mena-gmtdmp

مٌؤسسة أكاديمية أوليف غرين نادين أيوب: نحتاج إلى إعادة صياغة الخطاب البيئي بلغة قريبة من الناس

صورة تعبيرية عن حماية البيئة
حوار مع مؤسسة أكاديمية أوليف غرين نادين أيوب

نشأت في بيئة تحترم الطبيعة وتقدّر بساطتها، كان لها أثر بالغ في تشكيل هذا الشغف. كانت دائماً تشعر أن لكل طفل علاقة فطرية مع الأرض والطبيعة. تؤمن بأننا نولد لنتواصل مع العالم من حولنا. وقد ساعدها الحفاظ على هذا الاتصال الداخلي، وحب السفر، والطبيعة، على البقاء قريبة من هذا الشغف البيئي. وكامرأة فلسطينية، نشأت على قيم مرتبطة بمحبة الأرض والعناية بها، وهذا جزء لا يتجزأ من ثقافتنا الأصلية. كانت مشاركتها في مسابقة ملكة جمال الأرض وهذا ألهمها أيضاً للتعمق في مفاهيم الاستدامة، لأنها مسابقة تركز على الغاية والوعي البيئي، ومن هنا بدأت رحلتها في التعلّم وتطوير هذا الشغف نحو التغيير.

لقاؤنا اليوم مع نادين أيوب، الشريك المؤسس لأكاديمية OGA أول منصة من نوعها في المنطقة توظّف الذكاء الاصطناعي لخدمة قضايا الاستدامة.

حوار : لينا حوراني

الزراعة والاستدامة

نادين أيوب

ما هي المواقف والممارسات التي طالما أزعجتك، وجعلتك تحملين هذا الحماس نحو حماية البيئة؟

من أكثر الأمور التي كانت تزعجني منذ الصغر هي مشاهد الهدر المبالغ فيه سواء في الطعام، أو الكهرباء، أو المياه، وخاصة حين نرى، في الجهة الأخرى من العالم، أو حتى في مجتمعاتنا، أطفالاً ونساءً يعانون من شحّ أبسط المقوّمات الأساسية للحياة. رؤية هذا التناقض بين الفائض والحرمان حفّز بداخلي شعوراً بالمسؤولية، لأن الاستدامة لا تعني فقط الحفاظ على الموارد الطبيعية، بل تحقيق العدالة في توزيعها.
نحن نعيش في نظام بيئي مترابط، وكل تصرّف يترك أثره. على سبيل المثال الزراعة، لطالما كانت جزءاً من هوية الأرض واقتصادها، ورغم التحديات لا تزال تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على التراث والمعيشة. لذلك استخدمت صوتي ومنصتي لرفع الوعي والتثقيف حول أهمية دعم المجتمعات الأصلية والزراعة والاستدامة.

علينا فقط أن نُبقي الناس على ما فُطروا عليه، وهو حب الأرض والعناية بها

صوتي ومنصاتي الرقمية

كيف انتقلتِ من القناعة الفردية بالاستدامة إلى تحويلها إلى رسالة عامة ومشروع مجتمعي؟

في إحدى جولات مسابقة "ملكة جمال الأرض"، طُرح عليّ سؤال مشابه خلال فقرة الذكاء، حيث سألني أحد العلماء البيئيين: كيف يمكنني إقناع مجتمعي بأن يكون أكثر استدامة ويهتم بالبيئة؟ وكان ردي ببساطة: علينا فقط أن نُبقي الناس على ما فُطروا عليه، وهو حب الأرض والعناية بها. نحن جزء من الطبيعة ولسنا منفصلين عنها، نعيش جميعاً في نظام بيئي مترابط، وكل حياة تؤثر وتتأثر بالأخرى. لهذا استخدمت صوتي ومنصاتي الرقمية لأذكّر الناس بما نعرفه بالفطرة، ولأكون صوتاً داعماً في المحافل العالمية يدعو إلى تمكين المجتمعات الأصلية، ودعم المزارعين، والحياة المستدامة.

