ما يميز جيل زد عن الأجيال السابقة ليس فقط إتقانه للتكنولوجيا أو انفتاحه على العالم، بل منظومته القيمية التي تعكس تحولاً عميقاً في نظرة الإنسان إلى الحياة، ففي حين كانت المكانة الاجتماعية، الوظيفة المرموقة، والمظاهر الخارجية تمثل أهدافاً مركزية لدى الأجيال السابقة، يتجه جيل زد نحو إعادة تعريف النجاح والسعادة، لم تعد الترقية الوظيفية أو امتلاك سيارة فاخرة معياراً للسعادة، بل أصبحت الراحة النفسية، التوازن الشخصي، والقدرة على التعبير عن الذات بحرية هي الغايات الأسمى.
هذا التحول لا ينبع من رفض للمكانة الاجتماعية بحد ذاتها، بل من إدراك عميق بأن السعادة الحقيقية لا تُقاس بما يراه الآخرون، بل بما يشعر به الفرد في داخله، جيل زد يطالب بحقوقه النفسية كما يطالب بحقوقه الاجتماعية، ويبحث عن معنى لحياته يتجاوز الإنجازات المادية، إنه جيل يفضل العمل الذي يمنحه شغفاً على العمل الذي يمنحه راتباً أعلى، ويختار العلاقات الصادقة على العلاقات التي ترفع من شأنه اجتماعياً.
ساندرا فاعور لقيس، معالجة نفسية تقدم لـ"سيدتي" ملخصاً من وجهة نظرها حول جيل زد وقيم الحياة.
من هو الجيل زد؟

ساندرا فاعور لقيس، معالجة نفسية مواليد ما بين 1997 و2012. أول جيل نشأ في بيئة رقمية: تيك توك أهم من التلفاز، غوغل بدل الموسوعات، عاشوا في ظل أزمات كبرى، هجمات 11 أيلول، عدم استقرار اقتصادي، تغيّر مناخي، كوفيد، وحروب. تعلّموا منذ الصغر، تغيّر الأولويات، في السابق، المكانة الاجتماعية = احترام، أمان، وهوية.
اليوم: السعادة = حرية، توازن، أصالة، الجيل زد لا يلاحق الألقاب بل يبحث عن المعنى الحقيقي للسعادة؟ لماذا السعادة أولاً؟ المرآة الرقمية: رؤية مستمرة لـ"حياة مثالية"، أوضحت أن المكانة مقابل السعادة.
الأزمات العالمية: خصوصاً كوفيد، ذكّرتهم بقصر الحياة وهشاشتها، هم أكثر انفتاحاً على العلاج النفسي، وأكثر جرأة في التعبير عن القلق والإرهاق، الأصالة لا أقنعة، فقط الواقعية. كيف يظهر ذلك؟ في العمل يطالبون بالمرونة والمعنى والتوازن، في العلاقات ينهون العلاقات السامة رغم صدمة المجتمع، في الثقافة يتحدّون عقلية "ماذا سيقول الناس؟".
الانتقادات مقابل الحقيقة، يُوصَفون بأنهم "كسالى، مدلّلون، أنانيون"، الواقع: هم يرسمون حدودهم، يرفضون المعاناة غير الضرورية، ويعيشون بصدق، ليست ضعفاً، بل شجاعة. ما الذي يمكننا تعلّمه منهم (نصائح عملية): أعد تعريف النجاح، قِس حياتك بسلامك الداخلي، لا بآراء الآخرين، الاستراحات تُغذّي النمو، ضع حدوداً، السعادة تنمو حيث تُحترم الحدود، اسعَ لاتصالات حقيقية أقل استعراضاً، أكثر عمقاً.
راقِب عواطفك يومياً: السعادة ممارسة يومية، لا هدف نهائي. وتختم اللقيس أنه ربما الجيل زد ليس هشاً، بل مرآة لنا، يُذكّرنا أن المكانة قد تُبهر الناس، لكن السعادة فقط هي ما يُشفي الإنسان، والسؤال الحقيقي لنا جميعاً: هل نمتلك الشجاعة لنختار السعادة أولاً، مثلهم.
الجيل زد توجه مختلف، يُظهر جيل زد توجهاً مختلفاً على عكس الأجيال السابقة التي كانت تسعى غالباً وراء المكانة الاجتماعية، الوظائف المرموقة، والمظاهر الخارجية، يُظهر جيل زد توجهاً مختلفاً في سلم أولوياته. فالسعادة الشخصية، الصحة النفسية، وتحقيق الذات أصبحت في مقدمة اهتماماته، حتى لو تطلب الأمر التخلي عن بعض الامتيازات الاجتماعية التقليدية، أبرز مظاهر هذا التحول العمل المرن مقابل الوظيفة الثابتة، يفضل كثير من شباب جيل زد العمل الحر أو عن بُعد، حتى لو كان أقل دخلاً، على الوظائف التقليدية التي تقيد حريتهم، الصحة النفسية أولاً، أصبح الحديث عن القلق، الاكتئاب، والاحتراق الوظيفي أمراً شائعاً ومشروعاً، بل ويُنظر إليه كجزء من العناية الذاتية، الهوية الفردية قبل الانتماء الجمعي، يسعى أفراد هذا الجيل إلى التعبير عن أنفسهم بحرية، سواء في المظهر، الآراء، أو نمط الحياة، دون الاكتراث كثيراً بنظرة المجتمع.
قد يعجبك ايضاً لماذا يتمرد الجيل زد على العادات والتقاليد القديمة؟
دور التكنولوجيا في تشكيل هذه القيم

وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مزدوجاً من جهة، وفّرت مساحة للتعبير والتواصل، ومن جهة أخرى، خلقت ضغطاً نفسياً بسبب المقارنات المستمرة ومع ذلك، استطاع جيل زد أن يستخدم هذه المنصات لبناء مجتمعات رقمية تدعم قيم السعادة، التقبل، والتنوع.
تأثير هذه القيم على المجتمع
هذا التحول في القيم لا يقتصر على الأفراد فقط، بل بدأ ينعكس على المؤسسات أيضاً، الشركات أصبحت تهتم أكثر بتوفير بيئة عمل صحية ومرنة.
الحملات الإعلانية تركز على الأصالة والتجارب الشخصية بدلاً من التفاخر بالمكانة.
النقاشات العامة أصبحت أكثر انفتاحاً على قضايا مثل الصحة النفسية، الهوية، والعدالة الاجتماعية، يمكنك أيضاً الاطلاع على كيفية التغلب على إدمان مواقع التواصل الاجتماعي ومقارنة الذات بالآخرين.
هل هذا التحول إيجابي؟ رغم بعض التحديات، مثل القلق من المستقبل أو عدم الاستقرار المهني، إلا أن هذا التحول يُعد خطوة نحو مجتمع أكثر إنسانية، فالسعادة الشخصية ليست ترفاً، بل أساسٌ لحياة متوازنة ومجتمع صحي.
للمزيد تابعي ايضا الفرق بين البنات والأولاد من الجيل زد