mena-gmtdmp

ليفربول مدينة تروي حكايات الأجيال وترسم ملامح المستقبل

إطلالة على مدينة ليفربول
إطلالة على مدينة ليفربول

تخيلي أنكِ وصلتِ إلى ليفربول، مدينة الميناء التي تفيض بالحكايات والرموز الثقافية، فبأي تجربة تبدأ رحلتكِ؟ هل تختارين عبور نهر ميرسي على متن العَبّارة الشهيرة لتشاهدي الأفق البانورامي المذهل للمدينة؟ أم تسحرُكِ الواجهة البحرية بمبانيها التاريخية التي تروي قصة مجدٍ تجاري عالمي؟ ليفربول ليست مجرد مدينة، بل هي لوحة نابضة بالحياة، تمتزج فيها الموسيقى بالفن والرياضة بالتاريخ والعمارة بالأصالة. لكن هل يكفيكِ أن تتجولي بين الشوارع، أم أنكِ ستنغمسين أكثر في تفاصيلها لتكتشفي سرّ جاذبيتها التي أسرت الملايين عبر القرون؟ هل يراودكِ الفضول للسير على خطى فرقة البيتلز؛ التي غيّرت وجه الموسيقى العالمية والتجول في معرضها الخاص، حيث تُعرض مقتنيات أصلية لنجومها؟ أم ترغبين في رفع علمكِ في ملعب أنفيلد، حيث يهتف الآلاف بحبهم لنادي ليفربول العريق؟ وربما تفضلين الغوص في أعماق التاريخ البحري الذي صنع هوية المدينة، أو استكشاف المتاحف وصالات الفن التي تفتح أمامكِ أبواب الماضي والحاضر في آنٍ واحد. 

عبور نهر ميرسي

من أبرز التجارب السياحية في ليفربول عبور نهر ميرسي


من أبرز التجارب السياحية في ليفربول؛ ركوب Mersey Ferry. يمنحك هذا العبور فرصة لمشاهدة أفق ليفربول البانورامي بكل روعة، خاصة عبر جولة River Explorer التي تستغرق 50 دقيقة، وتشمل تعليقاً صوتياً يعرّفك بمعالم قد لا يعرفها الكثيرون؛ مثل برج فيكتوريا ذي الوجوه الأربعة لساعة ضخمة وقاعة مدينة والاسي المهيبة. من الأفضل القيام بالرحلة في وقت لا توجد فيه سفن سياحية عملاقة بالميناء؛ حتى لا تحجب المنظر.

ما رأيك بقراءة 3 مدن في إنجلترا واعدة بمتعة السياحة وبقضاء أطيب الأوقات

الاستمتاع بالهندسة المعمارية

تحتل ليفربول المرتبة الثانية بعد لندن في عدد المباني المُدرجة، وهي مشهورة بتنوع هندستها المعمارية. تعكس هذه المباني فترة ازدهارها كمدينة مرفئية غنية بالتجارة عبر الإمبراطورية البريطانية. من أبرز المعالم The Three Graces على الواجهة البحرية: مبنى Royal Liver Building بأبراج طيور الليفر الأسطورية وساعاته العملاقة، مبنى Cunard، ومبنى Port of Liverpool. بالقرب من محطة Liverpool Lime Street، ستجدين أيضاً مباني نيوكلاسيكية مهمة؛ مثل World Museum الذي يعود تاريخه إلى عام 1853. يمكن للزائرين الانضمام إلى جولات معمارية ينظمها المعهد الملكي للمهندسين المعماريين لفهم أعمق للتراث المعماري الغني للمدينة.

شاهدي منحوتات أنطوني غورملي على شاطئ كروسبي

يبعد شاطئ كروسبي نحو 20 دقيقة فقط شمال وسط ليفربول بواسطة قطار ميرسيريل، ويُعد مكاناً مثالياً لكِ للهروب من صخب المدينة الكبيرة. الشاطئ عبارة عن امتداد واسع من الرمال الذهبية، لا يقطعه سوى بعض المارة مع كلابهم، وهو المشهد الحالم الذي يحتضن واحداً من أشهر الأعمال الفنية في ميرسيسايد. هذا العمل المعروف باسم مكان آخر هو سلسلة من 100 تمثال من الحديد الزهر لأشخاص واقفين، موزعة على امتداد 1.5 ميل من الخط الساحلي لشاطئ كروسبي، وقد أبدعه الفنان الشهير أنطوني غورملي. حاولي زيارة المكان قُرب غروب الشمس وفي وقت الجَزر المنخفض، حيث يمكنكِ الاستمتاع بمشهد تماثيل غورملي وهي تتشكل كظلال ساحرة على خلفية السماء الذهبية.

