يعقوب الفرحان: أحب أن تكون أدواري المقبلة صامتة وحياتي الخاصة خط أحمر

يعقوب الفرحان وزوجته ليلى اسكندر
يعقوب الفرحان
يعقوب الفرحان
4 صور

بدأ مسيرته المهنية عام 2007 من خلال أعمال مسرحية عدّة، ومن ثم انتقل عام 2012 إلى الأعمال التلفزيونية، فحظي من خلالها بشعبية كبيرة في السعودية. إنه الفنان السعودي يعقوب الفرحان الذي يبحث دائماً عن عمل يعبّر عن شخصيته، حتى عثر على فيلم «سيدة البحر» الذي رشحته له مخرجة العمل السعودية شهد أمين. فقدم الدور كما يجب أن يكون، بخاصة أن العمل موجه للنساء من جميع أنحاء العالم، موضحاً أن الاضطهاد يُطارد المرأة ليس في المنطقة العربية فحسب، وإنما في الدول الأوروبية أيضاً.

«سيدتي» التقت يعقوب الفرحان لمعرفة موقفه من الانفتاح الفني الذي تشهده المملكة وتشريع قوانين جديدة تخفف الضغوط عن كاهل المرأة وتفسح لها المجال أمام الإبداع والانطلاق. كما تطرقنا إلى حياته الشخصية وعلاقته بزوجته الفنانة ليلى اسكندر.

يعقوب الفرحان وزوجته ليلى اسكندر
يعقوب الفرحان وزوجته ليلى اسكندر


في البداية حدثنا عن شخصية «مثني» في فيلم «سيدة البحر»؟

أكثر ما جذبني في شخصية «مثني»، والد «حياة» التي تلعب دورها باسمة الحجار، أنه رجل يحمل في قلبه معاني الإنسانية، وتجلّى هذا حينما كسر القواعد ورفض أن تُلقى ابنته في البحر، وفقاً لعادات وتقاليد البلدة التي يعيشون فيها، لكن في النهاية رضخ لقوانين أهل البلدة. وهنا أردتُ أن أقول إن الرجل الشرقي ليس حاداً أو قاسياً، لكنه لا يستطيع أن يتحرر من عادات وتقاليد مجتمعه، فهو مغلوب على أمره. وخير دليل على قولي إنه في مشاهد كثيرة، كان يشعر بالعار لأنه ترك ابنته وسلّمها للبحر. صورة «مثني» في الفيلم، تعكس شخصيات موجودة في الواقع. والفيلم لا ينتصر للمرأة فحسب، وإنما للرجل كذلك.

كيف استعديت للشخصية؟

أمضيتُ وقتاً كبيراً في التحضير للشخصية، لأن الدور من الأدوار الصامتة، التي تتطلب من الممثل أن ينقل أحاسيسه الشخصية وتركيبتها عبر التعبيرات الحركية لا اللفظية، وعبر النظرات والإيماءات من دون أن يتفوه بالكثير من الكلام. فالشخصية كانت مركبة ولكني أحببتها كثيراً، لأنها تعبر عنّي وعن موقفي تجاه المرأة العربية، وسعيدٌ أن المخرجة شهد أتاحت لي الفرصة للتعبير عن رأيي في المرأة، بخاصة أنني مؤمن بنجاحها وبدورها في المجتمع.

سعيدٌ بنجاح الفيلم

ألم تخش من التجربة، خصوصاً أنها تنتمي إلى السينما الصامتة؟

لا أحب الأدوار السطحية وتستهويني المشاهد الصامتة، كما أنني واحد من الممثلين الذين ترعرعوا على أفلام الممثل الكوميدي شارلي شابلن الذي رسم الضحكة على وجوه الملايين على الرغم من أفلامه الصامتة التي حملت رسالة في منتهى الجدية إلى العالم كله، جمعت بين طياتها كل المآسي التي نواجهها في عصرنا الحديث، خلال مشهد من فيلمه الشهير «الديكتاتور الأعظم». فإذا سألتني ماذا تحب أن تعمل، أقول لكِ إنني أحب أن تكون أدواري المقبلة صامتة.

الفيلم يتحدث عن زمان ومكان غير معلومين، و«الحدوتة» نفسها لها ظروف وشخصيات وقوانين، وصعب علينا كثيراً أن نخترع عالماً بهذا الشكل، هل يمكن اعتبار الفيلم فانتازيا؟

الفيلم على الرغم من أنه يتناول قضية المرأة قبيل نيل حقوقها، من خلال أسطورة حورية البحر «أتارغاتيس»، لكنه عالم موازٍ للواقع الذي نعيشه، ويمكن اعتبار الفيلم فانتازيا ولكن مضامينه واقعية وموجودة، إذ يتطرق الفيلم بشكل واضح إلى العادات والتقاليد وسيطرة الذكور في المجتمعات العربية.

كيف ترى رد فعل المشاهدين على العمل بعد عرضه؟

سعيدٌ بنجاح الفيلم، واستقبله الجمهور بترحاب كبير، فقد نجح في تحقيق المعادلة الصعبة، إذ نال إعجاب النقاد والجمهور معاً، واستطاع أن يحصل على جوائز عدّة من مهرجانات سينمائية دولية كبرى، فقد رُشّح لجائزة «ساذرلاند» لأفضل فيلم روائي في مهرجان لندن السينمائي الدولي BFI وجائزة «التانيت البرونزية» في مهرجان «قرطاج السينمائي» في تونس بعد العرض الأول للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين حاز على ثلاث جوائز في مهرجان الرباط الدولي للمؤلفين السينمائيين بالمغرب، كما حصد جائزة «فيرونا» من مهرجان فينيسيا الدولي في دورته الأخيرة.

ولكن المجتمع السعودي لا يتقبل مناقشة هذه الأفكار. ألم تخشَ الانتقادات التي كانت من الممكن أن تواجهك إزاء عرض الفيلم؟

المجتمع السعودي يتقبّل مستوى الفكرة الآن، لأنها جاءت من رحم الانفتاح الفني الذي تشهده المملكة في الوقت الحالي، فالفيلم ينتصر للمرأة السعودية، والخطوات التي اتخذها الأمير محمد بن سلمان منذ وصوله إلى منصب ولي العهد، تُعتبر قرارات جريئة تعكس وعيه وإيمانه بأن المرأة شريك رئيس وأحد المكونات الأساسية في المجتمع، فاستطاع أن يحطم التابوهات وينتصر للمرأة في الحصول على حقها. كما أن «الحدوتة» ممتعة وفيها لغة سينمائية، تضع مخرجة العمل شهد التي نقلت للمشاهد صورة بصرية خلابة، في مكانة مميزة تفردها عن فتيات جيلها من المخرجات والمخرجين، ويمكننا أن نسقط القصة على كل دول العالم التي تعاني فيها المرأة من الاضطهاد، وليس الشرق الأوسط فقط.

أمضيتُ سنوات أحلم

يعقوب الفرحان
يعقوب الفرحان

كيف سيؤثر الانفتاح الذي تشهده السعودية حالياً في السينما؟

سعيد أنني أنتمي لجيل من السينمائيين الذين حاربوا وعملوا في ظروف صعبة للنهوض بهذه الصناعة، في وقت كان يُنظر إليها على أنها من المحرمات، إذ أمضيتُ سنوات عدّة أحلم بموجة جديدة في السينما، فنحن كنا نحارب لخروج أفكارنا إلى النور ونحارب أيضاً لتذهب أفلامنا إلى المهرجانات، حتى أعاد ولي العهد محمد بن سلمان الفن إلى شوارع المملكة وأزقّتها. فالوضع اختلف وصار هناك عهد جديد وفرصة ذهبية لنخرج إلى العالم ونثبت لهم أننا نمتلك إرثاً وصناعة.

بعد الانفتاح السعودي، ما القضايا التي تحلم بتقديمها مستقبلاً؟

أحلم بمشاريع سينمائية تتطرق إلى قضايا أكثر وأعمق، بخاصة بعدما منحتنا السعودية فرصة للتعبير عن أنفسنا وعن قضايانا.

زواجي عرّضني لانتقادات لاذعة

يعقوب الفرحان
يعقوب الفرحان

بعيداً من الفن، لماذا أنت مقلّ في الحديث عن حياتك الشخصية؟

لأن حياتي الشخصية خط أحمر، تخصني أنا وحدي. لذا، لا أحب التحدث كثيراً عن زوجتي وابني لأنني أحب أن أمنح حياتي الشخصية مزيداً من الخصوصية.

ما الذي جذبك في الفنانة اللبنانية ليلى اسكندر؟

أنا أحب المرأة القوية، صاحبة القرارات، وليلى تجمع بين الجمال والذكاء، فهي مثال للمرأة التي لطالما تمنيتُ أن أمضي معها بقية حياتي.

هل ديانة زوجتك عرّضتك لعدد كبير من المشاكل؟

تعرّضتُ للسباب من جمهور «السوشيال ميديا»، لكني لم أقف عند هذه النقطة، الحب لا يعرف جنسية ولا ديانة. ومع مرور الوقت، سيتفهم البعض طبيعة الأمر.

هل الانتقادات التي تعرّضت لها أزعجت زوجتك؟

بالطبع في البداية انزعجت، لكن مع مرور الوقت استوعبت الأمر، وفي نهاية المطاف، نحن لا ننظر إلى الوراء ولا إلى التعليقات السلبية، لأننا نؤمن أن كل شخص له الحرية الكاملة في صنع حياة خاصة به.

هل من الممكن أن تجبر ليلى على اعتناق الديانة الإسلامية؟

هذا الأمر اختياري وإذا حدث ذلك، يكون بإرادتها التامة. ليلى تلقت تربية مسيحية صالحة ومنفتحة على الدين الإسلامي، كما أنها تقرأ القرآن وتصوم معي في شهر رمضان عن اقتناع منها وليس إرغاماً مني.

هل ترى أن الوسامة ضرورية للفنان؟

الموهبة هي الأساس والوسامة مكمّل لها، وخير دليل على قولي إن هناك فنانين كثيرين نجحوا في اختراق حاجز العالمية بأعمالهم ولا يتمتعون بملامح جمالية خارقة، كما أن وسامة الرجل تكمن في أناقته وأسلوبه وتفكيره وليس في ملامحه، ولا أعتبر نفسي فناناً وسيماً، أرى شكلي مقبولاً. والمنتجون الذين يحبون الاعتماد على الوسامة في العمل التجاري، ينتجون أعمالاً لا ترسخ في وجدان الجمهور على الرغم من أن ليست لذلك علاقة بالفن، لأن الوسامة لا يمكن أن تعلو على الموهبة.

ما رأيك في التجارب النسائية السعودية في مجال السينما خلال الفترة الحالية؟

برزت أسماء سعوديات في مجال كتابة السيناريو والإخراج وحتى التمثيل، فعلى الرغم من الصعوبات التي تتعرض لها المخرجات في السعودية، نجد هناك أسماء قادرة على تجاوزها، وشهد أمين مثال حي.

وكيف ترى مستقبل السينما السعودية؟

السينما السعودية أو بصحيح العبارة الأفلام السعودية لأن كلمة سينما تعني وجود صناعة سينمائية، وهو أمر لم يحدث بعد، فالتجارب الموجودة الآن هي تجارب واعدة، تعكس فكرة وفيها حس تلقائي طفري وموهبة. وقد ظهرت أسماء عدّة حصلت على جوائز في مجال الإخراج والسيناريو في مهرجانات عالمية وإقليمية.

بزوغ أسماء لسعوديين وسعوديات في مجال السينما، يعني أن المملكة تتمتع بثقافة سينمائية جيدة. ما رأيك؟

بالفعل، هذا ما شعرتُ به، فقد نجح عدد من السعوديين والسعوديات سواء في مجال التمثيل أو الإخراج أو الكتابة في المشاركة بعدد من المهرجانات السينمائية الدولية، وتمكّنوا من حصد جوائز مهمة فيها، وهذا يعكس قدرة الشباب ورغبتهم في الاستمرار والإنجاز مهما كانت المعوقات، ما يبشر بصنع هوية للسينما السعودية.

ما الجديد لديك في الفترة المقبلة؟

أحضّر لمسلسل تلفزيوني جديد من الممكن أن يُعرض خلال شهر رمضان المقبل.