عندما يُظهر أحد الشريكين، أو كلاهما، عدم النضج العاطفي، فيمكن أن تتحول ديناميكية العلاقة من رعاية إلى ضرر، وقد تتسبب في ضرر دائم للصحة العقلية والرفاهية العاطفية؛ لأن عدم النضج العاطفي هو عدم نضج للسلوك، وعدم القدرة على التحكم في المشاعر، وردود الأفعال تجاه أي موقف، والشعور بالذنب وعدم القدرة على تخطي المشاعر السلبية وضبط النفس، وهذه السلوكيات إذا تُركت من دون رادع؛ ستتسبب في قلق كبير، وتوتر وصراعات لكلا الشريكين في الحياة الزوجية. بالسياق التالي، التقت "سيدتي" خبيرة التنمية البشرية رضوى عباس، في حديث حول أسباب عدم النضج العاطفي.
من هو الشخص غير الناضج عاطفياً؟

تقول خبيرة التنمية البشرية رضوى عباس لـ"سيدتي": "إن الشخص غير الناضج عاطفياً هو من يُعبّر عن مشاعره بشكل غير متناسب مع الموقف، فهو لا يهتم بعواقب ما يفعله، وفي كثير من الأحيان يعطي ردَّ فعلٍ مبالغاً فيه، لأنه قد يجد صعوبة في تنظيم مشاعره، سواء كان ذلك من خلال نوبات غضب أو ضغوط نفسية شديدة عندما لا يحصل على ما يريد، حيث إنه يتميز بالأفعال المتهورة، وعدم القدرة على اتخاذ القرار، ولا يعرف كيف يتحمل مسؤولية أفعاله، ولا يمتلك ذكاءً عاطفياً، فالشريك الذي يعاني من عدم النضج العاطفي يشكّل صعوبة وقلق وتوتر للطرف الآخر، لأنه ليست لديه القدرة على التصرف في المواقف المختلفة بطريقة مناسبة".
ما الذي يسبب عدم النضج العاطفي؟
تقول رضوى عباس إن العلاقات غير الناضجة عاطفياً، رغم كونها صعبة ومرهقة، ليست مستحيلة الإصلاح. فبوجود الأدوات المناسبة، والدعم الكافي، والالتزام من الطرفين، يمكن التعافي وتحويل العلاقة إلى علاقة صحية وأكثر دعماً.
وترى أن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء عدم النضج العاطفي، من أبرزها:
تجارب الطفولة المبكرة
إن الأطفال الذين ينشأون في بيئات تفتقر إلى الأمان، والدعم العاطفي، والذين عانوا من تجارب مؤلمة؛ هم أكثر عرضة لمواجهة أي صعوبات لإدارة مشاعرهم، ويمكن للتجارب المؤلمة أو الإهمال أو التربية غير المتوازنة أن تترك آثاراً دائمة، تؤثر في كيفية تعامل الأفراد مع أنفسهم والآخرين في مراحل لاحقة من حياتهم.
الجروح العاطفية السابقة
يمكن أن تُسهم الجروح العاطفية السابقة، وحدوث مشاكل أثناء فترة الطفولة، مثل تعرض الطفل للعنف أو تعرضه للإهمال، وربما الإفراط في حماية الطفل وعدم تركه يواجه الحياة لتتشكل شخصيته، أو مشاكل الهجر، أو خيانة الماضي، قد يتسبب كل هذا في عدم النضج العاطفي، بل وتكون عائقاً أمام بناء علاقات عميقة قائمة على الثقة مع الآخرين، وبدون التدخل لمعالجة هذه الجروح؛ قد يؤدي بصاحبه إلى الانعزال والانطواء، أو التقلب العاطفي.
السياق التالي يعرفك إلى: علامات النضج العاطفي
عدم وجود القدوة

قد يكون عدم النضج العاطفي ناتجاً عن عدم وجود نماذج إيجابية من النضج العاطفي في حياة الشخص نفسه، أو لا يوجد له قدوة يقتدي بها؛ مثل الأبوين أو أشخاص من المحيطين به يتأثر بهم خلال مراحل النمو، فإذا لم يكن له القدوة الحسنة التي تعلّمه قيمة النضج العاطفي؛ فلابد من البحث عن شخص ناضج يمكنه أن يكون قدوة له، وقد يوجهه ويعلّمه كيفية تطوير نضجه العاطفي.
الافتقار إلى الوعي العاطفي
يمنحنا الوعي العاطفي القدرة على تنظيم مشاعرنا من دون أي جهد، ولكن الشخص عديم النضج العاطفي يفتقد التعاطف مع مشاعر الآخرين، وقد يبدو أنانياً، فلا يأبى إلا بتلبية احتياجاته، فعواطفه غالباً ما تسبب توتراً داخلياً يؤدي إلى مجموعة من المشاكل، بما في ذلك الميول العصبية، والسلوكيات غير الداعمة، والسخط العام، وغالباً ما يجد صعوبة في تحديد مشاعر الآخرين وفهمهم، وقد يغمره الشعور بالانفعال بسهولة وينغلق، أو يُظهر موقفاً دفاعياً، أو يصبح انفعالياً، مما يؤدي إلى صعوبات في التعبير عن نفسه بصدق.
الرهاب من المجهول
الشخص غير الناضج عاطفياً يواجه صعوبة في الالتزام بأي شيء، سواء كانت علاقة رومانسية أو مهنية، حيث إنه دائم الشكّ والخوف من المجهول، وقد تتداخل مع قدرته على أداء المهام اليومية، والسبب في ذلك قد ينبع من الخوف من تجارب سابقة من الأذى أو الرفض، مما قد يجد صعوبة في تنفيذ المسؤوليات؛ بسبب سوء إدارة الوقت من حوله، وعدم قدرته على تحديد الأولويات، وقد يجد صعوبة في تنظيم مشاعره، مما يؤدي إلى سلوك غير منتظم وغير متوقع، لذلك يميل دائماً إلى الاعتماد على الآخرين للحصول على التأييد والدعم.
مهارات العلاقات المحدودة
قد يجد الشخص غير الناضج عاطفياً صعوبة في التعبير عن مشاعره بوضوح أو الاستماع لأي أحد بتعاطف، لذا قد يواجه صعوبات في بناء علاقات هادفة والحفاظ عليها، وهذا النقص في التواصل؛ قد يجعل حل النزاعات مع شريكه أمراً بالغ الصعوبة، فبدلاً من البحث عن إيجاد حلّ؛ قد يقع مع شريكه في فخ اللوم والانطواء العاطفي.
قد ترغبين في التعرف إلى: سلوكيات تكشف عن النضج العاطفي لخطيبك