عملت في بداياتها بمجالِ الخدمةِ الاجتماعيَّة، لكنَّها سرعان ما لاحقت شغفها بالطبخِ، وتحوَّلت إلى هذه المهنةِ، لتصبحَ اليوم الشيفُ السعوديَّةُ ضحى عبدالله العطيشان من الأسماءِ البارزةِ في عالمِ الطهي.
إعداد: عتاب نور
تصوير: مي الحربي
مسيرتُها الجديدةُ، لم تكن مفروشةً بالورد، إذ واجهت تحدِّياتٍ كثيرةً، لكنَّها تخطَّتها بإصرارها على النجاح، وهو ما يؤكِّدُه اليوم إدارتُها ثلاثةَ مطاعمَ في الرياض، تُقدِّم فيها الأطباقَ السعوديَّةَ الأصليَّةَ بلمساتٍ مبتكرةٍ، إلى جانبِ نيلها عديداً من الجوائزِ والشهاداتِ، لتُضيفَ اسمها بجدارةٍ واستحقاقٍ لقصصِ نجاحاتِ المرأةِ السعوديَّة، لا سيما في مجالِ الطهي.
الشيف ضحى العطيشان

ما الذي جذبكِ لعالمِ الطهي ودفعكِ إلى تغييرِ مساركِ المهني في الخدمةِ الاجتماعيَّة؟
العملُ في مجالِ الخدمةِ الاجتماعيَّةِ ممتعٌ، فهو وسيلةٌ لمساعدةِ الآخرين، لكنْ، وبعد تسعةِ أعوامٍ من النشاطِ فيه، اكتشفتُ شغفي بالطهي وإعدادِ أطباقٍ مختلفةٍ. لم أدرك وقتَها ماذا يعني الشغفُ بشيءٍ ما، لكنْ تدريجياً، بدأتُ أشعرُ بسعادةٍ، وراحةٍ نفسيَّةٍ في هذه المهنة، وتطوَّرَ الأمرُ باتِّخاذِ قرارٍ بتنميةِ هذا الشغف، وتعلُّمِ كلِّ أساسيَّاتِ وفنون الطهي.
هل واجهكِ أي نوعٍ من المصاعبِ عند تغييرِ مساركِ العملي؟
رؤيةُ 2030، فتحت لنا كثيراً من الأبوابِ والمجالات، ومنحتنا الثقةَ بأنفسنا، ومهَّدت لي شخصياً العملَ في المطاعمِ منذ عامِ 2017. بدايتي الحقيقيَّةُ في المجالِ، كانت من المنزلِ في 2016، وقد واجهتُ عديداً من الصعوباتِ خلال تلك الفترة، في مقدِّمتها إقناعُ أهلي ومجتمعي بقرارِ تحويلِ مساري المهني إلى مجالِ الطهي، وترك وظيفتي الحكوميَّةِ وراتبي الثابت، لكنْ بإصراري وشغفي، تحوَّلتُ دون تردُّدٍ للعملِ في مطعمٍ، ثم انتقلتُ لخوضِ تجربةِ تقديمِ برنامجٍ طهي تلفزيوني.
ما المهاراتُ المطلوبةُ لتقديمِ برامجِ الطهي؟
لم تكن التجربةُ سهلةً، إذ إن تقديمَ برامجِ الطهي، يحتاجُ إلى كثيرٍ من الخبرةِ، والمهارةِ، والصبرِ، واللباقةِ، وخفَّةِ الدم، والتحدُّثِ بشكلٍ مستمرٍّ طوالَ الـ 45 دقيقةً، وهي مدةُ بثِّ البرنامجِ على الهواءِ مباشرةً، وفي الوقتِ نفسه القيامُ بالطبخِ دون وجودِ مساعدٍ، لكنْ، والحمد لله، تمكَّنتُ من تقديمِ أكثر من 700 حلقةٍ تقريباً، وكان هدفي الأوَّلُ الوصولَ إلى الناسِ، لا سيما النساء، وتعليمهن كيفيَّةَ إعدادِ وجبةٍ للأسرةِ من مكوِّناتٍ بسيطةٍ.

