قبل ساعات من صدور أحدث ألبومات النجم عمرو دياب «سهران» كان جمهور الفن في مصر يعيش على أصداء خلافٍ مدوٍ وقع بين ثلاثة من مشاهير أغاني «المهرجانات» هذه الأيام، ممن تتخطى -أغنياتهم- على مواقع التواصل مئات الملايين من المشاهدات، وهُم حسن شاكوش وحمو بيكا وعمر كمال، الذين احتدم بينهم الصراع وأخذ كل طرف يرمي سهام النقد تجاه الآخر متهماً إياه بإفساد الذوق العام في مصر.
مسألة الذوق العام في مصر بالمناسبة هي مسألة نسبية، تتأرجح مع تغير الظروف وتعاقب الأجيال، لذا فلا عجب الآن أن تتصدر أغنيات «بيكا»، و«شاكوش» و«شطة»، قوائم أكثر الأغنيات استماعاً من كل فئات الشعب المصري.
أزمة أخرى تابعها المصريون بشغف في الساعات الماضية، وهي الخلاف الذي وقع بين الفنان محمد رمضان والطيار أشرف أبو اليسر الذي تم إيقافه عن مزاولة مهنة الطيران مدى الحياة بسبب صورة سمح لـ رمضان بالتقاطها في قمرة القيادة بإحدى الطائرات الخاصة التي كان يقودها أشرف أبو اليسر، من مصر إلى السعودية، وكان رمضان على متنها من أجل أن يحيي إحدى حفلاته الغنائية هناك.
ومابين خلافات «بيكا وشاكوش»، و«رمضان والطيار»، بدأ اهتمام المصريين ينصرف إلى ترقب صدور الألبوم الرسمي الـ 34 لفنان يلقبونه بـ "الهضبة" وهو عمرو دياب، والذي طرح ألبومه الجديد فجر اليوم.
عمرو دياب يتصدر محركات البحث
وفقاً لمؤشر البحث «غوغل»، تصدرت الكلمة المفتاحية «ألبوم عمرو دياب 2020»، قائمة الكلمات الأكثر بحثاً في مصر، صباح يوم الألبوم، بعدد عمليات بحث فاقت الـ 200 ألف، بفارق يقرب من 150 ألف عملية بحث عن الكلمة المفتاحية التي تلتها وهي خاصة بمباراة الأهلي والزمالك المرتقبة والتي تحتل مكاناً بارزاً في قائمة اهتمامات الشعب المصري.
خلاف محمد رمضان والطيار جاء خامساً في القائمة بنحو 10 آلاف عملية بحث، بينما اختفت أسماء شاكوش وبيكا، إلى حين.
الأمر لم يختلف كثيراً في «تويتر»، حيث تصدر وسم يحمل اسم «عمرو دياب» وآخر يحمل اسم «سهران» المشهد، وبلغت التغريدات التي حملت اسم عمرو دياب نحو 60 ألف تغريدة في صباح اليوم.
فماذا فعل عمرو دياب بالمصريين في 24 ساعة؟
حسناً، من الأرقام السابقة، والتفاعل غير المسبوق على مواقع التواصل الاجتماعي مع الألبوم، نستطيع أن نتبين كيف استطاع عمرو دياب في ساعات قليلة، أن يسحب البساط من كل ما كان يهتم به المصريون قبل صدور الألبوم، وممن كانوا يعدّونه بمثابة «الذوق العام»، وأن يعيدهم إلى ذوقهم العام الحقيقي الذي تاه في زحام "التريند"، أو هكذا أظن.
أغنيات عمرو دياب تداولها رواد "السوشيال ميديا" بشكل واسع، وكانت الأغنيات ذات الإيقاع الهاديء الأكثر حظاً في الانتشار مثل: «هيعيش يفتكرني»، و«مكانك في قلبي»، و«روح».
الألبوم احتوى 16 أغنية، منها 12 أغنية جديدة تصدرتها «سهران» التي حمل الألبوم اسمها، إلى جانب «يا روقانك، هيعيش يفتكرني، زي ما إنتي، حلوة البدايات، عم الطبيب، مكانك في قلبي، بالضحكة دي، روح، جامدة بس، جميلة، مهرجان"، بالإضافة إلى 4 أغنيات طرحها من قبل وهم "يوم تلات، بحبه، أول يوم في البعد، قدام مرايتها".
دياب تعاون في الألبوم مع الشعراء خالد تاج الدين وأيمن بهجت قمر وأحمد المالكي وصابر كمال وتامر حسين، الذي كان له نصيب الأسد من كلمات الألبوم بـ 6 أغنيات، ومن الملحنين شريف بدر ومحمد يحيى وعمرو مصطفى وعزيز الشافعي.
وعلى مستوى التوزيع، تعاون الهضبة مع أسامة الهندي وطارق مدكور ونادر حمدي ورامي سمير، كما تعاون للمرة الأولى، مع مدير أعماله الشاعر والملحن أحمد زغلول، والشاعر شادي نور، والملحن بلال سرور، وكانت مفاجأة الألبوم مشاركة ابنته جانا دياب في تلحين أغنية «جميلة»، التي شاركت والدها غنائها بمقطع باللغة الإنجليزية.
مغامرة ذكية
منذ طرح عمرو دياب ألبوم «علم قلبي» في صيف عام 2003، لم يقدم هذا العدد من الأغنيات في ألبوم واحد، ولا أعتقد أنه قدم خلال تلك الفترة ألبوماً غنائياً يتفوق على «سهران» من بين 12 ألبوماً قدمها خلال تلك الفترة، سواءً على مستوى التنوع في اختيار الكلمات، أو التوزيعات الموسيقية أو الألحان، أو الحالات العامة المتنوعة لكل أغنية، التي اتسمت بالمغامرة الذكية والمحسوبة في زمن صَعُبَ فيه أن يقدم مطرب 16 أغنية في وقت واحد، ويحصد النجاح الذي يحصده عمرو دياب بـ «سهران».
عمرو دياب، الذي هاجمه النقاد عندما طرح أغنية «ميَّال» عام 1988 متهمين إياه بإفساد الذوق العام، ما زال يثبت على مدار السنين أنه حالة فنية فريدة من الصعب أن تتكرر، وأن الذكاء هو عنصر لا يقل أهمية عن الموهبة في معادلة النجاح الصعبة، التي استطاع أن يفك شفرتها قبل وقت طويل، وأن يبقى في صدارة المشهد الفني في العالم العربي طوال 37 عاماً، هي عمر مشواره الفني.
