كورونا ومرضى السرطان.. تحديات كبيرة

في اليوم العالمي للسرطان الواقع في 4 فبراير (شباط) من كلّ عام، تتكثّف حملات "منظّمة الصحّة العالميّة"، مع الحكومات ومنظّمات المجتمع المدني والأفراد والمجتمع الدولي، الهادفة إلى رفع التوعية حول السرطان بأنواعه، وأهميّة الكشف المبكّر عنه، لغرض إنهاء الإجحاف الناجم عن المعاناة منه، والتخفيف من مصابيه وضحاياه، الذين يعدّون بالملايين. وتزداد التحدّيات التي يواجهها مصابو السرطان راهنًا، مع الحجر الوقائي المفروض لمنع العدوى بـ فيروس كورونا، ما يؤخّر تلقيهم العلاجات أو حتّى الكشف المبكّر.

معلومٌ أن السرطان هو من المُسبّب الأوّل المسؤول عن الوفيات في الدول المتقدّمة. تتركّز الوقاية من أنواعه المختلفة، حسب الطبيب والباحث في الأمراض السرطانيّة، والاختصاصي في السرطان الوراثي د. هامبيك رفايل كوريه على الآتي:

الطبيب والباحث في الأمراض السرطانيّة، والاختصاصي في السرطان الوراثي د. هامبيك رفايل كوريه
الطبيب والباحث في الأمراض السرطانيّة، والاختصاصي في السرطان الوراثي د. هامبيك رفايل كوريه


- الوقاية التي تتعلّق في إجراء تعديلات على نمط الحياة ليصبح أكثر صحّةً، وذلك عن طريق اتباع نظام غذائي سليم والمداومة على أداء الرياضة والإقلاع عن التدخين؛ العادة السيّئة التي تمثّل سببًا رئيسًا من مسبّبات سرطانات عدة، لا سيّما سرطان الرئة، من دون الإغفال عن نسبة تلوّث الهواء المقلقة في بعض الدول، النسبة المسؤولة عن رفع إصابات السرطانات فيها.

تابعوا المزيد: تحت شعار "هذا أنا وهذا ما سأفعل" العالم يتحد ضد مرض السرطان


- الكشف المبكّر، وفي هذا الإطار ثّمة اختلافات بين الذكور والإناث؛ ففي صفوف الرجال، وابتداءً من سنّ الخمسين، عليهم الخضوع إلى اختبار المستضد البروساتي النوعي PSA، والأخير هو إنزيم بروتيني قادر على تفكيك البروتينات الأخرى، ويتواجد بنسبة مرتفعة في أنسجة البروستات والسائل المنوي، كما لفحص المستقيم السريري لدى الطبيب، وذلك للتعرّف إلى احتماليّة الكشف عن احتمالية الإصابة بسرطان البروستات. إلى ذلك، هناك فحص البراز المناعي الكيميائي FIT السنوي للكشف عن سرطان القولون والمستقيم، فضلًا عن التنظير الداخلي للأمعاء الذي يكشف عن سرطان القولون، في صفوف الرجال. علمًا أن بعض الجمعيّات الطبيّة الأميركية دعت منذ سنة إلى أن يجري كلّ رجل في سنّ الخامسة والأربعين التنظير الداخلي للأمعاء، وليس في سنّ الخامسة والخمسين، كما كان معتمد في السابق.
في صفوف النساء، صورة الثدي الشعاعية ضرويّة، ابتداءً من سنّ الأربعين، وذلك لمرّة في كلّ عام، للكشف المبكّر عن سرطان الثدي، فضلًا عن فحص الزجاجة لتتبع أية مشكلة في عنق الرحم، المشكلة التي يمكن أن تتحوّل إلى سرطان أو لتقفّي أثر حالة سرطانيّة معلنة، وذلك للنساء المتزوّجات الناشطات جنسيًّا. أضف إلى ذلك، وعلى غرار الرجال، هناك داع لفحص البراز المناعي الكيميائي FIT السنوي للكشف عن سرطان القولون والمستقيم في صفوف النساء، فضلًا عن التنظير الداخلي للأمعاء الذي يكشف عن سرطان القولون، منذ سنّ الخامسة والأربعين حسب التوجبهات الطبيّة الجديدة، أو في سنّ الخمسين حسب دراسات أخرى.


الجائحة تزيد حالات السرطان سوءًا


يأسف د. كوريه في حديثه إلى "سيدتي نت" لتراجع عدد الفحوص المبكّرة، ولإهمال غالبيّة الناس صحتّهم، منذ انتشار جائحة "كورونا"، مضيئًا على قلق أطبّاء متخصّصين كثيرين، بعد اكتشافهم حالات السرطان في مراحل متقدّمة أكثر، مقارنةً بسنوات سابقة على انتشار "كورونا". فالجائحة تؤخّر غالبيّة الناس عن قصد العيادات الطبيّة أو المشافي، خوفًا من الإصابة بالـ"كوفيد 19". ومعلوم أن الهدف من الكشف المبكّر هو اكتشاف الورم السرطاني، قبل استفحال الحالة أو عوارضها المتقدّمة، وذلك للوصول إلى مرحلة الشفاء التامّ.
من جهةٍ ثانيةٍ، يثير د. كوريه أمر خشية المصابين بالسرطان من الذهاب إلى المراكز الطبّية لتلقي العلاج المتعلّق، لتلافي العدوى بالوباء. وفي هذا الإطار، كانت دراسة صادرة من "جامعة القديس يوسف" و"مستشفى أوتيل ديو دو فرانس" ببيروت، بيّنت أنّ غالبية المصابين بالسرطان، ومنذ الإعلان عن الإصابة الأولى في لبنان (شباط 2020)، قالوا إن الخوف من "الفيروس التاجي" يحول دون ذهابهم إلى المراكز المتخصّصة لتلقّي العلاج.
لذا، يشدّد د. كوريه، أنّه رغم المخاطر المحدقة بالعالم جرّاء وباء "كورونا"، هناك أهميّة قصوى لإجراء كل فرد، الفحوص الطبّية الدوريّة، بالتنسيق مع الطبيب الشخصي، لتلافي التعرّض لأمراض أكثر خطورة كالسرطان، وذلك مع الالتزام بسبل الوقاية من فيروس "كورونا" (ارتداء كمامة الوجه والحفاظ على التباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين بالمطّهرات).
تابعوا المزيد: أعاني من الحساسية.. هل يمكنني أخذ لقاح كورونا؟