مسؤوليتي تجاه الكوكب

مسؤوليتي تجاه الكوكب


في عام 2022 تم تتويجك كملكة لجمال الأرض، هلاّ حدثينا عن هذا التتويج، وكيف نلته، وماذا كانت خطتك المستقبلية؟
تم اختياري كإحدى حاملات لقب "ملكة جمال الأرض" لعام 2022. كانت تلك من أكثر اللحظات تأثيراً في حياتي، ليس لكونها إنجازاً شخصياً فحسب، بل لأنها منحتني فرصة نادرة أكون على منصة عالمية تُعنى بالأرض، والبيئة، والمسؤولية تجاه الكوكب. كان ذلك تمثيلاً أحمله بفخر مضاعف، وهو جوهر الاستدامة الحقيقية.
لم يكن اللقب مجرد تتويج شكلي، بل مسؤولية حقيقية حملتها بكل التزام. خلال مشاركتي، قدّمت مبادرات بيئية ومجتمعية ركّزت على التوعية في المدارس، وتشجيع السلوكيات المسؤولة بيئياً، مثل تقليل النفايات، والزراعة المجتمعية، والحفاظ على الموارد.
هذا التتويج منحني منبراً واسعاً للعمل عن قرب مع منظمات غير حكومية ومدارس وهيئات بيئية، وساعدني على إيصال رسائل توعوية لشرائح أوسع من المجتمع، خاصة فئة الشباب. بعد التتويج، شعرت بحماس كبير لتوسيع هذا الدور، وبدأت أبحث عن طرق أعمق وأكثر تأثيراً للانخراط مع المجتمع، وتحديداً لدعم القضايا البيئية والاجتماعية المرتبطة بالعدالة والمساواة والتمكين، والتي أعتبرها جزءاً لا يتجزأ من مفهوم الاستدامة الشاملة.
كان هدفي أن أستثمر هذا الاعتراف الدولي في بناء شراكات حقيقية، تُترجم التأثير الفردي إلى أثر جماعي مستدام يخدم كوكبنا ومجتمعاتنا على حدّ سواء.

الذكاء الاصطناعي شريك حقيقي

أنتِ شريكة مؤسسة لأكاديمية أوليف غرين (OGA)، حدثينا عن فكرة إنشاء هذه الأكاديمية.

تجربتي بعد التتويج والعمل مع منظمات غير حكومية ومدارس ومؤسسات بيئية كشفت لي فجوة حقيقية: من جهة، هناك وعي بيئي متزايد، ومن جهة أخرى، هناك ملايين من صناع المحتوى الذين يملكون منصات ضخمة، لكن تنقصهم الأدوات والمعرفة التي تتيح لهم استخدام هذه المنصات لإحداث أثر حقيقي.
من هنا وُلدت فكرة أكاديمية Olive Green، كمبادرة تهدف إلى تمكين صنّاع المحتوى من بناء حضور رقمي هادف ومسؤول، يعتمد على المعرفة البيئية، والسرد المؤثر، وأدوات التكنولوجيا الحديثة.
نحن اليوم نعيش في عصر يتحول فيه الذكاء الاصطناعي من مجرد تقنية إلى شريك فعلي في الإبداع والإنتاج. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80٪ من المحتوى الرقمي خلال السنوات القليلة القادمة سيكون مدعوماً بأدوات الذكاء الاصطناعي، لا نمنحهم فقط المعرفة البيئية، بل نُمكّنهم من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى، تسريع الإنتاج، وتحليل التأثير بشكل ذكي.

نصمم دورات و"ماستر كلاسز" تدمج ما بين فن التأثير الرقمي، وفهم عميق لقضايا الاستدامة، والذكاء الاصطناعي

محتوى هادف ومؤثر

كيف ستساعد الأكاديمية صنّاع المحتوى على تأسيس وتطوير حضور رقمي يحمل رسائل هادفة ويقود التغيير؟ ما هي الأدوات أو التوجيهات؟

نحن في أكاديمية Olive Green لا نقدم مجرد تدريب نظري، بل نحرص على نقل معرفة عملية من أفضل الخبراء في مجالاتهم. بدأنا بشراكة استراتيجية مع معهد SEE Institute ، ذراع البحث والتطوير وراء مشروع "المدينة المستدامة"، لنضمن أن المحتوى البيئي الذي نقدمه مبنياً على تجارب واقعية، وأرقام، ونتائج ملموسة تم تحقيقها ميدانياً.
في الوقت نفسه، نعمل مع مجموعة مختارة من صنّاع المحتوى الذين يتمتعون بخبرة فعلية في إنتاج محتوى هادف ومؤثر، ونجحوا في بناء مجتمعات رقمية قائمة على الوعي والرسالة. بالتعاون معهم، نصمم دورات و"ماستر كلاسز" تدمج ما بين فن التأثير الرقمي، وفهم عميق لقضايا الاستدامة، والذكاء الاصطناعي.
نبدأ بدورتين أساسيتين في الدورة الاولى، لكن رؤيتنا تمتد إلى تقديم سلسلة من البرامج المتقدمة والمتخصصة.
أؤمن أن التغيير يبدأ حين يمتزج الشغف بالمعرفة، وحين يجد المبدع منصة تحترم صوته وتدعمه بالتوجيه المناسب.

