mena-gmtdmp

العلماء يكتشفون سبباً جديداً لتطور مرض الزهايمر باستخدام الذكاء الاصطناعي

امرأة تعاني من الزهايمر
امرأة تعاني من الزهايمر

مرض الزهايمر هو أحد أمراض العصر، فهو مرض عُضال، ترتفع معدلات الإصابة به بشكل متسارع، كما أنه لا يزال يصعب علاجه أو السيطرة عليه، ولذلك يعكف العلماء على دراسة أسباب الإصابة بالمرض أملاً في استحداث علاج أكثر فعالية بزرع الأمل لدى المرضى وعائلاتهم، أو هؤلاء الذين لديهم فرص أعلى للإصابة.
يبدو أن الذكاء الاصطناعي بات الحليف الأبرز في مجال الاكتشافات الطبية الحديثة، ولاسيما ما قام به في تحديد سبب جديد للإصابة بالزهايمر، فقد توصل علماء من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، عبر تقنيات تحليلية متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي، إلى تحديد سبب جديد ومحتمل لتطور الزهايمر، يتمثل في وظيفة غير معروفة سابقاً لجين يعرف باسم PHGDH، مما قد يحدث تحولاً كبيراً في آفاق التشخيص والعلاج.

إعداد: إيمان محمد

كشف جديد يزرع الأمل لدى مرضى الزهايمر

يعد هذا الاكتشاف الذي نشر في موقع Cybersecurity Intelligence، من بين أبرز الاختراقات الطبية لهذا العام، ليس فقط لأنه يعيد تعريف دور أحد الجينات في تطور مرض الزهايمر، بل لأنه يطرح فرصة لعلاج دوائي واعد يسمى NCT-503، قد يساعد مستقبلاً في كبح تقدم المرض.

اكتشاف سبب مباشر لمرض الزهايمر

الزهايمر هو حالة ناتجة عن تلف خلايا الدماغ - المصدر freepik

قبل هذا الاكتشاف كان يُنظر إلى الجين PHGDH كمؤشر بيولوجي يرتفع في أدمغة مرضى الزهايمر، أي أنه مجرد علامة على وجود المرض وليس سبباً له، لكن باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البنية ثلاثية الأبعاد للبروتين الذي ينتجه هذا الجين، توصل الفريق البحثي إلى وظيفة جديدة وخطيرة لهذا الجين.
تشير الدراسة إلى أن PHGDH لا يكتفي بإنتاج حمض أميني يدعى السيرين، بل يمتلك بنية فرعية تمكِّنه من الارتباط بالحمض النووي، ومن ثم تغيير التركيبة الجينية داخل الخلية، هذا التغيير في عمل الجينات، وفقاً للباحثين، قد يؤدي إلى اختلالات خلوية تساهم في تطور مرض الزهايمر، وهو ما لم يكن معروفاً من قبل.
ما قدمته الدراسة الجديدة لا يعتبر فقط اكتشافاً لجين نشط يرتبط بحالات الزهايمر، بل هو إعادة صياغة لفهم المرض من جذوره الجزيئية، فبدلاً من التعامل مع الزهايمر باعتباره نتيجة تراكمات بروتينية فقط، بات ينظر إليه الآن كاضطراب في نظام التعبير الجيني العصبي، يمكن التحكم فيه من خلال كبح سلوك جيني شاذ في مراحله المبكرة.
وبحسب ما ذكره الموقع في تقريره، فإن النماذج الحيوانية والأعضاء الدماغية المزروعة مخبرياً أظهرت أن ارتفاع نشاط هذا الجين أدى إلى تفاقم أعراض الزهايمر، بينما أدى خفض نشاطه إلى تباطؤ تقدم المرض، مما يثبت أنه ليس مجرد سبب بسيط، بل مشارك فعّال في سير المرض.

