أحياناً لا يكمن التحدي في إنجاز المهام، بل في معرفة من يطلبها وكيف ترتب أولوياتك بينها. عندما يعمل أكثر من مدير معك مباشرة، وتبدأ التعليمات بالتضارب، يتحوّل المكتب من بيئة إنتاج إلى ساحة شدّ نفسي لا يرحم. في لحظة، تجد نفسك ممزقاً بين أوامر متناقضة، كل واحدة منها عاجلة وكل مدير يظن أنك ملكه. فكيف تتصرّف؟ الصمت يُفقدك السيطرة، والتمرد يجلب المواجهة، أما هذه الخطوات الخمس فتمكّنك من النجاة بهدوء وفقاً لعدة أساليب وخطوات تقدمها الأستاذة المتخصصة في علم النفس وتطوير الذات، ناديا نصيرات.
دوّن التعليمات بوضوح
التعليمات اللفظية قد تُنسى أو تُشوّه، لكن ما يُدوَّن يبقى واضحاً. عندما تبدأ بتوثيق كل مهمة أو توجيه، سواء عبر البريد الإلكتروني أو حتى في دفتر خاص، فأنت تخلق لنفسك مرجعية واضحة تعود إليها عند الحاجة. هذا التوثيق يمنحك قوة في لحظة التداخل، حيث يمكنك مراجعة التوقيت، والصيغة، وحتى نوع الطلب. كما أن توثيق المهام يُظهرك كموظف دقيق ومنظم، يعرف ما هو مطلوب منه، ويأخذ الأمور بجدية. وهو أيضاً أداة دفاع ناعمة في حال وُضعت في موقف اتهام أو تذكير غير دقيق.
حلول مقترحة: كيف تحمي موظفيك من الآثار السلبية للملاحظات؟
اطلب توضيح الأولويات
كثير من الموظفين يترددون في طلب ترتيب الأولويات خوفاً من أن يُفهم ذلك كرفض أو اعتراض، لكنه في الواقع سلوك احترافي. عندما تُبلّغ مديرك أنك تعمل حالياً على مهمة معينة، وتسأله عن مدى أولوية ما يطلبه، فأنت لا تتهرب، بل تُحاول تقديم الأفضل بدون تشتت. هذه الخطوة تُظهر وعيك بضغوط العمل، وحرصك على الأداء العالي، وتدفع المدير لمراجعة ما يطلبه منك ومتى. كما أنها تحميك من الانهيار الصامت، حين تحمل فوق طاقتك لأنك لم توضح الصورة منذ البداية.
ابق حيادياً في السلوك
من أصعب الفخاخ التي يقع فيها الموظف، أن يبدو كأنه أقرب لأحد المديريْن، أو أنه يُفضّل تلبية توجيهات شخص من دون الآخر. حتى لو كنت ترتاح في التعامل مع مدير معين، أو تجد أسلوبه أكثر مرونة، يجب أن تحافظ على حيادك المهني الكامل. هذا الحياد يظهر في لغة جسدك، في تعليقاتك، في اختياراتك للكلمات. لا تتحدث عن أحد المديرين مع الآخر، ولا تُظهر ملامح انزعاجك من تعليمات أي منهم. أنت هنا موظف مهمتك إنجاز العمل، لا أن تكون طرفاً في معارك خفية. وهذا الحياد وحده يكسبك ثقة الجميع بمرور الوقت.
اعلم المديريْن بتداخُل المهام
حين تتلقّى مهمتيْن متزامنتيْن من جهتيْن مختلفتيْن، لا تتجاهل الأمر وتبدأ بالعمل عشوائياً. تواصل بوضوح مع كل طرف، واعلمهما بوجود مهمة أخرى في نفس الإطار الزمني، واطلب ترتيباً منطقياً أو دعماً في تحديد الأهمية. لكن احذر أن يكون ذلك على شكل شكوى، أو نقل للاتهامات بين الأقسام. استخدم أسلوباً مهنياً مثل: أرغب في تنفيذ المهمتين بجودة، لكن هناك تداخل في الوقت، هل تفضّل تقديم هذه على تلك؟ هذا الأسلوب يُعفيك من الإحراج، ويضع المسؤولية في يد الإدارة لا في ظهرك وحدك.
استعن بمديرك المباشر دائماً
إذا وصلت لمرحلة أصبحت فيها التعليمات كثيرة ومتضاربة ومؤثرة على جودة عملك وصورتك، فالمرجع الأساسي هو مديرك المباشر. هو الشخص الذي يحدد مسؤولياتك الفعلية، ويرى الصورة من أعلى، ويملك الصلاحية لحسم التداخلات. لا تتصرف وحدك تحت الضغط، ولا تتجاهل الأوامر متوقعاً أن يتفهم الجميع. حين تعود لمديرك وتشرح له الوضع، فأنت توصل رسالة مفادها أنك حريص على النظام والجودة، لا على المجاملة أو الهروب. وهذا ما يجعلك في عين الإدارة موظفاً ناضجاً لا ضحية.
هل تعلم: 6 مهارات شخصية يجب على أصحاب العمل تقديرها في المتقدمين للوظيفة