mena-gmtdmp

كيف تسبب ChatGPT في اختفاء ثلث وظائف المبتدئين ببريطانيا؟

اختفاء ثلث وظائف المبتدئين في بريطانيا بعد ظهور ChatGPT
اختفاء ثلث وظائف المبتدئين في بريطانيا بعد ظهور ChatGPT- المصدر: freepik by fxquadro


في زمنٍ يتسارع فيه الذكاء الاصطناعي ليفرض إيقاعه على سوق العمل، لم يعُد السؤال: "هل سيؤثّر على وظيفتي؟"؛ بل أصبح: "كيف أحمي نفسي من أن أصبح الرقم التالي في قوائم الاستغناء؟". أظهرت بيانات من موقع التوظيف Adzuna، أن الوظائف المخصصة للمبتدئين في المملكة المتحدة، قد انخفضت بنحو الثلث منذ إطلاق "تشات جي بي تي". وهو مؤشّر صادم يوضّح حجم التغيّر. يطرح هذا الواقع تحدياً كبيراً أمامك كموظف: ما هي المهارات التي يمكن أن تمنحك حصانة مهنية وتبقيك في قلب اللعبة؛ بدلاً عن أن تُستبدل بخوارزمية؟

الذكاء الاصطناعي يبتلع ثلث وظائف المبتدئين:

تخيّل نفسك اليوم موظفاً أو خريجاً جديداً تبحث عن فرصة عمل، ثم تكتشف أن السوق تغيّر بشكل كبير بعد دخول الذكاء الاصطناعي بقوة. الأبحاث الأخيرة تكشف عن أن وظائف المبتدئين في المملكة المتحدة، تراجعت بنسبة تقارب الثلث منذ إطلاق "تشات جي بي تي"؛ لتصبح فرص البداية أقل بكثير مما كانت عليه قبل سنوات قليلة فقط. هذا لا يعني نهاية الطريق، لكنه يوضح أن المنافسة أصبحت أصعب، وأن الاستعداد مطلوب أكثر من أيّ وقت مضى.
البيانات الصادرة عن موقع "Adzuna" توضّح أن الوظائف المخصصة للخريجين والمبتدئين، هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ جائحة كورونا، وأصبحت تمثل ربع سوق العمل فقط، بعدما كانت تقترب من 30% في عام 2022. أحد الأسباب الواضحة هو اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي لأداء المهام الروتينية بسرعة وكفاءة. لكن هناك أيضاً عوامل أخرى مثل: ارتفاع تكاليف العمالة، وزيادة مساهمات التأمين الوطني؛ مما يجعل أصحاب الأعمال يترددون في توظيف موظفين جُدد.
تجنّب الخسائر: 8 مواقف مكتبية قد تدمّر أعصابك: كيف تسيطر عليها بذكاء وبلا خسائر؟
منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر 2022، ارتفعت قيمة الشركة المطوّرة له إلى 300 مليار دولار؛ لتتجاوز كبرى شركات لندن المدرجة في البورصة. لكن هذا الصعود الكبير حمل معه تحذيرات جِدية. خبراء في شركات الذكاء الاصطناعي، مثل داريو أمودي الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك"، يرون أن نصف وظائف المبتدئين قد تختفي خلال خمس سنوات فقط؛ مما قد يرفع معدلات البطالة في بريطانيا إلى مستويات خطيرة تصل إلى 20%.
شركات كبرى بدأت بالفعل في تنفيذ خطط لخفض أعداد موظفيها. شركة BT للاتصالات أعلنت نيتها تقليص 40 إلى 50 ألف وظيفة بحلول عام 2030؛ مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي سيغطي جزءاً متزايداً من المهام. أما أمازون فقد كشفت عن خطوات مشابهة؛ حيث ستستبدل الذكاء الاصطناعي ببعض الأدوار البشرية، وإن لم تفصح عن الأرقام بعد. بالنسبة لك كموظف أو خريج جديد، هذه الأرقام ليست مجرد أخبار عابرة؛ بل رسالة واضحة: سوق العمل يتغيّر بسرعة، ومَن ينجو فيه هو من يتأقلم. الاعتماد على الذكاء الاصطناعي أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، وما عليك سوى تطوير نفسك بالمهارات التي تجعلك شريكاً للتكنولوجيا؛ بدلاً عن أن تكون ضحيةً لها.

