أن تضمي مولودك لصدرك لأول مرة، وأن تصبحي أمّاً على أرض الواقع، وحين تُمسكين بمولودك، تحدقين في وجهه البريء المتورد، فتشعرين بمدى انبهار الأمومة، والأجمل أن تقفزي من مكانك أو تستيقظي من نومك لمجرد سماع صوت أو همهمة طفلك لهو أمر ممتع، لحظة لا تشبه غيرها، تنطق بأن قلبك يحب.
لكن في المقابل؛ هناك همسات خائفة تتردد، ضربات قلب متسرعة لا تهدأ، يرافقها خوف من المسؤولية؛ وأسئلة تتكرر:
هل سأكون أمّاً جيدة؟ هل سأحسن رعاية طفلي، أم سأفشل في مهمتي؟ ولكن المطمئن أن مشاعرك ليست نادرة، وإنكِ لستِ وحدك، بل هي تجربة نفسية مشتركة، تخوضها كثير من النساء في صمت، ومن دون توقف.
في هذا التقرير نتعرف من الدكتورة هبة الطوخي استشارية الطب النفسي إلى أسباب خوف الأم من مسؤولية المولود الجديد، أشكال هذا الخوف، وأهم الطرق للتعامل معه، بجانب الاستماع إلى تجارب بعض الأمهات.
أسباب خوف الأم من مسؤولية المولود الجديد

"الخوف من المسؤولية شعور طبيعي تماماً عند الأمهات الجدد، وهو مزيج من القلق، وتضخم الإحساس بالواجب، ورغبة قوية في ألا تُخطئ.
مصدره غالباً أسلوب التربية المنزلية الاجتماعية، التي تزرع في الفتاة منذ صغرها أن الأمومة مهمة مثالية لا يُقبل فيها الفشل.
لكن المشكلة في هذا الأمر؛ أن المبالغة في هذا الإحساس، من دون تنفيس أو دعم، قد يتحول إلى قلق مرضي، أو حالة تعرف باكتئاب ما بعد الولادة.
كيف أعاقب طفلي بطريقة صحيحة؟..تابعي التفاصيل
أشكال الخوف

لا تأخذ مخاوف المسؤولية تجاه المولود شكلاً واحداً، بل تتنوع بحسب الشخصية، وطبيعة الدعم المتوافر للأم أبرزها :
- الخوف من إيذاء الطفل من دون قصد؛ كأن تنام الأم بدون أن تلاحظ بكاء وليدها، أو أن تُطعمه شيئاً يضره من دون قصد.
- الخوف من عدم تلبية احتياجاته، خاصة حالة الرضيع الذي لا يفهم الكلام، فيصعب على الأم تفسير بكائه او معرفة حاجته.
- الخوف من فقدان الهوية؛ حيث تشعر بعض النساء بأنهن فقدن ذواتهن القديمة، واستبدلنها بعبء مستمر.
- الخوف من الأحكام الخارجية؛ كثيرات يضعن في أذهانهن كلام الناس، أن يُنظر إليهن كأمهات فاشلات.
- الخوف من المستقبل؛ فالأم تتساءل: هل سأتمكن من تربيته؟ هل سأحسن دعمه؟ ماذا لو مرض؟ ماذا لو احتاجني ولم أكن حاضرة؟
الأمومة مهمة كبيرة
استعدى بشراء منتجات للعناية ببشرتك مثل: كريم للعين والهالات السوداء والانتفاخات. نعم الأمومة مهمة صعبة، حيث تشعرين بالإجهاد والتعب باستمرار بعد ولادة طفلك الجديد، وهو أمر يجب أن تعرفه وتقبل به الأمهات.
اتركي طفلك يبكي دقيقة وإذا لم يكف عن البكاء هدئيه وهدهديه حتى ينام؛ بكاء الطفل لا يعني دائماً أن طفلك يعاني من مشكلة ما مثل؛ أنه يريد تغيير الحفاضة أو يشعر بالجوع أو المغص، فأحياناً يكون البكاء دلعاً أو يريدك بجواره.
تأكدي أنكِ قمتِ بشراء كل ما سيحتاجه طفلك من أصغر شيء إلى أكبر شيء، فلا تنسي الأشياء الصغيرة مثل: الجوارب، القفازات، القبعات، وكذلك كريمات العناية ببشرة الرضيع وغيرها.
اشتري منتجات العناية ببشرة طفلك، وتكون مخصصة للأطفال الرضع لأنهم يكونون ذوي بشرة حساسة، فلا يجب أن تستعملي الشامبو أو الصابون العادي.
انتبهي إذا كنتِ عصبية وحزينة أومنفعلة باستمرار، سينعكس هذا الأمر على نفسية طفلك وتجدينه دائم البكاء، لذا تجنّبى العصبية أمام الطفل، حتى لا يتأثر بكِ.
حاولي أن تستعيدي وزن جسمك قبل الولادة، والبدء فى ريجيم يناسب فترة الرضاعة وممارسة رياضة خفيفة تناسبك، وذلك حتى ترضي عن نفسك.
قومي بعمل روتين يومي يساعد طفلك على الخلود إلى النوم سريعاً؛ بأن يأخذ "حمام دافئ" ويأخذ رضعته الليلية ثم ينام.
أشياء تتغير وتخالف توقعاتك بعد الولادة

