الحب شعور معقد وعميق، لا يمكن دائماً التعبير عنه بكلمات بسيطة. وقد يجد الإنسان نفسه يتساءل: "هل ما أشعر به هو حب حقيقي؟ أم مجرد إعجاب أو انجذاب عابر؟" هذا السؤال مشروع، خصوصاً في عالم تكثر فيه المشاعر السطحية والارتباطات السريعة. للتأكد من حبك لشخص ما، هناك إشارات وعلامات يمكن أن تساعدك على فهم مشاعرك بشكل أوضح. إيمانويل عوض، أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس، تشرح ل"سيدتي" الفرق بين الحب والإعجاب.
ما هو الفرق بين الحب والإعجاب؟

نعم، بالتأكيد هناك فرق بين الحب والإعجاب. فالإعجاب غالباً ما يبدأ بانجذاب جسدي أو خارجي. هو الانبهار الأولي بالشكل أو الأسلوب، لكنه لا يتجاوز السطح غالباً.
أما الحب، فهو أعمق بكثير. عندما يحب شخصٌ آخر، لا يعود الأمر فقط عن الشكل الخارجي. يبدأ الدماغ بتفعيل مناطق مرتبطة بنظام المكافأة، مما يجعل الشخص يفكر في من يحب باستمرار، يشعر بالسعادة لوجوده، ويرتبط به عاطفياً على مستوى أعمق.
بمعنى آخر، الإعجاب يمكن أن يكون لحظيّاً أو مؤقتاً، بينما الحب ينبع من شعور داخلي بالارتباط والرغبة في مشاركة الحياة مع الآخر، ويكون مصحوباً باهتمام، تفكير دائم، وراحة نفسية.
هناك نمط من أنماط العلاقات أو التفاعل الإنساني، حيث يصبح الشخص ميّالاً إلى إرضاء الآخر على حساب نفسه، حتى لو تطلّب الأمر التنازل أو التضحيات الشخصية.
النقطة الثانية هي أننا أحياناً ندخل في حالة يُمكن وصفها بـ "إذا أردتَ فأنا حاضر"، أي أن يصبح لدينا استعداد دائم لمساعدة الطرف الآخر حتى لو كان ذلك على حساب راحتنا أو مصلحتنا. نصبح على استعداد لتقديم التضحيات، أو نقوم بتنازلات كثيرة في مواقف متعددة. نفاوض ونبحث عن حلول تُرضي الآخر، ونحاول أن نُبقيه سعيداً حتى لو كنا نحن من يدفع الثمن. والأصعب من ذلك، هو أن نُجبر أنفسنا على الضحك أو التصرف بطريقة تُرضي الآخرين بينما نحن لسنا بخير داخلياً.
هناك أيضاً تطور المشاعر من مجرد إعجاب إلى حب حقيقي. عندما نتعرف إلى شخص ما، غالباً ما تبدأ العلاقة باهتمام شخصي. لكن مع مرور الوقت، إذا استمرت هذه المشاعر وتعززت، وتحولت إلى ارتباط أعمق، فإن هذا يدل على وجود مشاعر حب فعلية. فاستمرارية الاهتمام والرغبة، مع تطور العلاقة وتعمقها، يعكس انتقال العلاقة من مجرد انجذاب إلى حب حقيقي وناضج.
ما رأيك متابعة أخطاء شائعة يقع فيها الشباب عند دخول علاقة عاطفية
ولا ننسى الجانب العاطفي من تأثير فقدان شخص نحبه، وكيف يمتد هذا الأثر إلى رؤيتنا للمستقبل. في لحظات الفقد، لا نتوقف فقط عند غيابهم في الحاضر، بل يمتد التفكير إلى المستقبل. نبدأ بتخيّل حياتنا القادمة، لكن من دونهم، نتمنى لو أنهم سيكونون معنا في كل المراحل القادمة، في كل الأحلام التي نحلم بها، وفي كل الأهداف التي نسعى لتحقيقها. نفكر بأحلامنا وهي جزء منها، رسم خططنا وهم حاضرون فيها، نعيش لحظات مستقبلية في مخيّلتنا.
عند فقدان شخص نحبه، لا يغيب فقط عن حاضرنا، بل يبدأ تأثيره بالظهور في كيفية تخيّلنا لمستقبلنا، حيث نستمر في ضمّه إلى أحلامنا وخططنا، رغم معرفتنا أنه لن يكون موجوداً جسدياً فيها.
في النهاية، عندما نحب حقاً، يصبح هناك تقبّل عميق للآخر، حتى مع عيوبه وأخطائه. نحن لا ننكر وجود هذه العيوب، بل نراها ونتعامل معها قدر الإمكان. وهذا لا يحدث عندما يكون ما نشعر به مجرد إعجاب أو انجذاب مؤقت.
علامات تساعدك على فهم مشاعرك

- التفكير المستمر في الشخص :عندما تحب شخصاً، تجده حاضراً في ذهنك بشكل دائم، من دون أن تتعمد التفكير فيه. قد تتذكر تفاصيل صغيرة عنه، أو تتمنى أن تشاركه اللحظات اليومية، حتى البسيطة منها. وجوده في أفكارك بدون سبب واضح علامة على تعلقك العاطفي به.
- الاهتمام الحقيقي بسعادته: الحب الحقيقي يتجلى في رغبتك الصادقة في أن ترى الشخص الآخر سعيداً، حتى لو لم تكن جزءاً من تلك السعادة أحياناً. أنت تهتم بمشاعره، وتود أن تراه مرتاحاً، وتقدم له الدعم من دون انتظار مقابل.
- تقبّله كما هو عندما تحب، فإنك لا تسعى إلى تغيير الطرف الآخر ليتوافق مع توقعاتك. تحب عيوبه بقدر ما تحب مميزاته، وتتعامل مع أخطائه بتسامح. الحب الحقيقي يعني القبول غير المشروط.
- الشعور بالأمان معه إذا كنت تحب شخصاً، فإنك تشعر بالراحة والطمأنينة في وجوده. لا تخشى أن تكون على طبيعتك، ولا تشعر بأنك بحاجة إلى التظاهر بشيء لترضيه. الحب يمنحك مساحة لتكون نفسك.
- الغيرة المعقولة والخوف عليه، الغيرة المعتدلة شعور طبيعي، تعني أنك تهتم وتخشى أن تفقد من تحب. ولكنها تصبح مرضية إن تحولت إلى تملك وسيطرة. الحب الحقيقي يتميز بتوازن بين الغيرة والثقة.
- التخطيط لمستقبل مشترك إذا وجدت نفسك تفكر في الشخص كجزء من مستقبلك، وتضعه ضمن خططك طويلة المدى، فهذا دليل على أن مشاعرك عميقة وجادة، وليست مجرد لحظة عابرة.
قد يهمك الاطلاع على من يخاف من الحب أكثر؟ الشباب أم البنات؟
في النهاية، الحب لا يُقاس بكثرة الكلمات أو اللحظات الرومانسية فقط، بل بالفعل والمواقف والتضحية والصدق. التأكد من حبك لشخص ما يتطلب أن تنظر داخل نفسك بصدق، وتراقب كيف يؤثر وجوده في حياتك. الحب الحقيقي يبني ولا يهدم، يداوي ولا يجرح، ويقودك للنضج لا للضعف .