كيف تصفين الاستثمارَ في مجالِ المطاعم؟
بعد اكتسابِ الخبرةِ في المجال، ومعرفةِ الناسِ لي، جاء قراري بالاستثمارِ فيه، والاستقلالِ بذاتي عبر افتتاحِ مطعمٍ خاصٍّ، والتفرُّغِ له، لكنْ مع بدايةِ انطلاقه، تسبَّبت جائحةُ كورونا في إغلاقه، وتكبُّدنا خسائرَ كبيرةً! وحالياً، ولله الحمد، أمتلك ثلاثةَ مطاعمَ، هي مطعمُ “ضحى” المختصُّ بالأكلِ الشامي، والأطباقِ السعوديَّةِ مثل كبسةِ السعادة، ومطعمُ “دكة حارتنا”، المختصُّ بالأكلِ السعودي، ومطعمُ “ضحى إكسبريس”.
ما الذي يُميِّز أطباقَ الشيف ضحى، وكيف تجدين حجمَ الإقبالِ على مطاعمكِ؟
لدي رؤيةٌ، أؤمنُ بها، وهو أن الأكلَ البسيط دائماً ما يجذبُ الناسَ طوالَ العام، أما “الهبَّة”، أو “الترند”، فينتشرُ فترةً معيَّنةً، ثم سرعان ما ينتهي، لذا ما يُميِّزنا هو أننا ببساطةٍ، نُحضِّر «أكلَ البيت»، فكلُّ المقاديرِ والمكوِّناتِ متوفِّرةٌ في أي منزلٍ، ولا نميلُ للمكوِّناتِ الغريبةِ حتى يشعرَ الزبون بأنه في بيته، خاصَّةً مع اعتمادنا على الدقَّةِ في المقادير، وعدمِ تغييرها، ليجدَ الطعمَ نفسه حتى بعد مرورِ عشرةِ أعوامٍ. أنا أجريتُ دراسةً للسوق، واكتشفتُ أن الزبون السعودي، يميلُ للأكلِ الذي اعتاد عليه، ولا تشدُّه الأطباقُ الغريبة، وحتى لو فكَّرَ أن يُغامِر، هو لا يفعلُ ذلك بشكلٍ يومي.
يمكنك الاطلاع على الأطباق السعودية وإبداعات الطهي العالمية في العشاء الاستثنائي السعودي 2025
يشهدُ قطاعُ السياحةِ والضيافةِ تحوُّلاً رقمياً متسارعاً، كيف يمكن للمطاعمِ أن تُسهِمَ بتقديمِ تجربةِ طعامٍ، تعكسُ ثقافةَ وهويَّةَ السعوديَّةِ للسيَّاح؟
تشهدُ السعوديَّةُ تنوُّعاً في المطاعمِ، والمأكولاتِ المقدَّمة، سواء في الرياضِ، أو الشرقيَّةِ، أو الطائفِ، أو الجوف، أو غيرها. المطاعمُ في كلِّ مكانٍ، وهناك جهودٌ جبَّارةٌ من هيئةِ فنون الطهي في وزارةِ الثقافة لتسليطِ الضوءِ على الفعاليَّاتِ والمهرجاناتِ الخاصَّةِ بالأكل، وعلى الأطباقِ الشعبيَّةِ السعوديّةِ بشكلٍ خاصٍّ، تلك التي تُعبِّر عن هويَّةِ وتراثِ كلِّ منطقةٍ في البلاد، وتُشكِّل مصدرَ جذبٍ وإعجابٍ عند كثيرٍ من السيَّاح.

ما مدى نجاحكِ في الابتكارِ وتقديمِ أطباقٍ بنكهةٍ خاصَّةٍ؟
نحن في السعوديَّةِ متمسِّكون بالطعمِ الأصلي للأطباق، لكنْ هذا لم يمنعني من ابتكارِ «كبسةِ السعادة» بإضافةِ الخضارِ والمعكرونةِ إليها، و«كشنةٍ» خاصَّةٍ بضحى، ثم إننا نتميَّزُ بطريقتنا المبتكرةِ في تقديمِ الأطباق، فالتجربةُ البصريَّةُ، لا تقلُّ أهميَّةً عن جودةِ الطعام.