فهم التحولات التقنية

أصبح ربط الاستدامة بالذكاء الاصطناعي، أمراً شائعاً من حولنا، مع أنهما قضيتان مختلفتان، كيف تم التوصل إلى ربطهما في مناهج الأكاديمية؟
صحيح أن الاستدامة والذكاء الاصطناعي يبدوان، للوهلة الأولى، مجالين منفصلين، لكن الواقع اليوم يُظهر أن مستقبل الاستدامة لا يمكن فصله عن أدوات التكنولوجيا، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. في الأكاديمية لم نرغب فقط بتعليم مفاهيم بيئية، بل أردنا إعداد جيل قادر على فهم التحولات التقنية واستخدامها بشكل يخدم القضايا المجتمعية والبيئية.
من خلال شراكتنا مع SEE Institute، ومن خلال رصد التطبيقات العملية في مشاريع مثل "المدينة المستدامة"، رأينا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين كفاءة الطاقة، إدارة المياه، تحسين النقل، وتحليل البيانات البيئية لاتخاذ قرارات أكثر دقة. هذه ليست فرضيات، بل نماذج واقعية أثبتت فعاليتها.

قصص تفاعلية للأطفال

قصص تفاعلية للأطفال

أنتم تقومون بتحويل مواضيع الاستدامة إلى محتوى جذّاب، والاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز جودة الإنتاج، كيف تحققون ذلك، أو ما هي الأساليب المتبعة؟

نحن نؤمن أن الرسائل البيئية، مهما كانت عميقة ومهمة، لن تُحدث أثراً ما لم تُقدّم بلغة يفهمها الجمهور ويتفاعل معها. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي كعامل تمكين، لا فقط لتحسين جودة الإنتاج، بل لتوسيع دائرة التأثير وجعل الاستدامة مفهومة وجذابة للجميع، بمختلف أعمارهم وخلفياتهم.
في الأكاديمية، نستخدم الذكاء الاصطناعي لتبسيط استراتيجيات الاستدامة المعقدة وتحويلها إلى قصص تفاعلية ومحتوى بصري مشوّق، خاصة عند مخاطبة الفئات الأصغر سناً. نطوّر حالياً مشروعاً مميزاً يستهدف الأطفال واليافعين، نستخدم فيه الذكاء الاصطناعي والرسوم المتحركة لصناعة محتوى تعليمي ممتع يُعرّفهم إلى مفاهيم مثل إعادة التدوير، الطاقة النظيفة، والحفاظ على الموارد بأسلوب قصصي سهل وساحر.
هذا المشروع، الذي نعتزم إطلاقه في وقت لاحق من هذا العام، يعكس توجهنا نحو التنويع في أساليب التوعية، والتواصل مع شرائح جديدة من المجتمع، لأننا نؤمن أن التغيير يبدأ حين تصل الرسالة إلى الجميع، بلغتهم وبأسلوبهم.

مهما كانت الرسائل البيئية، عميقة ومهمة، لن تُحدث أثراً ما لم تُقدّم بلغة يفهمها الجمهور ويتفاعل معها

شهر التوعية بالتوحد

ما هي اللحظة التي شعرتِ فيها بأن جهودك بدأت تُحدث فرقاً حقيقياً في وعي الناس تجاه البيئة؟

سأشاركك بمثال بسيط لكنه يحمل دلالة عميقة: في العام الماضي، وخلال شهر التوعية بالتوحد، نشرت مقطع فيديو قصيراً أشارك فيه معلومات وأفكاراً بسيطة حول فهم اضطراب طيف التوحد وكيفية التعامل بوعي مع هذه الفئة. لم أتوقع أن يلقى هذا الفيديو ذلك الصدى الكبير، لكنني فوجئت بعدد الرسائل التي وصلتني من أشخاص يطلبون معرفة المزيد، أو يسألون كيف يمكنهم دعم أبنائهم أو أصدقائهم ممن لديهم تحديات مشابهة.
ما لمسته من خلال هذا التفاعل أن الناس متعطشون للمحتوى الهادف، الذي يخدم مجتمعاتهم ويمنحهم أدوات لفهم من حولهم بشكل أعمق. هذا الموقف أكّد لي أن التغيير الحقيقي لا يحتاج إلى حملات ضخمة أو منصات إعلامية كبرى، بل إلى نية صادقة ورسالة واضحة تُقدم في الوقت المناسب، وأن المحتوى الهادف لا يُلهم فقط، بل يُحفّز على التعلّم والفعل أيضاً.

