حكاية مُسعف من داخل عزل كورونا: «واجبي المهني لا يقل أهمية عن واجبي الأسري»

الممرض هاني سلامة
هاني سلامة
ممرض
3 صور

لا ينقطع صوت «سرينة الإسعاف» على مدار الساعة بمستشفى بلطيم المخصص لعزل المصابين بـ«كورونا»، ولا أنين المرضى في لحظات استقبالهم، فيتولى مشرف الإسعاف، تأمين دخول السيارات واستقبال المصابين، وتعقيم السيارات مرة أخرى وسلامة المسعفين الذين يأتون من كل محافظات مصر، فهو من أوائل الناس الذين يقفون في الخطوط الأمامية جنباً لجنب مع الأطقم الطبية، ودعماً منها وتقديراً لدورهم ضمن جنود الجيش الأبيض المصري.


الممرض هاني سلامة، البالغ من العمر 36عاماً، قضى قرابة 12 عاماً داخل مرفق الإسعاف، قابل خلالها مواقف صعبة كثيرة، لكن التعامل مع مصابي فيروس «كورونا»، كان له وقع على قلبه، حيث يتعامل مع المسنين الذين يملأ أعينهم الخوف لحظات دخولهم المستشفى، والأطفال الذين لا يدركون ما يدور حولهم، «بتعامل من 12 سنة مع حالات صعبة، لكن مصابي الفيروس الغامض شكل تاني، الناس بتيجى مرعوبة وعلينا نهديها، أنا مسؤول عن إدارة الحدث بالمستشفى، بستقبل مصابين داخل سيارات الإسعاف من كل محافظات مصر، بنشوف فى عيونهم الخوف، الناس بتبقى مستغربة، هيبقوا فى عزل إجباري بعيداً عن ذويهم، ومسؤول عن سلامة أطقم هيئة الإسعاف، من تزويدهم بالمستلزمات والواقيات الشخصية وأدوات التعقيم وكل شيء».


وأضاف سلامة، من وقت ما كلفني الدكتور أحمد الجنزوري، مدير مرفق إسعاف المحافظة، بإدارة الحدث في بلطيم، وأنا حاسس إني شايل أرواح زمايلي على كفي، مسؤول عن إدارة وتشغيل واستقبال السيارات والحالات المصابة، وسرعة إخلاء السيارات بالتنسيق مع إدارة المستشفى، وتوفير سبل الراحة للمرضى، بالإضافة إلى الإشراف على فريق تعقيم العربيات، والأطقم بعد تسليم الحالات، وإعادة جاهزيتها بكفاءة عالية، لعدم تعرض الزملاء المسعفين للعدوى، نؤمِّن على فريق التعقيم، ونوفر الأدوات والوسائل، وخلال ثلث ساعة بتكون السيارات جاهزة مرة أخرى بعد إخلاء المصابين»، هكذا يكون دور مشرف الإسعاف على مدار الـ24ساعة داخل المستشفى.


ووفقاً للإجراءات الوقائية التي أقرتها الوزارة، فمشرف الإسعاف لا يحتك بأحد طوال فترة بقائه بالمستشفى، ويتخذ كافة الاحتياطات التي تمنع انتشار العدوى، إذ يقضي يومه مع زملائه، منذ 49 يوماً لم ير فيها زوجته ولا أطفاله الـ3، ولا يقطع روتين يومه سوى أوقات الراحة البسيطة في الاطمئنان عليهم بمكالمة هاتفية لا تتعدى مدتها الدقائق، يطمئن على أحوالهم ويطلب منهم الدعاء له ولزملائه والمصابين: «بقالي هنا 49 يوماً، مشوفتش أطفالي الـ3 عندي توأمان يبلغان من العمر 6 أعوام وطفلة عمرها 3 أعوام ونصف، وبرغم اشتياقي لأحضانهم لكن واجبي أهم، البلد في توقيت حرج، لازم نكون أول الناس على خط مواجهة الفيروس اللعين».


ولم يشعر هاني بقلق من مهمته الجديدة وهى استقبال المصابين وتأمين أطقم الإسعاف بشكل يومي، لكن لحظات خوف كانت تنتابه حينما يستقبل مُسناً أو طفلاً: «جاهزية الأطقم إللي طالعة تجيب حالات مسؤوليتى، لازم آمنها 100%، لكن تاثرت باستقبال مسنين وأطفال، وأكتر موقف لما كانت أم محجوزة وطفليها الاثنين 3سنوات وسنة ونصف، طلعوا إيجابي، كنا خايفين نجيب الأطفال من غير أمهم، اضطرينا ناخد الأم معانا علشان الأطفال متتخضش، كان المنظر صعب جداً».