وفي هذا السياقِ أيضاً، ابتكرتُ طبقَ «رافليو» مرقوق، و«رزيلتو» مثل السليق، وطبقَ عريكة. أنا حريصةٌ على تقديمِ أطباقٍ سعوديَّةٍ من مختلفِ المناطق، مثلاً في مطعمِ «دكة حارتنا»، نُقدِّم الكبيبة من حائل، والثمن والجريش والقرصان من نجد، وطبقَ الكابلي من جدة، والزربيان والكابلي من الشرقيَّة، والمرسى من جازان مع بعض الإضافاتِ البسيطةِ التي تتناسبُ مع المطعم.
ماذا عن المنافسةِ في المجال؟
لا أهتمُّ بالمنافسةِ مع الآخرين، بل أرغبُ دائماً في منافسةِ نفسي، وأن أكون في كلِّ عامٍ أفضل مما كنت عليه في العامِ السابق، لذا لم أعد أركِّزُ على ما يُقدِّمه غيري، ثم إن لدي قناعةً بأن مَن يبحثُ عن التطوُّرِ والنجاحِ في أي مهنةٍ بالحياة، يجبُ عليه التركيزُ على نفسه لا على الآخرين.
أنتِ رائدةُ أعمالٍ، كيف يمكنكِ إدارةُ ثلاثةِ مطاعمَ بهذه المهارة؟
يبدأ يومي من الصباحِ الباكرِ، وتحديداً من الساعةِ السادسة، ثم أذهبُ إلى النادي لممارسةِ الرياضة، وأزورُ بعدها المطاعمَ الثلاثةَ لمتابعةِ سير العمل. الأمرُ، يحتاجُ إلى إدارةِ الوقت، وإلى فريقِ عملٍ مميَّزٍ، يمكن الاعتمادُ عليه مع استخدامِ أسلوبِ اللين والشدَّة.

ما رأيكِ في المرأةِ السعوديَّة؟
المرأةُ السعوديَّة، تمكَّنت من الإبداعِ في كلِّ المجالات، واستثمارِ الفرصِ المتاحةِ لها لتحقيقِ أهدافها.
ما رأيك بالاطلاع على أطباق سعودية تقليدية بنفحة عالمية
ما نصيحتُكِ للسعوديَّاتِ الراغباتِ في دخولِ مجالِ الطهي والمطاعم؟
من خلال عملي التطوُّعي في جمعيَّةِ بنيان بين فترةٍ وأخرى، أحرصُ على دعمِ المواهب، وأنصحهم دائماً بامتلاك الرغبةِ، والشغفِ، واكتسابِ الخبرةِ والمهارةِ قبل دخولِ أي مجالٍ. كلُّ موهوبٌ، سيجدُ الدعمَ من جهاتٍ عدة في السعوديَّة، على سبيل المثال، جمعيَّةُ الطهي، ومعهدُ الحكير، يُوفِّران التدريبَ، والتأهيلَ، ويمنحان مكافأةً ماليَّةً مع عقدٍ، ينتهي بالتوظيف.
من أين تجدين الدعمَ للاستمرار؟
أدين لزوجي بالدعمِ والتشجيعِ الدائمَين.
كيف تهتمِّين بجمالكِ على الرغمِ من مشاغلكِ الكثيرة؟
أفعلُ ذلك بالاهتمامِ بتناول الأكلِ الصحِّي، والنومِ المبكِّر، وممارسةِ الرياضةِ، إذ تُسهم في تخليصِ الجسمِ من السموم، وتُجدِّد الخلايا.
ما مشروعاتُكِ المقبلة؟
التوسُّعُ، إن شاء الله، بافتتاحِ مطاعمَ جديدةٍ، وإطلاقِ فروعٍ لها خارجَ الرياض والسعوديَّة.
كلمةٌ أخيرةٌ من وحي اختصاصكِ في الخدمةِ الاجتماعيَّة؟
أنصحُ الجميع بالقول: نحن سنعيشُ مرَّةً واحدةً، لذا علينا أن نعيشَ حياتنا بشكلٍ صحيحٍ، وأن نُركِّز على الأشياءِ الجميلةِ فيها، وأن نتعلَّمَ كيفيَّةَ التغلُّبِ على المصاعبِ، لنُصبِحَ أقوى.
أحتفظ دائمًا بطقوسي الإماراتية الأصيلة؛ فالشاي عندنا ليس مجرد مشروب، بل مجلس، ودفء، وكرم ضيافة
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط





