحسين من أدائهم؛ مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة الانتباه لمخاطر التكنولوجيا الجديدة، لاسيّما ما يتعلق بـ حقوق الملكية الفكرية، والتي اعتبرها أساسية لأيّ فنان؛ لضمان حقوقه واستمراريته المهنية.
وعند سؤاله عما إذا كان الذكاء الاصطناعي يهدد الإبداع البشري؟ نفى أبوفخر هذا التهديد؛ واصفاً التكنولوجيا بأنها مجرد أداة جديدة، على غرار أيّ تطوُّر سابق في تاريخ الموسيقى، كالانتقال من التسجيل على أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة، وصولاً إلى الرقمي. وأشار إلى أن الفنانين القادرين على استغلال هذه التكنولوجيا، سيجدون طرقاً جديدة للإبداع. معتقداً أن الذكاء الاصطناعي "سيكرّس وجود العنصر الإنساني، والصوت الحقيقي، والقصة الحقيقية" في الموسيقى.
وفي سياق آخر، أكّد أبوفخر على أهمية الفعاليات الموسيقية كـ XP في إتاحة الفرصة للتعرُّف إلى أصوات جديدة من مختلف أنحاء العالم العربي، والاستفادة من خبراتهم. مشيراً إلى أن شركة يونيفرسال ميوزك، التي يمثلها، تنظم أربع جلسات، بالإضافة إلى عرض لثمانية فنانين من فنانيها. وفي ختام حديثه، أشاد أبوفخر بالمشهد الموسيقي في المملكة العربية السعودية؛ واصفاً إياه بالجديد والمبهر، بكمية المواهب التي تظهر فيه.
الإرث الفني السعودي

كشفت نيرفانا بيبرس، مؤسسة شركة "Digitentworld"، القيمة الفنية لمعرض "صوت البلد"، أحد المعارض المستقلة ضمن فعاليات مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى XP MUSIC FUTURES، وهو يسلّط الضوء على تاريخ وتراث الموسيقى السعودية.

وينقسم المعرض، وفق نيرفانا إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
"الجذور" (The Roots): يستعرض جذور الموسيقى السعودية ومنبعها.
"الصوت" (The Sound): يحتفي بالشخصيات الأيقونية التي بنت الإرث الفني الموسيقي السعودي.
"الحصاد" (The Harvest): يمثل صوت السعودية الحالي والمعاصر، ويسلّط الضوء على إبداعات جيل الشباب.
وفي حديثها عن مشاركتها الخامسة في مؤتمر "إكس بي لمستقبل الموسيقى"، أكّدت بيبرس على أن "المؤتمر يُعَد حدثاً بالغ الأهمية للشباب السعودي والشرق أوسطي؛ لفهم الجوانب التِجارية، الإبداعية، والثقافية للموسيقى".
كما أشارت إلى عودةٍ قوية للموسيقى التقليدية؛ مؤكدةً على أن "النوستالجيا والشخصيات الأيقونية التي بنت الصوت العربي" هي مصدر إلهام للموسيقى المعاصرة، التي تقارب النماذج القديمة في أشكال حديثة.
لقطات من الحدث:
يقام مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى XP MUSIC FUTURES في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر، فيما يمتد أسبوع الرياض للموسيقى بنسخته الثانية حتى 13 ديسمبر 2025 في الرياض، وتتنوع فعالياته بين النهار والليل، في صيغة تجعل من الرياض مركزاً نابضاً بالإيقاع طوال عشرة أيام متواصلة، وإليكم هذه اللقطات من انطلاقة الحدث:







اقرؤوا المزيد في هذا المقال: انطلاق فعاليات النسخة الثانية من أسبوع الرياض الموسيقي