عيشي شغف نادي ليفربول لكرة القدم

أنفيلد، الملعب الخاص لفريق ليفربول لكرة القدم


يبعد ملعب أنفيلد الخاص بنادي ليفربول الإنجليزي، عن وسط المدينة 15 دقيقة فقط بالحافلة، وهو بمثابة الكنيسة التي تُرفع فيها الأعلام والأوشحة ويُهتف فيها للفريق. حضور مباراة قد يكون مكلفاً، والحصول على تذكرة ليس بالأمر السهل؛ أفضل طريقة هي حجز باقة ضيافة أو محاولة الحجز عبر موقع النادي لمباريات منتصف الأسبوع. وإن لم تتمكني من حضور مباراة، يمكنكِ القيام بجولة إرشادية في ملعب أنفيلد، حيث تزورين متحف الفريق وغرف تبديل الملابس وغيرها من المرافق المقدسة لعشاق النادي. ولعاشقات المغامرة، يمكن الجمع بين الزيارة وتجربة النزول بالحبال من سطح الملعب.

استكشفي أمجاد تاريخ المدينة البحري

ليفربول، مدينة الميناء التي تفيض بالحكايات والرموز الثقافية


لا يمكن رواية قصة ليفربول من دون التطرق إلى تاريخها البحري الطويل. فعلى مدار قرون، أصبحت واحدة من أكبر وأغنى الموانئ في أيام الإمبراطورية البريطانية. هذا التاريخ، بما يحمله من إنجازات وآلام، يُعرض داخل مبنى واحد مميز في Royal Albert Dock. أما متحف ميرسيسايد البحري فيعرض نظرة أشمل على الماضي البحري للمدينة، بدءاً من قصص الهجرة الشخصية إلى أستراليا وأمريكا الشمالية، وصولاً إلى خلفية بناء السفينة الشهيرة Titanic. 

التعرف إلى متاحف ليفربول

تنتشر صالات الفنون والمتاحف الغنية عبر شوارع المدينة؛ لتمنحكِ فرصة للتعمق في ماضيها وحاضرها. في الأيام الممطرة، يُعد المتحف العالمي خياراً مثالياً، حيث يضم حوضاً مائياً، قبة فلكية، معارض متنوعة تشمل من الحشرات الحية إلى علم الإنسان. ومع أكثر من 40 ألف قطعة أثرية جمعها تجار ومستكشفو ليفربول، تعرض قاعة الثقافات العالمية الروابط الثقافية للمدينة مع غرب إفريقيا وشرق آسيا والأمريكيتين. أما معرض ووكر الفني، الذي يبعد خطوات قليلة عن المتحف العالمي، فيحتضن أكبر مجموعة فنية في إنجلترا خارج لندن. ستجدين فيه أعمالاً تمتد إلى القرن الثالث عشر ولوحات لفنانين عظماء؛ مثل رامبرانت ومونيه وتيرنر، إلى جانب منحوتات رخامية على الطراز الكلاسيكي الجديد تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر. وإذا كنتِ تبحثين عن لمسة معاصرة، فسيأخذكِ متحف ليفربول في رحلة عبر التاريخ الاجتماعي والمجتمعي لهذه المدينة القوية والصامدة.

زوري أحياء المدينة

استكشاف أحياء المدينة يعكس جانباً آخر من ليفربول


لم تري ليفربول حتى تستكشفي أحياءها التاريخية والحديثة الصاعدة. ابدئي بجولة هادئة في الحي الجورجي، الواقع جنوب شرق المركز، حيث تمتد الشوارع الأنيقة المحاطة بمنازل فخمة من ثلاثة طوابق، تحت ظلال كاتدرائية ليفربول الضخمة. شُيّد هذا الحي في أوائل القرن التاسع عشر لفئة الأثرياء المتنامية في المدينة، ورغم أنه تعرض للإهمال في القرن العشرين، فقد أُعيد إحياؤه ليصبح واحداً من أجمل أحياء ليفربول. بعد زيارتك للكاتدرائية، تجولي بين المنازل ذات الأبواب الملونة المميزة التي قد تُشعرك وكأنها قادمة من دبلن، جارة ليفربول القريبة عبر البحر الإيرلندي.

استمتعي بالهواء النقي في المساحات الخضراء

على الرغم من كونها مدينة كبرى، فإن ليفربول محظوظة بوجود العديد من الحدائق التي توفر لكِ الاسترخاء. في يوم دافئ، خصصي وقتاً للاستمتاع بمساحاتها الخضراء. بين توكسث وإيغبرث ستجدين حديقة سيفتون، التي تحتضن بيت النخيل المُدرج من الدرجة الثانية، إضافة إلى تماثيل برونزية ورخامية لمستكشفي الطبيعة. ومن المساحات المحبوبة أيضاً حديقة ستانلي، وهي فسحة فيكتورية واسعة من الخضرة تفصل بين ملعب أنفيلد الخاص بنادي ليفربول وملعب غوديسون بارك الخاص بنادي إيفرتون. وعلى مقربة منها في إيفرتون، تمنحكِ حديقة إيفرتون إطلالات رائعة على أفق ليفربول من أعلى درجاتها. أما حدائق المهرجان الهادئة؛ فتقع على بعد ميلين جنوب مركز المدينة، وتتناثر فيها الباغودات والبحيرات والشلالات. وفي الشرق، ستجدين حديقة كالدرستونز ذات التصميم البديع، والتي تضم ست صخور رملية نيونية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ويُقال إنها أقدم من ستونهنج؛ أي أنها سبقت نشأة المدينة بأربعة آلاف عام.