الجين المسبب للزهايمر

بحسب ما جاء في تقرير منشور على Slashdot، فإن من أخطر ما كشفه تحليل الذكاء الاصطناعي أن البروتين الناتج عن PHGDH يمتلك جزءاً يشبه "عوامل النسخ"، وهي البروتينات التي تتحكم في عمل أو كبح جينات أخرى، وبهذه القدرة، يصبح PHGDH قادراً على تعطيل أو تفعيل جينات معينة في خلايا الدماغ، ما قد يؤدي إلى خلل في عمليات إصلاح الخلايا العصبية أو تكوين الوصلات العصبية، وهي عناصر أساسية في وظيفة الذاكرة.
وحسب ما ورد في التقرير، فإن هذا الجين لم يكن فقط ينتج بروتيناً له وظيفة كيميائية، بل كان يتصرف كمنسق للتعبير الجيني داخل الدماغ، وهو ما يعيد توجيه البحث الطبي نحو فهم أعمق لمسببات الزهايمر على المستوى الجيني وليس فقط على مستوى تراكم البروتينات غير الطبيعية مثل بيتا أميلويد.

العلاج المبكر للزهايمر

النتائج الجديدة التي توصل إليها الذكاء الاصطناعي تطرح فرصاً علاجية جديدة وواعدة، قد تنقذ حياة مرضى الزهايمر، ففي ظل هذه النتائج، بدأ الباحثون في استكشاف خيارات علاجية يمكن أن توقف هذا النشاط الجيني، ومن ثم تحد من فرص تفاقم المرض، كما وجدوا أن هناك جزيئاً صغيراً يُعرف باسم NCT-503 يمكنه الارتباط بالبنية الفرعية الخاصة بالبروتين الناتج عن PHGDH، ما يمنع نشاطه في تغيير التعبير الجيني دون أن يؤثر على قدرته في إنتاج السيرين، ومن دون أن يُحدث آثاراً جانبية كبيرة.
بحسب الموقع السابق ذكره، عند اختباره على نماذج من فئران مصابة بالزهايمر، أظهر الدواء تحسناً ملحوظاً في أداء الذاكرة والسلوك، وهو ما يعطي أملاً بأن يكون هذا المركّب علاجاً دوائياً أساسياً يستهدف الجين من مراحله الأولى قبل أن يتسبب بتلف كبير في الخلايا العصبية.

أهمية الكشف المبكر عن الزهايمر وأثره على مستقبل العلاج

حتى الآن، كانت معظم العلاجات الموجهة للزهايمر تركز على إزالة البروتينات المتراكمة أو الحد من الالتهاب العصبي، لكن لم تكن هناك استراتيجيات فعّالة لاستهداف الأسباب الجينية المبكرة التي تقود إلى تطور المرض. لذا، فإن استهداف وظيفة جينية غير تقليدية مثل PHGDH يعد خطوة نوعية يمكن أن تؤسس لجيل جديد من العلاجات.
ويرى علماء الأعصاب أن ما حققه الذكاء الاصطناعي هنا يتجاوز كونه أداة تحليل، ليصبح شريكاً فعلياً في الاكتشافات البيولوجية، فبدلاً من أن يبحث العلماء بشكل تقليدي عن الجينات المشتبه بها، يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل مئات الجينات والبروتينات دفعة واحدة للكشف عن علاقات خفية ودقيقة لا يمكن للإنسان رصدها بالسرعة والدقة نفسها.
اقرئي أيضاً طرق الوقاية من الأمراض المزمنة ليست صعبة

مستقبل واعد لمرضى الزهايمر

الاكتشاف الذي نحن بصدده لا يزال بحاجة إلى تجارب سريرية عديدة وموسعة، ورغم ذلك فإن النتائج التي تم التوصل إليها بالفعل يمكن وصفها بالواعدة، وهي تقدم أملاً جديداً لمرضى الزهايمر؛ إذ لم يكتفِ العلماء بتحديد سبب جديد، بل قدموا مساراً علاجياً فاعلاً قابلاً للتطوير.

* ملاحظة من "سيِّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة وهذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.