- الرضاعة الطبيعية لا تأتي دائماً بشكل سلس طبيعي؛ العديد من النساء لا تتحقق توقعاتهن الخاصة، وقد يفقدن القدرة على ذلك، أو يتعرضن لنقص الحليب أو التهاب الضرع بعد الولادة.
- يقل اهتمامك بمظهرك من دون إرادتك؛ قبل إنجاب الأطفال، يكاد يكون من المستحيل تخيل وجود تقيؤ لشخصٍ ما على ملابسك، ولكن بعد الولادة تتعرضين لذلك كثيراً، ولا تستطيعين حتى الاستمتاع بقهوة الصباح .
- ستكافحين باستمرار لتقولي "لا"، عندما يقول الآخرون "نعم"، ستكونين الشخص الأكثر صرامة في حياة طفلك، الجميع يقومون بتلبية رغباته، ويحاولون إقناعك بأن ما تفعلينه يعد صرامة منك، وهناك أمهات تسمح.
- سيعطيك الآخرون رأياً حول كل شيء يخص طفلك، وستعرفين أنه لا شيء يغضبك أسرع من هذا، الجميع: الأمهات وأبناء العم والأصهار والأصدقاء، وبالطبع الغرباء لن يفوتوا أبداً فرصة تقديم بعض النصائح لك.
- ستمارسين الكثير من الضغوط على نفسك وتأنيبها؛ تريدين أن تكوني مثالية في كل شيء، وإذا كان هناك شيء لا يسير بالسلاسة التي كنت تخططين لها، فقد يجعلك ذلك تشعرين بالاكتئاب، ورغم ذلك فعليك أن تستمتعي بكل لحظة.
زوجك سوف يتغير
في بعض الأحيان ستكرهين زوجك لأنه ينام من دون مسئوليات تجاه الطفل، بينما عليك أن تستيقظي في الرابعة صباحاً لإطعام طفلك، ولكن عندما ترين أن شريكك "الأب" يقدم الاهتمام والرعاية لطفلك، فهذا يجعلك تشعرين بالحب والراحة.
إنه مستوى جديد تماماً من العلاقة عندما يتعين عليكما تربية طفل صغير معاً، وذلك قد يجعل زواجك أقوى بكثير.
مخاوف أمهات..بدأن تجربتهن بالألم حتى وصلن للطمأنينة

هناء (31 عاماً):
"كنت أخاف أن أحممه! أتخيله وكأنه ينزلق من يدي، دائماً ما كنت أراقبه وهو نائم لأتأكد أنه يتنفس، كنت أشعر بالذنب لو بكى حتى خمس دقائق، بعد فترة بدأت أقرأ وأتعلم وأتواصل مع أمهات أخريات وهدأت".
سالي (28 عاماً):
"كنت أبكي كل يوم بعد الولادة، شعرت لأيام أني عاجزة، متعبة، لا أستطيع النوم، ولا أجرؤ على ترك مولودي وحده، لكن حين أخبرت صديقتي، قالت لي ببساطة: الأمر طبيعي، كلنا مررنا بهذه المشاعر، وقتها شعرت أني لست وحدي."
طرق عملية للتعامل مع الخوف من المسؤولية
تقبّلي أن الخوف طبيعي:
أنتِ لا تخذلين طفلك حين تظهرين خوفك وقلقك عليه، بل تُظهرين حبك، فتقبلي مشاعرك من دون لوم وتأنيب، وكرري لنفسك: أنا أم صالحة، وأنا أشعر فقط بالقلق، وهذا القلق يعني أني أُحب ولدي، ولهذا لا أريد أن أقصّر معه.
اعرفي أكثر فيقل خوفك:
افهمي أكثر عن المولود، طبيعته، نموه، احتياجاته، فيتراجع الغموض الذي يغذي القلق، وتابعي كتباً موثوقة أو بودكاست عن الأمومة.
اسألي طبيب الأطفال من دون خجل، وشاركي في مجموعات دعم للأمهات عبر الإنترنت، كل معلومة صحيحة، تضيء لكِ طريقاً مظلماً في رحلة الأمومة.
لا تطلبي المثالية والكمال:
أكبر فخ تقع فيه الأم هو وهْم أن تكوني الأم "المثالية"، توقعي أن تُخطئي، أن تتعبي، أن تبكي، أن تتعصبي أحياناً، كلها تصرفات عادية وتحدث، وهذا لا يجعلك أمّاً سيئة، بل يجعلك إنسانة حقيقية.
استعيني بمن حولك:
اطلبي الدعم من الزوج، الأم، الأخت، الصديقة، لا تخجلي من طلب المساعدة، "أنا مرهقة. ساعدوني"، لا يوجد ما يسمى بالأم الخارقة؛ التي تفعل كل شيء بمفردها وتبتسم دائماً، إنها ليست سوى خرافة.
تفاعلي بممارسة التنفس والتأمل:
عندما يهاجمك الخوف، جرّبي تمارين التنفس العميق، اجلسي في مكان هادئ، خذي شهيقاً ببطء حتى العد 4.
احبسي النفس 4 ثوانٍ، اطلقي الزفير على مدى 4 ثوانٍ، وكرّري ذلك 3 مرات، وستشعرين بفرق.
سجِّلي مشاعرك.. اكتبيها:
خصّصي دفتراً تكتبين فيه ما تخافين منه؛ عندما تضعين الخوف على الورق، يقل من إحساسك به، فتسير بك الحياة بشكل عادي.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