البيئة مسؤولية جماعية

البيئة مسؤولية جماعية

برأيك، ما هو العنصر المفقود في الخطاب البيئي اليوم؟ وما الذي نحتاجه لنقرب قضايا الاستدامة من الناس؟

أحياناً عند الحديث عن البيئة نُكثر من الحديث عن الأرقام، الكوارث، والانبعاثات، ولكننا ننسى أن الاستدامة في جوهرها هي قضية إنسانية. ما لم يشعر الفرد أن هذه القضايا تمس حياته اليومية، صحته، أسرته، ومستقبله، فستبقى بالنسبة له مفاهيم بعيدة أو مُعقدة.
نحتاج إلى إعادة صياغة الخطاب البيئي بلغة قريبة من الناس، تربط بين التغير المناخي وما يحدث في بيوتنا وأسواقنا وشوارعنا. نحتاج أن نُظهر كيف تؤثر الاستدامة على فرص العمل، على التعليم، على رفاهية الأسرة، وليس فقط على الجليد القطبي.
كما أننا بحاجة إلى إشراك فئات جديدة في هذا الحوار، الشباب، الأمهات، المعلمين، وحتى أصحاب المشاريع الصغيرة لأن كل فرد يمكن أن يكون جزءاً من الحل إذا شعر أن صوته مسموع وأن تغييره يحدث فرقاً.
البيئة ليست مسؤولية الحكومات فقط، بل مسؤولية جماعية. ومتى ما أصبح الخطاب شاملاً وإنسانياً، سيتحول الوعي إلى سلوك وأسلوب حياة.
بمناسبة ساعة الأرض.. مدن حول العالم تطفئ أضواءها اليوم

ثقافة الاستهلاك المفرط

إذا كان بإمكانك تغيير سلوك بيئي واحد في المجتمع، فماذا سيكون ولماذا؟

لو كان عليّ أن أبدأ بتغيير سلوك واحد فقط، لاخترت ثقافة الاستهلاك المفرط، سواء في الطعام، أو الموضة، أو الطاقة. هذا السلوك، رغم أنه أصبح عادياً ومقبولاً في كثير من المجتمعات، هو في الواقع أحد أكبر مسبّبات الضغط على البيئة، ويقود بشكل مباشر إلى الهدر، التلوث، وفقدان الموارد.
الاستهلاك الواعي ضرورة بيئية وأخلاقية. نحن نعيش في زمن أصبح فيه من السهل أن نشتري أكثر مما نحتاج، ونرمي أكثر مما نستخدم، من دون أن نُدرك الأثر الكامن خلف كل منتج: الماء المُستخدم لإنتاجه، الطاقة، النقل، وحتى اليد العاملة التي صنعته.
ما أتمنى رؤيته هو تحوّل نحو أسلوب حياة يعتمد على "الاختيار المسؤول" أن نسأل أنفسنا قبل كل قرار استهلاكي: هل أحتاجه فعلاً؟ ما أثره البيئي؟ وهل هناك بديل أكثر استدامة؟
إذا استطعنا تغيير هذا السلوك، سنكون قد وضعنا حجر الأساس لمجتمع أكثر وعياً، وأكثر انسجاماً مع كوكبه وموارده.
المملكة تحتفي بيوم مبادرة السعودية الخضراء

نصائحي للأمهات

حماية البيئة تبدأ من التعلم في الصغر، ما هي نصائحك للأم التي ترغب بتربية أبنائها على أسس بيئية مستدامة؟

