أطلقت دار سكياباريللي Schiaparelli بالأمس مجموعتها الجاهزة في اليوم الرابع من أسبوع باريس للموضة لربيع وصيف 2026 واتسمت بمزيج رائع من الفن والموضة وهذا ليس غريباً عن إرث الدار، فالمصممة المؤسسة إلسا سكياباريللي كانت على علاقة وثيقة بأعظم النحاتين والرسامين في بداية القرن العشرين، ومنهم سلفادور دالي الذي استوحت منه أبرز تصاميمها. وفي هذا المجال نشر المدير الإبداعي دانيال روزبيري لدار سكياباريللي بياناً توضيحياً لمصادر إلهامه للمجموعة الجديدة عن طريق مكتبه الإعلامي وجاء فيه ما يلي:
"قرأتُ مؤخراً أنه في حين انخفض الإقبال على السينما بشكل حاد في السنوات الأخيرة، فقد ارتفع إقبال المتاحف بشكل كبير. بدا لي هذا منطقياً فهواتفنا هي بمثابة مستودع للمحتوى الهابط، والآني. ومع ذلك، هل هذا ما نريده حقاً؟ يبدو لي أننا ندرك، بديهياً، أن هناك جوعاً اليوم أقل للترفيه، وأكثر للإلهام. فالترفيه أمر لا مفر منه. لكن الإلهام الحقيقي يبدو ثميناً ونادراً. لهذا السبب اخترت مكان العرض في مركز بومبيدو، أي نفس المعرض الذي استضاف معرض "برانكوزي الاستعادي" قبل 18 شهراً فقط. ليس لأنني أردتُ لهذه المجموعة أن تُركز على الموضة والفن، بل لأنني شعرتُ، بأن حضور عرض أزياء سكياباريللي Schiaparelli يجب أن يُشعرك وكأنك في متحف: يجب أن يثير فيك شعور الرقص بنفس القدر من التحرر والخصوصية والبهجة.
لطالما وُجدت أزياء سكياباريللي Shiaparelli الجاهزة عند مفترق طرق بين الإمكانات التجارية والتنفيس الإبداعي. لم تكن إلسا مُصممة تصاميم جديدة، لم يكن هذا هدفها. كما أنها لم تكن عبقرية في تسويق العلامات التجارية. ومع ذلك، كانت عبقرية في كيفية تفاعلها مع الثقافة. كانت، كما قال عنها المبدع إيف سان لوران Yves Saint Laurent "مُذنّباً يُضيء سماء باريس ليلاً، مُصمّماً على الهيمنة".
في هذه المجموعة، سترون شغفها بالتوتر، والاحتكاكات يتجلى في سترة سكياباريللي المنضبطة، والحادة الكتفين، من دون أي زخارف فخمة، إنها احتفال بالانضباط في حد ذاته، مع صورتها الظلية المتحكم بها (أو دقة الخياطة، كما يقولون في المشغل). تستمر هذه "الأناقة الصارمة" في سلسلة من الفساتين الطويلة النحيلة سهلة الارتداء. على الرغم من أنها تمثل مشهداً متنوعاً من التقنيات، إلا أنها توحدها لوحة ألوانها المركزة من الأسود والأبيض العظمي والأحمر القرمزي. وفي قلب هذه المجموعة توجد ملابس التريكو الخداعية، المأخوذة من رسوماتي على مدار الأشهر القليلة الماضية والمنفذة في جاكار ثلاثي الألوان - تكريماً لحياكة إلسا الخاصة. صادمة آنذاك، صادمة الآن.
وماذا عن الأكسسوارات؟
صُممت الأكسسوارات على قدم المساواة؛ لنتذكر إرث الدار، ونستعيد عنصري المفاجأة والبهجة، فمن الأحذية إلى التجسيدات الجديدة للأسرار، برزت حقيبة اليد المقفلة، المصنوعة بأبعاد ناعمة؛ لتذكرنا بساعة الفنان سلفادور دالي المتدفقة والذابلة. يبدأ كل حذاء وحقيبة يد برسومات معدنية كالقناع الذهبي، فبعد مجموعتي الأولى من الملابس الجاهزة، كنت أسمع كثيراً العبارات التالية: "أهذا جاهز للارتداء؟ ظننتُ أنني أتطلع إلى أزياء راقية!". لوقت طويل، لم أعرف كيف أتعامل مع هذا التعليق، الذي بدا دائماً وكأنه نقد، وكأن ارتداء ملابس جاهزة تتوق إلى الرقي، كان عبئاً. لكن بعد ست سنوات من هذا العمل لدى دار سكياباريللي، ما بدا عبئاً أصبح الآن قوة. منْ منا لا يرغب في مساحة من الخيال تسهّل علينا الحياة اليومية؟ ولماذا لا تكون الموضة اليومية فناً؟
الرسالة المقصودة من هذه المجموعة
يضيف روزبيري في خلاصة كلامه ما يلي: "يبدو العالم اليوم قاسياً، وكأنه ثقب أسود ثقافي. فكل ما يمكن للمبدعين فعله هو التمسك بما يرونه مناسباً لنا. كل ما يمكننا فعله هو التحرك على إيقاع قلوبنا. كل ما يمكننا فعله هو صنع ملابس تجعل منْ يرتديها يشعر بالحرية التي نرغب في أن نشعر بها بأنفسنا على مسرح الحياة ولو للحظة وجيزة، دون خجل، ولنرقص في الظلام."
تابعي المزيد عن أسبوع الموضة في باريس: سكياباريللي تعيد تعريف السريالية في عرض خريف وشتاء 2025 - 2026