أبرز المهارات التي يمكن أن تحميك من فقدان الوظيفة بسبب الذكاء الاصطناعي:

تصميم سيناريوهات ما بعد الآن

لا تنتظر أن يحدد لك السوق مصيرك، تدرّب على رسم خرائط لسيناريوهات مستقبلية للعمل في فريقك أو وظيفتك. بدلاً عن القلق أمام غموض التغيير، اجعل نفسك مَن يضع سيناريوهات ماذا لو: ماذا لو حلّ الذكاء الاصطناعي محل جزء من عملي؟ ماذا لو تغيّرت مواعيد التسليم؟ كلّ سيناريو تصممه، يصبح أداة تفاوضية تملكها، تقترح حلولاً بديلة، تحدد مهارات تحتاجها لفريقك، وتقترح تجارِب صغيرة لاختبار الفرضيات. ابدأ بورقة واحدة: اكتب ثلاثة مواقف محتملة وخطوتين عمليتين لكلٍّ منها، هذا يضعك في موقع المبادِر لا المتلقّي.

سرد القيمة الشخصية المترجم للأرقام

المهارة ليست فقط أن تقوم بعمل جيد؛ بل أن ترويه بطريقة تجعل مديرك أو العميل يفهم لماذا لا يمكن للآلة استبدالك بسهولة. تدرّب على تحويل كل إنجاز إلى قصة قصيرة مكوّنة من: المشكلة، قرارك المهني، وما تغيّر نتيجة قرارك، بقيمة قابلة للقياس. اجعل هذه القصص جاهزة للعرض في 30 ثانية، هكذا عندما يُطلب منك تفسير خيار أو نتيجة، لن تعطي إجابة تقنية فحسب؛ بل دليلاً موضوعياً يربط حكمك المهني بقيمة تِجارية لا تقدّرها الخوارزميات وحدها.

فَنّ تفسير مخرجات الآلة- المترجم البشري

الآلات تولّد نتائج، أنت من يمنحها معنى. تعلّم كيف تقرأ مخرجات النماذج: متى تكون دقيقة، ومتى تحمل تحيّزاً، ومتى تحتاج تحققاً بشرياً. هذا يعني إتقان أساسيات تهيئة النماذج البسيطة، فحص عينات النتائج، وكتابة قائمة تحقُّق بسيطة للأسئلة التي تطرحها قبل قبول أيّ اقتراح آلي. طبّق هذا الأمر عملياً: في كلّ مشروع تستخدم فيه أداة ذكية، سجّل ثلاث وظائف يمكن للآلة فعلها وحدها، وثلاث وظائف تحتاج حكمك البشري، وستصبح العنصر الذي "يجعل الآلة مفيدة" لا مجرد أداة.

تصميم مهام هجينة تقودها أنت

بدلاً عن الخوف من استبدالك، قُم بإعادة تصميم دورك ليتشارك العمل مع الذكاء الاصطناعي. مهارة قيادة تصميم المهام الهجينة تعني أن تكتشف أيّة أجزاء من عملك يمكن أتمتتها، وتنسق كيفية إشراك البشر في الأماكن التي تتطلب حسّاً أخلاقياً أو تواصلاً إنسانياً أو قراراً ذا تبعات. ابدأ بمهمة يومية بسيطة: قسّمها إلى خطوات، صنّف كلّ خطوة (آلي/ بشري/ مشترك)، ثم قدّم اقتراحاً لتجرِبة لمدة أسبوع؛ لإثبات الفائدة. مَن يقود هذا النوع من التحوُّل، يصبح أصلاً لا يُستغنى عنه في أيّ فريق يتبنّى الذكاء الاصطناعي.
تعلّم: كيف يتغلب الموظف على الخوف من ارتكاب الأخطاء في العمل؟