  • التربية البيئية لا تبدأ بمحاضرات معقّدة، بل تبدأ بالقدوة. أقول دائماً إن الطفل لا يتعلّم من التوجيه بقدر ما يتعلّم من الملاحظة. لذا أول نصيحة أقدّمها لأي أم هي: عيشي الاستدامة أمام أطفالك، ولو بخطوات بسيطة.
  • شاركيهم فرز النفايات في المنزل، تحدثي معهم عن أهمية إطفاء الأنوار عند مغادرة الغرفة.
  • اصطحبيهم في نشاطات زراعية بسيطة—حتى لو كانت زراعة نبتة صغيرة على الشرفة. هذه التجارب تزرع فيهم وعياً عملياً لا يُنسى.
  • أدخلي مفاهيم الاستدامة في القصص التي نحكيها، والألعاب التي نختارها، والمشتريات التي نستهلكها كأسرة. فالطفل الذي يشارك في اختيار منتج محلي أو مُعاد تدويره، يتعلّم من دون أن يُدرِك أن هذا اختيار بيئي.
  • اربطي حماية البيئة بقيم مثل الرحمة، والعدل، والمسؤولية، حتى يكبر الطفل وهو يرى أن الاستدامة ليست فقط نمط حياة، بل انعكاساً مباشراً لإنسانيته.
  • علّمي أطفالك حماية البيئة تبدأ في الصغر.

شخصيات تلهمني في حماية البيئة

شخصيات تلهمني في حماية البيئة

من هي الشخصية البيئية العالمية التي تلهمك، وترين أن طرحها لقضايا الاستدامة يترك أثراً حقيقياً؟

من الشخصيات التي لطالما أثّرت في وألهمتني بأسلوبها في طرح قضايا البيئة هو السير البريطاني ديفيد أتينبورو. قدرته على تبسيط أعقد المفاهيم العلمية بلغة شاعرية وإنسانية جعلت من برامجه أكثر من مجرد توثيق للطبيعة—بل دعوة صريحة للتأمل، وإعادة التفكير في علاقتنا مع الكوكب.
كذلك أرى أن السويدية غريتا ثونبرغ، رغم صغر سنّها، شكّلت ظاهرة عالمية غيّرت نظرة كثيرين تجاه دور الشباب في حماية البيئة. شجاعتها في مواجهة صناع القرار، واستخدامها لمنصاتها في الدفاع عن المستقبل، أكّدت أن الصوت الصادق، مهما بدا صغيراً، يمكن أن يحدث موجات تغيير حقيقية.
ما يميّز هاتين الشخصيتين هو قدرتهما على نقل الوعي البيئي من إطار النخبة إلى خطاب جماهيري، يمسّ الناس في كل مكان، ويحفّزهم على التفكير والتصرف.

*نحن نعيش في زمن أصبح فيه من السهل أن نشتري أكثر مما نحتاج، ونرمي أكثر مما نستخدم

النساء قدوة

كيف يمكن للمرأة أن تجسّد مبدأ الاستدامة في سلوكها اليومي؟

نحن كنساء، بطبيعتنا نميل إلى الرعاية والاهتمام، وهذه الفطرة تمتد بشكل جميل إلى الأرض أيضاً. تجسيد الاستدامة لا يتطلب مبادرات ضخمة، بل يبدأ من قرارات واعية يومية: إعادة الاستخدام، الاستهلاك المسؤول، تثقيف أطفالنا عن حماية البيبئة، ودعم المشاريع المحلية.
سواء كنا في المنزل، أو في الأعمال، أو على المنصات الرقمية، لدينا نحن النساء القدرة على التأثير وصنع التغيير الثقافي. سواء كنتِ معلمة، أمًا، مديرة تنفيذية أو طالبة، اختياراتكِ تُحدث فرقاً.

التغيير لا يبدأ من الخارج

ما رسالتك إلى الجيل القادم من الشباب وصنّاع المحتوى؟

في هذا العصر، لم تعد القوة في يد من يملك المنصة الأكبر، بل في يد من يملك الرسالة الأصدق. اليوم، وبفضل التكنولوجيا، كل شخص يملك صوتاً، وكل صوت يملك فرصة حقيقية لصناعة الفرق. لم يعد هناك عذر لنبقى على الهامش، بضغطة زر، يمكنك أن توصل فكرة، تُغيّر سلوكاً، وتُلهم الآخرين.
لكن التغيير لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل. من قناعتك، من مبادئك، من رغبتك الصادقة في أن تعيش في عالم أفضل. وعندما تكون رسالتك نابعة من وعي داخلي حقيقي، ستنعكس تلقائياً على من حولك، وستكبر دوائر التأثير من دون أن تشعر.
في عالم مزدحم بالأصوات والمحتوى، أصبح من الضروري أن يكون لك هدف، أن تستخدم صوتك فيما يهم. ليس فقط في تحديات قضايا البيئة، بل في كل قضية تستحق أن تُروى: حقوق الإنسان، حقوق المرأة، مناهضة التمييز، الرفق بالحيوان، التعليم، الصحة النفسية، أي قضية تشعر أنها تمسك وتُعبّر عنك.